ميناء طنجة المتوسط خامسًا عالميًا في كفاءة موانئ الحاويات        رئيس الفيفا: كل شيء جاهز تقريبا.. يمكننا تنظيم كأس العالم من الآن    زيارة التهراوي.. انتقادات تطال المديرة الجهوية للصحة بجهة طنجة تطوان الحسيمة    مسرح رياض السلطان يفتتح موسمه الثقافي الجديد ببرنامج حافل لشهر اكتوبر    "نوستالجيا".. عرض مضيء لطائرات "الدرون" بموقع شالة الأثري        شركات كبرى مثل Airbnb وBooking ضمن 158 شركة متورطة بأنشطة في المستوطنات الإسرائيلية    نيويورك: بوريطة يجري سلسلة مباحثات على هامش الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة    الداخلة على موعد مع النسخة الرابعة من منتدى "Africa Business Days"    منشور الخارجية الأمريكية واضح ومباشر: لا استفتاء، لا انفصال، الصحراء مغربية إلى الأبد    بوريطة يجدد بنيويورك تأكيد التزام المغرب بتطوير الربط في إفريقيا    "أسطول الصمود" يتجه لقطاع غزة    نقابة الصحافة ببني ملال ترفض المنع    بلال نذير يستعد للعودة إلى المنتخب بعد نيل ثقة الركراكي    رقم معاملات المجمع الشريف للفوسفاط يتجاوز سقف 52 مليار درهم    وفاة رجل تعليم بالحسيمة متأثرا بتداعيات محاولته الانتحار    نساء "البيجيدي" يطالبن الحكومة بجدول زمني لتفعيل قانون محاربة العنف ضد النساء    سفينة عسكرية إسبانية تنطلق لدعم "أسطول الصمود" المتجه إلى غزة    الحكم على الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بالسجن لخمس سنوات    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بنبيل عيوش وآيدا فولش وإياد نصار    أكبر جمعية حقوقية بالمغرب تدين استهداف أسطول الصمود وتطالب الدولة بحماية المغاربة المشاركين    مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو    الدفاع الجديدي يعلن طرح تذاكر مواجهته أمام الرجاء    فيدرالية اليسار الديمقراطي تعلن عن دعمها للمطالب الشبابية    ترامب يهدد بتغيير المدن الأمريكية المستضيفة للمونديال بسبب "انعدام الأمان"    جمجمة عمرها مليون سنة توفر معطيات جديدة عن مراحل التطور البشري    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    وفاة فيغار مهاجم أرسنال السابق        عبد الوهاب البياتي رُوبِين دَارِييُّو الشِّعر العرَبيّ الحديث فى ذكراه    أدب الخيول يتوج فؤاد العروي بجائزة بيغاس        الأصالة والمعاصرة.. من التأسيس إلى رئاسة حكومة المونديال        تركيا تعلن شراء 225 طائرة أمريكية    كيوسك الجمعة | السياقة الاستعراضية.. الأمن يوقف 34 ألف دراجة نارية    النرويج: السلطة الفلسطينية تتلقى دعما ماليا طارئا من الدول المانحة    حجز 9 أطنان من الأكياس البلاستيكية المحظورة وتوقيف مروج بالدار البيضاء        "أولتراس الجيش" تقاطع لقاء بانجول    عامل الرحامنة يحفز مؤسسات التعليم    نبيل يلاقي الجمهور الألماني والعربي    أخنوش: الملك يرعى أوراش المونديال    تراجع الطلب يؤدي إلى انخفاض نسبي في أسعار اللحوم بمجازر البيضاء    وزارة الداخلية تراهن على لقاءات جهوية في تحديث النقل بسيارات الأجرة    الاتحاد الأوروبي يوافق بشروط على علاج جديد للزهايمر    تأجيل إطلاق المرحلة الأولى لبيع تذاكر "كان المغرب"    الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر    مئوية بي بي كينغ… صوت الجموع الخاص    حكيمي يكسر صمته: "تهمة الاغتصاب أقوى شيء حدث لي.. لقد شوهوا صورتي واسمي"    الجامعة الوطنية لأرباب محطات الوقود تنبّه الوزيرة بنعلي إلى استفحال ظاهرة البيع غير القانوني للمحروقات        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجمعة للصلاة والثورة وأشياء أخرى
نشر في لكم يوم 23 - 03 - 2011

يوم الجمعة هو يوم عظيم في التاريخ، وذلك لأنه يوم أحداث عظيمة في الماضي والحاضر والمستقبل. "فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة" كما في صحيح مسلم.
