المنتخب يرفع نبض الجماهير في وجدة    "الأسود" يشيدون بالدعم الجماهيري بعد الفوز في افتتاح "الكان"    انتصار البداية يعزز ثقة "أسود الأطلس" في بقية مسار كأس إفريقيا للأمم    الاستيطان يتسارع في الضفة الغربية ويقوّض فرص قيام دولة فلسطينية    أزيد من 60 ألف متفرج في المنتخب    رصيف الصحافة: النيابة العامة تنتظر نتائج تشريح جثة رضيعة في فاس    أسود الأطلس يبدأون رحلة المجد الإفريقي بالفوز على جزر القمر    المديرية العامة للأمن الوطني ترفع جاهزيتها لإنجاح العرس الإفريقي    أمطار غزيرة تعم جماعات إقليم الحسيمة وتنعش آمال الفلاحين    تعليق الدراسة بعدد من المؤسسات التعليمية بإقليم الحسيمة بسبب الامطار والثلوج            تصعيد ديموقراطي ضد إدارة ترامب لمحاولتها التعتيم على "وثائق إبستين"    تفوق تاريخي ل"الأسود".. تعرّف على سجل المواجهات بين المغرب وجزر القمر    تصعيد خطير بعد دعوات لطرد الإماراتيين من الجزائر    فرض مبالغ إضافية دون مقابل يثير الجدل في مقاهي طنجة خلال كأس أمم إفريقيا    في الذكرى الخامس للتطبيع.. تظاهرات بالمدن المغربية للمطالبة بإسقاطه ووقف الجرائم في فلسطين    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وهبات رياح من اليوم الأحد إلى الأربعاء المقبل    وكالة بيت مال القدس الشريف تقدم إستراتيجيتها لدعم قطاع التجارة في القدس برسم سنة 2026    ماكرون يبحث في أبوظبي فرص التعاون    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات عسكرية ميدانية بأقاليم أزيلال والحوز وميدلت    إنفانتينو يشيد بالمملكة المغربية مؤكدا قيادتها كرة القدم الإفريقية    دليلة الشعيبي نمودج الفاعلة السياحية الغيورة على وجهة سوس ماسة    أدب ومحاكمة ورحيل    "مجموعة نسائية": الأحكام في حق نزهة مجدي وسعيدة العلمي انتهاك يعكس تصاعد تجريم النضال    "محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة من خلال الصحافة المصرية" موضوع اطروحة دكتوراه بكلية عين الشق    أزمة المقاولات الصغيرة تدفع أصحابها لمغادرة الحسيمة ومهنيون يدقون ناقوس الخطر    مغربي مرتبط بالمافيا الإيطالية يُدوّخ الشرطة البلجيكية    ضيعة بكلميم تتحول إلى مخزن للشيرا    التعويض عن الكوارث جزء أصيل من إدارة الأزمة..    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    السعدي: أعدنا الاعتبار للسياسة بالصدق مع المغاربة.. ولنا العمل وللخصوم البكائيات    "فيسبوك" تختبر وضع حد أقصى للروابط على الصفحات والحسابات المهنية    حركة "التوحيد والإصلاح" ترفض إعلانًا انفصاليًا بالجزائر وتدعو إلى احترام سيادة الدول    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    اختتام حملتي "حومتي" و"لقلب لكبير" بجهة طنجة تطوان الحسيمة: مسيرة وطنية بروح التضامن والعطاء    نقابة التعليم بالحزام الجبلي ببني ملال تنتقد زيارة المدير الإقليمي لثانوية بأغبالة وتحمّله مسؤولية تدهور الأوضاع    أجواء ممطرة في توقعات اليوم الأحد بالمغرب    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    "أفريقيا" تحذر من "رسائل احتيالية"    خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال الدين ناجي/من التناقضات إلى الطموحات:الفضاء الإعلامي المغربي
نشر في الوجدية يوم 21 - 02 - 2012

وتزداد خطورة هذه التساؤلات أكثر عندما ندرك أن وسائل الإعلام والمهنيين يعتبرون فاعلا أساسيا في النظام الديمقراطي،باعتبارهم منشطين للحياة الديمقراطية وباعتبارهم عين نقدية ومراقبة للحكامة وراصد مستقل يتخذ نفس المسافة من جميع السلط التي تؤطر وتنظم المجتمع،بالإضافة إلى كونهم -أي الصحفيين- يشكلون المرآة النقدية التي يكتشف فيها المجتمع وجهه الحقيقي ونجاحاته وإخفاقاته وخطواته واختياراته الصحيحة،كما يكشف انحرافاته وأوهامه.
