يعتبر مشكل التشغيل احد المشاكل التي استعصت على اكبر الاقتصاديات العالمية ولم تستطع إيجاد حل جدري لها ,وتسجل البطالة في هذه الدول معدلات جد مرتفعة , أما إذا تحدثنا عن الدول المتخلفة فحدث عن البحر و لا حرج, حيث تضرب البطالة هامشا كبيرا من المجتمع خاصة منهم الشباب, و تتفاقم إذا مست حاملي الشواهد منهم حيث تصبح مشكلا مركبا يتعدى ما هو اقتصادي إلى ما هو اجتماعي و نفسي. إن البطالة مشكلة اقتصادية واجتماعية و إنسانية لها عواقب خطيرة, لأن تأثيرها يتجاوز الفرد والأسرة , ليشل المجتمع. يقول الراغب الأصفهاني: من تعطل وتبطل انسلخ من الإنسانية بل من الحيوانية وصار من جنس الموتى, إن البطالة مشكلة بل هي مجموعة من المشاكل المركبة فهي معضلة اقتصادية، كما هي مشكلة نفسية، و اجتماعية و اقتصادية و أمنية و سياسية و جيل الشباب وخاصة منهم المتعلم هو جيل العمل و الإنتاج لأنه جيل القوة و الطاقة و المهارة و الخبرة. و تؤكد الإحصائيات أن هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب و بالتالي يعانون من الفقر و الحرمان و تخلف أوضاعهم الاجتماعية و الصحية و تأخرهم عن الزواج و إنشاء أسرة أو عجزهم عن تحمل مسؤولية أسرهم ,و نتيجة للتوتر النفسي تزداد نسبة الجريمة و القتل و الاعتداء بين هؤلاء العاطلين لذلك لابد من مواجهة هذه المشكلة و محاولة حلها كما إن مشكل البطالة يحبط المتعلمين و يسد باب الاجتهاد في وجوههم فنحصل على جيل فاقد للأمل في المدرسة . في المغرب كما الدول المتخلفة تنتشر ظاهرة البطالة بين الشباب وتفرخ مشاكل متعددة تقف حاجزا أمام تطور الفرد و المجتمع, وقد قامت الدولة بمبادرات متعددة للتقليص من عدد العاطلين لكنها لم تستطع التقدم في حل هذا المشكل, ويكمن المشكل الكبير لمقاربة التشغيل في المغرب في اعتماد المقاربة الكمية بدل اعتماد المقاربة القيمية و الإنتاجية, فغالبا ما تقوم الدولة بتوفير مناصب شغل مفرغة من محتواها لإسكات الأصوات المنادية بالتشغيل بدل إن تعمل جاهدة على توفير مناصب إنتاجية تشكل قيمة مضافة للوطن و الفرد. منذ خروج الإدارة الفرنسية من المغرب و جحافل التوظيفات بالمغرب تعبر عن قصور كبير في التعاطي مع مشكل التشغيل اذ تقوم الدولة بتوفير مناصب لحملة الشواهد هي بالأساس مناصب بمهام إدارية او تعليمية تميت القدرات الإبداعية للخريج الذي يضطر لقبول المنصب لسد الحاجيات المادية بالأساس و ما يلبث إن يندمج في الوظيفة القاتلة لمواهبه, كما إن البنية الإدارية في القطاعات المختلفة للوظيفة العمومية(وحتى الخصوصية) لا تشجع البثة على الخلق و الإبداع المهني فتصبح المهنة امتهانا بدل إن تكون إنتاجا. يفترض أن يكون العمل مكانا لتفجير المواهب و الاجتهاد, بدل ان يكون روتينا يوميا لا يرتجى منه إلا نهاية الشهر و الأجرة التي يوفرها, وقد حاولت الشركات و المؤسسات الاقتصادية العالمية الكبرى ترسيخ مفهوم جديد للعمل حتى يكون مكانا للإبداع و الإنتاج في الطريق لان يتحول العمل إلى هواية يستمتع صاحبها بتأديتها, واعتمدت هذه الشركات على آليات متعددة لترسيخ هذه الفكرة فمنها من جعلت العمال و المستخدمين مالكين للعمل بتخصيص مجموعة من الأسهم لكل واحد منهم و بالتالي الاجتهاد في الإنتاج للزيادة في المردود المالي إضافة الى الاستمتاع بالنجاح الفردي مع نجاح الشركة المشغل, كما ان وضع الشخص المناسب في المكان المناسب و عدم ربط الشغل بالحاجيات المادية خلق نوعا من التآلف بين العمل و المستخدم في هذه المؤسسات, وتوفر مؤسسات أخرى للمستخدم كل شروط النجاح من آليات عمل و استقرار اجتماعي و وظيفي و تيسير إداري ليبدل كامل جهده في عمله...و غير هذا كثير للتشجيع على العمل. وأما مقاربة التشغيل لإسكات الأصوات المطالبة بالخبز و لسد خصاص وظيفي أدائي جامد فقد أعطى روتينا و وظيفيا قتل الإبداع الفردي و لم يسهم في التقدم المجتمعي, فقد أصبح الموظف او العامل يتملص بالغ جهده من العمل و يمضي الوقت الوظيفي في اي شيء لقتل الوقت الوظيفي و تمضيته سريعا, وهكذا نجد المهندس يعمل عملا إداريا جافا و المدرس يدرس تلقينا جامدا و الطبيب يشرح لحما هامدا...هذا و كل واحد كان يرغب في غير مهنته و حتى إن نال ما رغبه و حلم به و أتقنه فالتراتب الإداري يقتل تدريجيا الإبداع و يميته.