سمك القادوس و انقراض محتوم من أجل الفلوس- إنه سيد قعر البحار بلا منازع ، محبوب في نفس الوقت لكل غواص نبيل و إن كان لحمه حلال و طعمه لذيذ فإنه يحظى باحترام كل صياد يحترم نفسه ، ألوانه الزاهية التي تتحول من الذهبي الغامق إلى العسلي ثم البرتقالي فالأصفر فالأبيض و كأنه ثريا قائمة بنفسها ، تتحرك بحرية و بهجة داخل العالم الأزرق . ان مصيبة سمك القادوس أو الميرو لم يكن سببها ما ذكرناه من ألوانه و مذاقه ، بل الجشع و حب المال و الدنيا الذي سيطر و تمكن من المتعاطين إلى كل أنواع الصيد البحري ،وبما تمكنهم من استهداف هذا الحوت ذوي الخصوصيات المتعددة ، وبما أن البشر غريب الأطوار و كلما زاد الطلب على الشيء صار الثمن باهظا فأصبح المستهدف منه متبعا استراحة ولا هوادة. بالرغم من وجود القوانين التي تمنح الفصائل البحرية المتعددة فرص التزاوج و التكاثر ، فإن سمك القادوس على الخصوص لم يستفد من هذه الحماية ولم ينئ بالأمان خلال فترة منع صيده ، بل على العكس من ذلك ازداد تتبعه و اصطياده من طرف قساة القلوب و الضمائر الميتة، فقط لأن الطلب ملح من طرف ذوي الفلوس من مهنيين و خواص، حتى إنها سخرت إمكانيات خارقة من أجهزة الغوص لإلكترونية تحت مائية و حوامات و أجهزة الغطس، ليتمكن مجرمو البحار هؤلاء من اصطياد تلك الفئات القليلة و المبعثرة المتبقية من سمك القادوس. يبدو أن تفعيل القوانين البحرية ليس على الواجهة كحل رسمي لهذه الجرائم، إذ لو كان الأمر كذلك لتمكنت دوريات الدرك و البحرية من القبض على الحوامات و اليختات و القوارب التي تمارس هذه التجاوزات ضد سمك القادوس و غيره في الفترات المخصصة للراحة البيولوجية، كما أن التوعية الشبه منعدمة لهذه الفئة من الصيادين الهواة وغيرهم الذين إن تمكنوا من الحصول على بعض أسماك القادوس الصغيرة جدا فإنهم عوضا من ردها إلى الماء يأخذونها أو يلقونها جانبا، كل هذه الشنائع يأسف لها القلب لكن ليس كل قلب بل قلب الإنسان الذي لا يسعى فسادا في الأرض و لا تطغى عليه العدوانية ضد خلائق الرحمان فتتمادى في ملك العرف و النسل كلما أتاحت له فرصة لذلك. ليس من السهل إيجاد الحلول السريعة لمعضلات بيئية من هذا النوع، لكن من الممكن جدا إيجاد مخرج لاستهداف فصيلة سمك القادوس وحتى أنواع أخرى من الكائنات البحرية، إن الحل في نظرنا لتتمكن هذه الأصناف من التكاثر من جديد هو إنشاء محميات بحرية صغيرة أو متوسطة المساحة تتراوح ما بين 50 و 70 هكتار, و في أماكن تحت مائية معلومة و مدروسة تسهل حراستها و تسهر عليها جمعيات بيئية . إن مثل هده الجمعيات إن أوجدت فستمكن الطابع البحري التحت مائي الخاص بها من تصدير فائض أسماك القعر الساكنة بها إلى الأماكن التحت مائية المحيطة بها و بالتالي أبعد فأبعد .