في الجنوب المغربي العميق، وتحديدًا على الساحل القاحل لقرية "لمهيريز"، تتكشف ملامح معاناة صامتة يعيشها صيادون تقليديون منسيون، يقاومون من أجل البقاء في وجه الطبيعة القاسية، والتهميش الإداري، والغلاء المتزايد. "العلم زارت المنطقة ونقلت واقعًا مؤلمًا يفتقر لأبسط شروط العيش الكريم. يعيش سكان القرية تحت أكواخ خشبية هشّة، كثيرًا ما تتعرض للعواصف والرياح، دون أي حماية من قسوة المناخ الصحراوي، فيما تغيب تمامًا البنية التحتية والخدمات الأساسية، وعلى رأسها مركز صحي أو وحدة إسعافات أولية، ما يضطر الساكنة إلى التنقل لمسافات طويلة في حالات المرض أو الطوارئ الصحية.
في مشهد يلخص قساوة الحياة، وقفت "العلم" على حالة أحد الصيادين اضطر إلى شراء حبة بطاطس، حبة بصل، وحبة طماطم بثمن 13 درهمًا، في دلالة واضحة على ارتفاع صادم في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية. أما اللحوم والدجاج، فقد أصبحت خارج نطاق القدرة الشرائية للسكان، في ظل غياب أسواق منظمة أو دعم مباشر.
وتشكل النفايات المتراكمة، الكلاب الضالة، والحشرات المنتشرة في كل مكان، مشهدًا يوميًا مألوفًا، يهدد الصحة العامة، ويزيد من الإحساس بالعزلة والإهمال. وتزيد معاناة الصيادين بعدم توفر مياه شرب مراقبة، حيث يعتمدون على صهاريج مائية لا تخضع لأي مراقبة صحية.
من جهة أخرى، يشتكي الصيادون من تضييق بحري تمارسه بعض مصالح البحرية الملكية، حيث يُمنعون من ولوج نقاط بحرية معينة يُسمح في المقابل بولوجها للمراكب والسفن الكبرى، مما يحرمهم من مناطق صيد مهمة، ويهدد مصدر رزقهم الوحيد.
وما يزيد الطين بلة، هو أن مصطاداتهم لا تخضع لنظام البيع بالمزاد العلني كما هو معمول به في باقي قرى الصيد على طول الساحل، ما يفتح الباب أمام المضاربات والتلاعب بالأسعار، ويحرمهم من حقوقهم المالية. وقد طالبوا، عبر منبر "صوت الصحراء"، بتفعيل نظام البيع بالمزاد العلني بما يضمن لهم الكرامة والشفافية في المعاملات.
كما يطالب الصيادون بتمكينهم من حصة من الأخطبوط خلال المواسم القانونية، شأنهم شأن باقي قرى الصيد المغربية، حيث يُعد الأخطبوط منتوجًا بحريًا ذا قيمة عالية من شأنه أن يساهم في تحسين دخلهم ومستوى عيشهم.
وسط هذه الظروف الصعبة، لا تزال قرية لمهيريز تُكابد في صمت، بين الإقصاء وغياب التنمية، في انتظار التفاتة رسمية جادة تعيد الاعتبار لهؤلاء الصيادين الذين يقاومون من أجل البقاء، ويُطالبون فقط بالعيش الكريم، والحق في الإنصاف والمساواة مع باقي قرى الصيد على الساحل المغربي.