مباحثات وزير الأوقاف ونظيره السعودي    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    ترامب: اتفاق تجاري "كامل وشامل" مع لندن لتعزيز الشراكة    قطاع الشباب ينظم محطات وطنية كبرى للإدماج التربوي والتكوين بفاس    الدوري الأوروبي .. مانشستر يونايتد وبلباو في معركة حاسمة وتوتنهام يخشى مفاجآت بودو        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مجلس عمالة طنجة-أصيلة يصادق على دعم اتحاد طنجة بمليار و400 مليون سنتيم    أتاي مهاجر".. سفير الشاي المغربي يواصل تألقه في "معرض ميلانو" ويعتلي عرش الضيافة الأصيلة    انفجار في مدينة لاهور الباكستانية وإسقاط مسيرة هندية    الدرك يحبط محاولة للهجرة السرية    المكتب الإقليمي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان فرع العرائش يدين سرقة شركة النظافة للكهرباء    بوريطة: الملك يعتبر إفريقيا الأطلسية قطبا جيو- استراتيجيا ورافعة للابتكار والصمود    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    «أول مرة»… مصطفى عليوة يطلق عرضه الكوميدي الأول ويعد الجمهور بليلة استثنائية من الضحك    الحكومة تراجع مدونة الشغل و تتجه نحو التأطير القانوني للعمل عن بعد    محكمة الاستئناف بالرباط تُخفض عقوبة النقيب محمد زيان    مصرع شخص في حادثة سير بين مراكش وورزازات    إيقاف شخصين يشتبه ارتباطهما بشبكة تنشط في الاتجار الدولي للأقراص المهلوسة وحجز 1170 قرص طبي مخدر    أشرف حكيمي يدوّن اسمه في التاريخ ويصبح المدافع الأكثر تأثيرًا هجوميًا بدوري الأبطال    البرلمان يناقش رئيس الحكومة حول إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية    بعد عام .. "الاستقلال" يترقب اختيار بركة الأربعة المبشرين باللجنة التنفيذية    الدخان الأسود يتصاعد من الفاتيكان.. الكرادلة لم يتوصلوا لاختيار البابا الجديد    المملكة المتحدة تجدد تأكيد التزامها بتعميق الشراكة مع المغرب    منصات المخزون والاحتياطات الأولية.. بنيات جهوية موجهة للنشر السريع للإغاثة في حال وقوع كوارث    وداديون يحتفون بحلول الذكرى ال88 لتأسيس النادي    "كان" الشباب... المنتخب المغربي ينتظر وصيف المجموعة الأولى لمواجهته في ربع النهائي    أبريل 2025 ثاني أكثر الشهور حرارة عالميا    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    تعزيزا للسيولة.. بورصة الدار البيضاء تستعد لإطلاق سوق جديدة للمشتقات المالية    مهندس سابق ب"غوغل": غزة تشهد أول "إبادة جماعية مدعومة بالذكاء الاصطناعي"    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    لجنة: زيادة مرتقبة للأطباء الداخليين    ارتفاع أسعار الذهب بعد تحذير المركزي الأمريكي من الضبابية الاقتصادية    الأميرة للا حسناء تزور بباكو المؤسسة التعليمية 'المجمع التربوي 132–134'    صادرات المغرب من الأفوكادو تثير قلق المزارعين الإسبان ومطالب بتدخل الاتحاد الأوروبي تلوح في الأفق    بطولة انجلترا: الإصابة تبعد ماديسون عن توتنهام حتى نهاية الموسم    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    ماكرون يستقبل الشرع ويسعى لإنهاء العقوبات الأوروبية على سوريا    سان جيرمان يقصي أرسنال ويمر لنهائي رابطة الأبطال    13 قتيلا في الهند جراء قصف باكستاني    إسرائيل تهدد طهران ب "نموذج غزة"    الوداد يسخر الأموال للإطاحة بالجيش    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    منتدى التعاون الصيني الإفريقي: كيف أرسى أسس شراكة استراتيجية؟    ارتفاع أسهم شركة "تشنغدو" الصينية بعد تفوق مقاتلاتها في اشتباك جوي بين باكستان والهند    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوخبزة: المغرب ينهج سياسة النعامة في الملفات الحساسة مع إسبانيا
