قافلة طبية ببني شيكر بمشاركة أطباء من داخل وخارج الناظور من تنظيم رابطة الشباب    تنصيب ابن مدينة تطوان الأستاذ أيوب التجكاني قاضيا بالمحكمة الابتدائية بالداخلة    توقيع اتفاق لإنشاء أول مكتب بالرباط لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة حول الابتكار في إفريقيا    انتخاب الموريتاني سيدي ولد التاه رئيسا للبنك الإفريقي للتنمية    رئيس الكنفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية يشيد بالقرارات الملكية ويدعو إلى التعاطي المسؤول مع واقع القطاع الفلاحي ومعاناة الفلاحين    العرائش تستعد لاحتضان معرض الصناعة التقليدية صيف 2025    لجنة الأخلاقيات تعاقب مسيرين ولاعبين    تعيينات جديدة في مناصب عليا    بينهم 11% من الخصوصي.. نصف مليون تلميذ يجتازون امتحانات البكالوريا    اعتقال شاب بالحسيمة تورط في تسريب امتحانات الباكالوريا عبر "واتساب" مقابل المال    شباب الريف الحسيمي يستعد لخوض مباريات تحديد بطل القسم الثاني هواة    مجلس المنافسة يؤاخذ شركة "غلوفو"    إسرائيل تقبل مقترح وقف إطلاق النار    العلمي يستقبل وزير الخارجية المصري    الحسيمة.. انقلاب حافلة للنقل المدرسي بجماعة شقران (صور)    توقيف 7 أشخاص في غش البكالوريا    تأخر "الشركات الجهوية" في صرف المستحقات يضع مقاولات على حافة الإفلاس    الملك يعزي أسرة الفنانة نعيمة بوحمالة    الولايات المتحدة تلغي عقدا ب590 مليون دولار مع موديرنا لتطوير لقاح ضد إنفلونزا الطيور    برقية تعزية ومواساة من الملك محمد السادس إلى أفراد أسرة المرحومة الفنانة نعيمة بوحمالة    نشرة إنذارية: موجة حر الخميس والجمعة بعدد من مناطق المملك    تشابي ألونسو يحسم مستقبل ابن الناظور إبراهيم دياز داخل ريال مدريد    إسبانيا تخلق استثمارات جديدة في المغرب بقيمة 500 مليون درهم    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    افتتاح مركز الفرصة الثانية "الجيل الجديد" بزوادة بإقليم العرائش: خطوة لتعزيز محاربة الهدر المدرسي    زخات تؤجل منافسات جائزة التبوريدة    الكيني نغوغي وا تيونغو يفارق "الأدب الإفريقي"    "مسناوة" تفتتح فعاليات الدورة الثانية من مهرجان "أرواح غيوانية"    ما لم يُذبح بعد    استطلاع: جل المغاربة متخوفون من تأثير الغش والتسول والتحرش على صورة المغرب خلال "المونديال"    كابوس إسهال المسافرين .. الأسباب وسبل الوقاية    حسنية أكادير تطرح تذاكر مواجهة السد الحاسمة أمام رجاء بني ملال    رقمنة.. السغروشني تدعو في لقاء بإستونيا إلى تعاون مثمر يغطي عددا من المجالات    انخفاض أسعار الإنتاج الصناعي في المغرب خلال أبريل 2025    الركراكي: سأترك منصبي لغوارديولا أو أنشيلوتي إذا قادا المغرب للفوز بكأس إفريقيا    إيلون ماسك يؤكد خروجه من الحكومة الأميركية    تشييع جثمان الفنانة نعيمة بوحمالة بالدار البيضاء    إسرائيل تعلن إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية    الناظور.. افتتاح معمل "أليون" الصيني المتخصص في صناعة شفرات توربينات الرياح    الإعلان عن تنظيم الدورة التاسعة للجائزة الوطنية لأمهر الصناع برسم سنة 2025    %10 من سكان غزة ضحايا الإبادة الإسرائيلية    لارغيت يكشف كواليس غير معروفة عن اختيار حكيمي تمثيل المغرب عِوض إسبانيا    المدافع جوناثان تاه يوقع مع بايرن ميونيخ حتى 2029    تحطم طائرة تدريب دورية في كوريا على متنها 4 أشخاص    سؤال الأنوار وعوائق التنوير في العالم العربي الإسلامي    فرنسا تُصعد ضد الجزائر.. تهديد بتجميد أصول مسؤولين جزائريين ودراسة تعليق امتيازات اتفاقية 1968    طقس حار يعم عددا من مناطق المملكة اليوم الخميس    السعودية تفرج عن "رجل دين إيراني"    جائزة الملك فيصل تدشن في إسبانيا كتاب رياض الشعراء في قصور الحمراء    بحضور الرباعي المغربي.. الأهلي يتوج بلقب الدوري المصري للمرة 45 في تاريخه    الصين تفتح أبوابها أمام الخليجيين دون تأشيرة اعتبارًا من يونيو المقبل    ضمنها تعزيز المناعة.. هذه فوائد شرب الماء من الأواني الفخارية    من تهافت الفلاسفة إلى "تهافت اللحامة"    بن كيران وسكر "ستيڤيا"    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    









