"ك.د.ش" تيزنيت : المسؤول الإقليمي للتعليم تفاعل بشكل إيجابي مع كافة القضايا المطروحة التي أثارها المكتب الإقليمي    تقصي الحقائق: صور الأقمار الصناعية تظهر اختفاء آلاف خيم اللاجئين في رفح    إجراءات مشددة لحفظ صحة وسلامة المستهلكين بعمالة المضيق الفنيدق    مذكرة لمندوبية التخطيط حول البحوث الفصلية حول الظرفية الاقتصادية    توقيف أربعة أشخاص موالين لتنظيم "داعش"    ملتقى المدينة الذكية للدار البيضاء: الدعوة إلى جعل المواطن في صلب عملية تنمية المدن    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الخميس    فيدرالية جمعيات الاحياء السكنية تطالب وكالة راديج بالكشف عن السبب وراء قطع المياه عن ساكنة الجديدة    مركز مهن التربية والتكوين بالجديدة في زيارة ميدانية لإعدادية لالة مريم    نور الدين مفتاح يكتب: آش غادي نكملوا؟    أساتذة العلوم يحتجون في كلية تطوان    المجلس الجهوي لهيئة المهندسين المعماريين لمنطقة طنجة يتضامن مع مديرة الوكالة الحضرية    فاجعة "الماحيا المسمومة" تصل العالمية    معرض يقدم شهادة على العصر من خلال أرشيف الراحل عبد الواحد الراضي    كلية الدراسات العسكرية تراعي التطور    دراجي يتهم "أطرافا معادية خارجية" بإشعال النار في كرة القدم الجزائرية    الملف المعقد يهدد بنسف التقارب الإسباني المغربي    وزير الفلاحة: الأسعار بإسبانيا منخفضة "حيث مكيعيدوش" ومعظم الأضاحي من رومانيا    "الكاف" ينفي الحسم في موعد تنظيم كأس إفريقيا بالمغرب    بهدف المس بالمغرب .. ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يدعم البوليساريو من الجزائر    العقبة التي تعرقل انتقال نجم المنتخب المغربي إلى الأهلي المصري    دراسة: ارتفاع حرارة الأرض الناجمة عن النشاط البشري إلى "مستوى غير مسبوق"    "طاكسي بيض 2".. الخياري ينبش عالم المخدرات في عمل كوميدي مليئ ب "الأكشن"    المغرب وفلسطين يوقعان مذكرتي تفاهم تتعلقان بالتعاون الصناعي والتجاري والتقني (فيديو)    هزة ارضية تضرب اليابسة بإقليم الحسيمة    المنتخب المغربي يتوجه إلى أكادير استعدادًا لمباراة زامبيا    مونديال أقل من 20 سنة.. القرعة تضع لبؤات الأطلس في المجوعة الثالثة    "التسمين" وراء نفوق عشرات الخرفان المعدة لعيد الأضحى بإقليم برشيد    طبيب مغربي يبتكر "لعبة الفتح" لتخليص الأطفال من إدمان الشاشات    "اللغات المتخصصة: قضايا البناء ومداخل التحليل".. إصدار جديد للدكتور زكرياء أرسلان    الأمثال العامية بتطوان... (617)    حماس تحسم موقفها من المقترح الأمريكي الذي يدعمه المغرب    علاج جيني في الصين يوفّر أملا للأطفال الصمّ    بورصة البيضاء تنهي التداولات على وقع الأحمر    انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    حكومة الاحتلال واعتبار (الأونروا) منظمة إرهابية    ترقب في القدس لمسيرة الأعلام الإسرائيلية وبن غفير يهدد بدخول باحات المسجد الأقصى    المخرج عزيز السالمي يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الرباط كوميدي    الاتحاد السعودي يوافق على رحيل لاعبه المغربي حمد الله    زيادة سعر غاز البوتان: من يدفع الثمن؟    