قدّم وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أحمد البواري عرضاً مفصلاً حول خطة الوزارة لإعادة بناء القطيع الوطني من الأغنام وتعزيز صمود الأنشطة الرعوية أمام تقلبات المناخ وارتفاع تكاليف الإنتاج، مؤكداً أن الحكومة جعلت من حماية القطيع الوطني "أولوية قصوى" لما يكتسيه من أهمية في "الأمن الغذائي ببلادنا ومصدر رزق لمئات الآلاف من الأسر القروية". وخلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء 9 دجنبر، أوضح الوزير في بداية جوابه أن السنوات الأخيرة شهدت "تأثراً مباشراً للقطيع الوطني بسبب التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف وارتفاع كلفة الإنتاج"، مما استدعى إطلاق برنامج وطني واسع النطاق تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية.
وأكد البواري أن الوزارة سطّرت برنامجاً طموحاً لإعادة تشكيل القطيع الوطني بغلاف مالي إجمالي يقدر ب 12.8 مليار درهم برسم سنتي 2025 و2026، مشيراً إلى أن الهدف القريب يتمثل في "الحفاظ على القدرات الإنتاجية للقطيع الوطني وضمان التمويل المنتظم للسوق الوطني باللحوم الحمراء بهدف استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين". وقال إن البرنامج يرتكز على خمس محاور أساسية تشمل "تخصيص دعم مالي مباشر لمربي الماشية من أجل اقتناء الأعلاف، وتخصيص دعم مالي مباشر للحفاظ على الإناث الموجهة للتوالد، وإعادة جدولة ديون مربي الماشية بشراكة مع مجموعة القرض الفلاحي للمغرب، وتنظيم حملات لتلقيح القطيع وتعزيز الصحة الحيوانية، وتعبئة التأطير التقني لفائدة مربي الماشية لتحسين ممارسات التربية والإنتاج". وشرح الوزير تفاصيل تقدم تنفيذ هذا البرنامج، موضحاً أنه منذ انطلاقه في شهر ماي الماضي "مكن من تحقيق مكاسب مهمة"، من بينها إحصاء القطيع الوطني وإنشاء قاعدة بيانات دقيقة تضم "حوالي 32.8 مليون رأس من الماشية وحوالي 1.2 مليون كساب"، بالإضافة إلى بلوغ مراحل متقدمة في ورش الترقيم الذي وصل إلى "25 مليون رأس أي 92 بالمائة من الكسابة المحصيين". وأبرز أن عملية الدعم المباشر أصبحت مرتبطة حصرياً بالرؤوس المرقمة لضمان توجيه الدعم لمستحقيه. وبخصوص الدعم المالي، أوضح الوزير أن الدولة تعتمد سلماً تنازلياً للدعم حسب عدد الرؤوس، مخصّصاً أرقاماً دقيقة لمبالغ الدعم الموجه للأغنام والماعز والأبقار وفق شرائح محددة. وقال إن الوزارة قامت كذلك بتخصيص دعم للحفاظ على الإناث عبر منح مالية تصل إلى "400 درهم لكل أنثى من الأغنام و300 درهم لكل أنثى من الماعز" مع صرف تسبيقات أولية، مشيراً إلى أن الدفعات التكميلية ستصرف ابتداء من فاتح أبريل 2026 "بعد التحقق من الحفاظ فعلياً على الإناث التي تم إحصاؤها وترقيمها". وأوضح البواري أن الحكومة عملت على وضع "آلية مؤمنة لتدبير وصرف الدعم" بتنسيق مع وزارتي الداخلية والاقتصاد والمالية، مشيراً إلى أنه "تم الانتهاء من معالجة ملفات الدعم الخاصة ب 1.2 مليون كساب أي أكثر من 92 بالمائة من الكسابة المحصيين"، مضيفاً أن ما مجموعه "14 مليار و465 مليون درهم صُرفت لفائدة حوالي 977 ألف مستفيد". وأكد أن عملية الصرف مستمرة إلى أن "يستفيد جميع مربي الماشية المحصيين". وأشار الوزير إلى أن الوزارة عبّأت مصالحها لمعالجة الشكايات المتعلقة بتنزيل الدعم، مذكراً بأنه تم "تخصيص مركز اتصال للإرشاد والتوجيه وتتبع الملفات"، كما نُظمت حملات تحسيسية واسعة بالتنسيق مع الغرف المهنية. وأضاف أن المقاربة الحكومية تقوم على "عدم إقصاء أي مستحق من الدعم" وعلى ضمان أثر مباشر في استقرار السوق الوطني. وفيما يتعلق بالفلاحة التضامنية، أكد الوزير أن الوزارة تعمل على "تقوية وإعادة توجيه مشاريع الفلاحة التضامنية مع إيلاء أولوية خاصة لقطاع تربية المواشي"، وذلك عبر برنامج يمتد ثلاث سنوات بغلاف مالي يناهز ملياري درهم يستهدف الشباب والنساء القرويات. وقال إن هذا البرنامج يهدف إلى "تحسين وضعية المراعي عبر غرس الشجيرات الرعوية، والرفع من إنتاجية القطاع لدى صغار الفلاحين، وزيادة إنتاج اللحوم الحمراء عبر تحسين تقنيات تربية الماشية، وتحسين دخل الفلاحين ومربي الماشية الصغار الذين يمثلون أكثر من 80 بالمائة من الكسابة". وأعلن أنه تمت المصادقة على 68 مشروعاً يغطي 46 إقليماً و193 جماعة، ويستهدف "28 ألف مستفيد"، مع تعبئة 544 مليون درهم، مشيراً إلى أن هذا الورش سيفضي إلى حوالي 200 مشروع عند اكتماله.