في مشاركته ضمن برنامج " ليلة الذكرى " الذي بثته إذاعة طنجة مباشرة للاحتفاء بالذكرى السابعة و الثلاثين للمسيرة الخضراء، أكد سفير المغرب المعتمد في إسبانيا أحمدو ولد سويلم على أن الاحتفال بهذه المناسبة من شأنه إثارة المشاعر الوطنية من خلال استذكار و إحياء ذكرى المسيرة الخضراء، التي بموجبها تم استرجاع الصحراء ، و التحاق الصحراويين المغاربة بالوطن الأم ، وأكد ولد سويلم أن الذكرى لا تكتمل صورها و لا تأخذ بعدها الحضاري و التاريخي و التحريري إلا باسترجاع ما تبقى من أقاليمنا و استتباب الأمن و عودة الصحراويين، الذين لا زالوا تحت الحجز في تندوف إلى وطنهم الأم ، معززين مكرمين تحت السيادة الوطنية المغربية ودون أي وصاية أجنبية ، كانت تحاول اجتثاثهم أو استعمالهم ضد وطنهم الأصلي . و أكد السفير أن كل المغاربة المنحدرين من الصحراء المغربية يحملون مشاعر الوطنية ، ويرغبون بكل الوسائل المتاحة في العودة إلى وطنهم فرادى و جماعات ، بالرغم من الحصار الشديد و المعاناة المستمرة ، خاصة في ظل تفاقم الوضع الأمني ، مما يشكل هاجسا جديدا ينضاف إلى الهواجس المزمنة لدى هؤلاء السكان الذين يعانون ويلات الاحتجاز و الضغط النفسي و الخوف و عدم الاستقرار في مواجهة شبكات الإرهاب و المتاجرة في المخدرات و البشر . وهو الوضع الذي ينبغي أن ينتبه له الرأي العام العالمي ، ليعجل بإنصافهم و الإنصات لهم ، و تمكينهم من التعبير عن رغبتهم ، وقبل ذلك كله ، إحصائهم فواقع الحال أن المجتمع الدولي لم يعد يميز بين من هو صحراوي حقيقة ومن هو غير ذلك . إذ أن هناك أرضا لا سلطة عليها و لا قانون يحكمها ، وبوسع أي جهة أن تسكنها أو تغادرها أو تعبث فيها على حساب الصحراويين، أو باسم الصحراويين مما يجعل من هؤلاء مادة استهلاكية تخضع لاستغلال مزدوج من قبل جهات لا ترحم ،وبالأخص من قبل جهات منتفعة من وجود هؤلاء الصحراويين خارج وطنهم. في السياق ذاته ، أكد ولد سويلم ، أن المشروع الانفصالي وصل إلى نهايته ، فالصحراويون الذين استُعمِلوا في البداية و استغلت سذاجتهم - بالشكل ذاته الذي استغلت به الظروف الدولية التي وقع فيها الصراع – أدركوا حقيقة المخطط فسارعوا بالعودة إلى وطنهم ، و أصبحوا يرفضون الاستمرار كمادة ابتزاز و ارتهان ، خاصة و أن المشروع بحد ذاته لم يعد قائما لا على قناعة و لا على مصلحة ، إذ لا مصلحة توجد في الصراع ضد الوطن وضد الأهل . المغاربة الصحراوين أدركوا كذلك – حسب ولد سويلم - أن العودة إلى الوطن ليست مجرد بديل لواقعهم ، بل هو حق مشروع لهم ، في العودة إلى الوطن حيث وجودهم الطبيعي و حقهم المضمون ، مما يضع البوليساريو الآن في موقف لا يحسد عليه ، فهو لا يزداد مع مر الأيام إلا قمعا وغطرسة و عنجهية ضد الصحراويين للتمكن من السيطرة عليهم ، و لكن " هيهات بين القناعة الصحراوية بالعودة إلى الوطن و قناعة البوليساريو القائمة على الاحتجاز و اختطاف الصحراويين و المتاجرة في معاناتهم " و بشأن التصدعات التي طالت البيت الداخلي للبوليساريو ، أكد السيد ولد سويلم أن البوليساريو الأصلي الذي تأسس على أنه حركة تحريرية من طرف بعض الصحراويين ، قد انتهى و تلاشى ، وتم تفكيكه وعادت قياداته إلى أرض الوطن ، و ما بقي منها هناك ، بقي تحت رهانات وضغوطات بشعة جدا ، أما البوليساريو كعلامة مسجلة لدى الجزائر أو غيرها فهذا بوسعه البقاء ما شاء في الجزائر . كما أن هناك من يتسمى بأنه صحراوي و يحاول أن ينتسب للصحراويين ، فقط للإستفادة من واقع اللجوء . إذ أن هناك فعلا جهات بعينها تستفيد ماديا و سياسيا و ثقافيا من الوضع ، وهؤلاء سيبقون حيث هم ، و لكنهم سيظلون خارج السياق التاريخي و خارج الانتماء الحقيقي لأي جهة ، لا لموريتانيا و لا إلى النيجر و لا إلى المغرب ، فهم شرذمة بلا وطن و" نأسف لواقعهم و لخطورة ما يقومون به في حق الأبرياء ". و بالنسبة لمقترح الحكم الذاتي ، أكد ولد سويلم أن أصداءه الدولية في العالم كله تتأرجح ما بين مؤيد متحمس و قابل ، ومابين محايد ، إلا أنه لا يوجد من يعادي أو يرفض مقترح الحكم الذاتي ، وهذا في حد ذاته دليل على قبوله. أما بخصوص بعض الإجراءات التقنية التي لا زالت محل التفاوض ، فهي لا تؤثر على رأي المنتظم الدولي الذي يدرك أن الانفصال و التشرذم و الجرائم الإرهابية هي أكبر دليل على صحة وقوة الأطروحة المغربية التي تسد الباب أمام الدويلات غير القابلة للبقاء و أمام التشرذم و الانفصال , و أمام الجهات المشبوهة و المجهولة الهوية و كذلك أمام المخاطر الإرهابية التي أصبحت تحدق بالمنطقة . في الإطار ذاته ، وعلى صعيد ذي صلة بمقترح الحكم الذاتي ، أوضح ولد سويلم أنه كلما تم التسريع بتنزيله على أرض الواقع ، كلما تم التخلص مما تبقى من البوليساريو وإقناع المتشككين في مصداقية وواقعية الطرح المغربي ، خاصة و أن الانفصاليين ما زالوا يفتشون عن المزايدات وعن مادة تشكيك يؤطرون من خلالها مشاعر بعض الصحراويين اتجاه المغرب . إلا أن التسريع بتنزيل مقترح الحكم الذاتي سيضع حدا لهذه الممارسات ، وسيعجل بتوجيه الضربة القاضية لما تبقى من البوليساريو ،مما سيقطع الشك باليقين لكل من هو في حالة انتظار، و سيؤكد أن المسار المغربي لا رجعة فيه. وهذا ما يؤكد عليه المغرب ، الذي قطع على نفسه عهد الالتزام من موقع الاختيار و ليس من موقع الاضطرار، و هو الاختيار ذاته الذي يلزم المغرب بتميكن الصحراويين من حكم ذاتي داخل السيادة و الوحدة الترابية المغربية و أضاف ولد سويلم أن المطلوب حاليا من الأممالمتحدة و من الطرف الآخر أن يجد في التزامات المغرب و تعهداته ، ما يكفي لقطع أي شك و للتوجه نحو مفاوضات جدية ونهائية ، تضع حدا لهذه الوضعية غير الطبيعية ، مبرزا " أننا نقترب من نهاية هذا الصراع المفتعل ، فالموقف المغربي يتعزز يوما بعد يوم ، لأن المقترح المغربي يأخذ ويعطي ، كما أنه ليس بالموقف الاستئصالي و لا الأحادي الجانب ، وهو أيضا حل يرضي الجميع ".