في تحول لافت في مسار التفاعل الميداني مع حراك "GENZ"، سمحت السلطات المحلية في مدينة طنجة، مساء الأربعاء، بتنظيم وقفة احتجاجية في ساحة فارو (سور المعكازين) دون تسجيل أي تدخل أمني أو منع، خلافًا لما شهدته الأيام الأربعة السابقة. وجاء هذا التطور بعد سلسلة من التحركات التي عرفت توتّرًا متفاوتًا، شمل إنزالًا أمنيًا في محيط الساحة في كل مرة كان المحتجون يحاولون التجمّع. وقد طُرحت تساؤلات متكررة طيلة الأيام الماضية حول ما إذا كانت السلطات ستواصل نفس النهج، أم أنها ستُغيّر من أسلوب تعاملها مع احتجاجات غير مؤطرة تستند أساسًا إلى التعبئة الرقمية. وعاد عشرات الشبان، أغلبهم في العشرينات من العمر، إلى الساحة الواقعة وسط المدينة للمطالبة بتحسين ظروف العيش وتوفير فرص الشغل. وردد المحتجون شعارات ذات طابع اجتماعي، مؤكدين التزامهم بالسلمية وعدم الانجرار إلى الاستفزاز، وسط حضور أمني وُصف ب"الرصين والحيادي". وقد حافظ التجمع على طابعه السلمي من البداية إلى النهاية، دون أن تُسجّل أية محاولة للتوسع أو إثارة الاحتكاك. وغلب على الحضور الطابع الفردي غير المؤطر، فيما تمركزت الشعارات حول المطالب الاجتماعية، دون رفع لافتات أو انتماءات تشير إلى تنظيمات سياسية أو نقابية. ويأتي هذا التطور بعد سلسلة من التدخلات الأمنية التي طالت الوقفات السابقة، والتي خلّفت ردود فعل غاضبة على منصات التواصل الاجتماعي، ودعوات إلى احترام الحق في الاحتجاج المكفول دستورياً. وشهدت ساحة فارو مساء الأربعاء التحاق مجموعات متفرقة من الشبان في فترات متتالية، قبل أن يستقرّ الحضور في نقطة مركزية تم خلالها رفع شعارات اجتماعية، دون تسجيل أي توسع في نطاق التحرك أو تجاوز للمحيط المحدد. وقد تمّت الوقفة بهدوء، دون احتكاك أو تنبيه، وسط مراقبة غير مباشرة من الأطراف المحيطة بالساحة. وقد بدا لافتًا أن وقفة الأربعاء مرّت في أجواء هادئة، سواء من حيث سلوك المحتجين أو تعامل القوات العمومية، ما فتح المجال أمام قراءات متباينة حول دوافع التغيّر، بين من اعتبره خطوة تكتيكية ظرفية، ومن رأى فيه مؤشراً على مراجعة تدريجية في أسلوب التعاطي. وجاء هذا التحول في التعاطي الميداني بعد أيام من الحضور الأمني المكثف، دون أن يُعرف ما إذا كان قرار عدم التدخل هذا مرتبطًا بتوجيه ظرفي، أو أنه يعكس تحوّلًا فعليًا في أسلوب التعامل مع هذه الوقفات. ويُعد هذا التراجع النسبي عن منطق المنع بمثابة اختبار جديد لكيفية تدبير الدولة للاحتجاجات ذات الطابع الفجائي وغير المؤطر، في وقت تتزايد فيه الدعوات من فاعلين مدنيين إلى اعتماد مقاربة استباقية تراعي التحولات التي يشهدها ما يوصف ب"الجيل Z". وتستمر التعبئة الرقمية الداعية للاحتجاج على مواقع التواصل الاجتماعي، دون تبنٍّ من أي هيئة تنظيمية أو تيار سياسي واضح، ما يطرح تحديات إضافية في قراءة دوافع الحراك وتحديد أفقه، في ظل صمت رسمي لافت من الحكومة المركزية.