عن إجرام النظام العسكري في حق الشعب الجزائري    تسلل الغش إلى أوزان البوطاغاز!    مناهضو التطبيع يواصلون الاحتجاج ضد المجازر في غزة ويستنكرون التضييق وقمع المسيرات    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    إطلاق نار يستهدف سفارة أمريكا في بيروت    ماركا تُرشح دياز للفوز بالكرة الذهبية الإفريقية    أنتونيو كونتي مدربا جديدا لنابولي الإيطالي    مبادرة بوزان تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    تقصي الحقائق: ماذا يحدث على حدود رفح بين مصر وغزة؟    علماء أمريكيون يقتربون من تطوير لقاح مركب ضد جميع فيروسات الإنفلونزا    مجلس النواب الأميركي يصوّت على معاقبة مسؤولي "المحكمة الجنائية الدولية"    مهرجان سيدي قاسم للفيلم المغربي القصير يفتح باب المشاركة في دورته الجديدة    لطيفة رأفت: القفطان المغربي رحلة طويلة عبر الزمن    خبراء: حساسية الطعام من أكثر الحالات الصحية شيوعا وخطورة في زمن تنوع الاطعمة    فرق محترفة تقدم توصيات مسرحية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إصلاح التعليم بالمغرب ، ممكن ... لكن !!

( هناك إكراهات و مشاكل و أيضا إمكانيات الإصلاح ، و هو ما يدفعني إلى القول بالتفاؤل المأساوي ، فبالرغم من المشاكل السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، فهناك دائما باب مفتوح للإصلاح ، و النهج الإصلاحي لا يتعب ، و يمكن التقدم نحو الافضل ) .
د . عبد الله ساعف : جريدة العلم – 18/01/1999
1 - منطلقات مبدئية : نصدر من خلال ملامستنا لراهن النظام التعليمي المغربي عن حزمة من التصورات و المحددات الرؤيوية، التي من شانها أن تساعدنا على استجلاء و استقراء حقيقة المنجز التعليمي الوطني ، و لعل أهم هذه المنطلقات هو أن التعليم يشكل مكونا محرقيا في حياة الأمم و المجتمعات قديما و حديثا ، كما أن التطلع نحو تجسيد تنمية شاملة وإقلاع حضاري فاعل إنما يرتهن بوجود نسق تعليمي نوعي ، و كيان سياسي و سوسيو – اقتصادي وازن ، خاصة و نحن ندرك أن التعليم بمثابة نقطة ارتكاز النهوض البشري ، و مقياس بالغ الدقة يعكس مدى تقدم الأمم و تأخرها في حلبة التنافس العلمي و التكنولوجي و الثقافي .. و معلوم أن الدول العظمى ينصب اهتمامها أبديا على تجديد الوسائل و المناهج و الاستراتيجيات البيداغوجية في مسعى للصراع على القمة و الهيمنة الاقتصادية و العسكرية و السياسية . و أسباب نزول هذا الكلام كثيرة ، أقلها خطاب العاهل المغربي بمناسبة " ثورة الملك و الشعب " ، و الذي أثار زوبعة من المقالات و الحوارات ذات الصلة بالوضع الكارثي للتعليم العمومي الوطني ، و من جملة ما جاء في هذا الخطاب الاستثنائي و الانتقادي : ( ما يحز في النفس أن الوضع الحالي للتعليم أصبح أكثر سوءا ، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أزيد من عشرين سنة ) .
