في غمرة الاعتقالات التي طالتْ عددا من النشطاء في الشبكات الاجتماعية بالمغرب، في الآونة الأخيرة، والتي تعتبر المنظمات الحقوقية أنها تعكس تراجع الحريات في المغرب، قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، إنّ المغرب "دولةُ حقوق وحريات، وإن كان المسار الحقوقي يعرف بعض الاضطرابات". وانتقد العثماني النشطاءَ الذين جرى اعتقالهم، بسبب انتقادهم للمؤسسات ورموز الدولة، معتبرا أنّ هذه الممارسة "تنطوي على استهداف لمؤسسات الدولة ورموزها، والإساءة إلى الوطن وإلى ثوابته، وهي خطيرة لأنها تأتي في سياق دولي وإقليمي يريد إضعاف قوة الدول واستقرارَها الداخلي". ولمْ يُخْف العثماني، في الكلمة الافتتاحية لأشغال المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أنّ المغرب يشهد تجاوزات في مجال حقوق الإنسان، لكنّه قلّل من تأثيرها على المسار الحقوقي في المملكة، "كونُها محدودة، خاصة إذا استحضرنا التجاوزات التي كانت سائدة من قبل، من قبيل التعذيب والاختطاف، والتي طويت صفحتها على العموم، ونحن حريصون على الطي النهائي لها". وحرص رئيس الحكومة على إمساك العصا من الوسط حين حديثه عن الاعتقالات التي شهدها المغرب في الآونة الأخيرة، حين عبّر عن رفضه لسجن أي مواطن من جهة، وضرورة احترام استقلال السلطة القضائية من جهة ثانية، قائلا: "لا أريد لأحد أن يُسجن، ولا أن يُعتقل، لكن هناك استقلالا للسلطة القضائية، وأنا كرئيس للحكومة مُلزم باحترام استقلال السلطة القضائية ومقتضيات عملها". وأضاف أن "الأحداث المعزولة التي تقع أحيانا ما كْرهْناشْ هادْشي ما يْكونْشْ ڭاعْ في الواقع الحقوقي، ولكن يمكن للفاعل الحقوقي والمدني أن يعبر عن رأيه في بعض الأمور لأننا في بلد الحريات، وفي الآن نفسه علينا أن يكون لدينا وعي بهذه النقلة التي عرفها المغرب في مجال الحقوق والحريات". وأردف العثماني أن المغرب قطع مع كثير من الانتهاكات الجسيمة التي عرفها في فترة سابقة، "وعلينا أن نتعاون جميعا من أجل تجاوز بعض التجاوزات التي تقع أحيانا، وأن نواصل النضال من أجل تعزيز الحقوق والحريات"، لافتا إلى أنّ "حرية الرأي والتعبير والحرية في الاحتجاج حقوق أساسية، لكن دون السقوط في التعسف والتجاوز في حق المؤسسات ورموز الدولة". من جهة ثانية، عاد العثماني ليشتكي من وجود "جيوب مقاومة التغيير"، و"تبخيس العمل السياسي"، و"هشاشة بنيات الوساطة"، قائلا إن "التحدي الأكبر الذي نواجهه في المسار السياسي هو هشاشة بنيات الوساطة والتأطير، مقابل تنامي خطابات التيئيس والتبخيس من العمل السياسي، في وقت تتزايد فيه الانتظارات، وهذا يتطلب تقوية الأحزاب والأطراف التي تقوم بالوساطة بدَل إضعافها". وبخصوص السياسة الخارجية للمملكة، قال رئيس الحكومة إنّ المغرب ينهج سياسة الانفتاح على محيطه الخارجي، سواء فيما يتعلق بالدفاع عن قضاياه أو المساهمة في إيجاد حلول للقضايا الدولية، كما هو الحال بالنسبة للقضية الفلسطينية، مبرزا أنّ الملك تبنّى إزاءها "مواقفَ إسلامية وإنسانية مشرّفة". "لقد عبر المغرب بقيادة جلالة الملك عن مواقف ثابتة وواضحة وحازمة إزاء القضية الفلسطينية، وبرهن عن حرصه على النهوض بأمانة الدفاع عن القدس وعن حق الشعب الفلسطيني، ورفْضه لتصفية القضية ولمشاريع الاستيطان ومحاولات تهويد القدس"، يقول العثماني، معتبرا أنّ المواقف التي اتخذها المغرب تأتي "في ظل مناخ اتسم بالتخاذل والتراجع عن القضية الفلسطينية".