واشنطن طلبات من إسرائيل تعطي إجابات بخصوص "المقابر الجماعية" ف غزة    هذه توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    أخرباش تشيد بوجاهة القرار الأممي بشأن الذكاء الاصطناعي الذي جاء بمبادرة من المغرب والولايات المتحدة    اتفاقية الصيد البحري..حجر ثقيل في حذاء علاقات إسبانيا والمغرب!    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة يفوز على غواتيمالا بالضربات الترجيحية    تعزيز التعاون الفلاحي محور مباحثات صديقي مع نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    رابطة للطفولة تعرب عن قلقها من التركيز المبالغ فيه على محور التربية الجنسية والصحة الإنجابية للمراهق في دورة تكوين الأطر    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    لا تيتي لا حب لملوك: اتحاد العاصمة دارو ريوسهم فالكابرانات وتقصاو حتى من كأس الجزائر    جنايات أكادير تصدر حكمها في ملف "تصفية أمين تشاريز"    الشاطئ البلدي لطنجة يلفظ جثة شاب فقد الأسبوع الماضي    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    أخنوش يرد على خصومه: الدولة الاجتماعية ليست مشروعا ل"البوليميك" والحكومة أحسنت تنزيله    مكافأة مليون سنتيم لمن يعثر عليه.. هذه معطيات جديدة عن حيوان غريب ظهر في غابة    بالأرقام .. أخنوش يكشف تدابير حكومته لمساندة المقاولات المتضررة جراء الأزمة الصحية    سانشيز: أفكر في إمكانية تقديم الاستقالة بعد الإعلان عن فتح تحقيق ضد زوجتي بتهمة استغلال النفوذ والفساد    هادي خبار زينة.. أسماء المدير مخرجة "كذب أبيض" فلجنة تحكيم مهرجان كان العالمي    قميصُ بركان    مطار مراكش المنارة الدولي: ارتفاع بنسبة 22 في المائة في حركة النقل الجوي خلال الربع الأول من 2024    طقس الخميس.. أجواء حارة وقطرات مطرية بهذه المناطق    المغرب ومنظمة "الفاو" يوقعان على وثيقة "مستقبل مرن للماء" بميزانية 31.5 مليون دولار    تسريب فيديوهات لتصفية حسابات بين بارونات بتطوان    اللجنة الجهوية للتنمية البشرية بالشمال تصادق على برنامج عمل يضم 394 مشروعا برسم سنة 2024    الجزائر تتوصل رسميا بقرار خسارة مباراة بركان و"الكاف" يهدد بعقوبات إضافية    بنكيران يهاجم أخنوش ويقول: الأموال حسمت الانتخابات الجزئية    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    أخنوش مقدما الحصيلة المرحلية: إجراءات الحكومة هدفها مناعة الأسرة التي هي "النواة الصلبة لكل التدخلات"    خارجية أمريكا: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    إستعدادُ إسرائيل لهجوم "قريب جداً" على رفح    سنطرال دانون تسلط الضوء على التقدم المحقق في برنامج "حليب بلادي" لفلاحة مستدامة ومتجددة    أيام قليلة على انتهاء إحصاء الأشخاص الذين يمكن استدعاؤهم لتشكيل فوج المجندين .. شباب أمام فرصة جديدة للاستفادة من تكوين متميز يفتح لهم آفاقا مهنية واعدة    برنامج دعم السكن.. معطيات رسمية: 8500 استفدو وشراو ديور وكثر من 65 ألف طلب للدعم منهم 38 فالمائة عيالات    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: النظام الغذائي المتوازن قد يساهم في تحسين صحة الدماغ    مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية : الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغاربة بتركيا :شهر العسل، الحريك، الجنس وأشياء أخرى ...
نشر في الأحداث المغربية يوم 22 - 06 - 2011

«واش غاديين نشوفو نور ومهند تماك ولا موحالش؟» السؤال أعلاه يحيل على هوس مغربي بتركيا أصبح اليوم تحصيل حاصل بعد أن انتقل إدمان مشاهدة المسلسلات التلفزيونية التركية إلى إدمان من نوع آخر جعل الكثير من المغاربة يجدون في الدولة العثمانية سابقا وجهتهم المفضلة هذه الأيام. بين السواح الذين يبحثون في البوسفور عن منزل نور ومهند وبين بعض الفتيات الذاهبات إلى بلاد الأتراك بحثا عن زبائن من نوع خاص، وصولا إلى عصابات بأكملها تتخذ من هذا البلد مرفأها نحو كثير من الأعمال غير القانونية، أبحرت «الأحداث المغربية» في اتجاه بلد برنة وطعم خاصين جدا. وعادت من هناك برحلة بطعم السياحة والاكتشاف والدعارة والإجرام والعوالم الشرقية التي تمكنت إلى التسلل إلى أوربا في غفلة من حراسها الأشداء.