نشر في بريس تطوان يوم 10 - 10 - 2012

أكد أن الدور المتنامي للمجتمع المدني في ملف سبتة ومليلية والجزر يشكل عامل ضغط على حكومتي البلدين
قال الدكتور محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة،إن العلاقات المغربية الإسبانية تتسم في الوقت الراهن بوعي البلدين بضرورة التعاون من أجل تجاوز آثار المرحلة الدقيقة التي يمر منها كل منهما، في ظل الأزمة الاقتصادية والتحولات السياسية الجارية. وأوضح رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث في الحكامة، والمتتبع للعلاقات المغربية الإسبانية، أن هناك ملفات عدة تفرض على الجانب الإسباني تغيير نظرته إليها بخصوص المغرب، و الانتقال من مجرد اعتباره دركيا يواجه موجات الهجرة السرية والإرهاب القادمة من الجنوب إلى شريك حقيقي على كافة المستويات. كما استعرض في هذا الحوار عددا من القضايا المرتبطة بالمهاجرين المغاربة في محاور البطالة والتأطير الديني وغيرها.
- انعقدت الأربعاء الماضي بالرباط أشغال القمة المغربية الإسبانية المشتركة، بحضور وفد اقتصادي مهم وأكثر من نصف وزراء الحكومة الإسبانية، في ظل أزمة خانقة تضرب إسبانيا، كيف تقرأ سياق اللقاء؟
سياق انعقاد هذا اللقاء جد مهم لفهم العديد من القضايا المرتبطة بالموضوع، حيث إن البلدين يمران معا بصعوبات اقتصادية وسياسية واجتماعية صعبة للغاية، تنذر بوقوع ما من شأنه أن يحدث تحولات عميقة في مسارات التنمية التي سارت عليها الدولتان وفق خطوات متفاوتة. فالأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إسبانيا بشكل حاد أرخت بظلالها على الاختيارات الكبرى للحكومة اليمينية لراخوي، ومن المتوقع أن تتواصل بشكل تصاعدي على الأقل إلى غاية 2015، إضافة إلى وضع سياسي صعب زادت من حدته مطالب الانفصال المعلنة من قبل بعض الجهات وعلى رأسها كاطالونيا، وكذا فقدان المواطن الإسباني الثقة في الطبقة السياسية الحالية لعدم قدرتها على صياغة حلول فعلية وآنية تجنب المواطن الإسباني المعاناة التي يمر بها، إضافة أيضا إلى أزمة اجتماعية متفاقمة علامتها الكبرى أعلى نسبة من البطالة تجاوزت بكثير الأرقام القياسية، ومست كل الطبقات بدون استثناء، كما أنها مست جميع القطاعات العمومية والخاصة، وهو ما ولد حالة احتقان حادة أفرزت ظواهر شاذة كمهاجمة المراكز التجارية للحصول على المواد الغذائية على سبيل المثال، كما أنها مست بدرجة أكبر المهاجرين، وعلى رأسهم المهاجرون المغاربة.
كما أن المغرب يعاني اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، لكن بصورة أقل على اعتبار أن المبادرات الإصلاحية الاستباقية والمسكنات وقدرة المغاربة على التحمل والقدرة على الانتظار وتعايشهم مع الوعود، إضافة إلى تشبث غالبية الأسر المغربية، خاصة القروية، بقيم التكافل والتآزر يخفف من حدة الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يمر منها المغرب، والتي تحاول الحكومات المتعاقبة التخفيف من حدتها عبر خطاب «طمأنة» موجه إلى الداخل كما إلى الخارج، في حين أن هناك مؤشرات لا يمكن إخفاؤها تتحدث عن نفسها ولا تحتاج إلى تعليق.
