الأميرة للا مريم تترأس حفل الاختتام الرسمي للمنتدى الإفريقي الأول لبرلمان الطفل    الداخلة .. تنظيم لقاء علمي حول الذكاء الاصطناعي في أبعاده الاجتماعية والسيادية        اليماني: مجلس المنافسة يتهرب من مواجهة الاحتكار في سوق المحروقات        الملك محمد السادس يهنئ الجيش الملكي النسوي بعد تتويجه بدوري أبطال إفريقيا    بسبب عدم اختياره كأحسن حارس.. أحمد الشناوي يشن هجومًا لاذعًا ضد جوائز "الكاف"        موسيقى كناوة المغربية تلهب حماس الجمهور في مهرجان فني بالكويت        نادي آسفي يستكمل التحضير في مالي    ملف موسّع لمجلة "تيّارات يهوديّة" يرصد حياة وإرث الناشط المغربي اليهودي سيون أسيدون    الأمن يكشف تفاصيل الفيديو المتداول بالقنيطرة ويؤكد توقيف المشتبه فيه    إجراء ناجح لعمليتين في القسطرة القلبية بمستشفى محمد السادس بأكادير    الغلوسي: مافيات الفساد تغولت على الدولة والمجتمع وأصبحت تدفع البلد نحو المجهول    الحسيمة .. قافلة نحتافلوا كاملين تحط الرحال بأجدير    مجلس المستشارين يعقد الثلاثاء المقبل جلسة عمومية مخصصة للأسئلة الشفوية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة    انتفاضة آيت باعمران... محطة مفصلية في مسار الكفاح الوطني لاستكمال الوحدة الترابية    البرازيل.. إيداع الرئيس السابق جايير بولسونارو رهن الاعتقال الاحتياطي    اليويفا يفرض عقوبة ثقيلة على دياز بعد إصابته لحكيمي    لجنة الأفلام تُطلِق برنامج قطر لحوافز الإنتاج السينمائي والتلفزيوني (QSPI)    تنظيم مهرجان فاس السينمائي العربي الإفريقي    لجنة الأفلام في قطر تحصل على حقوق قصة "قيصر"    هل يصيب الذكاء الاصطناعي بعض الناس بالتوهم؟    قوات روسيا تعلن عن تحرير بلدتين    مطالب بفتح تحقيق في التدخل في القضاء في ملف تسريب مداولات لجنة تأديب الصحافة    الإنتربول تشيد بالدور الإستراتيجي للمغرب في مكافحة الجريمة العابرة للحدود    أكبر جمعية حقوقية بالمغرب تدين تواتر الأحكام القضائية القاسية في حق محتجي "جيل زيد"    جلالة الملك يهنئ الرئيس اللبناني بمناسبة العيد الوطني لبلاده    الطالبي العلمي بمؤتمر الاتحاد البرلماني الإفريقي: التنمية الحقيقية رهينة بتعزيز سيادة الدول الإفريقية على مواردها الطبيعية    أفراد طاقم فيلم "صوت هند رجب" وأبطال القصة الحقيقيين في مهرجان الدوحة السينمائي: صوت هند هو صوت غزة وكلّ الفلسطينيين    نبيل باها .. أداء اللاعبين في المنافسة كان استثنائيا    حادثة سير خطيرة تودي بحياة 4 أشخاص في بوجدور    ساركوزي يكتب عن السجن: كما هو الحال في الصحراء.. تتقوّى الحياة الداخلية في السجن    ارتفاع الدرهم بنسبة 0,4 في المائة مقابل الدولار    القاهرة تستعجل تشكيل "قوة غزة"    مونديال قطر لأقل من 17 سنة.. صحيفة "أس" الرياضية الإسبانية تشيد بالجيل الجديد من المواهب المغربية    الأمم المتحدة: الإمدادات الغذائية لغزة تتحسن منذ وقف إطلاق النار    عقار : ارتفاع مؤشر الأسعار في الفصل الثالث من سنة 2025    أرسنال يفقد مدافعه غابرييل لأسابيع    طقس مستقر في توقعات اليوم السبت بالمغرب    وفاة ثلاثيني وإصابة شاب آخر في حادثَيْ دراجة نارية متتاليَيْن داخل نفق "مركز الحليب" بطنجة    بوعرعار "كبير المترجمين".. سفير لغوي متجول بارع ودبلوماسي "فوق العادة"    الداخلية تلزم الجماعات بتحديد تسعيرة الضريبة على الأراضي غير المبنية لتشمل الدواوير... تغازوت نموذجا (فيديو)    انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان خلال شهر أكتوبر    بن هنية: "صوت هند رجب" يتخلّد حين يصل نفس الشعور إلى كافة الناس    لوحة بورتريه لفريدا كاهلو تصبح أغلى عمل فني من إنجاز امرأة    "الأول يكشف تفاصيل استنطاق "بوز فلو".. الرابور أمام القضاء بسبب اتهامات مرتبطة بمضامين أغانيه    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوابة الحكومة لوضع الشكايات.. أو "الطنز" والاستخفاف بالمواطن المغربي

يقول المثل المغربي:"أنا تنشكي لو بالعقم وهو تيسولني شخبار الدراري". هذا المثل يختصر تماما ما أقدمت عليه الحكومة من خلال الإعلان عن إطلاق بوابة إلكترونية لوضع شكايات المواطنين المتعلقة بالإدارة .
