تسعى جهة طنجة–تطوان–الحسيمة إلى بلورة سياسة جهوية مندمجة لفائدة الأشخاص المسنين، تركز على تحسين جودة الخدمات وتعزيز الإدماج الاجتماعي، في سياق توجه وطني لتقوية ركائز الدولة الاجتماعية. وتم، الإثنين بمدينة طنجة، التوقيع على مذكرة تفاهم بين كتابة الدولة المكلفة بالإدماج الاجتماعي ومجلس الجهة، ضمن اللقاء الجهوي الثاني حول حقوق المسنين، المنظم بشراكة مع صندوق الأممالمتحدة للسكان. وتهدف المذكرة إلى دعم مبادرات موجهة للمسنين داخل المؤسسات الاجتماعية وفي الوسط الأسري، من خلال تشجيع التطوع، وتحسين استمرارية الخدمات، وإحداث نوادٍ نهارية خاصة بهذه الفئة. كما تنص على تطوير فضاءات عامة تراعي احتياجات كبار السن، مع ضمان كرامتهم في الفضاء العمومي، عبر تكييف الخدمات الاجتماعية والترفيهية والصحية معهم، وتكوين العاملين في هذا المجال. من بين المبادرات المعلن عنها، مشروع "جسور الخبرة" الذي يهدف إلى خلق تفاعل بين الأجيال، عبر تمكين الأشخاص المسنين من نقل خبراتهم المهنية والحياتية إلى الشباب، بما يعزز روح الانتماء والمواطنة. وتشمل الاتفاقية أيضًا إنجاز دراسات ميدانية بشراكة مع الجامعات ومراكز البحث حول قضايا الشيخوخة، إلى جانب تحفيز القطاع الخاص والمقاولات الناشئة على الاستثمار في ما يعرف ب"الاقتصاد الفضي". وقال كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، عبد الجبار الرشيدي، إن مذكرة التفاهم تشكل آلية للتعاون بين مختلف الفاعلين من أجل بناء برنامج عمل مندمج، يستند إلى مبادئ الكرامة والتمكين والمشاركة الفعالة. وأضاف أن اللقاء الجهوي يندرج ضمن سلسلة لقاءات تهدف إلى تثمين المبادرات الموجهة لكبار السن، في أفق تفعيل الخطة الوطنية للشيخوخة النشطة (2023-2030)، التي تستند إلى معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024. وأشار المسؤول الحكومي إلى أن الاستثمار في الاقتصاد الفضي يمثل فرصة لتطوير خدمات ومنتجات موجهة للفئة العمرية فوق 60 سنة، وهو ما يتطلب مقاربة متعددة الأبعاد وشراكات بين القطاعين العام والخاص. وأكد رئيس مجلس جهة طنجة–تطوان–الحسيمة، عمر مورو، أن مواجهة تحديات الشيخوخة مسؤولية جماعية، تشمل الإدارات العمومية والمجالس المنتخبة والمجتمع المدني، داعيًا إلى تنسيق الجهود من أجل توفير بيئة دامجة وآمنة للمسنين. وأوضح أن توقيع المذكرة يمثل ترجمة عملية لهذا الالتزام، مشيرًا إلى أهمية توفير بنية تحتية مؤهلة، وتحسين خدمات مؤسسات الرعاية، وتعزيز مبادرات التقارب بين الأجيال. من جانبها، شددت ممثلة صندوق الأممالمتحدة للسكان، مريال سندير، على التزام الصندوق بمواكبة المغرب في هذا الورش الاجتماعي، معتبرة أن الاعتراف بحقوق المسنين وضمان كرامتهم هو أحد مؤشرات تطور المجتمعات. وأضافت أن الاستثمار في هذه الفئة يشكل فرصة لتحويل التحديات الديمغرافية إلى إمكانيات تنموية، معتبرة أن رد الجميل للأشخاص المسنين هو "مسؤولية جماعية تقتضي ضمان مكانتهم داخل المجتمع". وقد عرف اللقاء مشاركة مسؤولين ترابيين وممثلين عن المجتمع المدني وخبراء، إلى جانب رئيس جماعة طنجة، منير ليموري، وتمت خلاله مناقشة مواضيع تتعلق باقتصاد الرعاية وجودة التكوين والخدمات الموجهة للمسنين.