حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    وقفات الجمعة ال74.. المغاربة يجددون مطالبهم برفع الحصار وإنهاء "الإبادة" في غزة    الثقة التي وضعتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في الأطر الوطنية "عامل أساسي في النجاح الحالي لمنتخباتنا" (عادل السايح)    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    بعد 25 سنة.. شركة "FRS" تُعلن رسمياً توقف نشاطها البحري بين طنجة وطريفة    إدريس لشكر : الديمقراطية في خطر وسط تزايد الاستبداد والمخاطر العالمية    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    « بين التاريخ والرواية» كتاب جماعي يرصد مسارات أحمد التوفيق    دراسة تكشف عوامل جديدة مرتبطة بالخرف المبكر    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    حادثة سير مميتة تنهي حياة سبعيني بالفقيه بن صالح والسائق يفرّ هاربا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    إجهاض محاولة لتهريب أزيد من 51 ألف قرص مخدر بميناء طنجة المتوسط    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    مقاطعة مديري مؤسسات الريادة للعمليات المصيرية يربك مشروع الوزارة في الإصلاح التربوي    سوريا: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي "تصعيد خطير"    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    المغرب يودّع أحد رموزه الفنية.. محمد الشوبي يترجل بعد مسار طويل من الإبداع    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    تقرير: أخنوش يستخدم أمواله للسيطرة على الإعلام والصحافيون المستقلون يتعرضون لضغوط مستمرة    نجاح "خامس مهمة نسائية" خارج المحطة الفضائية الدولية    مجلس الدفاع في لبنان يحذر "حماس"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    البكوري يقيم مأدبة غذاء على شرف جنود خفاء جماعة تطوان قبيل انطلاق الموسم الصيفي    لماذا لا تحتفل هولندا بعيد العمال (فاتح ماي) رغم عالميته؟    "الكورفاتشي" تستعد للتنقل إلى مدينة الدار البيضاء لحضور "الكلاسيكو" أمام الوداد    في ساحة مسجد بدر بطراسة… رجل يقبّل طفلًا والأب يتصل بالشرطة    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    تفاؤل تجاري ينعش أسعار النفط في الأسواق العالمية    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    عيد العمال.. الكونفدرالية ببني ملال "تحتج" في مسيرة حاشدة    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    لجنة الأخلاقيات توقف العديد من المسؤولين عن كرة القدم بين سنة وثلاث سنوات بسبب اختلالات في التسيير    الصين تدرس دعوات أمريكية لاستئناف الحوار بشأن الرسوم الجمركية    حين يتحول الانفعال إلى مشروع سياسي: في تفكيك خطاب بنكيران حول "القضية" و"الحمار"    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    اللاعب المغربي الذي أبهر العالم بأدائه المجنون … !    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنكيران أو الطوفان
نشر في الشرق المغربية يوم 03 - 06 - 2016

يبدو أن السكيزوفرينيا التي أصابت السيد رئيس الحكومة المغربية لم يعد لها حدود، بل أصبحت تسيطر عليه تماماً لدرجة أنه نسي أنه فعلاً رئيس الحكومة المغربية.
السيد بنكيران، خلال خرجاته الأخيرة، نسي بأنه المشرف الأول على الانتخابات، ونسي بأن الملك هو الضامن الأول لنزاهة العملية الانتخابية، وبدأ في عملية ابتزاز وتهديد مباشرة للدولة.
السيد رئيس الحكومة قال مخاطباً أتباعه، في مؤتمر حزبه الأخير، بأنه لا يضمن عواقب الإعلان عن نتائج في الانتخابات المقبلة غير النتائج التي ينتظرها الشعب المغربي، مذكراً الجميع بأن استطلاعات الرأي (المفبركة) كلها تشير إلى فوز حزبه في التشريعيات القادمة.
يعني أن رئيس الحكومة، الذي هو المشرف الأول على الانتخابات القادمة، يقول لوزير الداخلية بأن أي نتيجة غير فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات المقبلة هي نتيجة مرفوضة من الآن وغير محسوبة العواقب.
