نشرت جريدة لوموند الفرنسية مقالا لخالد التيناستي (الباحث في مركز النزاعات والتنمية والسلام، بالمعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية (IHEID) في جنيف)، حول تعاطي الجهات الرسمية في المغرب مع ملف تقنين الكيف، اعتبر فيه أن الرباط بناءً على رغبتها في الحفاظ على المراقبةالأمنية على كامل سلسلة التجارة، تخاطر بإخماد الابتكار، ما يصاحب ذلك من تداعيات اقتصادية. أكد الخبير المغربي أنه بين الضغوط الإقليمية والعالمية للحد من الإنتاج غير القانوني للقنب، والفرصة لتحويل جزء منه إلى صناعة طبية قانونية بعد سحب القنب من قائمة المواد بلا قيمة علاجية في الاتفاقية الفريدة بشأن المخدرات في ديسمبر 2020، اختارت المغرب الرد من خلال اعتماد قانونه بشأن الاستخدامات القانونية للقنب في يوليوز 2021. وأضاف الباحث أنه بينما تهدف العملية إلى تطوير صناعة جديدة، غير أن الأمر تركفي يد وزارة الداخلية (وليس وزارات الصناعة أو الصحة أو الزراعة)، وبذلك يأخذ القانون المسار الصعب الذي تسلكه السلطات المغربية: من جهة الحفاظ على المراقبةالأمنية على سلسلة التجارة، من زراعة النبات إلى توصيل المنتجات النهائية، ومن جهة أخرى، الأمل في إقناع الرأي العام من خلال تطوير صناعة الصادرات عالية القيمة المضافة، وتوفير فرص اقتصادية قوية لمزارعي الجبال في ريف المغرب، "أول منطقة إنتاج غير قانوني في العالم". ونبه الباحث إلى أن هذا النهج الحذر يتفق بالتأكيد مع القانون الدولي الذي يصنف القنب الهندي كمادة مخدرة مثلها مثل الهيروين أو الكوكايين، ويفرض مراقبة صارمةعلى استخداماتها القانونية. كما يمثل أيضًا نقطة توازن بين المحافظين والليبراليين في البلاد، حيث يُشرع بعض الاستخدامات وفي الوقت نفسه يتم الحفاظ عليها تحت المراقبةالأمنية. وذكر الباحث أن هذا الخيار قد دعم "من قبل جهتين تقدميتين، هما لجنة النموذج التنموي الخاص (CSMD) والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي"، على الرغم من أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي كان في الحكومة عند اعتماد القانون، صوت ضد ذلك في البرلمان. واستدرك الباحث أنتعقيدات اعتماد هذا القانون، بالموازاة مع تداول خطاب يتوقع سيطرة مستقبلية على السوق العالمية كوسيلة لجذب المستثمرين المحليين والدوليين، تكشف حدود هذا التمرين. وأوضح الباحث أن معالجة المادة تفرض الخضوع لرقابة إدارية ولوجستية صارمة مثل تلك المطلوبة للمورفين أو المخدرات الأخرى، مما يقلص بالتالي السلاسل الاقتصادية والأسواق الموعودة "للمزارعين الذين يروِّجون زراعاتهم غير القانونية بسهولة اليوم". بالإضافة إلى ذلك، السوق الرابحة للقنب القانوني هي تلك المتعلقة بالاستخدامات الترفيهية وغير الطبية، كما تشير إليه السوق الأمريكية، أكبر سوق ناضج في العالم. تشير توقعات مبيعات عام 2028 إلى أن 75٪ من المبيعات ستكون ترفيهية، مقدرة بنحو 43 مليار دولار، مقابل 14 مليار دولار للاستخدامات الطبية. وأضاف الباحث أن الإعتقادبأن المزايا التنافسية (تكلفة إنتاج أقل، قرب الأسواق الأوروبية أو الخبرة الزراعية) قد تسمح إلى زيادة الطلب على القنب الطبي والكانابيديول (CBD) غير النفسي للمغرب هو مجرد وهم. موضحا أن المزايا التنافسية تتقلص إذا ما تم تقييد الابتكار. وأن هذا الابتكار هو مايخنقه نهج مثل هذا التقييد الذي يتبناه المغرب ودول أخرى كثيرة، الذينيعتبرون مصدرين تقليديين أو دول عبور وتتهم بتزويد الأسواق الاستهلاكية الغربية الغنية. وأوضح الباحث أن قيود الاستخدام الرأسي المفرطة، من خلال الوصفات الصارمة والتخطيط من اختيار البذور إلى المنتجات النهائية، لا تترك مجالًا لظهور المنتجات الرائجة blockbusters"بلوكبسترز" التي تؤدي إلى النجاح التجاري والتداول الاقتصادي الموعود، مضيفا أنه إذا رغبت كانت دولة غربية ذات سوق كبيرة فيما بعد في تجاوز التعقيدات القانونية واللوجستية المكلفة نحو اتفاق تجاري ثنائي لاستيراد القنب المغربي، فإن المنتج النهائي يجب أن يستحق العناء. وأبرز الخبير أن الابتكار ذو أهمية، لأنالسوق القانونية للقنب الهنديمحدودة (آسيا، التي تهيمن على التجارة العالمية بشكل متزايد، تقتصر على تايلاند فقط). إذ أن أقل من خمسين دولة معنية، بما في ذلك سبع دول في القارة الإفريقيا (المغرب وجنوب أفريقيا وزيمبابوي ومالاوي ورواندا وزامبيا ومؤخرًا غانا). من بينها، تعتزم القليل منها استيراد القنب، حيث يسعى معظمها إلى الانتقال نحو مجالات زراعية مربحة محلية. وأضاف الباحث أنه على الرغم من أنه لا يمكن لأحد التنبؤ بكيفية تطور السوق الدولي من الناحية القانونية والاقتصادية في السياق الجيوسياسي الحالي، ولا كيفية بناء سلسلة القيمة الكاملة، فإن السوق القانوني المغربي يمكن أن ينظم بشكل أفضل ويستعد للدخول إلىالسوق العالمية. موضحا أن النقاش حول إنتاج مرتكزعلى السلالة المحلية المعروفة باسم "البلدية"، والتي تزرع بطريقة أكثر توافقًا مع البيئة وتحتوي على كمية أقل من رباعي الهيدروكابينول، لتحويلها إلى منتج يحمل تسمية المنشأ المضمونة، ليس أمرًا تافهًا. وأوصى الباحث بتوجيه الجهود نحو بناء سوق وطني للقنب، وتدريب الأطباء والصيادلة على وصفه، ودعم استخدامه للمرضى الذين يعانون من آلام، والسماح ببيع الكانابيديولCBD ومشتقاته في محلات البقالة التقليدية. موضحا أن تركيز الجهود العامة على المستهلك المغربي العادي من خلال تشجيع الوصول إلى الفوائد لأكبر عدد ممكن قبل التفكير في الصادرات المحتملة إلى أوروبا، وتطوير الخبرة المحلية عن طريق تعزيزها على مدار سلسلة الإمداد، سيكونان ابتكارات حقيقية تُضاف إلى تشريع القنب الهندي في المغرب.