ويعتبر التخوف على مستقبل الصحافة في الديمقراطية امتدادا منطقيا للتخوف الأناني الذي تبديه المهنة إزاء مستقبلها الخاص. وفي هذا الصدد أضحى الصحفيون في مطلع القرن الحالي أكثر تخليا عن حقوقهم وهيبتهم التي اكتسبوها منذ عشرات السنين بفضل نضالهم النقابي والسياسي، وهم اليوم أكثر عرضة للتسريح ولأوضاع مزرية ويقومون بأكثر من مهمة واحدة كمجرد «عمال قلم»، يمكن البحث عنهم في سوق دولية حيث العرض مرن وغير قابل للتأثر بحكم - على سبيل المثال - ظاهرة «ترحيل الخدمات» باعتبارها مكونا أساسيا لظاهرة العولمة في جميع مجالات الإنتاج المادي وغير المادي. لقد أصبحت الصحافة هدفا «تجاريا» بالنسبة للعولمة ووصفتها السحرية وغير المنصفة : ترحيل الخدمات.
«يقترح دين سينغلتون، الرئيس المدير العام لمجموعة «ميديا نيوز» والناشر بالخصوص ل «دينفر بوست» وحوالي خمسين يومية أمريكية أخرى، ترحيل جزء من الخدمات الصحفية إلى بلدان أخرى أقل كلفة7 ....، كما يقترح ترحيل مهام تحرير خدمات أخرى، من قبيل نشرات الأحوال الجوية والأخبار الرياضية والسياحة والسيارات والثقافة وغيرها، بعد أن تم ترحيل جزء من أنشطة وكالات الإشهار، وخاصة منها صناعة الرسائل الإشهارية.
وتُشغل المجموعة الاقتصادية «طومسون رويترز» صحفيين في بينغلور في الهند يتولون تحرير حصيلة أعمال المقاولات و التحليلات المالية التي تنشرها المجموعة. ويشغل الموقع الإلكتروني (www.passadenanow.com) صحفيين في الهند لمتابعة أخبار مدينة باسادينا في كاليفورنيا بالاعتماد على بث عبر الفيديو لأشغال المجلس البلدي للمدينة التي يتم بثها عبر الإنترنت وعلى الأخبار التي يقدمها المساهمون المتطوعون من كاليفورنيا» 8 .
وقد أصبح المنطق ا لاقتصادي، باعتباره العقيدة الأساسية للعولمة، متغلبا على كل الاعتبارات السياسية والإيديولوجية والثقافية والمهنية والأخلاقية التي كانت تشكل التعريف الذي يعطى للصحافة وتحدد وضعها الاعتباري وممارساتها داخل المجتمعات.
لقد حول هذا المنطق الاقتصادي، الذي يعطي الأولوية للتجارة والتسويق العابر للحدود والمتعدد المحتويات، المنتوج الصحفي في جوهره كما في محتواه، إلى مجرد بضاعة، بل أكثر من ذلك إلى مجرد عمليات لف، أو استثمار من أجل إنتاج بضائع أخرى و منتوجات أخرى لا علاقة لها بالمرة مع المنتوج الصحفي التقليدي. ويحصل كل هذا بفعل قوة المنطق الاقتصادي والهدف المقدس المتمثل في المردودية التي هي حافز هذا المنطق في المقام الأول، والتي تشكل هدفه اليوم دون حواجز حدودية أو لغوية أو ثقافية أو نقابية أو سياسية. يتعلق الأمر إذن بنموذج آخر بالنسبة ل «الصحافة الوطنية» كما كنا نعرفها في وقت مضى في مجموع البلدان9 .
