من أسوء المواقف التي قد تصادف أحدانا نحن البنات,هو أن تتم دعوتها ل"عراضة" إحدى الحركيات,وكلنا مسلمات والحمد لله,و التي تقتصر طبعا على الجنس اللطيف ,و يسرح بك الحماس فتلبسين وتتأنقين,وترشي عطر,وتضربي قلم روج على جرة كحل جريئة, واللي أكثر منك تفاؤل وحماس ممكن تضع في حقيبتها اليدوية "شال" زيادة لزوم هز الوز وداكشي,أو تكدس "الفلاش ميموار" بالعالي داي والزين العزيز وما جاورهما,بحكم انه في العادة تكون في هذه الولائم ساعة لربك ولو ربع ساعة لنفسك,والحضور كله نساء فلا حرج في إطار المعقول.. وأول ما تركني يمين,وتأخذ كل واحدة مجلسها,ويمر السلام المطول والسؤال عن الحال والأحوال,ومدح لباس فلانة أو حقيبة علانة,وتمرير الماسح الضوئي وموجات الرنين المغناطيسي على الحاضرات من قمة الرأس إلى أخمص القدمين,تدخل إحدى الغريبات وهي مقطبة الحاجبين,حادة نظرات العينين,تقدمها صاحبة العزومة على أنها "الأخت" فلانة,فتنهال عليها "ماشاء الله" "سبحان الله" وأنا أحاول تبين ملامحها متهمة نفسي بالجهل,لكنها لا تشبه فعلا أي داعية اعرفها,ادقق النظر بلا جدوى,ولولا البريستيج قاتله الله لذهبت إليها لأسلم عليها وليس بي إلا التحقق من شخصيتها.. تختار التوسط في المجلس,ثم تبدأ بالبسملة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم,و وتشرع أول ما تشرع كيف تسعدين زوجك..هذا درسنا اليوم,قد لا يسعنا الوقت لكن سنحاول الاختصار.."ها ااا الرضا!!!".. وبمجرد إعلانها الميمون ذاك,يخيم الصمت على المكان حتى لتكاد تسمع أزيز الذباب,ومن كانت واضعة الشال" على أهبة الاستعداد,قامت باخفاءه في جيب الحقيبة الداخلي وأغلقت عليه,واللي أقبرت اسطوانة الشعبي,واللي مررت الكلينكس بسرعة على فمها وعينيها,واستقام الكل في جلسته " ما معاهاش اللعب",حتى التي لا ناقة لها ولا جمل في الموضوع مثل حالاتي,تجد نفسها متورطة فيما لا يهمها,وليس هناك خروج حتى نهاية الدرس "حصلة".. فكرت للحظة وتساءلت كيف ستحاضر علينا هذه المرأة عن السعادة الزوجية,ولا تبدو عليها أي علامة من علاماتها,بل حتى حاجبيها لا يساعدان وهما معقودان دلالة على الرزانة والجدية, كيف يا ترى تمكنت من إسعاد زوجها بصوتها الجهوري الذي يشبه صوت " الطاشرون",ومصطلحات الحلقيات الجامعية التي تلعلع في كل انفعالاتها حتى اللا إرادية منها,وحتى عندما كانت تحاول أن تتكلف الحب والحنان,وتقلب على التسامح واللطف كانت تفشل,فما يصل إلينا هو "طرشات" من طاقة سلبية لا غير..
كيف ستحاضر على السعادة من ترى هي وبعلها أن إهداء الزهور تشبه بالكفار,والعطور سبب للزنا,والكلمات الرومانسية ضياع وقت وفراغ يجب ملئه بالعبادة,والخروج والسهر مجون وفجور,حتى زواجها به كان مساعدة له لغض بصره الذي لا يعرف كيف يغضه لوحده,لم تكلفه جهازا ولا عرسا ولا مهرا,ضحك عليها بان كل ذلك زينة الحياة الدنيا فقط والمبذرين إخوان الشياطين,وألبسها الحجاب الشرعي,وفي البيت أقنعها بأنه لا يحب الماكياج والحركات نصف كم,ولا داعي تشتري ملابس للبيت,فلن يراها احد,والخروج ستخصص له لباس موحد,وجلس هو يجمع النقود ويكتلها على قلبه,حتى إذا صار غنيا,فاتحها برغبته في زوجة جديدة,وحتما لن يختارها من صنف "أميرة بحجابي" ولا "وردة الإسلام",بل سيختار المتبرجة "وكله بثواب",ويعيش الفرفشة والدلع,بالنقود التي ساعدته الزاهدة في جمعها,ولو اعترضت فهي تعارض الشرع,على رأي سعيد صالح : "اعترضي على كلام ربنا".. كيف يعيش البعض هذه السعادة التي يزعمون,وحياتهم مع أزواجهم أشبه ما تكون بالإخوة منها بالزواج المتعارف عليه,لا فيه نقاش ولا حوار,ولاسهر ولا رومانسية,لا