مع اقتراب موسم الحج، يتجدد النقاش كل عام حول تكاليف أداء المناسك، خاصة في ظل تفاوت الأسعار وارتفاعها مقارنة بالسنوات الماضية. ويجد العديد من المواطنين المغاربة أنفسهم في حيرة بين العروض المختلفة التي تقدمها وكالات الأسفار من جهة، والبرنامج الرسمي الذي تشرف عليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من جهة أخرى. ويعتبر المغرب من بين الدول التي تعرف إقبالا متزايدا على أداء مناسك الحج والعمرة، ما يجعل من تنظيم هذه الرحلات ملفا ذا أهمية دينية واقتصادية في آن واحد. وتحرص السلطات المعنية إلى جانب المهنيين في القطاع السياحي، على وضع ضوابط تنظم العملية بما يضمن الشفافية وحماية حقوق الحجاج، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات المرتبطة بارتفاع كلفة المعيشة وأسعار الخدمات في المملكة العربية السعودية. في هذا الإطار، يقدم محمد السملالي، رئيس فيدرالية أرباب وكالات الأسفار، توضيحات مهمة بخصوص المعايير المحددة لأسعار الحج والعمرة، والفروقات بين الخدمات المقدمة في القطاعين العمومي والخاص، إلى جانب الإجراءات التنظيمية التي تؤطر عمل الوكالات لضمان احترام القوانين الجاري بها العمل. قال محمد السملالي، رئيس فيدرالية أرباب وكالات الأسفار، إن تكلفة الحج والعمرة بالنسبة للمغاربة تخضع لعدة مكونات متداخلة، تختلف حسب الجهة المنظمة ونوعية الخدمات المقدمة. وأوضح السملالي أن من بين أبرز العناصر المحددة للسعر هناك تكلفة تذاكر الطيران، والتي تختلف باختلاف شركات الطيران والوجهات المختارة، بالإضافة إلى أسعار الإقامة سواء في مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة، التي تتباين وفقا لتصنيف الفندق "ثلاث، أربع أو خمس نجوم" وموقعه الجغرافي، خاصة مدى قربه من الحرم أو من المشاعر المقدسة. كما أشار إلى أن النقل الداخليين مختلف المشاعر، والخدمات المقدمة خلال فترة الإقامة، بما في ذلك الوجبات والتنقلات، تعد بدورها من العوامل المؤثرة في السعر النهائي، بالإضافة إلى نوعية الخيام في منى وعرفات، سواء كانت خياما عادية أو مكيفة وقريبة من الجمرات. وأضاف رئيس الفيدرالية، أن هناك أيضا رسوما إضافية تدرج ضمن السعر الإجمالي، من بينها التأمين الصحي ورسوم التأشيرة وبعض المصاريف الإدارية الأخرى، إلى جانب ما يمكن أن تقدمه وكالة الأسفار من خدمات لوجستيكية مثل تسهيل الإجراءات الإدارية ونقل الوثائق، موضحا أن كل وكالة تعتمد باقة خدمات تختلف بحسب الفئة المستهدفة. وفي سياق متصل، أبرز السملالي الفارق بين برنامج وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وعروض وكالات الأسفار. حيث أشار إلى أن الوزارة تقدم خدمة موحدة اجتماعية خالية من الطابع الربحي، وتستهدف تأمين ظروف مناسبة لأداء المناسك لجميع الحجاج المسجلين لديها، دون تمييز في مستوى الخدمات أو الإقامة. أما وكالات الأسفار، فيقول السملالي، إنها تشتغل بمنطق السوق والعرض والطلب، وتقدم منتجات متنوعة بحسب إمكانيات الزبائن، مشيرا إلى أن بعضها يوفر باقات راقية تشمل الإقامة في فنادق فاخرة وخدمات مميزة، بينما تقترح أخرى عروضا اقتصادية بأسعار تنافسية. وفي ما يخص مسألة مراقبة الأسعار، أكد السملالي، أن القطاع يخضع لمبدأ حرية التسعير لكن في المقابل، يلزم القانون الوكالات بإشهار الأسعار وتسجيلها لدى وزارة السياحة، موضحا أن الهدف من هذا الإجراء ليس فرض الرقابة بل ضمان الشفافية وتوفير المعلومة للحاج. ولفت المتحدث إلى أن أداء تكاليف الحج يتم اليوم عبر مؤسسة بريد المغرب، حيث لم يعد يسمح للوكالات باستلام الأموال مباشرة من الزبناء. بعد ذلك، تقوم الوكالة بالحجوزات اللازمة من فنادق وتنقلات وخدمات داخل المملكة العربية السعودية وذلك عبر منصة إلكترونية مؤمنة بتنسيق مع وزارة السياحة والسفارات المغربية المعتمدة. وختم السملالي تصريحه بالتأكيد على أن العملية برمتها مؤطرة ومحكمة، لضمان حقوق الحجاج وتقديم خدمة تتناسب مع توقعاتهم وميزانياتهم.