تابعت كل من التنسيقية الوطنية للطلبة المهندسين، واللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، والاتحاد الوطني لطلبة المغرب بقلق بالغ المستجدات المرتبطة بمشروع القانون 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بعد إحالته على المجلس الحكومي في مسار اعتبرته هذه الهيئات مسابقة للزمن، تغيب عنه الإرادة السياسية الحقيقية لإصلاح القطاع، وتُقصى فيه المقاربة التشاركية التي يفترض أن تشرك الطلبة والأساتذة والموظفين باعتبارهم فاعلين أساسيين. وأوضح الطلبة أن القانون 01.00 لسنة 2000، رغم صدوره في ظل دستور قديم، تضمن موادا صريحة تكفل حق الطلبة في التنظيم داخل مؤسساتهم الجامعية عبر هيئات تمثيلية من جمعيات ومجالس ومكاتب. وأبرزوا أن التعديلات الحالية، ورغم كونها جاءت بعد دستور 2011 الذي أكد على حرية التعبير والتنظيم والعمل الجمعوي، حذفت هذه المقتضيات في تناقض مع روحه الضامنة للحقوق والحريات. كما ذكرت التنسيقيات بأن وزارة التعليم العالي وقعت أقل من سنة مضت محضرا رسميا مع المكاتب الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، اعترفت فيه بشرعية تمثيلياتهم ودعت الكليات إلى تضمينها في أنظمتها الداخلية، معتبرة ذلك خطوة مهمة نحو تكريس المقاربة التشاركية. وأكدت أن هذا النموذج يجب أن يعمم على باقي مؤسسات التعليم العالي عوض طمسه. نددت الهيئات الطلابية بمحاولة تمرير المشروع في ظرفية صيفية متزامنة مع العطلة الجامعية، ما يحرم التمثيليات الطلابية والمجالس البيداغوجية من المشاركة في النقاش العمومي، ويجسد نهجا أحاديا في تدبير ملف استراتيجي وطني. واعتبرت أن تغييب الحوار يعكس إرادة متعمدة لإقصاء الفاعلين الأساسيين في الجامعة. فيما شددت التنسيقيات على أن التمثيليات الطلابية ليست مطلبا فئويا، بل آلية ديمقراطية متعارفا عليها دوليا تسهم في تحسين جودة التكوين وتطوير الممارسة الديمقراطية داخل الجامعة. واعتبرت أن إشراك الطلبة في تدبير الشأن الجامعي يعزز الحوار المؤسساتي ويقوي الانسجام بين مكونات الجامعة من أجل إرساء جامعة عمومية قوية ومنفتحة. وحذرت الهيئات الطلابية من أن القانون الجديد، عبر بعض ثغراته، يفتح الباب أمام خوصصة التعليم العالي، وهو توجه يمس بمبدأ تكافؤ الفرص والحق في مجانية التعليم، ويهدد آلاف الطلبة غير القادرين على تحمل التكاليف المادية، محولا الجامعة من مؤسسة علمية ذات رسالة إنسانية إلى مقاولة تجارية محكومة بالمنطق الربحي. أعلنت التنسيقيات رفضها الصارم للمقاربة الأحادية التي صيغ بها القانون، ودعت إلى مراجعة حقيقية تشرك جميع الفاعلين، مؤكدة رفضها حذف المواد 71 و72 و73 التي تضمن حرية الطلبة في التنظيم، كما شددت على رفضها لكل أشكال الخوصصة المباشرة أو غير المباشرة. وأكدت أنها ستراسل وزارة التعليم العالي ورئاسة الحكومة، كما أبدت استعدادها لخوض إضرابات واحتجاجات ميدانية مع الدخول الجامعي المقبل دفاعا عن الجامعة العمومية. واختتمت الهيئات الثلاث بيانها بتجديد الدعوة إلى كل مكونات الجامعة للنهوض جماعيا للدفاع عن التعليم العمومي المجاني وضمان تكافؤ الفرص، داعية وزارة التعليم العالي إلى فتح حوار جاد ومسؤول تفاديا لأي توتر قد يهدد استقرار الموسم الجامعي المقبل.