وزير فلسطيني : المغرب تحت قيادة جلالة الملك من الدول العربية والإسلامية الأكثر اهتماما وعناية بشؤون القدس    أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي يكثف هجماته في مختلف أنحاء القطاع    الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن "تمجيد الإرهاب" إثر بيان حول حماس    آيت الطالب: الحوار الاجتماعي في القطاع الصحي حقق العديد من مطالب النقابات    رقعة التأييد الأوروبي للمغرب تتمدد والتشيك تؤكد دعمها للحكم الذاتي في الصحراء    وزير : تقنيات الجينوم الجديدة أداة رئيسية للتكيف مع التغيرات المناخية    "عقدة الخريطة".. المنتخب الجزائري لكرة اليد ينسحب أمام المغرب    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. المدرب الإسباني أوناي إيمري يجدد عقده مع أستون فيلا حتى 2027    مدرب فينورد سلوت مرشحا لخلافة كلوب في ليفربول    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية : الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    فيديو قالب الواتساب فيه ريحة الفساد فالانتخابات الجزئية ففاس وكيهضروا فيه وحدين على بيع الأصوات والنيابة العامة دخلات على الخط    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    الغربية...ثانوية إبن عربي تقيم حفل التميز للتلاميذ المتفوقين دراسيا خلال الأسدس الدراسي الأول    لاعب مغربي تعرض للعنصرية فبلجيكا والقضية وصلت للبوليس    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    التعليم رجع كيغلي فوق صفيح ساخن. ملف الأساتذة الموقفين غادي بالقطاع لأزمة جديدة وسط رفض نقابي لتوقيع عقوبات ضدهم    وزير خارجية سيراليون : العلاقات مع المغرب بلغت "مستوى غير مسبوق"    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    وهبي لوزيرة العدل ديال الساو تومي فاجتماع دولي: تكلمي السيدة الوزيرة أنت كإمراة عندك الحق تتكلمي عشرين مرة    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    تهمة الاتجار في عملات أجنبية بدون ترخيص تطوق عنق الناصري وبعيوي    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    مسيرة شعبية بمدينة تطوان تضامنا مع أهل قطاع غزة والشعب الفلسطيني    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    بسبب انقطاع شلّ مرافق مقاطعة مرس السلطان.. الداخلية تمنح بودريقة أسبوعا لاستئناف مهامه    الفلاحة المستدامة.. القرض الفلاحي للمغرب والوكالة الفرنسية للتنمية يوقعان اتفاقيتي قرض    حنان حمودا تصدر طبعة ثانية لكتاب "الماء وصناعة المقدس: دراسة أنتروبولوجية لبنيات المجتمع الواحي بالمغرب"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الموت يفجع زوج دنيا بطمة السابق    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    أسامة العزوزي يسجل في مرمى روما    الأمثال العامية بتطوان... (579)    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    السعودية تعلن شروط أداء مناسك الحج لهذا العام    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    الأمثال العامية بتطوان... (577)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر: عنف الدولة ضد أساتذة الغد: أي أساس قانوني له؟
نشر في لكم يوم 22 - 01 - 2016


* 22 يناير, 2016 - 02:26:00
سنسعى في هذه الورقة إلى محاولة فهم و تفسير تدخل جهاز الأمن الوطني لتفريق الأساتذة المتدربين المحتجين وإلى أي حد كان تفسير الإدارة (وزارة الداخلية = السلطة المحلية) موفقا في تنفيذ القانون باسم الحكومة (حسب الفصل 89 من دستور2011 تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها ... على ضمان تنفيذ القوانين. و الإدارة موضوعة تحت تصرفها)؛ و ذلك من خلال المحاور التالية:
1- هل احتجاج أساتذة الغد يعتبر مظاهرة بالطريق العمومي؟
2- هل الوقفات الاحتجاجية للأساتذة تعتبر مظاهرة بالطريق العمومي؟
3- هل احتجاج الأساتذة يعتبر تجمهرا يقتضي تدخل القوة العمومية لتفريقه بالقوة؟
4- هل يمكن ربط احتجاج الأساتذة بمنظمة معترف بها قانونيا؟
5- هل تدخل القوة العمومية احترم حقوق الإنسان ( الكرامة لقوله سبحانه وتعالى: (... و لقد كرمنا بني ادم و حملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا...) (سورة الإسراء، الآية 70) ؟
1- احتجاج أساتذة الغد و المظاهرة بالطريق العمومي:
ينص قانون الحريات العامة على أنه "لا يسمح بتنظيم المظاهرات بالطرق العمومية إلا للأحزاب السياسية و المنظمات النقابية و الهيئات المهنية و الجمعيات المصرح بها بصفة قانونية و التي قدمت لهذا الغرض التصريح السابق (الفصل 11).
