كريم زيدان يعلن عن تفاصيل وشروط استفادة المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة من دعم المشاريع    التأشيرات الإلكترونية لحضور كأس إفريقيا المغرب 2025 أصبحت مجانية عبر تطبيق "يلا YALLA"    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    لتعزيز جاذبية طنجة السياحية.. توقيع مذكرة تفاهم لتطوير مشروع "المدينة المتوسطية"    اقتراب منخفض جوي يجلب أمطارًا وثلوجًا إلى المغرب    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    مجلس القضاء يستعرض حصيلة 2024    هذه هي المنتخبات المتوقع مواجهتها للمغرب في الدور الثاني من مونديال قطر للناشئين    "واتساب" يطلق ميزة جديدة تتيح للمستخدمين الوصول إلى جميع الوسائط الحديثة المشتركة    الحكم الذاتي في الصحراء.. هل يكون مدخلاً لإطلاق مشروع ديمقراطي يواكب التنمية الاقتصادية والتحديات التي يخوضها المغرب؟    تقرير: التغيرات المناخية والاستغلال المفرط يفاقمان أزمة الماء والجفاف عرى هشاشة بعض منظومات التزوّد    المغرب يطلق تكوين 15 ألف متطوع استعدادا ل"كان 2025″    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تعرض تجربة الذكاء الاصطناعي في منصة "SNRTnews" بمعرض كتاب الطفل والشباب    منيب تتقدم بمقترح قانون للعفو العام    الصين تدعم التعاون الأمني مع المغرب    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    تفجير انتحاري يوقع 12 قتيلا بإسلام أباد    الجزائر ‬تجرب ‬جميع ‬أوراقها ‬في ‬مواجهة ‬الانتكاسات ‬الدبلوماسية ‬    تستر ‬عليها ‬منذ ‬سنوات‮ ‬.. ‬    خط جوي جديد بين البيضاء والسمارة    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    رصاص الأمن يشل حركة مروج مخدرات    انقلاب "بيكوب" يرسل 17 عاملا فلاحيا لمستعجلات تارودانت    التامك يغيب لأول مرة عن مناقشة ميزانية السجون في مجلس النواب.. ما علاقة ذلك ب"إهانته" قبل عام؟    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يكشف عن قائمة المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    المنتخب المغربي يخوض أول حصة تدريبية بالمعمورة تأهبا لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تجتاز البشرية حاليا أخطر مراحلها؟
نشر في لكم يوم 17 - 08 - 2021


يولد الناس،يؤلم بعضهم بعضا ثم يموتون
مارك توين
عشتُ كمتتبع ومهتم أجواء الحرب الباردة، في إطار جزع يومي من المبادرة إلى الضغط على الزر النووي،سواء في واشنطن أو موسكو.هكذا،يزداد اندفاع دقات قلوب جميع شعوب الكرة الأرضية أو تعود إلى وتيرة طبيعية،حسب اشتداد منحى التوتر آنذاك بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي،مع تعثر جلوس مسؤولي البلدين الماسكين بزمام مصير الكون إلى التفاوض حول ملف من الملفات الدولية،ودائما الشفرة النووية في قبضة كف عفريت.جميعنا،موصول مصيره بخصوص البقاء أو الاضمحلال،بلمسة أوتوماتيكية ،أقل من طرفة عين؛قد تأتي خطأ أو قصدا.
هدأت الأمور قليلا،انهار وطن لينين لأسباب كثيرة،فانحدر من مستوى الإمبراطورية العظيمة التي كانت تقود تكتلا بشريا هائلا على جميع المستويات،داخليا وخارجيا في إطار مايسمى بالتكتل أو المعسكر الشيوعي،كي تغدو مجرد دويلات مفككة الأوصال،تعيش أزمات خانقة وحروبا جانبية؛ومايترتب على ذلك من إنهاك واستنزاف على جميع المستويات.في المقابل،انتهت زمام قيادة العالم إلى الولايات المتحدة الأمريكية بكيفية مطلقة،انتقلت معها البشرية من طور نظام القطبين إلى القطب الواحد أو الأمركة،فبدأت القطائع تتشكل على جميع المستويات قياسا لمنظومة الوضع الاستراتجي المتأتي من نتائج الحرب العالمية الثانية.