في ظل هذا الوضع، إذن، تحتاج الحكومتان إلى حلول قد يكون الجزء الأكبر منها مرتبطا بالتعاون والدعم المتبادل، خاصة بين دولتين تتوفران معا على مقومات مهمة، فالمغرب كما إسبانيا هما بدون شك في أمس الحاجة إلى الاستثمارات والمواد الأساسية والدعم السياسي والدبلوماسي والسوق الاستهلاكية، وكذا إلى البعد الأوروبي اللاتيني والإفريقي العربي.. الخ.
- لا يزال المغرب في عيون جارته الشمالية ذلك الدركي الذي يتصدى للهجرة السرية وخطر الإرهاب. هل ستفرض المرحلة الجديدة على إسبانيا تغيير هاته النظرة؟
لن يكون من السهل تغيير هذه النظرة الراسخة لدى الساسة في إسبانيا، بل المجتمع ككل، والتي لها ارتباط بالمرحلة الاستعمارية وكذا بلحظة الازدهار التي عرفتها إسبانيا في السنوات القليلة الماضية، والتي جعلت الإسبان يظنون بأنهم دخلوا نادي الكبار، وما يستتبع ذلك من ضرورة بلورة سياسات خارجية قريبة جدا من السياسات الاستعمارية، التي تنظر إلى المجتمعات التي تبحث عن ذاتها ككيانات يجب أن تظل تابعة وخاضعة للوصاية بشكل من الأشكال.
إن هناك أوساطا إسبانية راديكالية عدة تحمل المغرب المسؤولية المباشرة في ملفي الهجرة والإرهاب، في الوقت الذي يعلم الجميع أن المغرب يعاني الكثير، وهو من ضحايا الهجرة السرية، التي بدأت بعض الظواهر السلبية والجانبية لها تبرز على السطح، كما أن المغرب كان هدفا ولا يزال للعمليات الإرهابية. إن فشل المقاربات التي وضعتها إسبانيا بشكل خاص، والاتحاد الأوربي بوجه عام، والتي تقوم على الأمن، هي التي جرت المغرب لكي يكون دركيا في هذا الموضوع، فانعكست التبعات السلبية لذلك على المغرب أكثر من إسبانيا وأوروبا، وهو ما استوجب ضرورة البحث عن صيغ ومقاربات جديدة تقوم على التشارك والتنمية في المناطق التي تصدر الهجرة. إن المغرب في مرحلة معينة انساق مع إسبانيا في تنفيذ المقاربة الأمنية، التي نتجت عنها جيوب للمهاجرين فوق التراب الوطني، فأصبح المغرب أرض استقبال عوض أن يكون أرض عبور بالنسبة للهجرة السرية، كما صار مستهدفا بشكل مباشر من قبل ما يسمى بالتنظيمات الإرهابية، التي يتم تفكيك العديد منها بين الفينة والأخرى.
- لكن ألم يحن الوقت بعد لوضع حد لهذه النظرة؟
لم يعد مستساغا أن يستمر المغرب في لعب دور الدركي، في الوقت الذي تستفيد إسبانيا لوحدها من الدعم المالي واللوجستيكي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لمواجهة الظاهرة، وأن تترسخ صورة أخرى في ذهن الطرف الإسباني قوامها أنه لا يمكن القضاء على الهجرة السرية والإرهاب من خلال نظرة شوفينية وفوقية، بل يجب الإيمان بأن للمغرب كذلك أجندته الخاصة وأن عليه ضغوطات وإكراهات مفروضة عليه، ويتوجب عليه مواجهتها.
- لوحظ غياب ملف سبتة ومليلية والجزر المحتلة من أجندة المحادثات بين رئيسي الحكومتين، في الوقت الذي تطالب مدريد بريطانيا بالسيادة على جبل طارق.
