ردا على الانتقادات الموجهة للنموذج الفلاحي بدعوى استهلاكه كميات كبيرة من المياه في وقت تعاني فيه البلاد من الإجهاد المائي، اعتبر رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن هذه الانتقادات "مبالغ فيها ولا تعكس الواقع". وأوضح أخنوش أن "المعادلة في صالح المغرب بالنسبة للماء"، مشيرا إلى أن ما تستهلكه الفلاحة الموجهة للتصدير لا يتجاوز 500 مليون متر مكعب، في حين أن ما تستورده المملكة من القمح ومنتجات زراعية أخرى يعادل أكثر من ملياري متر مكعب. وأفاد أخنوش أن حجم استهلاك الفلاحة التصديرية للماء يعادل سعة سد واحد كبير، بحسب ما ورد في حوار تلفزيوني بثته القناتان العموميتان "الأولى" و"دوزيم" مساء الأربعاء 10 شتنبر الجاري.
وأقرّ أخنوش بأن الحكومة وجدت نفسها منذ البداية أمام إشكال حقيقي يتمثل في كون مدنا كبرى مثل الدارالبيضاء كانت مهددة خلال فترة وجيزة بانقطاع مياه الشرب الصالحة للاستعمال، قائلا: "كنا على بُعد ثلاثة أو أربعة أشهر فقط من فقدان الماء الصالح للشرب، وليس الحديث هنا عن مياه السقي، بل عن الماء الذي تحتاجه الأسر يوميا". وقال أخنوش إن الحكومة أطلقت مشاريع استراتيجية لتأمين الموارد المائية، من أبرزها مشروع تحويل مياه نهر سبو نحو حوض أبي رقراق الذي سيوفر حوالي 300 مليون متر مكعب سنويا. كما أضاف أن محطات تحلية مياه البحر بكل من الدارالبيضاء وتزنيت وطنجة والناظور ستدخل حيز الخدمة ما بين سنتي 2026 و2027. وأوضح أن المرحلة الراهنة تستدعي خطاباً واقعياً بعيداً عن المزايدات السياسية، قائلاً: "الملف المائي ملف استراتيجي يهم المغاربة جميعاً، ولا يحتمل أن يتحول إلى موضوع للمزايدات. يجب أن نتحدث بالأرقام والمعطيات الواقعية، لأن أي تأخير في معالجة الإشكاليات قد يؤدي إلى عواقب وخيمة". كما توقف عند دور هذه الزراعات في توفير فرص العمل وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي في عدد من المناطق، معتبراً أن أي مراجعة للنموذج الفلاحي يجب أن تراعي التوازن بين مختلف الأبعاد، بما في ذلك الأمن الغذائي، الأمن المائي، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأكد رئيس الحكومة أن الملف المائي سيبقى أحد أكبر التحديات الوطنية، لكنه شدد في المقابل على أن المغرب يتوفر على رؤية واضحة وإرادة سياسية قوية لمواجهته، قائلا: "صحيح أننا نواجه تحديا صعبا، لكننا نملك الإمكانيات والبرامج اللازمة، وإذا توفرت سنة ممطرة فإن الأمور ستتحسن كثيرا".