اهتمامات متبادلة,ولا قواسم مشتركة,بل حتى الواجبات الزوجية يقومون بها بخجل,احم احم.. حاولت ارجع إلى الموضوع الشيق الذي اقترحته "الأخت",وابتسمت وآنا أتخيل لو أضافت بالمرة بعض النصائح من قبيل : - أول ما تشعرين بأنه متعب,ويريد ينام,لا باس أن تحمليه على ظهرك حتى يستسلم للنوم,لا تستغربي فستحسين بمشاعر لم تحسي بها من قبل,ستشعرين أن ظهرك سيقصم من الفرحة والغبطة والذي منو,وإذا كان يعاني من الأعصاب أو الذهان أو حتى انفصام الشخصية,اعملي له "اللويزة" في الرضاعة,اقصد في كاس,وسمي الله عليه فالعين حق,وبخري له بكرامتك وشخصيتك.. - أول ما يستيقظ اطلبي بوليس النجدة,فليس من السهل أن يستفيق, اعملي استنفار عام وتعبئة شاملة,خليه على السرير حتى لا "يخسر" صباحه,اعطه قبلة الصباح واحضنيه حتى تخرج عينيه من محجريهما, حضري له الفطور الملكي اليومي والذي لا يجب أن ينقص بسبب مرض أو تحت أي طارئ,مسمن على بغرير على كيك محترم,أعاصير وشاي وقهوة,على زبدة وزيت ومربى,ويا ربي يرضى.. - إياك وتركه وحده,حتى لا يصاب بمس أو يلاعبه جن من الجن إحدى اللعب السمجة,فالمرأة لا يجب عليها ترك زوجها لوحده أبدا,وعليها إحاطته بالحنان والحب والهيام والأسلاك الشائكة والخنادق العميقة,و الألغام وكلاب الحراسة,ولو كان لازم تقومي بأشغالك وهو في البيت,قومي ب"حزمه" على ظهرك وقومي بأشغالك.. - احرصي على التخلص من كل طباعك التي لا تعجبه أو التي تستفزه وتفسد مزاجه,وودعي هواياتك واهلك وأصدقائك وتفرغي لزوجك الحبيب.. - احرصي على تلبية طلباته,وأول ما يعجبه الوزن الزائد زيديه,ولما يمل منه ويرغب بك "مانكان" أنقصيه,وإذا قال لك زيدي طولك زيديه,ولو رغب بك قصيرة أنقصيه وهكذا دواليك.. - حينما تكوني قربه,اقتربي حتى تدخلي في قفصه الصدري,وهو وأنت واحد,خليه يتنفس عشقك,ولا تسمحي له بالتقاط الهواء,ومرة مرة ذكريه بمكانته في قلبك وكبدك وطحالك وكل جهازك الهضمي والتنفسي .. - لو جاءت والدته,طيري واحمليها على ظهرك,أوصليها إلى المكان الذي تنشده,وقبلي لها يديها وعديها ألا تنسي خيرها وجميلها,أبدا..أبدا.. لا اعرف لم أتبرم من هذه النصائح والإرشادات,وأتململ في جلستي وآنا انتظر متى الخلاص,ربما لكوني معجبة جدا بشخصية أمنا عائشة,وهي تتصرف على طبيعتها مع أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم,الذي لم يكن لديه مانع بل على العكس, أما تلك النصائح فلا أسوء منها في تمييع شخصية المرأة,وسلبها ما يميزها من اجل تحقيق التبعل على أصوله,فتصير بذلك بقايا أنثى غير مرغوبة,امرأة آيلة للسقوط في أي لحظة, لا تغضب حتى لا تكون ناشزا,لا تفرح حتى لا تسقط هيبتها,لا تلعب,لا تمزح,لا تتصرف كما يحلو لها.. شمعة تحترق من اجل أن يرضى عنها البعل,تجبر نفسها على ما لا تحب ولا تطيق,تدفن مشاعرها وتكبتها,تضغط على روحها,ظاهرها الهدوء والدعة وباطنها يغلي حتى ليكاد ينفجر ولا ينفجر.. تعجبني شخصية أمنا عائشة,ويعجبني حب النبي صلى الله عليه وسلم لها في كل حالاتها,تعجبني التلقائية,والتصرف على السجية,ويحزنني أن أرى فتاة تهوى البول في الرمل, كانت لها هوايات وطموحات أقبرتهما,لتمارس التبعل,ولو تصرفت كما تحب نهرت : "هادي هي الأخت الفاضلة؟",وتدور الأيام والشهور وربما سنوات,لتكتشف أن زوجها على علاقة مع أخرى,يعشقها ويهيم بها رغم أنها لا تهتم به كما كانت هي تهتم, ,تتصرف بحرية,تحب نفسها وتهمله,يتغير مزاجها كقوس قزح وزوجها سعيد بها في كل لون,لا تفهم ما يحدث ولو رجعت للأحاديث التي تصف العلاقة بين النبي عليه السلام ومحبوبته رضي الله عنها وعن أبيها,لعرفت انه.." فاتها أن تشبه نفسها".