في جو مشحون بالتوتر والاحتقان،تابعت ساكنة دوار الحرش مشهد القوات العمومية، وهي تعمل على إفراغ أسرة من منزلها وتلقي بأمتعتها وأفرشتها في عرض الشارع، فيما العديد من الأصوات ترتفع بالاحتجاج والتنديد، وتجهر عقيرتها بنداء"اللهم إن هذا منكر". حاول بعض المواطنين الوقوف سدا مانعا في وجه عملية الإفراغ، غير أن تصميم عناصر القوات العمومية وحزمها في تفعيل القرار، كان أقوى من محاولات واحتجاجات الغاضبين. ظلت الساكنة تقف حجر عثرة في طريق تفعيل القرار،ونجحت في أكثر من مناسبة في التصدي لمحاولات طرد الأسرة من بيتها وإلقائها وأمتعتها على قارعة الطريق، قبل أن تقرر الجهات المسؤولة مواجهة الأمر بسياسة "العين الحمرا" وتجبر الجميع على الخضوع للأمر الواقع وإلقاء الأسرة وأمتعتها بالشارع العام. تعاطف الساكنة مع الأسرة المعنية، تمثل في قرار الجميع رفع لواء المساندة والمناصرة، وشجب عملية الإفراغ. فالمعلومات المتوفرة تؤكد بأن الأسرة المستهدفة ، ظلت تقطن المنزل المكون من حجرة ومطبخ منذ سنة 1988، حين قام رب الأسرة رفقة شقيقه باقتناء جزء من المحل" المحدد في مساحة بالحائط من ثلاث جهات بها بيت ومطبخ"، مع توثيق عملية البيع في شكل تنازل عن منفعة. يتموقع المنزل بدوار الأحرش الذي كان في الأصل عبارة عن عقار في ملكية الدولة، غزته عوادي البناء العشوائي والتطاول، وبالتالي قيام البائع قيد حياته ببناء منزل وبيع حق التصرف فيه لرب الأسرة وشقيقه، اللذين استصدرا ترخيصا للقيام بعملية إصلاح. ظلت الأمور بعدها في إطارها الطبيعي، إلى أن أدركت أسباب المنية البائع، وطرق مشروع إعادة الهيكلة فضاء الدوار، حينها قامت أرملته بربط الاتصال بمؤسسة العمران، وأبرمت معها عقدا توثيقيا تضمن شراءها للبقعة التي" تسكن في جزء منها وتتصرف الأسرة الأخرى في جزئها الباقي. مباشرة بعد إنجاز عملية التحفيظ، تقدمت المعنية بمقال استعجالي، تتهم من خلاله المشتري بالاستيلاء على العقار واحتلاله دون سند قانوني،وبالتالي المطالبة بطرده أو من يقوم مقامه. حددت الشكايةموقع النزاع بالعقار الكائن بحي المسيرة 1حرف د ذي الرسم العقاري عدد125076، فيما اعتبر المشتكى به أن عنوان المحل الذي يقطنه والذي تستهدف الشكاية طرده خارجه يتحدد في العقار رقم 4 مكرر والذي كان يحمل رقم 87 قبل تغييره عقب عملية إعادة الهيكلة وليس الرقم4 فقط، ومن ثمة انتداب خبير قضائي أكد في تقريره أن "المنزل رقم4 هو الذي يوجد بالصك العقاري المذكور". قضت هيئة الحكم بابتدائية مراكش بطرد المشتكى به من العقار ،مع غرامة تهديدية حددت في مبلغ 100 درهم عن كل يوم يتأخر فيه التنفيذ، وبالتالي احتكام المشتري لمرحلة الاستئناف، مع تقديم شكاية ضد المعنية "من أجل جنحتي النصب والإدلاء بمعلومات كاذبة قصد الحصول على وثائق إدارية". هيئة الحكم بابتدائية مراكش قررت قبول الدعوى ومؤاخذة الظنينة من أجل ما نسب إليها، وبالتالي إدانتها بستة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ، وغرامة نافذة قدرها 500 درهم، وأدائها لفائدة المشتكي تعويضا مدنيا حدد في خمسمائة ألف درهم. ظل بعدها الطرفان موضع أخذ ورد، تتقاذفهما المحاكم وكل يحاول حشر غريمه في دائرة" إيلا وصلتي منخرك عضو" حين طرقت في أكثر من مناسبة القوات العمومية وأعوان التنفيذ بيت الأسرة المدانة بقرار الطرد، وجوبهت بمقاومة شديدة من الساكنة المجاورة ،التي انتظمت في وقفات احتجاجية وحولت أجسادها إلى دروع بشرية لمنع مجريات الإفراغ، لحين استنفار عدة عناصر ونجاحها في إخلاء المنزل تحت عاصفة من الاحتجاج والتنديد. إسماعيل احريملة