يحدد القانون المغربي ، إذن، الأشخاص القانونية التي يسمح لها بتنظيم المظاهرات على سبيل الحصر ، و من خلاله يتضح جليا وجود فراغ قانوني عندما يتعلق الأمر بأشخاص يحتجون اجتماعيا ( الحركات الاحتجاجية ضد شركات التدبير المفوض مثلا) أو سياسيا كحالة حركة 20 فبراير فهي حركة جماهيرية سلمية غير معترف بها قانونيا و رغم ذلك استجاب الملك لبعض مطالبها في خطاب 9 مارس مما أسفر عن دستور 2011 ووصول جزء من الحركة الإسلامية للحكومة. فكيف لا يستجيب رئيس الحكومة لوقف العمل بمرسوم من إنتاجه ( لا يصل إلى مكانة الدستور أو الظهير الشريف في الهرمية القانونية)؟
ومن جهة ثانية لا يتحدث القانون بخصوص المظاهرة بالطريق العمومي عن تفريق المتظاهرين بالقوة ، و إنما ينص على مجموعة عقوبات يحكم بها القاضي فمثلا ينص الفصل 15 على أنه " يعاقب بحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد و 6 أشهر و بغرامة تتراوح بين 2000 و 8000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من يوجد في إحدى المظاهرات حاملا لسلاح ظاهر أو خفي أو لأداة خطيرة على الأمن العام، بصرف النظر عن العقوبات الأكثر شدة المقررة في القوانين.
2- الوقفة الاحتجاجية و المظاهرة بالطريق العمومي:
بخصوص هذه الإشكالية اختلفت آراء القضاء المغربي، بين من يعتبر الوقفة الاحتجاجية مظاهرة عمومية و رأي يعتبرها ليست كذلك، مما يدفعنا إلى بحث الحجج التي يستند إليها كل طرف :
أ الاتجاه الأول: الوقفة الاحتجاجية مظاهرة بالطريق العمومي:
ذهبت المحكمة الإدارية بفاس- في حكم عدد 325 / 2006 في الملف الإداري عدد 115/غ/ 2006 بتاريخ 10 مايو 2006 بين جمعية مبادرات لحماية حقوق النساء ( المدعي) و السيد رئيس المنطقة الحضرية لأكدال ( المدعى عليه)- في قرارها إلى اعتبار الوقفة الاحتجاجية مظاهرة بالطريق العمومي ، مقرة بذلك التفسير الإداري، حيث وجوب احترام مقتضيات الفصل 12 من قانون التجمعات العمومية، والقاضية بوجوب تقديم تصريح سابق للسلطة الإدارية المحلية ( رئيس المنطقة الحضرية لأكدال)، و ذلك استنادا على الحجج التالية:
- بما أن الوقفة تعني احتلال الفضاء العمومي من طرف الأفراد و الجماعات، فإنها تعتبر مظاهرة بالطريق العمومي، و إن كانت غير متحركة تشغل مكانا عموميا دون أن تمر بالضرورة بالطريق العام.
- الإعفاء من وجوب التصريح محدد صراحة بنص القانون و يتعلق الأمر بالخروج إلى الشوارع العمومية طبقا للعوائد المحلية ( الأعراس ، الجنائز و المواسم).
- ضرورة احترام الآجال المحددة في ثلاثة أيام إلى خمسة عشرة يوما ( مباشرة أو برسالة مضمونة)، ذلك أن الوقت يسمح للسلطة بدراسة التصريح و تقدير مخاطر المظاهرة، و الإعداد لتأطيرها من الناحية الأمنية، لأن السلطات العمومية موكول لها حماية المظاهرة و المتظاهرين، و حماية الغير و حماية الممتلكات.