2 - خطاب الأزمة : إن نظرة خاطفة على ما ينشر من دراسات و مقاربات جادة حول الموضوع المقصود بالمعاينة ، تجعلنا نستنتج دون عناء يذكر أن هناك شبه يقين بانحدار التعليم المغربي ، و فشله الذريع في تحقيق الأهداف المنوطة به كما و كيفا ، من قبيل تعميم التمدرس و تكافؤ الفرص و الاستفادة من تعليم عصري يتسم بالجودة ، و يتلاءم و مستلزمات الحداثة و سوق الشغل . و لعل تقارير المؤسسات الوطنية (التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي ) ، و التقارير الدولية (البنك الدولي ) تغني عن أي إبحار في عالم الأدبيات التربوية المغربية للتأكد من هزالة " المحصول المدرسي" ، إلى درجة أفضت بالبعض إلى " الاقتناع " بان إمكانية إصلاح التعليم بالمغرب أضحت مستحيلة . فما هي العوامل الكامنة وراء هذا الإحباط القاتل ؟ و هل فعلا فقدنا الأمل في إحياء مدرستنا العمومية على و جه الخصوص ، و عودتها إلى لعب أدوارها الطلائعية في تكوين الناشئة و تأطير المتعلمين و إعدادهم إلى بناء مغرب الغد ؟ ليست أزمة التعليم وليدة اليوم بقدر ما أنها ضاربة في التاريخ المعاصر ، فمنذ استقلال المغرب سنة 1956 و الحديث عن إصلاح المنظومة التربوية لم يتوقف ، جراء إقحامه في الشأن السياسي و الصراعات الأيديولوجية الظرفية و تضارب مصالح الفاعلين في الشأن المجتمعي ، و إذا اقتصرنا على العقد الاخير من تاريخ المملكة الحديث أدركنا أن جهودا فرعونية بذلت من أجل تدارك الخلل و تجاوز المعيقات المكبلة لأي انطلاقة فعلية نحو الأفضل ، و لعل الميثاق الوطني للتربية و التكوين (1999) قد مثل دستورا تربويا بحصر المعنى ، إذ جاء نتيجة عمل تشاركي و توافقي ، شاركت في صياغته كل مكونات الشعب المغربي باختلاف الحساسيات الثقافية و الأيديولوجية و السياسية . و إذا أضفنا إلى جانب ذلك باقي النصوص و القوانين و الوثائق بالغة الأهمية ، و على رأسها المخطط ألاستعجالي (2009-2011) ، و الخطب الملكية و الدستور المغربي الجديد (2011) والتصريح الحكومي الأخير (2012) سنجدها تتوافق و القوانين التربوية العالمية ، دون أدنى مبالغة مجانية ، و لئن كان بعض المعنيين بالشان التربوي يشتكون من قلة الموارد المادية ، و ضعف الميزانية المخصصة لمجال التعليم ، فإن المملكة المغربية قد وضعت رهن إشارة وزارة التربية و التعليم في السنوات الأربعة الأخيرة أغلفة مالية فلكية ، من أجل انتشال المنظومة التعليمية من مخالب الانهيار المأساوي ، رغبة في تكوين و تاهيل الموارد البشرية و " مكننة " المعطى البيداغوجي و توفير مستلزمات تكنولوجيا الإعلام الحديث .. دون تحقيق أي تقدم ملموس كما و كيفا ، فما العمل !؟
3 - خطاب الإصلاح : و في خضم ركام هائل من " القراءات " المجمعة على قتامة واقع و أفق التعليم المغربي ، و عدم " جاهزيته" لتقبل أي علاج يخرجه من قاعة العناية المركزة ، نجد عددا غير قليل من المعنيين بقضايا التعليم الوطني و الدولي ، و الذين يتطلعون إلى اجتراح حلول أكثر نجاعة و عقلانية ، بعيدا عن النزعة العدمية الموغلة في الانشغالات السياسوية الضيقة ، و من أبرزهم الباحث الجامعي و الأستاذ المجتهد الدكتور عبد الله ساعف ، و الذي تقل