يمكن اعتبار هذا التصريح توجيهاً قبلياً للعملية الانتخابية وللمشرفين عليها، ويمكن اعتباره دعوة صريحة لتزوير أي انتخابات لا تحمل النتيجة التي ترضي السيد رئيس الحكومة وأتباعه، ويمكن اعتباره تهديداً مباشراً للدولة بالمجهول إذا لم تتدخل الدولة لتزوير الانتخابات لصالح حزب العدالة والتنمية.
أي تأويل من التأويلات لهذا التصريح يحيلنا إلى كارثة حقيقية، سواء تعلق الأمر بتوجيه قبلي للعملية الانتخابية، أو دعوة صريحة لتزوير نتائجها، أو تهديد للدولة بمصير مجهول. والمصيبة الأعظم هي أن تصريح السيد بنكيران يعتبر دليلاً ملموساً على التأويل الذي يعطيه الإسلاميون للعملية الديمقراطية، وهو التأويل الموجود في أدبياتهم والذي تختصره عبارة "النصر والتمكين" التي يجامل بها كل إسلاميو العالم بعضهم بعضاً.
عبارة "النصر والتمكين" تختزل الفكر الإخواني، والغسيل الذي يخضع له أي عقل جديد ينتمي للجماعة الإخوانية التي تعتبر حركة التوحيد والإصلاح ممثلاً رسمياً لها بالمغرب.
النصر يعني الوصول إلى الحكم، والتمكين يعني البقاء في الحكم بأي وسيلة وبسط النفوذ والسيطرة على كل مفاصل الدولة.
والحقيقة أن مفاجأتي كانت ستكون أكبر لو أني سمعت السيد بنكيران يقول كلاماً غير الذي قاله، لأنه سيكون بذلك يخالف المبادئ التي تربى عليها.
فكيف يمكن أن تنتظر من شخص تربى على مبدأ السمع والطاعة أن يحترم الاختلاف ويقبل بالتداول على السلطة والاحتكام للصندوق وفق قواعد محددة اتفق عليها غالبية الشعب وغير معروفة النتائج ؟ تصريح السيد رئيس الحكومة حول الانتخابات ونتائجها أتبعه بتصريح آخر، خلال لقاء مع طلبة المعهد العالي للصحافة، اعتبر فيه السيد بنكيران أن الوصول إلى الحكومة لا يعني الوصول إلى الحكم وأن صلاحيات رئيس الحكومة ضئيلة وأن الحاكم الفعلي هو الملك.
وكأني بالسيد بنكيران يريد من خلال هذا التصريح أن يعلق فشله في التسيير على الملك، ويقول للمغاربة بأن القرارات التي تمس جيوبكم ومستقبلكم ومستقبل أبنائكم مصدرها الملك.
وكأن الملك هو من يوقع قرارات الزيادات في كل شيء، وكأن الملك هو من يرفض الرفع من الأجور، وكأن الملك هو من يريد فرض قانون تقاعد لا يقبل به أحد، وكأن الملك هو من يعنف المحتجين، وكأن الملك هو من أغرق البلاد في الديون، وكأن الملك هو من لم يحقق النمو، وكأن الملك هو من يعين في المناصب السامية في الوزارات، وكأن الملك هو المسؤول عن تدهور حال المستشفيات وإخفاق نظام الرميد، و و و و و ... مع أن فصول الدستور واضحة وتقول بالحرف في الفصل 88 : "بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه.
ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به، في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية. يكون البرنامج المشار إليه أعلاه، موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبها تصويت في مجلس النواب.
تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي" ثم الفصل 89 : "تمارس الحكومة السلطة التنفيذية.
تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين. والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية" ثم الفصل 90 : "يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء".
المطَلع على القانون عندما يسمع خطابات رئيس الحكومة يظن بأنه مصاب بالسكيزوفرينيا، غير أن الحقيقة هي أن السيد بنكيران يلعب لعبة خطرة عنوانها ببساطة "أنا أو الطوفان". لكنه نسي بأن البلاد التي عجز العثمانيون عن استعمارها بالسواعد، يستحيل أن يستعمروها بالوكالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.