وهو يوم شهد انتصارات عظمية في التاريخ الإسلامي ، فغزوة بدر الكبرى التي كانت يوم الجمعة 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة، وفتح مكة تم في الجمعة 20 رمضان من السنة الثامنة للهجرة، وانتصار المسلمين على التتار في عين جالوت كان يوم الجمعة 25 رمضان 658ه.
وقد شهدنا في هذه الأيام أحداثا عظاما أخرى في يوم الجمعة تجسدت في أحداث الثورات العربية، وسقوط حكام مستبدين كبار كما في تونس ومصر.
لهذه الأحداث القديمة والمعاصرة والمستقبلية كان وسيبقى "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة" كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم. وهذا ما يجعلنا نتساءل عن سر هذه الخيرية والعظمة ليوم الجمعة.
سر عظمة الجمعة
سر عظمة الجمعة يدل عليه اسمه، فالسر هو الجماعة والتجمع البشري الذي يكون فيه، فيوم الجمعة يوم الفوج المجموع كما قال الزمخشري، وفيه صلاة في منتصف النهار يكون فيها الحضور واجبا على كل رجل، والجماعة واجبة لانعقاد الجمعة، والخطبة واجبة والإنصات لها واجب، فمن لغا فلا جمعة له. وهذه الواجبات تحقق تجمعا بشريا له برنامج محدد وواجب هو الخطبة والصلاة. وهذه الأمور وغيرها عومل نجاح لهذا التجمع، ويضاف لها عوامل معنوية أخرى تتعلق بالخطبة الناجحة، إذ إن قدوة الخطب الناجحة الحية هي خطبه صلى الله عليه وسلم التي وصفها الصحابة بقول أحدهم "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش" رواه مسلم، و"كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما، يقرأ القرآن ويذكر الناس" كما جاء في صحيح مسلم. وهناك شروط أخرى تكميلية تزيد هذا الاجتماع الأسبوعي نجاحا كالنظافة في البدن والملبس والالتزام بالوقت والحض على التبكير فيه.
وإذا كانت الجماعة هي السر الأول لبركة وعظمة الجمعة، فلا ننسى أن هناك سرا آخر وضعه الله في هذا اليوم دون سواه، وهو أن جعل فيه ساعة مستجابة الدعاء.
مقاصد الجمعة
وهذا البرنامج الجماعي الأسبوعي الممنهج له مقصد أصلي عام هو ذكر الله وما في حكمه، وقد بينه القرآن الكريم في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله)، وعلى الرغم من أن الذكر هو الخطبة عند الأكثر من أهل التفسير، وقيل: هو الصلاة كما قال الرازي، فإن ذكر الله ههنا تدخل فيه الصلاة والخطبة، فالصلاة إنما تقام لذكر الله (وأقم الصلاة لذكري) {سورة طه}. والخطبة إذا كان موضوعها يحوم حول الدين وشؤون المسلمين فهي من ذكر الله. قال الزمخشري في تفسيره: فإن قلت: كيف يفسر ذكر الله بالخطبة وفيها ذكر غير الله؟ قلت: ما كان من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم والثناء عليه وعلى خلفائه الراشدين وأتقياء المؤمنين والموعظة والتذكير فهو في حكم ذكر الله، فأمّا ما عدا ذلك من ذكر الظلمة وألقابهم والثناء عليهم والدعاء لهم، وهم أحقاء بعكس ذلك؛ فمن ذكر الشيطان. وهو من ذكر الله على مراحل اه.؟؟؟
وهذا المقصد العام المباشر لصلاة الجمعة نبه القرآن إلى أن فيه خيرا كثيرا للجماعة المسلمة قائلا (ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون){سورة الجمعة}، أي له مقاصد وأهداف أخرى تتبعه وتنجم عنه كتأليف القلوب، وقضاء الحاجات، ومناقشة الشؤون العامة، وغير ذلك من الخيرات والبركات.