أرى أن من الأخطاء الجسيمة، التي يرتكبها الطرف المغربي في كل مناسبة تتاح له لفتح النقاش الجدي حول القضايا العالقة، بشكل ملموس وفعال، نهج سياسة النعامة المتبعة، التي تساهم في تأزيم العلاقات الثنائية، ففي كل مرة يتم تفادي إدراج الملفات العالقة في جدول الأعمال بغية عدم إحراج الضيف الاسباني. والحالة هاته، فإن العلاقات الثنائية معرضة بشكل متواصل لحدوث أعطاب خطيرة قد تفضي إلى نتائج كارثية مثل نموذج جزيرة ليلى. إن مقترح الملك الراحل الحسن الثاني تشكيل لجنة مشتركة للبت في هذه الأمور لا زال لحد الآن يحمل الكثير من الصواب.
- هناك الآن دور متنام للمجتمع المدني في إثارة قضايا احتلال المدينتين والجزر.
دخول المجتمع المدني المغربي على الخط في قضية سبتة ومليلية والجزر المغربية قد يربك حسابات الجهات الرسمية على اعتبار أن نسبة الوعي في أوساط المجتمع المدني ارتفعت بشكل ملحوظ في السنوات القليلة الماضية، وبسرعة فائقة جعلت منه رقما مهما في بلورة السياسات العمومية، بل صار في أحيان كثيرة طرفا في صياغة هذه السياسات، لذلك كان من الواجب أن يتم إدراج ملف سبتة ومليلية والجزر المحتلة في جدول الأعمال، وسيعتبر ذلك مكسبا حقيقيا للمغرب، حيث سيشكل ذلك اعترافا ضمنيا من قبل إسبانيا بأن هذه الثغور توجد في وضعية شاذة على المستوى الكوني، وأن الأمر يتعلق بتصفية مخلفات الاستعمار.
- وما موقع قضية الصحراء المغربية في العلاقات بين البلدين، علما بأن أقوى المنظمات الداعمة لجبهة البوليساريو تنشط في إسبانيا؟
يشكل موضوع الصحراء المغربية ورقة ضغط قوية بيد الإسبان على المغرب، وهم يعتبرون من الأطراف الأساسية في كل حل للأزمة المفتعلة. ومعلوم كذلك أن المجتمع المدني الإسباني مخترق بشكل شبه كلي من قبل أعداء الوحدة الترابية للمغرب، ومرد ذلك ضعف الدبلوماسية الموازية وغياب جمعيات مغربية نشطة وفعالة. معلوم كذلك أن الأحزاب السياسية الإسبانية تخضع لضغوطات المجتمع المدني، ولذلك نجد أن اللوبي الانفصالي يستغل دائما الهفوات المغربية ويضغط على الأحزاب الرئيسية لاتخاذ مواقف معادية للمغرب، لكن يمكن للمغرب اليوم أن يتخذ خطوات مدروسة تقوض كل ما بناه اللوبي الانفصالي بإسبانيا، حيث إن العديد من الجهات المانحة والداعمة لأنشطة الانفصاليين لم تعد قادرة على توفير ذلك الدعم، كما أن العديد من الجمعيات الإسبانية التي لها ارتباط بالانفصاليين أغلقت أبوابها. لذا يمكن القول إن الشبكة الداعمة للأطروحات الانفصالية شبه مشلولة، وهي فرصة تاريخية لإعادة بناء ورسم صورة جديدة عن المطالب المشروعة للمغرب وعن حقيقة الملف الذي عمل الإعلام الإسباني المنحاز دائما ضد مصالح المغرب على تشويهه.