وأقل ما يمكن قوله عن هذه المبادرة هو أنها حالة أخرى من حالات "الطنز" والإلهاء والاستخفاف بالمواطن المغربي البسيط، حيث يصور لنا السيد رئيس الحكومة أن هذه البوابة ستحل الآفات الخطيرة والاعوجاجات العميقة والهيكلية التي تعاني منها الإدارة العمومية..
ومن ملاحظاتي عليها :
أولا : من العار تسمية بوابة يفترض فيها أن تكون تفاعلية مع المواطنين باسم : شكايات.ما؟ هذه التسمية لوحدها تضع المواطن في موقف دوني وتجعله كمن يستجدي الإدارة من أجل خدمة، هي في الأصل حق له يؤدي عليها من الخزينة العامة للدولة.
ثانيا : هذه المبادرة تجعل من الإدارة خصما وحكما في نفس الوقت، وتتيح للإدارة ممارسة دور السيد الذي يُشتكى له ولا يشتكى به، فمن المفروض في فلسفة "الشكوى" أن توجه لطرف ثالث محايد وهو القضاء (قضاء الأرض وقضاء السماء) وليس للمعتدي. ولذلك أعتبر أن المبادرة بهذا الشكل تنم عن خلفية استبدادية تكرس البيروقراطية والعقم الإداريين أكثر مما هما عليه اليوم. واقتراحي في هذا الصدد هو أن تكون البوابة تابعة للنيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات وليس للحكومة .
ثالثا : هذه المبادرة تنطوي على فكرة تبييض الإدارة من الممارسات التي تجعل منها جهازا عقيما ومكلفا وتفترض أن الإدارة ليست على علم بالمشاكل، والحقيقة أن ممارسات الإدارة التي يشتكي منها المواطن ويدينها هي ممارسات إرادية ومقصودة بل أحيانا مؤطرة بالقانون، ورئيس الحكومة الذي تحمَّل عدة مسؤوليات تمثيلية ووزارية يعرف تماما هذه الممارسات، ولذلك فالأمر لا يحتاج لهذه العملية التمويهية من أجل القيام بالإصلاحات الضرورية. بل يتطلب مباشرة الإصلاحات والتوقف عن المناورات الهادفة للإلهاء وربح الوقت على حساب معاناة المواطنين .
رابعا : المشكلة في الإدارة العمومية مشكلة بنيوية ومؤَطرة ومحمية بقوانين تمييزية وتعسفية، وليست ظاهرة عرضية يمكن التعامل معها بواسطة خلية لدراسة الشكايات، فهل يحتاج رئيس الحكومة مثلا لبوابة إلكترونية ليعرف مدى العبث الذي يخترق الإدارة العمومية، وهل يجهل أن المواطن يعاني من الصدود ومن فراغ المكاتب كلما لجأ إلى إحدى الإدارات، وأن موظفي بعض الإدارات العمومية يحصلون على تعويضات وامتيازات خيالية بينما لم يبذلوا فيها أي مجهود، وأن موظفيه يقتنون السيارات الوظيفية الفارهة من المال العام ليقوموا باستعمالها في الأغراض الشخصية والنزهات وأشياء أخرى ثم يحصلون بعد ذلك على تعويضات عن التنقل، وأنهم يختصون أنفسهم بمساكن وظيفية فاخرة من المال العام ويجهزونها من المال العام ويحصلون بعد ذلك على تعويضات عن السكن، وأنهم يبدعون في إنتاج مساطير لا فائدة منها سوى تعقيد حياة المواطنين وإرغامهم على البحث عن حلول أخرى؟ واللائحة طويلة ومعروفة ...
خامسا : لم يقل لنا السيد رئيس الحكومة شيئا عن المبلغ الذي ستكلفه هذه العملية من ميزانية الدولة، مقابل مردودية نعرف ونقول من اليوم أنها ستكون محبطة؟ وكم يصل حجم التعويضات التي ستصرف للخلايا التي ستُكلف بدراسة شكايات حول خروفات صادرة عنها وعن محيطها، حيث أنه من المضحك أن تقوم الإدارة بممارسات مرفوضة ثم تقوم بتلقي الشكايات حول هذه الممارسات.
سادسا : أين ذهبت مؤسسة الوسيط التي استهلكت مبالغ طائلة من المال العام، من أجل إصدار تقارير إحصائية لم تؤدي إلى أي إجراء فيما يتعلق بردع أخطاء وأمراض الإدارة العمومية، وما أكثرها ؟
خلاصة القول، هذه البوابة تذكرني بحديقة في لندن، يلجأ إليها الناس فيصرخون كما يشاؤون ويقولون كل ما يريدون ويسبون وينتقدون وينعتون المسؤولين بكل النعوت القدحية دون أن يترتب عن ذلك أية محاسبة في حقهم طالما أن ما قيل، قد قيل داخل أسوار الحديقة، وبعد ذلك يخرج المواطنون الغاضبون وقد خف غضبهم ليعودوا إلى طاحونة الحياة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.