تثير ظاهرة التوقف العشوائي للشاحنات الكبيرة بمختلف أحياء مدينة طنجة قلقا متزايدا في أوساط السكان والمهنيين، في ظل ما يعتبره كثيرون غيابا واضحا للبنيات التحتية المخصصة لهذا النوع من المركبات، وتقصيرا من قبل الشركات المالكة لها في احترام المجال الحضري. وعلى امتداد أحياء ذات كثافة سكانية مرتفعة مثل رياض أهلا والبرانص وشارع القدس، يضطر عدد من السائقين إلى ركن شاحناتهم التي يتجاوز وزنها في بعض الحالات ثلاثة أطنان دون حمولة، بمحاذاة عمارات سكنية أو محلات مهنية، في مشهد يتكرر يوميا دون تدخل رادع. ويقول مشتكون في شهادات متطابقة، إن هذه العربات الضخمة تشوه النسيج العمراني وتؤثر على انسيابية حركة السير، خصوصا في الأوقات الحساسة من اليوم، حيث يشهد محيط المدارس والأسواق اكتظاظا شديدا، ما يجعل من هذه المركبات عاملا مضاعفا للاختناق المروري والمخاطر المحتملة على الراجلين. ويشير مهنيون في قطاع التجارة والخدمات إلى أن توقف الشاحنات أمام المحلات يؤثر كذلك على جاذبية واجهاتهم ويعيق ولوج الزبناء، في وقت يشكو فيه مستعملو الطريق من صعوبة تجاوز هذه المركبات داخل الأزقة الضيقة، خاصة في غياب علامات التشوير أو المراقبة الدائمة من طرف الجهات المختصة. وما يزيد الطين بلة، وفق شهادات متطابقة، هو مكوث بعض هذه الشاحنات في نفس المكان لأيام طويلة دون أن تتحرك، مما يحول الأرصفة والطرقات إلى مواقف شبه دائمة تعرقل السير وتضغط على المجال العام. كما تتسبب بعض هذه المركبات الثقيلة، بحسب معاينات ميدانية، في إلحاق أضرار مباشرة بالبنية التحتية، من قبيل تهشيم أغلفة البالوعات وتشقق الإسفلت وتآكل الأرصفة، خصوصا في النقاط التي تفتقر إلى تعزيز هندسي ملائم. ورغم عدم وجود قرار تنظيمي يمنع صراحة توقف هذه الشاحنات داخل المدار الحضري، إلا أن عددا من الأصوات تطالب بتفعيل مقتضيات التنظيم الجماعي، وبتحميل الشركات المالكة مسؤولية احترام ضوابط الوقوف والتوقف، من خلال تخصيص فضاءات خاصة خارج النطاق السكني. من جانبه، أفاد مسؤول جماعي في إفادة لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن المصالح المختصة داخل جماعة طنجة بصدد تفعيل إجراءات تهدف إلى الحد من انتشار الشاحنات داخل الأحياء، من خلال تصور تنظيمي جديد يراعي واقع المدينة وتوسعها العمراني السريع. وأوضح المسؤول أن الجماعة تعمل على دراسة خيارات تنظيمية تشمل تخصيص مواقف مهيكلة خارج المدار السكني، ووضع ضوابط لولوج العربات الثقيلة إلى المجال الحضري خلال أوقات محددة، مشددا على أن هذه التدابير ستواكب بعمليات تحسيسية ومراقبة ميدانية بالتنسيق مع المصالح الأمنية. وتأتي هذه التحركات في وقت يتواصل فيه النقاش العمومي حول إشكالات التنقل الحضري في طنجة، التي تعرف ضغطا متناميا على شبكتها الطرقية، بفعل الارتفاع المطّرد في عدد المركبات الخاصة والنقل المهني، في غياب توازن عمراني بين متطلبات اللوجستيك وحق الساكنة في بيئة سليمة.