العرائش أنفو المخرجة فدوى حسيني في عمل سينمائي قصير يحمل الكثير من العمق الإنساني والرمزية الفنية، أبدعت المخرجة فدوى حسيني في صياغة وإخراج الفيلم القصير "الليلة الأخيرة"، حيث جمعت بين قوة السيناريو وجمالية الصورة لتقديم تجربة مؤثرة تنبض بالصدق والإبداع. الفيلم، الذي يعكس رؤية حسيني الخاصة، يحكي عن لحظة فاصلة في حياة امرأة تواجه مصيرا معقدا في ظل واقع مليء بالأسئلة والقرارات الصعبة. فيلم الليلة الأخيرة .. حين يرسم الوداع بنظرة أنثوية صادقة في زمن يغرق فيه الإنتاج البصري المتلقي بسيل من المشاهد الصاخبة والحوارات الفارغة، يظهر الفيلم القصير المغربي "الليلة الأخيرة "،كأيقونة سينمائية صامتة في نُطقها، عميقة في دلالاتها، تحمل توقيع الكاتبة والمخرجة فدوى حسيني، التي استطاعت ببراعة أن تروي الحزن بطريقتها الخاصة. يحمل الفيلم طابعا إنسانيا دافئًا، حيث يفتح نافذة على لحظة وداع أخيرة، ليس من باب الدراما الفجة، بل من قلب التجربة الصامتة التي يعيشها من فقد عزيزا عليه. بلمسات ناعمة، تنقلنا المخرجة إلى عمق لحظة إنسانية شديدة الخصوصية، وتحولها إلى مرآة يتأمل فيها كل مشاهد علاقته بالفقد، بالرحيل، وبالزمن الذي لا ينتظر أحدا. تجسد الممثلة فاطمة الزهراء الجباري الشخصية المركزية للفيلم بأداء تلقائي وعميق، يترجم مشاعر كامنة دون أن تنطق بها الكلمات. وعلى الرغم من قصر مدة الفيلم، فإن الوقع الذي يتركه لا يقاس بالدقائق، بل بالبصمة التي يزرعها في القلب والذاكرة. الفيلم هو عمل جماعي دقيق، حيث التقت كفاءات تقنية وفنية لخلق تجربة بصرية وسمعية متكاملة. الكاميرا كانت بيد مراد مروان، الذي التقط اللحظات بحس بصري صامت وجميل. أما الصوت، فقد أنجزه ربيع مسعودي باحترافية ،سمحت للمشاهد بأن يسمع ما وراء الكلمات، موسيقى الفيلم التصويرية، التي وضعها أنوار رضوان، لم تكن مجرد خلفية، بل كانت صوتا داخليا للشخصيات. واشتغلت على السكريبت منى قاف، فيما أشرفت على المكياج غيثة فتحي، في تناغم تام مع رؤية المخرجة. الأهم أن الفيلم هو نتاج نظرة نسائية متكاملة، كتبتها وأخرجتها فدوى حسيني، التي تولت أيضًا الإشراف على الصوت، ما يعكس إيمانا عميقا بالمشروع الإبداعي، وسيطرة فنية كاملة على أدق تفاصيله. "الليلة الأخيرة" ليس فقط فيلما قصيرا، بل تجربة شعورية كاملة تختصر الحزن والفقد والحب في مشاهد قليلة، لكنها صادقة إلى أقصى الحدود. إنه عمل فني هادئ، لكنه يحمل في طياته صرخة إنسانية ناعمة لا يمكن نسيانها.