أعادت استقالة نائبة رئيس الوزراء البريطانية، أنجيلا راينر، يوم 5 شتنبر 2025، بعد ثبوت خطأ ضريبي في صفقة عقارية، النقاش حول معايير الشفافية والمحاسبة لدى المسؤولين العموميين في الدول التي تحترم رأيها العام. يوم الجمعة الخامس من شتنبر، قدمت نائبة رئيس الوزراء البريطانية، أنجيلا راينر، استقالتها بعدما أقرّت بعدم دفع كامل ضريبة الدمغة المستحقة على شقة اشترتها بمدينة هوف الساحلية بقيمة 800 ألف جنيه إسترليني. الفارق في الأداء بلغ نحو 40 ألف جنيه، وهو ما عزته راينر إلى خطأ تقني مرتبط بتعقيدات قانونية تتعلق بملكية سابقة، دون أن يكون هناك قصد للغش.
الخطأ ارتبط بتفسير قانوني معقد حول ملكية عقار سابق ظل جزء منه مرتبطًا بصندوق أسسته لرعاية ابنها من ذوي الاحتياجات الخاصة. ووفق القوانين الضريبية البريطانية، اعتُبرت راينر لا تزال مالكة غير مباشرة لذلك العقار، وهو ما جعلها خاضعة لمعدل أعلى للضريبة المفروضة على المنازل الإضافية. ورغم ذلك، اعتبر المستشار الأخلاقي المستقل أن ما جرى يمثل خرقًا لمعايير السلوك الوزاري التي تفرض الالتزام بأقصى درجات النزاهة والشفافية، ما دفعها إلى تقديم الاستقالة من الحكومة ومن موقعها القيادي داخل حزب العمال، استجابة لتوصية هيئة الأخلاقيات المستقلة، وحفاظًا على مصداقية الحكومة العمالية. في خطوة وصفت بأنها ضرورية للحفاظ على ثقة الرأي العام، حتى وإن كان الخطأ في جوهره مسألة إدارية. وفي المغرب، وقبل أسابيع فقط، تفجرت قضية مشابهة لكنها حملت أبعادًا مختلفة. فقد كشفت وثائق مسرّبة أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي اشترى فيلا فاخرة في العاصمة الرباط بقيمة 11 مليون درهم، لكنه صرّح في وثيقة رسمية بأن قيمتها لا تتجاوز مليون درهم فقط، ما اعتُبر محاولة للتهرب من رسوم التسجيل على المبلغ الحقيقي. الوزير أوضح لاحقاً أن هذه العقار لم يكن بمثابة صفقة تجارية بل "هبة قانونية" مَنحها لزوجته، مؤكداً أنه يملك حرية تحديد القيمة ضمن إطار الهبة القانونية، وأنه لم يحقق أي ربح شخصي من العملية. لكن بعض التقديرات تقول إن هذا الإجراء فوت على خزينة الدولة 550 ألف من رسوم التسجيل والتحفيظ. القضية أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية. أحزاب وهيئات مدنية توجهت بشكايات إلى وزارة المالية وهيئات الرقابة، مطالبة بفتح تحقيق رسمي، بينما تعالت دعوات إلى استقالة الوزير استنادًا إلى مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. المفارقة بين الحالتين لافتة: ففي بريطانيا، انتهت الواقعة باستقالة فورية لمسؤولة حكومية رفيعة بسبب خطأ ضريبي لم يكن مقصودًا، بينما في المغرب ما يزال وزير العدل يواجه متمسكا بمنصبه، وغير مبال للانتقادات التي تلاحقه خاصة بعد اعترافه بالتصريح بمبلغ لا يمثل السعر الحقيقي للعقار، دون أن يقدم على التنحي التزامه ليؤكد بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ويضرب المثل في الشفافية والنزاهة كما فعلت المسؤولة البريطانية، ما يسلط الضوء على هشاشة آليات المحاسبة وضعف ربط المسؤولية بالمحاسبة في السياق المغربي، في مشهد يعكس اختلافًا واضحًا في تقاليد المحاسبة السياسية بين البلدين.