وتوفر العديد من المجموعات خدمات تجارية دون أن تكون لهذه الخدمات علاقة مع مهمتها الأصلية: ففي ألمانيا أطلقت يومية «بيلد» المملوكة لمجموعة سبانجر، على موقعها الإلكتروني «منتوجات الشعب»: حواسيب وسيارات وهواتف وتأمينات بكل فروعها وهي منتوجات أو خدمات تحمل علامة «بيلد»، وحولت الموقع إلى «بازار» كبير. وفي الهند أقدمت «تايمز أوف إنديا» على نفس العملية. وفي اليابان تحالفت عشرات اليوميات الجهوية لتقترح مجموعة من المنتوجات والخدمات الجهوية. وفي إيطاليا طالما يقول كارلو دي بينيديتي رئيس مجموعة «ليكبريسو»: «نحن مطالبون ببيع خدمات، وخدمات ثم خدمات، من البتزا إلى أحوال الطقس إلى تذاكر الطائرات ، تذاكر كل الدرجات، والاهتمام بكل ما يهم الحياة العملية للناس». ويضيف مخاطبا الصحفيين: «هل ثمة من خطر في ألا نصبح في المستقبل شركات النشر؟ إنه سؤال مؤلم ولكنه لا يحتمل إلا جوابا واحدا من اثنين: إما أن نتكيف مع العهد الجديد أو نختفي».
ويقول فرانسيس موريل، المدير العام لمجموعة «لوفيغارو» المملوكة لمجموعة «داسو للاتصال» : «تضاعف المجموعات الصحفية المكتوبة أكثر من الخدمات المؤدى عنها وتقتني حصص في مواقع التجارة الإلكترونية في سياق بحثها عن زيادة الإقبال عليها. ويتعين أن ننقل علامتنا التجارية إلى فضاءات أعمال أخرى غير فضاء الأخبار». وتمتلك مجموعة «لوفيغارو» نسبة 20 % في «بازار شيك كوم» أحد مواقع بيع العلامات التجارية الراقية مجسدة بذلك تناغما قويا مع المواقع النسائية للمجموعة. وقد أبرمت في نفس المنحى حوالي عشر اتفاقات شراكة مع وكالات الأسفار ومواقع اللقاءات والعلامات التجارية الراقية وبائعي الورود...» وتعتزم «لوفيغارو» إطلاق مشاريع أخرى من قبيل قناة تلفزيونية مخصصة للسيارات وغيرها من الخدمات. وفي غوتيبرغ، وفي نفس الاتجاه، يلخص نائب المدير العام للمجموعة، بيير كونت، هذا التطور بالقول: «إن الإشهار لا يكفي لإقامة التوازن المالي لمجموعة مهنتها الصحافة والإعلام مثل «لوفيغارو». يتعين إيجاد مداخيل جديدة على الويب. لهذه الأسباب لجأنا إلى الخدمات والتجارة الإلكترونية».
ولا يخرج تفكير مجموعتي «ماري كلير و ليكسبريس ليكسبنسيون عن هذا التفكير حيث انضمتا إلى موقع www.bestmarques.com ليقترحا على مستعملي الأنترنت الولوج إلى «أحسن العلامات التجارية»، في عالم الموضة، والديكور والتكنولوجيات الحديثة والمجوهرات. وتتطلع مجموعة «ميديا نيوز» الى أن تصل نسبة الأنشطة الرقمية الإخبارية والتجارية الى 50 % من رقم المعاملات، في أفق ما بين خمس وعشر سنوات. وبجانب التجارة المضطربة في الخبر، تنمو مراكز ربح مستقلة بفضل التجارة الالكترونية. في هذا الاتجاه يتحدث الباحث جيل فونتين من معهد الاتصال السمعي البصري والاتصالات السلكية واللاسلكية بأروبا 10 عن سيناريو «تفكك المقاولات الصحفية» 11 .
ويتعين أن تدفع آفاق من هذا القبيل، والتي نلاحظها في جميع الديمقراطيات المفتوحة أمام المنافسة الإعلامية العالمية في الحلبة الجديدة لوسائل الإعلام، في حلبة «اقتصاد المعلومة»، إلى إجراء قطيعة نهائية مع تحليلاتنا وإسقاطاتنا، نحن المغاربة، في ضوء تجربتنا التي ما تزال في مرحلة النضج في مجال الممارسة الإعلامية المكتسبة عبر تاريخ طويل والمرتكز على اختياراتنا في مجال الحرية والتعددية.