منصب وزارة التعليم الثانوي و التقني في عهد حكومة عبد الرحمن اليوسفي . و لعل المقطع الذي فضلنا أن نستهل به هذه المقالة ، تبرز بجلاء ما أسماه الباحث بالتفاؤل المأساوي ، الذي يجمع بين الوعي الجدلي و العميق بهشاشة المنظومة التعليمية ، و التسلح بالرؤية الإنسانية المؤمنة بالإصلاح و التجديد و الوصول إلى بر الأمان .. و صاحب هذه السطور يؤمن دون ادعاء مصطنع ، بإمكانية حقيقية لتجاوز الباب المسدود الذي و قف عنده " نسقنا " التعليمي ، كما أنه متيقن بأن نهضة تاريخية للجسم المدرسي و الجامعي لا تقتصر على عقد اللجان و تنظيم المؤتمرات و المناظرات التربوية ، و إخراج مواثيق و قوانين و نصوص جديدة ، و تجديد الوسائل و الطرق البيداغوجية المتجددة باستمرار .. فعلى الرغم من أهمية هذا المنحى ، فإننا مطالبون بإحداث إصلاح سياسي حقيقي ، يتخذ من الديمقراطية مبتدأه و خبره ، بدايته و منتهاه ، لأنه لا يمكن إصلاح التعليم في أي بلد من دون إصلاح الحياة السياسية العامة ، كثيرة هي الجهود المادية و المعنوية المضنية التي بذلت من أجل رؤية الضوء في آخر نفق منظومتنا التعليمية ، بيد أننا كنا نقف في وسط الطريق ، لم نهتم بحال من الأحوال بما يسمى في عالم التجارة و التسويق ب " خدمة ما بعد البيع " ، فهل قمنا بتتبع المشاريع الهيكلية و العملاقة التي كلفت المغرب غاليا ؟ هل تم التنفيذ الفعلى و المحكم للمناهج التربوية التي اتخذناها أدوات مساعدة لأجرأة المنجز المدرسي ، من قبيل التعليم بواسطة الأهداف و التعليم بالكفايات و بيداغوجيا الإدماج ؟ و قبل كل ذلك هل تمت قراءة حصيفة و مسؤولة لميثاق التربية و التكوين بما يساعد على فهم أنضج للفلسفة التربوية الوطنية ؟ هل تم الاعتناء بالموارد البشرية بشكل علمي يخولها التعامل السلس و المنتج مع وسائل التكنولوجيا الحديثة ، و مستجدات البحث العلمي ؟ و هل دعمنا العاملين المتفوقين في القطاع و نبهنا المتقاعيسن منهم ؟ و هل كل الأطر الإدارية و التربوية العاملة الممارسة الآن لمهنة التعليم تتوفر على ما يكفي من الكفايات الثقافية و التشريعية و البيداغوجية و الأخلاقية ؟ هل تسند المناصب الكبرى و الصغرى لمن هو أجدر و أحق بها ؟ هل نضع الرجل المناسب في المكان المناسب لتحمل المسؤولية التعليمية ؟ هل تتم مراقبة و محاسبة الإنجاز التربوي للمدرسين و الأطر الإدارية بشكل منظم و منهجي بعيدا عن ذهنية حملات التطهير المناسباتية ؟ ... يؤلمني أن أقول بأن الجواب على كل هذه الأسئلة و ما يماثلها ستكون بالنفي المطلق . مأساتنا نحن في مغربنا العزيز أننا نبذل قصارى جهدنا في البحث و التخطيط و البرمجة .. و نظل ننتظر في مفترق الطريق ، الذي يأتي و لا يأتي . فليجرب مسؤولو قطاع التربية و التعليم الوطني ، و لو مرة واحدة ، الانتقال من فضاء الأقوال إلى عالم الأفعال الملموسة و الموضوعة تحت المراقبة و المحاسبة الدائمتين ، إنه لا ينقصنا اللعب الجيد ، بل ينقصنا تسجيل الأهداف الإستراتيجية و التاريخية ، و كم كان شاعر العرب أبو الطيب المتنبي محقا و هو يصدح في ميميته الشهيرة بحكمته البالغة الدلالة :
و لم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.