وعليه، فإن عدم التزام الجهة المنظمة بهذه المقتضيات يوجب المنع؛ مما يعني أن قرار السلطة الإدارية المحلية يعد قرارا شرعيا عير معيب بتجاوز السلطة، و بسوء تأويل مقتضيات الفصل 12.
ب الوقفة الاحتجاجية ليست مظاهرة بالطريق العمومي:
تمسكت الجهة المدعية ( جمعية مبادرات لحماية حقوق النساء) بطلب إلغاء قرار السلطة الإدارية لسوء تطبيقه القانوني، و ذلك على أساس الحجج التالية:
- عدم تعريف المشرع للمظاهرة (على عكس الجمعية والاجتماع العمومي) يفتح المجال أمام التأويل و التضارب في التفسير.
لكن محكمة الاستئناف بالرباط الغرفة الجنحية في قرار رقم 6997 صادر بتاريخ 21 / 11/ 2001 ذهبت في الرد على الحكم الابتدائي الذي اعتمد التعريف الفقهي للمظاهرة القائل بأن هذه الأخيرة "لا تقتضي بالضرورة التحرك و الجهر بالأفكار و الشعارات التي اجتمع من أجلها هؤلاء الأشخاص" : " و حيث أنه لا داعي للرجوع إلى الفقه لتعريف المظاهرة ما دام القانون المنظم للتجمعات العمومية قد حسم في الأمر في الفقرة الثانية من الفصل 12 و القاضي بالتصريح إذ حدد بما لا يدع مجالا للشك بأن التصريح المقدم يتضمن من جملة ما يتضمن الطرق المنوي المرور منها، و عليه فلا بد لتحقيق الركن المادي للمظاهرة من تحرك المتجمهرين و هو ما ذهب إليه اجتهاد مجلس الدولة".
من خلال ما سبق يتضح أن المظاهرة ، حسب قانون التجمعات العمومية، يقتضي تحديد الطرق المنوي المرور منها ، مما يوجب ضرورة التصريح. أما الوقفة الاحتجاجية فلا توجب مثل هذا التدبير، و هذا ما أكده الاجتهاد القضائي في مجموعة من أحكامه و قراراته نورد من بينها:
- قرار المجلس الأعلى عدد 1781/ 4 المجلس الأعلى بتاريخ 07/07/1999: يستفاد من الفصل 12 أن الفعل المادي للمساهمة ضمن مظاهرة إنما يتحقق بالمرور الجماعي للمساهمين فيها بالطرق و الشوارع و أن مجرد احتشاد الناس في مكان محدد إنما يعتبر تجمعا فقط".
- محكمة الاستئناف بالجديدة ، الغرفة الجنحية قرار رقم 1236 /01 بتاريخ 21/03/ 2003: " حيث أنه لم يثبت من خلال تصريح الأضناء تمهيديا و أمام المحكمة أنهم انتقلوا مرورا بشكل جماعي بالطرق العمومية فهم حسب القانون كانوا يقفون جماعة أمام مبنى البلدية و لم يجوبوا الشارع المحاذي لها كما أنه لم يثبت للمحكمة أن تجمهرهم يخل بالأمن العام".
3- احتجاج اساتذة الغد و التجمهر :
يميز المشرع المغربي بخصوص التجمهر بين:
-التجمهر السلمي : حسب الفصل 29 من الدستور فإن حريات الاجتماع و التجمهر و التظاهر السلمي(...) مضمونة. و يحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات".
- التجمهر المسلح: ويعتبر التجمهر مسلحا في حالتين :
- إدا كان عدد من الأشخاص المكون منهم هذا التجمهر حاملا لأسلحة ظاهرة أو خفية أو لأداة أو لأشياء خطيرة على الأمن العمومي.
- إذا كان أحد هؤلاء الأشخاص يحمل أسلحة أو أداة خطيرة و لم يقع إقصاؤه حالا من طرف المتجمهرين أنفسهم( الفصل18من قانون التجمعات العمومية).
- التجمهر غير مسلح و الذي من شأنه الإخلال بالأمن العمومي ( الفصل 17 من قانون التجمعات العمومية).
- العصيان أو التجمع الثوري (الفصل 405 من القانون الجنائي).