ولعل جماع صنوف الخير في هذه الصلاة المتميزة هو حفظ الخيرية المعنوية للجماعة المسلمة. ذلكم أن الإسلام لم يأت بالعقائد والقيم الفاضلة فحسب، بل جعل من الوسائل ما يحفظها ويضمن تجددها، ومن أهم تلك الوسائل الصلاة الجامعة يوم الجمعة.
وقد ظن عدد كبير من الصحابة في أول الإسلام أن التجارة خير من هذا الخير الموجود في الجمعة فنبهم الله تعالى على خطأ هذا التقدير في قوله سبحانه (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) {سورة الجمعة}، وهذا معناه أن ضرر وقف النشاط الاقتصادي على المجتمع مجبور بمصالح أخرى تجبره بل تزيد عليه.
يوم الجمعة والنضال السياسي
وإذا كان المقصد العام للصلاة الجامعة يوم الجمعة هو أن تتذكر الأمة ربها ودينها وقيمها ومبادئها، وتتفقد أحوالها العامة والخاصة، فلا نستغرب كيف شكلت هذه الصلاة الجامعة فرصة عظيمة لإنكار الأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية الرديئة التي تئن تحتها الشعوب العربية والإسلامية. فهذه الصلاة الجامعة يسرت مراكز تجمع وانطلاق للمظاهرات الكبيرة والمتعددة التي عرفتها الدول العربية في وقتا الحاضر.
فالانتفاضات الفلسطينية عادة ما تنطلق وتشتد في أيام الجمعة. والآن ومنذ بدء بناء الجدار الصهيوني، توجد أعمال مقاومة منتظمة كل جمعة في عدد من البلدات والقرى الفلسطينية المتضررة من الجدار... (انظر على الإنترنت قرية بلعين نموذجا)
وفي تونس انطلقت شرارة الثورة يوم الجمعة 17 دسمبر 2010 بعد إحراق محمد البوعزيزي نفسه، وأطاحت ببن علي يوم الجمعة 14 يناير 2011. وفي مصر كان دور أيام الجمع بارزا وحاسما في الثورة الشعبية المصرية، ابتداء من جمعة الغضب يوم 28 يناير 2011، فجمعة الخلاص، فالتحدي، فالنصر إلى أن رحل مبارك في يوم الجمعة 11 فبراير 2011.
وفي ليبيا رغم أن الدعوات للتظاهر كانت ليوم الخميس 17 فبراير2011 ، فإنها بدأت قبل ذلك، ولكن في يوم الجمعة 18 فبراير توسعت الاحتجاجات المطالبة بإسقاط "النظام".
ولهذا فنجاح الثورات الشعبية اعتمد اعتمادا كبيرا على التجمع يوم الجمعة، والذي لا يستطيع أي حاكم أن يلغيه. والجديد في عصرنا أن الدعوة إلى هذه التجمعات "الجمعية" لم تتم عبر الأذان فقط، بل من خلال وسائط التواصل الاجتماعي الحديثة، وهو ما يزيدها زخما وقوة.
جمعة المستقبل
وإذا كان من الثابت إذن أن صلاة الجمعة لها أدوار نفسية واجتماعية وسياسية وحضارية، فيبدو أن المستقبل سيعرف مزيدا من الأدوار التي ستقوم بها أيام الجمع ومساجدها، ولعل هندسة المساجد ستتجه إلى تزويدها بالمرافق التي تؤهلها للقيام بأدوارها الجديدة، فالمسجد الجامع في المستقبل قد تكون بجانبه حديقة للعائلات والأطفال أو قاعات لذلك، كما قد يصبح مقرا لإدارة الشؤون الدينية للحي والمدينة في ما يتعلق بتعيين الإمام والخطيب وإقامة الدروس العلمية والإفتاء، وقد يقوم بأدوار أخرى في ما يتصل بالديموقراطية المحلية.
لقد جاء في الحديث أن الله هدى الأمة لهذا اليوم الذي ضل عنه أهل الأديان الأخرى، ففي صحيح مسلم: (ثم هذا اليوم [أي الجمعة] الذي كتبه الله علينا هدانا الله له فالناس لنا فيه تبع). وهذه الهداية لا تنتهي، فهي باب مفتوح للأمة لتجتهد وتبدع طرق الاستفادة من يوم الجمعة لما فيه خير لدنياها وأخراها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.