إن المطلوب هو القطع مع كل نظرة اختزالية لا تنظر إلى الحقل الإعلامي الوطني إلا بالقياس إليه هو ذاته والى يومياته وحسب تصور فعل الصحافة الحديث العهد والذي سيجعله المواطن المغربي، قبل أن يجعله المحيط الإعلامي الدولي والتكنولوجيات الجديدة، غير فعال وغير مساير لضرورات العصر.
ويتأسس هذا التصور الذي يعود إلى قرنين أو ثلاثة قرون والذي مازال سائدا لدى أصحاب القرار في وسائل الإعلام المغربية ولدى السياسيين وحتى بين المهنيين، على مفهوم «المنبر» المستوحى من المكانة والدور التاريخي ل «المنبر» (بكسر الميم)... منبر مقدس باعتباره حامل صوت نبيل في خدمة فكرة أو خطاب أو حزب أو جماعة، هي أو هو، مبرر وجوده والنموذج التطبيقي لممارسة حرية التعبير. إنه مفهوم غير متساوق مع البعد الاقتصادي والمنافسة العالمية وبالأحرى مع التكنولوجيا الرقمية التي لا يمكن التحكم فيها وتحديدها مجاليا و الولوج إليها واستعمالها بسهولة. لقد كانت المقاولة في خدمة المنبر و لم يكن بإمكانها، في جميع الحالات، أن تحافظ بجد على حياة أو استمرارية رسالة ومحتوى «المنبر» .
إن الأمر اليوم معكوس، ذلك أن المحتوى لا يجد مبرر وجوده - ويصعب تسويقه - إلا إذا كان يأخذ بعين الاعتبار إكراهات المقاولة وأهدافها، وإلا فإن أمله في الوجود لن يكون قائما ، إذ أن حريته وجودته لا يكفيان في حد ذاتهما. إن قابلية نموذجه الإنتاجي للحياة، اقتصاديا، أصبحت أساسية اليوم قابلية للحياة ترتبط برافعتين قبل رافعة المحتوى : التكنولوجيا (الوسائل الرقمية) والتسويق (إيجاد مكانة في السوق).
ويعتبر اعتماد الوسائل الرقمية وتنويع المنتوج (التسويق بفضل تنويع الدعامات والمنتوجات) والعولمة (التي يتم اللجوء فيها إلى ترحيل الخدمات مع استغلال البعد المحلي في ما يخص الإذاعات والقنوات التلفزية والصحف المحلية وتجارة القرب الإلكترونية الخ) والتسويق المعولم، بمثابة التحديات الجديدة التي تواجه اليوم المقاولة الإعلامية، فيما لم يعد الجانب «المنبري» أو «الدعائي» فيها سوى «آلة عتيقة» نقوم بترميمها ولكنها لا تعطي سوى منتوجات عتيقة بعيدة كل البعد عن بعضها البعض. لقد أصبحت المقاولة الإعلامية المحرك الأساس لوسائل إعلام الغد بعد تحقيق مناخ الحرية والديمقراطية في حقل إعلامي وطني يتنافس مع حقل إعلامي دولي يكسر الحدود ويغزو الفضاءات والأمواج والمسالك وكل أشكال الربط (القار والمحمول) بفضل الأقمار الاصطناعية والوسائل الرقمية والإنترنت.
وفي المغرب ما يزال هذا التحول، الذي يجعل من المقاولة الإعلامية الفضاء الاستراتيجي لمستقبل وسائل الإعلام كما لمستقبل الديمقراطية، في بدايته، على إثر هذا التعثر أو ذاك وبفضل بعض النقاشات القليلة.
وتحتم علينا مسيرة عالم الإعلام وتكنولوجيات الإعلام والاتصال عبر العالم، ومستوى حرية التعبير والانفتاح والمبادرات المحققة في حقلنا الإعلامي خلال العشرية الأخيرة، بناء مقاولة صحفية تكون في قلب جميع استراتيجيات القطاع، بما في ذلك استراتيجيتنا الشاملة المتعلقة بتمركزنا وسط المؤسسات والسكان والديمقراطية وثقافتها.