بداية التسعينات،حدثت بغتة الأزمة العراقية- الكويتية،لأسباب كذلك لازالت مجهولة حقيقة دوافعها وخلفياتها؛بغض النظر عن السبب الظاهر المتمثل في اقتحام جيش صدام حسين للأراضي الكويتية،وحينما رفض الرئيس العراقي سحب جنوده،بدأ التهديد والوعيد واحتشدت بشكل مهول جدا أكثر من ثلاثين قوة عسكرية؛بزعامة واشنطن لإعلان الحرب على الشعب العراقي بسبب جرة حاكمه.
مرة أخرى،وضعت البشرية يدها على قلبها جراء الإعلان الدولي عن إمكانية اندلاع حرب عالمية رابعة بسبب صنيع النظام العراقي،ستقضي تماما على كل شيء فوق البسيطة.توقفت الرحلات السياحية لاسيما نحو منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،أغلقت مقاولات كثيرة،طرد العديد من العمال،انكمشت الاقتصاديات،تراجعت أسهم البورصات،اختفت مواد غذائية من الأسواق،تحولت الأحلام إلى كوابيس.
بالفعل،شكلت تلك الحرب أو الهجوم من طرف واحد،التي استمرت أربعين يوما،قطيعة مفصلية مع الزمان السابق؛بل جسدت ثانية على نحو ملموس،لجيل تلك الفترة –وأنا واحد من أفراده – ماروي له شفويا أو قرأه عن هزيمة حزيران 1967،مع اختلاف التفاصيل بطبيعة الحال،لكن النتيجة ذاتها. قضي على العراق/الحضارة قضاء تاما،على جميع المستويات وأدخل منذئذ هذا الكيان المميَّز جدا،دوامة جحيم غير الجحيم لم يخرج منه غاية اليوم،ولن يخرج منه حتما.أيضا،استنزفت ثروات المنطقة استنزافا بشعا،تحت ذريعة حماية الأنظمة القائمة من أيِّ تهديد محتمل.
استمرت المنطقة،تكابد وحدها بشحمها ولحمها مخلفات ونتائج حرب همجية،يستنشق أفراد شعوبها كل صباح إشعاعات الأسلحة وأدخنة حرائق آبار البترول،ثم انزاحت أنظار باقي الإنسانية مبتعدة حيث عادت الشعوب إلى الانشغال بقضاياها الخاصة،بعد أن انصبت على بؤرة النزاع كل أنظار العالم طيلة يوميات شهور بداية المواجهة وانتهائها.بدأت الذاكرة تبتعد شيئا فشيا،بالانخراط من جديد في سبل حياة لاتقتضي بالضرورة نزوعا دمويا نحو التلويح بإعلان القيامة.طبعا،محاولة لملمة الأشلاء،في إطار انكماش اقتصادي وهواجس مرتابة،حيال ممكنات المستقبل،مما يضعف فلسفات العقل المبادر.
صبيحة يوم الثلاثاء 11شتنبر2001 ،استفاقت شعوب العالم ثانية على صدمة واقعة فريدة من نوعها،مختلفة عن مشهد انفراط عقد الاتحاد السوفياتي أو ملحمة حرب الخليج الثانية : أمريكا،بجلال قدرها،تضرب لأول مرة ضربة موجعة أقرب إلى خيال سينما هوليود في عقر دارها.فقد هاجمت أربع طائرات مدنية برجي مركز التجارة العالمي،ثم البنتاغون مقر وزارة الدفاع الأمريكية.مقتل ثلاثة آلاف أمريكي فوق أرضه،جراء مخطط دبَّره ونفذه، تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن حسب ادعاءات المحققين الأمريكيين،كانت أكثر من كافية،لاستباق نهاية العالم الطبيعية،بأخرى فقط زعيم البيت الأبيض وفريق مستشاريه العسكريين،من يتحكم في زمام بدايتها وإخمادها وأساليب طرقها،وعلى جميع الدول لاسيما المغلوب على أمرها،أن تحدد موقفها بشكل طارئ واضح : معي أو ضدي ولامجال للنقاش.
اختبرت البشرية من جديد حالة طوارئ رهيبة،اختلط خلالها كل شيء بكل شيء، بدأت الشعوب المغلوب على أمرها تتحسس رقابها،لاسيما المجموعة العربية والإسلامية؛ مادام الفاعلون ينحدرون من جنس تلك المجموعة،ثم ساد التوجس والخوف وتراجعت سلطة المواثيق الحقوقية والقانونية وخطاب الأنوار والعقل والتسامح والتعايش،لصالح بلاهة مسوغات حرب عبثية بين المؤمنين وغير المؤمنين،وأهل الله في صراع مع أنصار الشيطان،إلخ،بحيث استلهم خطاب هذه الجهة أو تلك،مسوغات ومبررات تبررها المرجعيات التيولوجية الدامسة لكل طرف.