نلاحظ أن المشرع المغربي يصرح بالحق دستوريا و لكن ممارسته يقيدها القانون (فيما يخص التجمهر السلمي) ، وفي تنظيمه للأنواع الأخرى من التجمهر قيد تدخل القوات العمومية باحترام مجموعة من الشكليات هي من النظام العام، يحددها الفصل 19 في الآتية:
- إذا و قع تجمهر مسلح في الطريق العمومية خلافا لمقتضيات الفصل 17 فإن عميد الشرطة أو كل عون آخر يمثل القوة العمومية و السلطة التنفيذية و يحمل شارات وظيفته يتوجه إلى مكان التجمهر و يعلن عن وصوله بواسطة مكبر للصوت تم يوجه الأمر للمتجمهرين بفض التجمهر و الانصراف، و يتلو العقوبات المنصوص عليها في الفصل 20 من هذا القانون.
- إذا لم تقع الاستجابة للإنذار الأول و جب على العون المذكور أن يوجه إنذارا ثانيا و ثالثا بنفس الكيفية، و يختمه بعبارة:" إننا سنعمل على تفريق التجمهر بالقوة". و في حالة إبداء امتناع يقع تفريق المتجمهرين بالقوة".
نلاحظ هنا أن المشرع يتحدث عن " إذا وقع تجمهر مسلح في الطريق العمومي وليس سيقع مستقبلا، مما يدفع إلى طرح السؤال : هل واقعة أساتذة الغد – مثال إنزكان- يقعون تحث هذا الصنف؟ أم أن الأمن تدخل بشكل استباقي؟ مما يطرح على القاضي مسألة تكييف هذا الفعل أخذا بالاعتبار تفسير الإدارة و تفسير الضحايا؟ و نفس العمل يخص تفسير مفهوم الأمن العمومي الذي سكت المشرع عن تعريفه مما يقع معه على القاضي عب تكييف هذه الواقعة هل خلت بالأمن العمومي ، خاصة إننا هنا أمام تفسير واحد هو تفسير الإدارة أمام سكوت المشرع؟
4 احتجاج اساتذة الغد و جماعة العدل و الإحسان:
تحدث وزير الداخلية – بصدد رده عن أسئلة أعضاء البرلمان- عن وقوف تنظيم وراء احتجاجات الأساتذة دون أن يصرح باسمه ملوحا تحث ضغط بعض البرلمانيين بأنه معروف جدا، و تداولت وسائل الإعلام اسم "جماعة العدل والإحسان". فهل يعقل ربط الاحتجاج بحركة دون غيرها ، خاصة أنها معترف بها قانونيا و تعرف بنبذها للعنف؟ و هل سبب تدخل القوة هو الرد على هذا التنظيم وان الأساتذة مجرد ضحية صراع بين الإدارة و هذه الحركة؟
إن ربط احتجاج الأساتذة بالعدل والإحسان – أو حزب النهج الديمقراطي- لا يعتبر دليلا قانوننا يبرر استعمال القوة ضد المحتجين، لأن الأساتذة يحتجون بصفتهم المهنية كمتدربين وليس بصفتهم التنظيمية ، و لأن الأمر كذلك لا يتعلق بتنظيم محظور و إنما بتنظيم معترف به قانونيا و هذا ما أقره القضاء المغربي في مجموعة من قراراته، نورد من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
- محكمة الاستئناف باكادير قرار عدد 125، صدر بتاريخ 04/01/2006 في الملف الجنحي عدد 04/4946: " حيث أن الجمعية و هي تحمل اسم جمعية الجماعة الخيرية قد وضعت نظيرا من القانون الأساسي و لائحة أعضاء مكتبها بالنيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بالرباط بتاريخ 26/04/1984 حسب صورة وصل الإيداع المدلى به تحث عدد 8348 و أن شعارها هو " العدل و الإحسان".
- محكمة الاستئناف باكادير قرار رقم 11484 صادر بتاريخ 31/12/2003 في الملف الجنحي عدد 03/3958 : " الجمعية قد أنشئت بصفة صحيحة و تمارس نشاطها في ظل المشروعية و يعزز ذلك تواصلها عن طريق ربط مراسلات رسمية مع جهات من بينها مديرية الوثائق الملكية ... و كذا رسالة موجهة من وزير الأوقاف إلى مؤسس الجمعية واصفا إياه بالمسؤول عن جمعية العدل و الإحسان".