- هل كان لعودة الحزب الشعبي إلى سدة الحكم في إسبانيا وقيادة العدالة والتنمية للحكومة في المغرب تأثير على العلاقات بين الطرفين؟
بدون شك سيكون لذلك تأثير على العلاقات الثنائية على اعتبار أن التناوب في إسبانيا بين الحزب الشعبي والحزب العمالي يستتبعه تغيير في المواقف من المغرب، على اعتبار أن المغرب يشكل دائما رقما أساسيا في السياسة الإسبانية لاعتبارات متعددة، لكن الجديد اليوم هو أن الحكومة اليمينية التي تدير الحكم في إسبانيا، والمعروفة بمواقفها المعادية والمتشددة والموسومة بالنفحة الاستعمارية تجاه المغرب، تسلمت هذه المرة مقاليد الحكم وهي مضغوطة بتبعات الأزمة الاقتصادية، ومن ثم فهي منشغلة بالبحث عن حلول فورية لهذه الأزمة، التي يوجد جزء منها في الخارج وبشكل أكبر في الخارج القريب، الذي يتضمن بالأساس المغرب، فالمغرب يشكل جزءا من الحلول بالنسبة إلى إسبانيا، وبالتالي فإن السياسة العدائية التي يتميز بها الحزب الشعبي تجاه المغرب محكومة بالظرفية الراهنة، بالإضافة إلى أن هناك تقاربا نوعا ما بين الحزب الشعبي الإسباني وحزب العدالة والتنمية على المستوى الإيديولوجي، فكلاهما يعتمد على المرجعية الدينية، فالحزب الشعبي الإسباني محسوب على الأحزاب المسيحية الأوربية، وحزب العدالة والتنمية، كما هو معلوم، ذو مرجعية دينية إسلامية.
- تتكرر الاعتداءات على المغاربة في إسبانيا بشكل مستمر من طرف الشرطة الإسبانية، وتظل ملفاتهم حبيسة المحاكم سنوات في بعض الأحيان. ألا يشكل هذا الأمر إرباكا للعلاقة بين الرباط ومدريد؟
شيوع بعض السلوكيات في المؤسسات الإسبانية تجاه المغاربة أخذت أبعادا خطيرة وتنم عن وجود أساليب ممنهجة للتنقيص واحتقار المغاربة دون بقية الأجانب المقيمين في إسبانيا. وهو مرتبط بضعف أداء الخارجية المغربية مع مختلف مصالحها العاملة في إسبانيا، وكذا ضعف التأطير الذي يميز المغاربة في إسبانيا، إذ ليست هناك جمعيات وازنة تدعم وتؤازر وتؤطر مغاربة إسبانيا، فهم يعيشون على الهامش ولم يفرضوا أنفسهم كجالية متلاحمة ومتضامنة، وتشكل قوانين الهجرة والإقامة في إسبانيا أحد أسباب ذلك.إذ لم يسبق للخارجية المغربية أن اتخذت خطوات ملموسة تقوي بها موقع مغاربة إسبانيا، ولم تقم بإصدار أي بلاغ أو تقرير يتضمن أو يشير إلى سوء المعاملة الذي تتعرض له الجالية المغربية بإسبانيا بشكل يومي ومهين إعمالا للشعار الأزلي «العام زين». فالمغاربة دون غيرهم يتم إيقافهم وتفتيشهم في الأماكن العمومية بشكل مهين وأمام الملأ دون احترام لآدميتهم.
- يشكل المغاربة في إسبانيا أيضا النسبة الأعلى من المهاجرين العاطلين عن العمل، حيث تصل النسبة في صفوفهم إلى النصف، أي تأثير لذلك اقتصاديا وسياسيا على البلدين؟
نسبة البطالة المرتفعة في إسبانيا مست جميع الشرائح والفئات والقطاعات، لكنها مست فعلا وبشكل أكبر الجالية المغربية لأسباب متعددة، من ضمنها نوعية الأنشطة التي كان يقبل عليها المغاربة، وهي أنشطة مرتبطة في الغالب بأوراش البناء، وهذا القطاع هو الأكثر تضررا من الأزمة. كما أنه في فرص التشغيل المتاحة يتم منح الأولوية للإسبانيين ومواطني أمريكا اللاتينية وأوربا الشرقية، وبعد ذلك المغاربة، إضافة إلى كون غالبية المهاجرين المغاربة بإسبانيا لا يتوفرون على تكوين عال أو كفاءة تقنية تجعلهم قادرين على المنافسة على مناصب الشغل.