ويقودنا تحويل تفكيرنا نحو المقاولة إلى تناول مكامن عجزنا في كل القضايا والرافعات الضرورية لمقاولة قابلة للاستمرار بما في ذلك الرافعة المتمثلة في الصحفيين والموارد البشرية ونماذج المقاولة الإعلامية والتكنولوجيات والتجهيزات والاختراعات التقنية والإبداع في المحتوى وقواعد اللعبة الديمقراطية وممارسة حرية التعبير (القوانين والنصوص التنظيمية ومواثيق أخلاقيات المهنة وآليات الضبط والضبط الذاتي)، وآليات ودعامات التضامن والتعبئة الجماعية لفائدة وسائل الإعلام (الدعم العمومي)، والجمهور (من خلال محو الأمية ومحو الأمية الرقمية)، ومعايير جودة المنتوجات والحكامة في وسائل الإعلام ومعايير التكوين والتمرس الميداني للمهنيين وتوضيح الإطارات القانونية والمعايير وأدوار وحقوق وواجبات والتزامات جميع الفاعلين بدءا من الفاعل الإعلامي ووصولا إلى الدولة والقضاء والصحفي والبرلماني والناشط المدني الخ.
وإذا كان من محاسن المقارنة الاطمئنان إلى الشيء، فإنه حان الوقت بالنسبة للمغرب الإعلامي، في علاقة مع المشروع الديمقراطي، أن ينظر إلى ذاته ليقدر حجم الجهود التي يتعين بذلها من أجل رفع تحدي القدرة على المقاومة والتموقع داخل/ ولمسايرة، والاستفادة من، الحركة الكوبرنيكية العالمية التي تشهدها وسائل الإعلام والتي ستحدد مسيرة الديمقراطية، وهو تحدي تعمل جميع المجتمعات على رفعه، كل حسب سياقه الخاص في ما يرجع إلى المكتسبات والتطلعات.
وسيكون بإمكاننا رفع هذا التحدي، إذا نحن تمكنا جميعا، بوضوح ودون تنازلات ولا خوف من الانشغالات التي يمكن أن يخلقها لدينا، من إيجاد الأجوبة الحقيقية عن الأسئلة التالية: من نحن؟ ماذا نملك من إمكانيات؟ ماذا نريد؟ ما الذي نريد تحقيقه حتى يصبح المغرب جزء لا يتجزأ وفاعلا في الفضاء الإعلامي الدولي؟ ما هي خارطة الطريق التي تمكننا، في إطار من التوافق الواضح و المسؤول من تحقيق تطلعاتنا في هذا المجال؟
ومن البديهي أن «عملا حول الذات» من هذا القبيل يتطلب نقاشا واسعا بين مجموع الفاعلين بدءا من الدولة ومؤسساتها ووصولا إلى المجتمع وحركاته السياسية والمدنية مرورا بعالم وسائل الإعلام والمهنيين دون أن ننسى المواطن سواء كان مجرد مستهلك للمنتوج الإعلامي أو كان «المواطن الذي يستعمل الشبكة المعلوماتية» والذي أصبح له بصمته في نشاط هذا الحقل بفضل تكنولوجيات الإعلام والاتصال والإنترنت.
ذ.جمال الدين ناجي
1 لقد صنع باحثون من معهد ماساتوتيش للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية، بفضل هذه التكنولوجيات الدقيقة، جهاز تلفاز قابل للف كما تلف الورقة، ويمكن لفه ووضعه في الجيب. وسيعلن زملاء لهم قريبا عن Puce حاسوب من حجم كرية الدم البيضاء...
2 - لقد سجلت الدولة المصرية يوم ثامن وعشرين يناير2011 سابقة في العالم في تاريخ الانترنت بتعليق هذه الخدمة عن البلد كله. وبعد أسابيع من ذلك، راجع السيناتور الأمريكي ليبرمان مقترحا كان قد تقدم به في يناير 2010 والذي كان ينص على إعطاء الرئيس إمكانية قطع الانترنت عن الولايات المتحدة في حالة وجود خطر محدق يهدد أمن الولايات المتحدة.
3 انعقد اللقاء الأول حول «الطرق الإعلامية السيارة» بالمغرب العربي والشرق الأوسط، في نونبر 1996 بالمعهد العالي للصحافة بالرباط (المعهد العالي للإعلام والاتصال حاليا)، تحضيرا للقمة الفرانكفونية الأولى حول الإنترنت التي انعقدت بمونتريال (كندا) في مايو 1997 .
