يُعدّ الأمن حقًا دستوريًا أصيلًا، وليس مجرد مهمة تنفيذية تضطلع بها الدولة، وقد عملت المديرية العامة للأمن الوطني في السنوات الأخيرة على تعزيز هذا الحق وترسيخه عمليًا، من خلال اتخاذ تدابير متعددة، شملت تبسيط المساطر، تسريع إنجاز الوثائق الإدارية، واعتماد خطط مندمجة لمكافحة الجريمة، والحد من تأثيرها السلبي على إحساس المواطنين بالأمن. وتندرج شرطة الهيئة الحضرية بمفوضية الأمن بمدينة القصر الكبير ضمن أجهزة الشرطة الإدارية، التي تسهر على الحفاظ على النظام العام بأبعاده المرتبطة بالأمن العام وسلامة المواطنين. والشرطي، مهما كانت رتبته أو مهامه، هو في النهاية موظف عمومي يخضع لمنظومة من الالتزامات القانونية والواجبات المهنية التي ينظمها القانون الإداري، وأي تقصير أو خطأ شخصي يُعدّ انحرافًا عن السلوك الوظيفي، قد تترتب عنه مسؤولية إدارية وفق الضوابط الجاري بها العمل. ومن بين الملاحظات التي تثير نقاشًا حول جودة المرفق، عدم التزام بعض المسؤولين داخل الهيئة الحضرية بالتوقيت الإداري الصباحي المحدد، وعلى رأسهم رئيس الهيئة أو نائبه في بعض الفترات، وهو ما قد ينتج عنه تعطيل مؤقت للسير العادي للخدمة، وإطالة زمن الانتظار لدى المرتفقين، خاصة أولئك الذين يقصدون المرفق من أجل قضاء أغراض إدارية لا تحتمل التأخير. إن ثقافة احترام الزمن الإداري داخل المرافق العمومية، ولا سيما الأمنية منها، تُعدّ جزءًا من تجويد الخدمة وترسيخ مبدأ استمرارية المرفق العام، كما أنها تعكس مدى الانضباط المهني للمسؤولين عن تدبيره. وفي المقابل، فإن حق المرتفق في خدمة فعالة، مستمرة، ومنجزة داخل آجالها المعقولة، يبقى حقًا مشروعًا تكفله الدساتير والقوانين ومبادئ الحكامة الجيدة. ومن ثمّ، فإن الارتقاء بهذا المرفق، يقتضي التقيد الصارم بالضوابط المهنية، وتعزيز آليات المراقبة الداخلية، وترسيخ قيم المسؤولية والانضباط الإداري، بما يحقق المعادلة الصعبة: أمن قوي، ومواطن مرتفق يتمتع بكامل حقوقه دون عراقيل أو تأخير. مصطفى سيتل