يعيش محيط جنان دار بريشة بتطوان، التي كانت عبارة عن حدائق غناء وأشجار وارفة الظلال، زحفا همجيا غير مسبوق للأبنية السكنية تشبه علب سردين إسمنتية، و التي لا محالة ستمحو آخر نقطة خضراء بقلب مدينة تطوان.
ربما المغرب يعتبر البلد الوحيد بالعالم الذي يتفنن في تدمير تراثه المادي والتاريخي والرمزي والايكولوجي، في غياب تام لأي جهة مسؤولة توقف هذه المجزرة العقارية، في حق أهم معلمة وذاكرة تاريخية بشمال المغرب.
فرغم أن دار بريشة استنادا إلى أرشيف حزب الشورى والاستقلال كانت شاهدة على سنوات التعذيب والاختطاف التي قام بها حزب الاستقلال، ضد خصومه السياسيين من حزب الشورى، إلا أن ذلك لم يشفع لها من هجوم مافيا العقار.
هذا ويشهد محيط مبنى دار بريشة بتطوان تناسل العمارات السكنية والمحلات التجارية، مما يزيد من تشويه معالم هذا الحي الذي يقع بضريح سيدي عبد الله الفخار، رغم أن هيئة الإنصاف والمصالحة أدرجت هذا الموقع التاريخي كتراث للذاكرة الجماعية لمغرب ما بعد الاستقلال.
يذكر أن إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، سبق أن التزم بتحويل "دار بريشة"، المعتقل السري الأول، إلى متحف لحفظ الذاكرة، في إطار ترجمة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وذلك في إطار تحويل أماكن الاعتقال إلى فضاءات لحفظ الذاكرة.