إن العطالة التي يعاني منها أكثر من نصف مغاربة إسبانيا دفعت الكثيرين إلى النزوح نحو دول أخرى أو اعتماد هجرة العودة نحو المغرب، وهو ما يشكل عبئا إضافيا على سوق الشغل بالمغرب، وكذلك انخفاض قيمة التحويلات من العملة الصعبة..الخ. وهناك ظاهرة أخرى ناتجة عن هذه الأزمة تتمثل في الهجرة المكثفة للعاطلين الإسبان للعمل في المغرب بفعل القرب الجغرافي والخبرة التي يتوفرون عليها، وكذلك لكون السوق المغربي لا يزال يعتبر سوقا واعدا.
- تشكل هيكلة الحقل الديني في كل من سبتة ومليلية وفي صفوف الجالية المغربية بإسبانيا مجالا لتنافس خفي بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والسلطات الإسبانية. هل لذلك أي ثقل في ميزان العلاقات بين البلدين؟
بالفعل، يشكل الحقل الديني مجالا آخر من مجالات التنافس والصراع بين المغرب وإسبانيا، فمعلوم أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية هي التي كانت دائما ترعى الشأن الديني لمغاربة سبتة ومليلية، كما أن مساجد الثغرين المحتلين يتكفل بها المغرب، ولكن وجود أكثر من مليون مغربي فوق الأراضي الإسبانية أصبح اليوم يطرح العديد من الإشكالات، على رأسها توفير أماكن العبادة للمسلمين، والتوجه الذي نلاحظ أن إسبانيا ترغب في انتهاجه هو النموذج الفرنسي عبر مأسسة الموضوع في إطار المؤسسات الرسمية، علما أن إسبانيا ليست كفرنسا، ففرنسا علمانية، في حين أن إسبانيا تعنى رسميا بالحقل الديني، فالكل يعلم ثقل الحضور الديني لدى المغاربة، والسيطرة عليه هي بالضرورة سلطة حقيقية للتوجيه.
ويعاني مغاربة إسبانيا من مضايقات شديدة على مستوى بناء المساجد والمؤسسات، التي تسهر على الشأن الديني، ففي حالات نادرة وشاذة يتم الترخيص ببناء مسجد، خاصة إذا كان الطرف الذي يتبناه له علاقة بالمغرب. ولم يكن الأمر في السابق يطرح بحدة، لكن اليوم بعدما ارتفع عدد المغاربة المقيمين بإسبانيا وأصبحوا يشكلون تجمعات عمرانية خاصة بهم أصبح الأمر يطرح نفسه ويستلزم التتبع من قبل المغرب لأنه الوصي مبدئيا على الشأن الديني للمغاربة.
- ما هي مفاتيح تطوير العلاقات بين البلدين؟ وكيف يمكن تحقيق علاقات متكافئة ومتزنة؟
مستقبل العلاقات بين البلدين مستقبل واعد بدون شك، لكنه يحتاج إلى بعض الإجراءات العملية التي تقوم بالأساس على الوضوح وعلى حسن النية والمساواة. يجب البحث عن آليات فورية لمعالجة كل القضايا العالقة دون حرج، سواء تعلق الأمر بملف الثغور المغربية المحتلة أو الصيد البحري أو الهجرة أو التأشيرة أو الإرهاب أو قضية الصحراء أو التهريب أو التعاون الأمني...الخ.
كما يجب تمكين المجتمع المدني الإسباني من الانفتاح على المغرب كي يفهم حقيقة هذا البلد خلافا لما يصوره الإعلام الإسباني عن المغرب، وكذا العمل على تقوية دور الدبلوماسية الموازية التي يعول عليها بشكل كبير، والتي قد تساعد الدبلوماسية الرسمية في مهامها. إن نجاح التجربة الديمقراطية وترسيخ دولة المؤسسات في المغرب والمحافظة على مكتسبات ملف حقوق الإنسان بدورها عوامل قد تساعد المغرب في تطوير أداء مؤسساته، التي تمتلك مفاتيح العلاقة بين البلدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.