صرخة طفل "آيت عباس"
نشر في تطوان بلوس يوم 13 - 01 - 2021

هل ننتظر أن يخرج طفل في عمر الزهور وهو معزول وسط أكوام من الثلج في عمق إحدى القرى النائية (آيت عباس) بإقليم أزيلال، وهو يتوسل ببراءة وعفوية ملتمسا "الحوايج" و"التقاشر" و"الأغطية" التي تقيه وتقي قريته الصغيرة من موت وشيك بسبب البرد القارس، ولسان حاله يقول "عافاكم عاونونا"..؟ هل ننتظر أن نسمع صوت مغاربة المغرب المنسي أو نستفيق على صرخاتهم أو طلبات النجدة الصادرة عنهم، حتى يتحرك فينا الضمير وتغلي في عروقنا دماء المواطنة ..؟

صرخة طفل "آيت عباس" ما هي إلا مرآة عاكسة لشرائح واسعة من المغاربة الذين يعيشون يوميات الموت المستمر جراء البرد القارس الذي نكتوي به ونحن على بعد مئات من الكيلومترات من الجبال النائية، فكيف حال من يعيش بين أحضان الثلوج، حيث لا يعلو صوت على صوت الألم والبؤس والجوع والعزلة التامة، هي صرخة المغرب المنسي والمغرب العميق، هي صرخة أطفال أبرياء كتب عليهم القدر أن يعيشوا تحت رحمة السماء في ليالي الشتاء، هي صرخة تلاميذ محاصرين بين أكوام الثلوج، في قرى نائية لا صوت يعلو فيها على صوت البؤس بكل مفرداته ومستوياته ..

تلاميذ غلابى نسائل ضميرنا ووعينا الفردي والجماعي، ماذا يأكلون؟ ماذا يلبسون؟ ماذا يلتحفون؟ ومن القساوة أن نتساءل ماذا يدرسون؟ وماذا يتعلمون؟ وأية تعلمات يتلقون؟، لأن التعلمات لامكان لها في أمكنة خارجة عن النص، تحضر فيها مفردات الألم والبؤس والشقاء ويتربص بها الموت من كل صوب واتجاه.

صرخة طفل "آيت عباس" هي رسالة عميقة معبرة من مغرب عميق، أناسه غير معنيين لا بأحزاب سياسية ولا بانتخابات ولا بديمقراطية ولا بتجاذبات سياسية واجتماعية، لايطلبون لا سلطة ولا ريعا ولا مكاسب ولا امتيازات، إلا "الحوايج" و"التقاشر" و"الأغطية" و"الأكل"، وكل التفاتة تتيح لهم فرصة الحياة وتمنحهم مناعة التحمل والصمود في عالم القسوة والموت بامتياز، هي صرخة ضد الفقر والبؤس والهشاشة والحرمان والنسيان والإقصاء، صرخة ضد كل السياسات التدبيرية التي عمقت بؤر الفوارق الاجتماعية والتباينات المجالية ..

طفل "آيت عباس" كغيره من أطفال الهامش، كيف نقنعهم بالذهاب إلى المدرسة من أجل التعلم؟ كيف يمكن للمدرسين أن يمرروا لهم قيم المواطنة وكل القيم الاجتماعية والإنسانية؟ كيف نزرع فيهم حب الوطن؟ وكل أحلامهم تختزل فيما يحمي أجسادهم البريئة من برد كاسح ومن موت متربص في طبيعة قاسية لا ترحم، كيف نزرع في قلوبهم الوديعة ثمرات الأمل في بيئة حاملة لألوان اليأس والألم والبؤس والإقصاء؟ كيف نقنعهم أن الوطن هو ملك للجميع، وهم يعيشون في هوامش الوطن؟

اللحظة المأساوية تقتضي – بعيدا عن لغة الحسابات الضيقة – استعجال تقديم مساعدات حقيقية لشرائح واسعة من المغاربة المحاصرين في الجبال بين أكوام الثلوج يعيشون في عزلة شبه تامة إن لم نقل تامة، بمدهم بما يكفي من المؤونة الغذائية والأغطية والأفرشة والألبسة والأدوية والتدفئة، والتي تكفيهم لاجتياز محنة الشتاء، أما الأطفال التلاميذ، فمن باب المواطنة واعتبارا للحق في التعلم، فلابد من مواكبتهم نفسيا واجتماعيا والحرص على مدهم بما يلزم من الوسائل الديدكتيكية لضمان استمرارية تعلماتهم، مع تفعيل الخيارات المرتبطة بالمدارس الجماعاتية والداخليات ودور الطالب(ة) لإنقاذ هؤلاء التلاميذ من شبح الهدر المدرسي في بيئة لا ترحم لا تؤمن بالقلم ولا بالكراسة، إلا بالتغذية والأغطية والأفرشة والتدفئة والملابس.

عسى أن تحن القلوب الرحيمة وتتحرك الأيادي البيضاء لمد جسور التعاضد والتضامن، إنقاذا لكل المغاربة البسطاء المحاصرين بين أجنحة الثلج في جبال الأطلس والريف، وعسى أن تكون "اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي" التي يرتقب أن تقدم تقريرها الختامي أمام أنظار الملك في قادم الأيام، أن تكون قد تفهمت بعمق وتبصر ما يعيشه "مغاربة الجبال" من مشاهد البؤس والهشاشة والإقصاء، وتوصلت إلى بلورة الحلول الناجعة التي من شأنها القطع النهائي مع مقولات "مغرب الهامش" و"المغرب العميق"، والتأسيس لمغرب جديد قوامه العدالة والمساواة الاجتماعية والإقلاع التنموي الشامل …
Laaouissiaziz1@gmail.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.