أدرج تقرير "سي في في سي" حول البلوكتشين في إفريقيا لسنة 2024، المغرب لأول مرة ضمن خارطة تمويلات رأس المال الاستثماري في هذا القطاع، من خلال صفقة واحدة بقيمة 1.5 مليون دولار، خصت منصة "توكيز" المغربية، وهو ما منح المغرب حصة قدرها 1.2 بالمائة من إجمالي التمويل الإفريقي في هذا المجال، و3.3 بالمائة من إجمالي الصفقات المسجلة خلال السنة المذكورة. ويعكس هذا التطور تحركا محدودا بالمغرب في قطاع ظل حتى وقت قريب خاضعا لحظر رسمي، إذ مُنع التعامل بالعملات الرقمية في البلاد منذ سنة 2017. ورغم عدم صدور أي إعلان رسمي برفع الحظر، أفاد التقرير بأن "بنك المغرب" يعمل منذ نونبر 2024 على إعداد مشروع قانون لتنظيم الأصول الرقمية.
بالتالي طبقا للوضع التنظيمي، أبقى التقرير المغرب ضمن فئة الدول ذات "الوضع غير المؤكد"، إلى جانب 34 دولة أخرى بالقارة، حيث يعني هذا التصنيف غياب قوانين واضحة تنظم قطاع العملات والأصول الرقمية، مع استمرار القيود الرسمية أو الغموض القانوني. وبالمقابل، سُجلت سبع دول فقط باعتبارها ذات وضع قانوني واضح في مجال الأصول الرقمية، منها جنوب إفريقيا ونيجيريا وسيشيل وإثيوبيا. بالنسبة للمشروع المغربي الذي حاز التمويل الوحيد هذه السنة، فإن منصة "توكيز"(Tookeez)، ومقرها في المغرب، تأسست سنة 2020، وتعمل على تطوير نظام موحد لبرامج الولاء باستخدام تكنولوجيا البلوكتشين، بحيث تسمح للمستخدمين بتجميع وتحويل نقاط الولاء من مختلف العلامات التجارية إلى محفظة رقمية واحدة وآمنة، مما يسهل عملية الإنفاق والتحويل بين المتاجر المشاركة. وقد حصلت المنصة على استثمار بقيمة 1.5 مليون دولار من صندوق "أزور" للابتكار، وهي تستهدف الوصول إلى أربعة ملايين مستخدم نشط بحلول 2028، ودخول سوق إفريقي ثانٍ في أفق 2026. وتُقدم "توكيز" للشركات بنية تحتية مرنة تحافظ على خصوصية برامج الولاء الخاصة بكل علامة، وتوسع في نفس الوقت خيارات الاسترداد والتفاعل مع الزبناء، كما تمثل أداة لإدماج التجار الصغار في الاقتصاد الرقمي دون الحاجة لبناء أنظمة خاصة. وفي تعليقه على البيئة التنظيمية، أكد التقرير أن الغموض القانوني يضعف ثقة المستثمرين ويحد من توسع المشاريع، على عكس البلدان التي وضعت أطر تنظيمية واضحة، مثل نيجيريا التي اعتبرت الأصول الرقمية أوراقا مالية بموجب قانون سوق الاستثمار، وجنوب إفريقيا التي أطلقت منظومة لترخيص مقدمي خدمات الأصول الرقمية تحت إشراف "هيئة السلوك المالي"، أما كينيا فهي تعمل على إعداد مشروع قانون رقمي شامل. ويخلص التقرير إلى أن مستقبل قطاع البلوكتشين في إفريقيا لا يتوقف فقط على الابتكار التكنولوجي، بل يرتبط أساسا بقدرة الدول على توفير أطر تنظيمية واضحة ومتوازنة تشجع على الاستثمار وتحمي المستخدمين.