في مشاهد لقيت استغرابا واستنكارا واسعين، استهدفت القوات العمومية، أمس السبت، وبشكل منظم، الشباب الذين أدلوا بتصريحات للصحافة، خلال احتجاجات "جيل زد" التي جرى تنظيمها بالعديد من المدن، للمطالبة بتجويد الحق في الصحة والتعليم، وإسقاط الفساد… فبالإضافة إلى التطويق الأمني الكبير للساحات، والتدخل بالقوة لفض المشاركين في الاحتجاجات، والذي خلف تنديدا كبيرا بسبب مصادرة حق الاحتجاح السلمي المكفول دستوريا، أبت القوات العمومية إلا أن تصادر حق الشباب المحتج في التعبير، وتحول الإدلاء بتصريح لأحد المنابر الإعلامية، إلى جريمة تستوجب التوقيف والاقتياد لمخافر الشرطة القريبة، والتي امتلأت بالمحتجين.
بل إن استهداف الأشخاص الذين يدلون بتصريحات، امتد حتى ليطال أشخاصا إما كانوا مجرد مارين من المكان، أو يقدمون تصريحا يُخوّن الاحتجاج. ولم يسلم من هذا السلوك "المُستهجن" كبار السن، وفي مقدمتهم، عبد الحميد أمين عضو المكتب السياسي لحزب النهج، والرئيس الأسبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والذي بمجرد أن استجاب لطلب المصورين الصحافيين لأخذ تصريح، وما أن شرع في الحديث، حتى حاصره رجال الأمن واقتادوه إلى سيارة الشرطة ومنها للدائرة الأمنية. وإلى جانب من هم أمام عدسات الكاميرات، لم يسلم من خلفها أيضا من تدخلات القوات الأمنية، حيث طال التضييق الصحافيين في عدة مدن، بل وصل الأمر إلى مصادرة معدات التصوير في بعض الأحيان. وإذا كان هذا السلوك ضد الصحافيين يغلب عليه الطابع الفردي في المدن الكبيرة، كما جرى بالرباط أمام مبنى البرلمان، فإنه اتخذ طابعا ممنهجا في مدن صغيرة، كما هو الحال في بلدية تيسة بإقليم تاونات، في محاولة لحجب الصورة، وعدم نقل صرخات مغاربة الهامش. وتدخلت القوات العمومية بالقوة في حق ممثلي وسائل الإعلام بما في ذلك الصحافيين المهنيين، وصادرت معداتهم، إضافة إلى تعريضهم للإهانة من طرف أعوان سلطة، وهو ما لقي استنكارا واسعا. وأثار هذا التضييق والعنف، ومحاولة مصادرة الحق في الإعلام مطالب للسلطات الوصية بفتح تحقيق عاجل ونزيه في هذه الخروقات، وترتيب المسؤوليات وفق ما يقتضيه القانون بما يضمن احترام مكانة الصحافة باعتبارها سلطة رابعة وشريكا أساسيا في البناء الديمقراطي.