عاد الحديث عن مشروع الربط القاري الثابت بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق إلى الواجهة، بعد سنوات من الغياب، مدفوعا بتطورات تقنية جديدة وبالسياق الذي فرضه الاستعداد لتنظيم كأس العالم 2030، بحسب ما أوردته وسائل إعلام أوروبية. المشروع، الذي ظل لعقود حبيس الدراسات والفرضيات، بدأ يستعيد زخمه مع بروز معطيات تقنية تعتبر، للمرة الأولى، أن إنجازه لم يعد خارج دائرة الممكن. وتحدثت صحيفة "ذي إكسبريس" البريطانية عن تجاوز عدد من الإكراهات الكبرى التي كانت تعيق المشروع، خاصة تلك المرتبطة بعمق المضيق وتعقيد بنيته الجيولوجية. واستندت الصحيفة إلى دراسة حديثة أنجزتها شركة "هيرينكنخت" الألمانية، المتخصصة في حفر الأنفاق، خلصت إلى أن التطور الذي عرفته تقنيات الحفر العميق يسمح اليوم بالتعامل مع طبيعة الصخور والضغوط الموجودة في قاع المضيق، بعدما كان ذلك يعد تحديا يصعب التحكم فيه. وفي إسبانيا، بدأت هذه الخلاصات التقنية تجد صداها على مستوى التحرك الميداني. فقد أفادت تقارير إعلامية محلية بأن الحكومة خصصت اعتمادات مالية جديدة لاقتناء واستئجار معدات متطورة لرصد النشاط الزلزالي، في إطار التحضير لمسح دقيق لقاع مضيق جبل طارق. وتهدف هذه الخطوة، بحسب المصادر نفسها، إلى الانتقال بالمشروع من مستوى النقاشات السياسية العامة إلى مرحلة الدراسات التقنية الميدانية، التي تسمح بتحديد المسار الأكثر أمانا وجدوى للنفق المقترح. وبحسب المعطيات المتداولة، فإن التصور الحالي لا يعتمد أقصر مسافة بين الضفتين، بل يقترح نفقا سككيا بطول يقارب 28 كيلومترا، يربط بين منطقة بونتا بالوما قرب مدينة طريفة في جنوب إسبانيا ورأس ملاباطا في محيط طنجة، لتفادي المناطق التي تسجل أعماقا كبيرة في قاع المضيق. ويراهن القائمون على المشروع على أن هذا الربط، في حال إنجازه، سيحدث تحولا في حركة التنقل بين أوروبا وإفريقيا. وتشير تقديرات أولية إلى إمكانية تقليص زمن السفر بين الدارالبيضاء ومدريد إلى نحو خمس ساعات ونصف، مقابل أكثر من 12 ساعة في الوقت الراهن. ويشكل ملف التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 بين المغرب وإسبانيا والبرتغال عاملا ضاغطا لتسريع وتيرة الدراسات، إذ تسعى الأطراف المعنية، بحسب تقارير إعلامية، إلى الحسم في الخيارات الكبرى للمشروع في أفق عام 2027، أملا في أن يتحول هذا الربط القاري إلى أحد المشاريع الرمزية المرافقة للحدث العالمي.