5 تدخل القوة العمومية و التقيد بحقوق الإنسان ( الكرامة):
يحدد منشور من رئيس الوزراء (رئيس الحكومة) إلى العمال (2يناير 1959) جميع عناصر القوة العمومية التي يمكنهم الاستنجاد في حالة وقع الإخلال بالأمن بها إما على التوالي أو في آن و احد هي كما يلي: الشرطة و القوات المساعدة (رهن إشارتهم دائما) ورجال الدرك إن اقتضى الحال(في حالة وقوع اضطراب لا تستطيع الشرطة و القوات المساعدة قمعها) تم القوات المسلحة الملكية بصفة استثنائية وعند الضرورة (في حالة و قوع اضطرابات خطيرة أو تمرد بين و اتضح أن الوسائل المستعملة من قبل غير كافية. طلب تدخلها لإعادة الاستقرار مع ضرورة أن يتضمن الطلب المهمة و المكان و الزمان و التعليمات العامة و تحتفظ السلطة العسكرية باختيار الوسائل الضرورية لإنجاز المهمة المنوطة بها).مع التقيد بالتبليغ الفوري لوزير الداخلية.
ويستند هذا الاستخدام إلى:
- تحمل العمال كل المسؤولية عن حفظ النظام ، ويترتب عن ذلك:
- السهر على حياة الأشخاص الذي هم تحت سلطتهم و المحافظة على ممتلكاتهم المادية و الأدبية و ذلك بتفادي كل إخلال بالنظام قد يؤدي إلى المس بها.
- تهدئة الأفكار و تفادي كل اضطراب ( بفضل المجهود الشخصي ووسائل الإقناع).
ونظرا لما قد ينتج عن اللجوء إلى استعمال عنصر أو عدة عناصر من القوة العمومية أكد المنشور على مجموعة صفات لا بد أن تتوفر في العمال، و هي:
- رباطة الجأش؛
- الشعور التام بالمسؤولية؛
- التبصر و السرعة في البث؛
- وامتلاك زمام النفس.
وهنا نتساءل هل توفرت هذه الخصائص قبل اللجوء إلى استعمال القوة ضد المحتجين؟ أم أن قرار التدخل جاء بتنسيق بين وزير الداخلية و رئيس الحكومة – حسب تصريح وزير الداخلية- دون أن يترك المجال لاجتهاد العمال أو رجال الشرطة العاملين في الميدان؟
وبخصوص الأمن الوطني، حسب المادة الثانية من الظهير الشريف بتاريخ 23 فبراير 2010 ، تتولى المديرية العامة للأمن الوطني "المحافظة على النظام العام و حماية الأشخاص والممتلكات".
وبما أن عمل هذه القوة العمومية في الحفاظ على النظام العام من شأنه أن يقيد حريات الأفراد و ضعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 34/ 169 " مدونة لقواعد السلوك للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين" . و ذلك أخذا بالاعتبار "أن طبيعة مهام إنفاذ القوانين في سبيل حماية النظام العام، و الطريقة التي تتم بها ممارسة هذه المهام، تؤثران تأثيرا مباشرا على نوعية حياة الأفراد و حياة المجتمع ككل".
وعليه ، تتضمن المدونة مجموعة من قواعد السلوك يجب على هؤلاء التقيد بها:
- "يحترم الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين ( الشرطة)، أثناء قيامهم بواجباتهم ، الكرامة الإنسانية و يحمونها، و يحافظون على حقوق الإنسان لكل الأشخاص و يوطدونها" ( المادة 2).
- لا يجوز استعمال القوة إلا في حالة الضرورة القصوى و في الحدود اللازمة لأداء واجبهم ( المادة 3).
- المحافظة على سرية ما في حوزتهم من أمور ذات طبيعة سرية ( المادة 4).
- لا يجوز القيام بأي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة...( المادة 5).
وفي المغرب أكدت توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة على ترشيد الحكامة الأمنية.