هكذا،صار الإرهاب عملة دولية متداولة،ظهرت تنظيمات دموية،وتجددت أساليبه،بشكل تحولت معه البسيطة إلى ساحة للوغى مفتوحة على مصراعيها أمام الموت :تفجيرات عن بعد وقرب ومن مختلف الزوايا،اقتحام لفضاءات التجمعات والشروع في إطلاق سيل من الرصاص على الحاضرين،دهس المارة بالشاحنات والسيارات،دسائس الذئاب المنفردة،وغير ذلك.معطيات انتشار وبائي،كرسه توسع المنظومة الرقمية،فاختزلت قارات العالم إلى رقعة صغيرة جدا نتيجة الثورة الهائلة لتكنولوجيا المعلوميات.
بالموازاة،انجرفت الإنسانية من الناحية الايتيقية خلف منظومة استهلاك شمولية.فقد ولج العالم جراء دهاء وخبث مخططات دوائر تجمعات الليبرالية المتوحشة،دوامة نفق مظلم بلا منتهى،مدخله الارتكاز فقط على قيمة القيم المتمثلة في الربح المادي بكل الطرق،مثلما يكمن منتهاه في الاستهلاك الأكثر رعونة وبلاهة،لذلك لم تعد حياة الناس تنزاح طيلة عقدي الألفية الثالثة عن حدي :إرهاب الاستهلاك بكل أنواع التطعيم الإعلامي،ثم الاكتفاء باستهلاك يوميات بلا طعم ولامذاق،مهددة صباحا مساء،بغدر الإرهاب.
دأبت الليبرالية المتوحشة،على سعيها بكل جد وتفان،فألغت محور الإنسان تماما من رهاناتها واتجهت مخططاتها الاستهلاكية نحو التشيؤ،مما أدى إلى استنزاف طاقة العالم المادية ومخزونه،وبدأت سلبيات ذلك تتجلى بوضوح على لبنات التوازن المعقول بين الإنسان ومجاله الحيوي،غاية وصولنا شهر مارس 2020،حين الإعلان رسميا عن الإفلاس والانهيار وحتمية إغلاق العالم وتوقفه،تحت دواعي تهديدات لاترحم،مصدرها لفيروس قاتل.
عموما،على غرار عصارة التأويلات التي خلصت إليها سجالات وتأملات سياقات المحطات التاريخية الانتقالية،المشار إليها أعلاه،بحيث اتجه الاتفاق في مجمله على أن الإنسانية لحظتها انتقلت صوب نظام عالمي جديد، بتفاصيل ومقومات مغايرة لما كان سائدا سابقا.حدث ذلك مع ربيع أوروبا الشرقية أواخر الثمانينات،ثم حرب العراق، وهجوم 11شتنبر .وبالفعل،أكدت الفترات التالية لتلك الأحداث الصادمة الكبرى،حقيقة تلك التنبؤات.
طبعا،فيروس كورونا باعتباره حدثا تاريخيا ثوريا،بالمعنى الجذري للكلمة،وطدت مجرياته نفس القناعة :لم يعد في وسع الأنساق السابقة،سياسيا واقتصاديا واجتماعيا،أن تبثّ سواء في حاضر أو مستقبل البشرية،أبسط مقومات الحياة،مادام استمرار تلك الأنساق يتعارض بنيويا مع بقاء هذه الحياة حية.
غير أنه يوجد عنصر جوهري،يمنح واقعة كورونا تميزا استثنائيا يجعل ظرفيتها أكثر ضبابية وإبهاما وانفتاحا على المجهول،ويمنح التساؤلات الوجودية العميقة في هذا المضمار موقعا أكثر أهمية من الأجوبة السهلة لمجرد الاستهلاك السطحي؛العابر : شكلت الانقلابات السابقة،مثلما كان الأمر دائما،مجالا لصراع إنساني محض،مجاله غنيمة السلطة. بالتالي،بعد ذهاب وإياب،وشدّ وردّ،تبعا لموازين القوى،يمكن للأطراف المتصارعة وضع نهاية للمعركة؛وإن مؤقتا غاية إشعار ثان.
حاليا،الصراع مع أثر بيولوجي فضفاض بشكل لانهائي غير معلوم مطلقا؛لايلمس، لا يرى،لايسمع، لايتكلم،لاحقيقة تذكر عن هويته،سوى قابليته للتحول بكيفية جينية،لايدركها ربما سوى الجان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.