قالت منظمة "صحفيات بلا قيود"، إن المغرب يعيش خلال السنوات الأخيرة، انتكاسة لحرية الصحافة بعدما حققه خلال العقد المنصرم، من تقدم تشريعي وقانوني، عزز حرية الرأي والتعبير، على رأسها اعتماد دستور جديد يكفل حرية الفكر، وحرية الرأي والتعبير، بكل أشكالها ومنع تقييد حرية الصحافة بأي شكل، ومنح المواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، إضافة إلى اعتماد قانون صحافة ونشر جديد في عام 2016، الذي ألغى أحكام السجن في قضايا الرأي، ووفر الحماية لسرية المصادر. وأوضحت منظمة "صحفيات بلا قيود" في تقريرها الأخير الصادر اليوم الثلاثاء، أن حرية الصحافة بالمغرب، عرفت خلال السنوات القليلة الأخيرة، انتكاسة حقيقية، مسجلة أنه بدلا من مقاضاة الصحافيين عبر قانون الصحافة، بات استخدام القانون الجنائي أمراً شائعاً، بالإضافة إلى تحول جنح في مدونة الصحافة إلى جرائم حق عام تستوجب سلب حرية الصحافي ومطاردة عمله. وأبرزت المنظمة في تقريرها حول "الناحية القانونية والمحاكمات السياسية ووضع المجلس الوطني للصحافة"، أن السلطات ورغم اعتماد المغرب قانون صحافة جديد منذ العام 2016 لا يضم عقوبات سالبة للحرية بالنسبة للصحافيين، إلا أنها تستخدم القانون الجنائي لملاحقة الصحف والصحافيين المستقلين، حيث تحرك النيابة العامة الاتهامات ضد الصحافيين عدا تلك الاتهامات من الأشخاص المتضررين بشكل مباشر. وأضافت "صحفيات بلا قيود"، أن الحكومة المغربية رفضت وترفض مراراً المطالب المحلية والدولية بوقف ملاحقة الصحافيين بموجب القانون الجنائي بخصوص قضايا في أساسها متعلقة بالعمل الصحفي؛ مشيرة إلى أن توالي الملاحقات القضائية للصحافيين بموجب القانون الجنائي، راجع للجسر الموجود بين القانون الجنائي وقانون الصحافة، الذي تنص المادة 17منه، على أنه "لا تسري أحكام القوانين الأخرى على كل ما ورد فيه نص صريح في مدونة الصحافة والنشر"، مؤكدة أن حماية الصحافيين من المحاكمة بموجب القانون الجنائي في قضايا النشر لم تكن واضحة في هذه المادة، والتي تمت صياغتها حسب التقرير "بعبارات فضفاضة بشكل يبقي على الجسر بين قانون الصحافة والقانون الجنائي في قضايا النشر". ورصد التقرير، تعرض 21 صحافياً، لانتهاكات في المغرب خلال 2022، بينهم صحافيتين؛ فيما تستمر السلطات في سجن الصحافيين عمر الرضي( معتقل منذ 2020)، سليمان الريسوني (معتقل منذ 2020)، توفيق بوعشرين (معتقل منذ 2018)، مسجلا أن القضاء المغربي يستمر في العمل كأداة للسلطة التنفيذية، ويحاكم الصحافيين بموجب القانون الجنائي، بدلاً من قانون الصحافة. وأكدت المنظمة أنه خلال عام 2022، تم تسجيل ارتفاع كبير في احتجاز السلطات التعسفي للصحافيين بسبب عملهم، واستخدام أساليب الرقابة على المحتوى والمراقبة الشخصية للصحافيين، وتعرض الصحافيين المنتقدين للحكومة لمضايقات قضائية وتحويل التهم المتعلقة بالجنس إليهم كسلاح، مشيرة إلى أن هؤلاء الصحافيين لم يخضعوا لمحاكمات عادلة واعتمدت المحاكم على المقالات التي نشرتها وسائل الإعلام والصحف الموالية للحكومة في مقاضاتهم. وبخصوص وضعية "المجلس الوطني للصحافة"، اعتبرت منظمة "صحفيات بلاقيود"، أن قانون إنشاء المجلس الوطني للصحافة (90.30) ومشروع القانون الجديد بشأن التعديلات على قانون المجلس الوطني، نكسة وكارثة حقيقية