الحكومة الحالية تعذنا بإيجاد حل للبطالة... بعد رحيلها! في إطار برمجة مخططات المدى المتوسط والبعيد. من طرف مكاتب الدراسات، بعيدا عن البرنامج الحكومي، وعن الوعد الانتخابي. خير مثال على ذلك الهروب إلى الأمام نجده عند وزير التشغيل. وكأنه جاء أولا من أجل استوزاره، تاركا كل ما تبقى لسنة 2016، بعدما يأتي وزير آخر ينسينا كل ما كان قبله ويفتح قاعة انتظار كل ما سيترك بعده! وكأنهم ليسوا «سلطة تنفيذية» مطالبة بالإصلاح الآني للرفع الاستعجالي لكل عوائق الورش التنموي. وهكذا أتحفنا مؤخرا وزير التشغيل (!) بندوة «إعطاء الانطلاقة لإعداد الاستراتيجية الوطنية للتشغيل»، لتكون أول مرة يتم خلالها الإعلان عن قرب إعلان ما الذي ينوي الوزير عمله! في محاولة يائسة لتخفيض نسبة البطالة في أفق ... 2016 (!) للحصول على نسبة (8٪) تبقى تقديرية، بل تخمينية، بدون أدنى ضمان لضوابطها العملية. لأن المغرب ليس هو فرنسا. و POLE EMPLOI هناك ليس هي ANAPEC هنا! فهناك على كل عاطل التسجيل لتحسين وضعه المعيشي بتعويض «الشوماج»، أما عندنا فجل العاطلين لا علاقة لهم ب «الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل وتأهيل الكفاءات». لأنهم لا يثقون في قدراتها على إيجاد عمل لهم. ليبقوا غير ملزمين بأي تصريح عن وضعهم لتلك الوكالة التي لا تقدم لهم أي تعويض مادي في انتظار إيجاد العمل. مع الملاحظة أن نسبة البطالة غير مضبوطة، بالمقارنة مع ساكنة مرشحة للعمل، ابتداء من سن قانوني لا يتعدى 15 سنة. ساكنة يستحيل إحصاؤها، نظرا لتفاقم البطالة المقنعة، والبطالة المختفية في الأنشطة غير المنظمة. ثالثا، لا يمكن لنسبة البطالة أن تتطور سنويا بمنطق اقتصادي - إحصائي مقنع. فعدنا فاقت نسبة نمو الناتج الداخلي 5٪ أو عندما تأزمت الأمور وتدهورت الأحوال الظرفية والبنيوية الاقتصادية والمالية، الداخلية والخارجية، كيف يعقل أن تبقى نسبة البطالة بدون تغيير ملموس؟ بين سنتي 2012و 2013، رغم خلق فرص تشغيل مرت من 1000 وحدة إلى 114.000 منصب عمل؟ ثم كيف لخطة الصديقي أن تجد مصداقيتها العملية المستقبلية؟ عندما تؤكد كل الأرقام الرسمية أن السنة الحالية قد تكون أكثر كارثية من السنة الماضية. وكيف السبيل إلى تحفيظ نسبة البطالة عندما يعترف الوزير أن أزيد من 750 ألفا (ربعهم من حاملي الشهادات الجامعية) يوجدون اليوم بدون عمل! مخطط استراتيجي «خارج (إذن) من الخيمة مايل»! لأن حتى الوزارة «لا تتوفر، باعتراف الوزير، على الموارد المالية الكافية، لدرجة وصلت حد عدم توفر عدد من مديرياتها على مقرات»، كيف يهييء فرص الشغل من لا يجد أين يشتغل؟ كل هذا يحتم على هذا القطاع الوزاري المتواضع العودة المنطقية إلى تسميته الماضية: وزارة «الشغل» بدل وزارة «التشغيل». لأن كل ما ينوي تنفيذه، ويسميه بلا تواضع بالاستراتيجية، يتعلق في الواقع بأحوال «الشغل» الحاضر وليس بآفاق «التشغيل» الغائب. ذلك أن الدورة الخريفية المقبلة ستناقش مشاريع قوانين لا تستهدف خلق أي عمل: مدونة التعاضد والقانون التنظيمي لممارسة الإضراب، وقانون النقابات المهنية، وتمديد التغطية الصحية لمهنيي النقل، والتأمين الأساسي الإجباري على المرض لطلبة التعليم العالي، وإحداث مصالح اجتماعية للشغل داخل مقاولات القطاع الخاص، ومشروع قانون متعلق بالصحة والسلامة في المعمل، في انتظار قانون عمال المنازل... وكلها نصوص موروثة عن الحكومات السابقة، بل منها ما بقي معلقا منذ صدور أول دستور يضمن حق الإضراب ويطالب بتقنينه!