وبخصوص أهمية الحكامة الأمنية يقول بوشعيب أرميل ( المدير العام للأمن الوطني): " إذا كان استمرار المجتمع و الدولة و المؤسسات يتوقف على الأمن بشكل أساسي، باعتباره حقا من الحقوق الأساسية للمواطن، و مطلب حتمي و أساسي للدولة و المجتمع، فإن ضمان هذه الحق يقتضي لزوما الاستعمال المشروع للقوة و فق القوانين و الأنظمة الجاري بها العمل. ولتحقيق التوازن بين الحق في الأمن من جهة و الاستعمال المشروع للقوة من جهة ثانية كان لا بد من إرساء حكامة أمنية جيدة قادرة على رفع التنافر المفتعل بين مصطلحي الأمن و حقوق الإنسان، و بإمكانها أيضا تذليل التنازع الوهمي بين مفهومي الحرية و النظام العام" (مجلة الشرطة، العدد 6، يناير 2015، ص 3).
نخلص من خلال ما تقدم إلى التأكيد على ما يلي:
ميز المشرع المغربي بين التجمهر المسلح - الذي يخل بالأمن و ربطه بتحقق مجموعة من العلامات الظاهرة و ليس بالرجوع إلى الأفكار و النوايا؛ و من بين هذه العلامات: حمل أسلحة ظاهرة أو خفية أو لأداة أو لأشياء خطيرة على الأمن العمومي- و التجمهر غير المسلح و الذي من شأنه الإخلال بالأمن العمومي و أكد على وقوعه الفعلي. و عليه، فالمشرع منح بخصوص النوع الثاني للإدارة سلطة تقديرية في تكييف الواقعة و هنا تطرح إشكالية الكيل بمكيالين (Deux poids et deux mesures ) ، دون أن ننسى رمز العدالة و هو الميزان ( La balance)) كإحدى معيقات تطبيق القانون، فلماذا لم تتدخل القوة العمومية في حالات أخرى كانت أكثر زخما من الناحية الجماهيرية؟ علما أن القاعدة القانونية عامة.
- إن الحفاظ على الأمن العمومي لا ينفصل عن حماية الحقوق، و لذلك ربط بينهما الدستور المغربي و أكد على أولوية الحقوق، و في هذا الصدد نورد الأمثلة التالية: - إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق و القانون(...) وإرساء مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن و الحرية و الكرامة (...) في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة(التصدير). من خلال هذا الأمثلة نلاحظ أن الدستور المغربي ( كأسمى قانون في الدولة) قد أكد على الحق ( الغاية) ثم القانون (وسيلة لضمان الحق)؛ و ربط بين الأمن (المجتمع) و الحرية و الكرامة (الأفراد).
- إن القاضي المستقل الذي لا ينصت للسلطة (والأمثلة في القضاء المغربي عديدة على انتصار القاضي للحقيقة) هو القادر لوحده على تفسير ما وقع و ترتيب النتائج القانونية عليه؛ مع العمل على تنفيذ ما يصدر عن القضاء من أحكام، و لهذا أوصى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- القاضي بان لا ينطق بحكم لا نفاذ له.
- و من بين المبادئ التي أكدها القضاء المغربي نذكر ما يلي:
- أ - ليس هناك في التشريعات المقارنة ولا في الاجتهادات القضائية ما يحرم الإدارة من التدخل لاتخاذ التدابير الملائمة للمحافظة على الأمن العام ففي فرنسا تم إقرار مشروعية قرار منع مسيرة دينية لما تبين لمجلس الدولة الفرنسي الاضطرابات الجسيمة بالنظام العام التي أحدثتها المسيرات الدينية المماثلة في البلديات المجاورة ( محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش الغرفة الأولى قرار رقم 1362 – بتاريخ 15/11/ 2009).
- ب - "الحريات العامة وحقوق الإنسان في المملكة المغربية يضمنها القانون وليس من العدل المس بالمكتسبات في النهج الديمقراطي بمجرد إكراهات فرضتها بعض الأحداث" (محكمة الاستئناف بتطوان ملف رقم 3183/2003 صادر بتاريخ 08/10/2003).
ملاحظة: للاستزادة حول الموضوع أحيل بالخصوص إلى:
- إبراهيم أولتيت، الحريات العامة و حقوق الإنسان: بحث في جدلية الحرية والسلطة، مطبعة قرطبة ، اكادير، ط1، 2015.
- محمد الأزهر، الحريات العامة في القضاء المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط1، 2012.
* أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة ابن زهر اكادير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.