4 تم إحداث منتدى حكامة الإنترنت طبقا لما ورد في برنامج الجولة الثانية من القمة العالمية للإعلام (تونس عام 2005 بعد الجولة الأولى التي انعقدت بجنيف عام 2003). وقد التأم هذا المنتدى الذي يسيره، منذ تنصيبه من طرف كوفي عنان، فريق مديري من ثمانية خبراء مشهود لهم عالميا، خمس مرات: أثينا ((2006 ؛ وريودي جانيرو (2007 ؛ وحيدراباد ((2008 ؛ وشرم الشيخ ((2009 وفيلنيوس (شتنبر 2010). وتتمثل مهمته باختصار، كما حددت في تونس في: السياسات العمومية الشاملة على المستوى المحلي والحكومي في علاقتها مع حكامة الأنترنت وحياد الشبكات؛ واستعمال كفاءات الأطراف الجامعية والعلمية والتقنية وجسر الهوة الرقمية وزيادة إمكانيات الولوج إلى الأنترنت في البلدان النامية واعتماد مبادئ القمة العالمية حول مجتمع الإعلام، ونشر أعمالها.
5 في كتابها الذي يحمل عنوان « Du journalisme en démocratie» تخضع أستاذة كرسي الفلسفة والعلوم السياسية والحاصلة على دبلوم الصحافة من «جامعة نيويورك»، جيرالدين مولمان، لأول مرة الصحافة إلى تساؤل فلسفي مفاده «ما فائدة الصحافة في الديمقراطية؟ ما هي المثل التي يمكن أن تخدمها؟ ما هي المسالك التي يمكن أن تعبدها لها للخروج من أزمتها الحالية؟ ما هو المعنى السياسي لمثل هذا العمل؟» وحسب المؤلفة فإن للصحافة مهمة مزدوجة تتمثل في «الإبقاء على النزاعات ونسج المشترك بين مكونات المجموعة السياسية» جاعلة لغز الديمقراطية في قلب الصحافة، حيث تكتب «ثمة تعايش لمسرحيتين تتمثل الأولى في الأحداث والثانية في التمثيلية (السياسية)، وتمنح الثانية تسوية رمزية للنزاعات التي تهز الاولى. من كتاب: «Du journalisme en démocratie» Géraldine Muhlmann, éditions payots & Rivages. Paris 2004.. 350 صفحة.
6 - صادق الاعضاء المهنيون لفدرالية الصحفيين الكبكيين (كندا) في مطلع أبريل من العام الجاري بأغلبية ساحقة على إحداث صفة «صحفي مهني» . ومن بين 1694عضو ايد 741 القرار فيما رفضه 111 .
7 Mindworks Global Media هي شركة مقرها قرب نيودلهي تشغل 90 هنديا يشتغلون لفائدة الصحافة الأمريكية كمصححين وطباعين (ورد في «بيزنس ويك» بتاريخ 8 يوليوز 2008).
8 le débat ? Editions Gallimard. par Bernard Poulet « la fin des journaux et l?avenir de l?information»
France 2009 - (217 pages page 200)
لنتصور تقريرا عن أشغال مجلس عمالة طنجة يعده محرر في نيامي أو دكار أو واغادوغو، حيث أجور الصحفيين أقل بأربع أو خمس مرات عن أجور صحفنا بالبيضاء أو الرباط.
9 في افتتاحه، في أكتوبر 2008 لأشغال «الأوضاع العامة للصحافة» (التي توجت في يناير 2009 بإصدار «الكتاب الأخضر») ألح الرئيس الفرنسي على الضرورة الاستعجالية لتمكين فرنسا من مقاولات إعلامية قادرة على منافسة كبريات المجموعات الإعلامية الألمانية أو البريطانية التي تهدد الصحافة الفرنسية في فرنسا كما في أوروبا بسبب القوة الإقتصادية و التجارية لهذه المجموعات لا بسبب محتوياتها.
10 معهد الاتصال السمعي البصري والاتصالات السلكية واللاسلكية في اروبا
11 «fin des journaux et l?avenir de l? » مرجع سابق ? ص 179-181


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.