يتجاوز نصوص الدستور المغربي الذي يؤكد على حق الجماعات، بما فيها النقابات والمجالس، في "التنظيم الذاتي" بطريقة ديمقراطية ومستقلة، مشيرة إلى أن مشروع القانون، أعطى اللجنة المؤقتة، كل صلاحيات المجلس التأديبية والتحكيمية والتأهيلية، وصلاحيات إعطاء وسحب البطاقة، والتي كانت تقوم بها خمس لجان. كما اعتبر التقرير، أنه لا يستقيم أن تحل لجنة مؤقتة محل مؤسسة منتخبة لها وضعية قانونية. ولا يمكن أن يصدر عن لجنة مؤقتة: إعداد مشاريع أو مقترحات القوانين لها مساطرها القانونية وإجراءاتها، مشيرة إلى اعتماد مبدأ التعيين الملكي بدل مبدأ الانتخاب تعيين الملك لرئيس المجلس لمدة (5 سنوات) قابلة للتجديد؛ ومنع عزله حتى لو ارتكب مخالفات وطلب الأعضاء عزله، وعدم امكانية توقيفه حتى بقرار الأغلبية، يعكس الأهداف الكامنة وراء تعيين اللجنة أن تكون تابعة بالكامل للحكومة، مؤكدا أن تعويض مبدأ الانتخاب بالتعيين في مؤسسة تمثل إحدى ركائز الديمقراطية وهي الصحافة، يبعث إشارة سلبية، ووضع غير صحي لوضع الصحافة المغربية. وأوصت منظمة "صحفيات بلاقيود"، الحكومة المغربية، بالإفراج الفوري غير المشروط عن الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، المعتقلين بسبب ممارسة مهامهم ووقف التشهير الإعلامي بحقهم، وتحقيق الإفراج الفوري عنهم، وضمان سلامتهم الصحية والجسدية والنفسية، والسماح لهم بالكتابة، وزيارة عائلاتهم ومحاميهم. كما أوصت المنظمة، الحكومة بالالتزام بأحكام الفصل 28 من الدستور التي نصت على "حرية الصحافة والحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء بكل حرية"، وجعلت وضع القواعد القانونية والأخلاقية من صميم التنظيم الذاتي للمهنة"، وجميع المواثيق والقوانين الدولية، التي وقعت عليها المغرب المتعلقة بحقوق الإنسان وحماية حرية الرأي والتعبير بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأكدت المنظمة على ضرورة تعديل مدونة الصحافة والنشر حتى تتلاءم مع المعايير الدولية، لا سيما في الشق المتعلق بمتابعة الصحافيين بموجب القانون الجنائي في القضايا المتعلقة بالنشر، ووقف جميع الإجراء ات المتعلقة بالمجلس الوطني للصحافة، الذي يهدد بالقضاء على المكاسب التي حصل عليها المغاربة في دستور2011، وتعزيز دور الإعلام العمومي حتى يملك دوره كوسائل إعلام تابعة للجمهور وليست تابعة لشخص أو جهة، ويلعب دوره في التثقيف والإخبار ونقل الحقائق والمعلومات التي تشكل رأي المواطنين بخصوص القضايا المغربية باختلافها الاجتماعية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية. وأوصت "صحفيات بلا قيود"، البرلمان برفض القانون الجديد الذي يفرض اللجنة المؤقتة لقيادة المجلس الوطني للصحافة والنشر، والعمل على دعوة المجلس للقيام بمسؤولياته وفق نظامه الداخلي الذي يفرض الانتخابات، ويجب أن يمنح المجلس الاستقلالية الكافية ليحمي الصحافيين والصحافيات. وطالبت المنظمة، البرلمان بإجراء تعديل يوقف العمل بالقانون الجنائي في القضايا المتعلقة بالنشر وإعادتها إلى مدونة الصحافة بعد تعديلها وإصلاح الثغرات القانونية التي تستخدمها الحكومة لاستهداف الصحافيين والصحافيات المستقلين، والعمل على استصدار قوانين تضمن حق الصحافيين والصحافيات في الحصول على المعلومات والحقائق من مصادرها الرئيسية.