بمناسبة الذكرى 33 الاستشهاد عبد السلام المودن في الذكرى 33 لاستشهاد عبد السلام المودن العرائش أنفو العلمي الحروني نحو يسار مغربي متجدد في مواجهة الأيديولوجيا النيوليبرالية ومن جهة أخرى، وفي سياق التجديد الحزبي، تطرح "أرضية اليسار الجديد المتجدد" أن هذا التجديد يستلزم بالضرورة تجديد المفاهيم، وفي مقدمتها مفهوما الطبقة العاملة والصراع الطبقي، وفي هذا الصدد، يستحضر مفهوم "الطبقة العاملة المهندِسة" الذي قدمه الشهيد عبد السلام المودن في كتابه " الطبقة العاملة المغربية" كما تُستأنس بأطروحات الفيلسوفين أنطونيو نيغري ومايكل هارت في حديثهما عن "نهاية الطبقات". فالبنية الاجتماعية لم تعد تختزل في الصراع الثنائي التقليدي بين البرجوازية والبروليتاريا كما تصورته الماركسية الكلاسيكية في عهد الرأسمالية الصناعية. ومن هنا برز مفهوم الانتقال من "الطبقة" إلى "الحشد" (Multitude) في سياق الرأسمالية ما بعد الصناعية، حيث أصبح العمل متشظيا ومتنوعا، ولا ماديا في كثير من الأحيان. هذا التحول أدى إلى تآكل الحدود الطبقية الصلبة، ولم يلغِ الهيمنة أو الاستغلال، لكنه جعلهما يمتدان إلى كافة فضاءات الحياة، بعد أن كانا محصورين في المصنع أو المكتب. إن الحديث عن تحديد معنى وأهداف ووسائل النضال اليساري يمكن أن يترجم اليوم إلى مطالب ثورية ضد جمود المفاهيم. فالدفاع عن الوحدة الترابية الوطنية، المتضررة من مخلفات الاستعمار، اقتضى من الشهيد عبد السلام المودن موقفا حاسما ضد "سردية" تقرير المصير التي اعتبرها مسألة رجعية. كما أن الدفاع عن السيادة الوطنية في مواجهة الديون الخارجية المهولة مثلا، وعن محاربة الفساد بوصفه حليفا للاستبداد والتسلط ومغذيا له، وعن العدالة الاجتماعية في ظل الغلاء واستعادة الثروة المنهوبة، إلى جانب الدفاع عن العلمانية والمدنية والهوية والثقافة الوطنيتين، والنهوض بالثقافة الأمازيغية بالمغرب وشمال إفريقيا، كلها قضايا أولية لكنها أساسية أمام قوى اليسار لاستقطاب فئات اجتماعية جديدة، حتى وإن لم تتبن الفكر اليساري الكامل بعد. ولا تنحصر مهمة تجديد المفاهيم فيما سبق، بل تتجلى، كما تقول "أرضية اليسار الجديد المتجدد"، في ضرورة خوض اليسار للصراع والمقاومة الدائمة ضد الأيديولوجيا النيوليبرالية التي تروجها آلة السوق الرأسمالية عبر أدواتها الإعلامية والثقافية، كأوهام للهيمنة الفكرية والثقافية، ذلك، فقط، ما يجعل اليسار تيارا مستقلا ومحصنا من الوقوع في فخ الشعارات النيوليبرالية المموهة مثل "الحكامة الجيدة" و"الجودة" و"التنمية المستدامة" و"الدولة الاجتماعية" و"حقوق الإنسان بالمفهوم الليبرالي" و"المجتمع المدني" و"دولة القانون" و"الديمقراطية" نفسها. فاليسار، وهو يتعامل مع هذه المفاهيم، مدعو إلى اعتبارها مطالب أولية لبناء المدنية، مع منحها مضامين ثورية تعزز التفكير النقدي، وتفضح الاستخدام المزيف الذي تمنحه الرأسمالية لها في صيغتها الجديدة. كما أن عليه ابتكار أطروحات يسارية مستقلة عن مفاهيم الرأسمال، وهو ما يؤسس لاستمرارية النضال اليساري في وجه الهيمنة الأيديولوجية النيوليبرالية. إن خوض صراع الأفكار مع أيديولوجية السوق يتطلب ترسانة فكرية يسارية متجددة تعبر عن ذاتها بمختلف الرموز والأشكال الثقافية، وتنبع من الواقع الملموس، لتبرز بوضوح الأضرار البنيوية التي يسببها النظام الرأسمالي للإنسان والطبيعة معا. هكذا، ومن هذا المنطلق، تؤكد الأرضية أن التجديد اليساري، اليوم، حاجة تاريخية ووجودية لمواجهة مرحلة تتسم بتعقيد غير مسبوق في العلاقات الدولية وتفاقم الفوارق الطبقية وتهديدات بيئية وأمنية شاملة. إنه مشروع لإعادة تأسيس الأمل في السياسة وممارستها، عبر تجديد معنى النضال ومعنى الوطن والمواطنة ومعنى الإنسان. وفي الذكرى 33 لاستشهاد الرفيق عبد السلام المودن، نستلهم ما كتب الشهيد في إحدى رسائله من السجن: "في قلبي وجسدي خزان من الطاقة الهائلة التي تمكنني من الصمود سنين طويلة إذا لزم." .. حتى النصر والانتصار. تلك الطاقة نفسها هي ما تحمله اليوم "أرضية اليسار الجديد المتجدد"، وهي ما يجعل مشروعها في المواطنة و الحرية والكرامة والسيادة مشروعا مستمرا في الزمن، لا يشيخ ولا ينكسر.. إنه حراك يساري حي لن ينضب.