وجوه مضيئة .. أصحابها يرتدون ملابس أنيقة .. ابتسامات فرح مرسومة على وجوه تعلو دهشة الزهو .. أو الخوف الحذر من المستقبل .. ثرثرات هنا وهناك .. مشاهد تقاسمها ركاب رحلة «الدار البيضاء / إسطنبول» يوم الجمعة 3 يون2011 مساء .. أسئلة كثيرة تقاسمها ركاب الرحلة أيضا..
إسطنبول ترسم مستقبل المغاربة ..
يجيبون على الأسئلة التي توجه لهم بصعوبة كبيرة .. كما لو أنهم أمام مقرر دراسي حفظوه بصعوبة كبيرة.. يشعرون بأبسط توتر كلما سئلوا عن سبب توجههم إلى تركيا. «واش غاديين سياحة؟ .. مزيان !؟» سؤال تردد على مساعمهم طيلة الفترة الفاصلة بين تسجيل الأمتعة وإركاب المسافرين المتوجهين إلى اسطنبول.
التجار يتبادلون تجاربهم في البيع والشراء.. ويتحدثون عن تنوع السوق التركي من حيث منتوجات النسيج أساسا. وعلى مقاعد أخرى تجلس شابات مغربيات يتقاسمن تجاربهن في السفر بصوت منخفض يخفي وراءه طبيعة الأحاديث التي يشتركن فيها، لا يكسر صمتها إلا قهقهات تطلق بعضهن من حين إلى آخر. تصر بعض المغربيات اللواتي يزرن أول مرة اسطنبول على معرفة بعض التفاصيل التي يمكن أن تساعدهن في الخطوات الأولى بحثا عن «مهند» ..
غير أن الأمر كان مختلفا بالمقاعد الخلفية للطائرة.. إذ حل عليها ضيوف من طينة مختلفة، لا يفكرون في جمال التركيات ولا يسعون للبحث عن موقع فيلا «نور» على البوسفور .. همهم الوحيد هو ألا تفتضح حقيقة سفرهم وأن يجتازوا أمن المطار التركي بسلام، كما كان الحال بالنسبة للسلطات الأمنية بمطار محمد الخامس.
كانوا أزيد من عشرة شبان استقلوا طائرتهم في اتجاه اسطنبول. منعوا في البداية من ولوج الطائرة بدعوى أن تذكرة العودة غير مؤكدة. لكن سرعان ما تم حل المشكل بعدما اقنتوا تذاكر عودة جديدة.. فقد كان هذا الشرط هو الأمر الوحيد الذي سيساعدهم على ولوج الطائرة والسفر إلى بلاد الأناضول .
ينحدرون من فاس، بني ملال .. وتارودانت .. جمعتهم طائرة واحدة .. وحلم واحد.. فبعد ساعات قليلة ستطأ أقدامهم مطار «صبيحة» باسطنبول وهو ثاني أكبر المطارات مدينة الحوالي 15 مليون نسمة، والتي تجر وراءها تاريخا طويلا من الحضارة أجزاء كبيرة منها يتقاسمها مع العرب.
إسطنبول المدينة التي تعج بالسياح، تحولت أحياؤها «لاللي.. تقسيم.. سلطان أحمد.. عثمان بك.. وامتداد بحر البوسفور» دون منازع إلى مدينة الأحلام بالنسبة لعدد كبير من الغاربة.. من شهر عسل إلى تجارة، مرورا وبسوق الجسد المكتظ بالمغربيات وصولا إلى تحولها إلى معبر لا شرعي في اتجاه أوروبا.
شهر عسل إسطنبولي
ما إن انتهى حفل الزفاف،حتى حمل الاثنان حقائبهما وتوجها نحو المطار. الجزء الأحلى من ارتباطهما المقدس سيكون بانتظارهما هناك في بلاد الأتراك. بالعاصمة اسطنبول سيقضي العروسان الجديدان أسبوع العسل بعيدا عن الروتين المغربي وقريبا من رومانسية المسلسلات التركية.
كانت مسألة شهر العسل محسومة بالنسبة للعروس: أسبوعان بين أكادير وإفران المغربيتين لم تدخل أبدا في حسابات العروس لأنها موضة قديمة. كانت كلمتها هي العليا وما على العريس سوى أن ينفق بسخاء.
بين شوارع وأحياء اسطنبول عاشت فاطمة ورضوان أيام من العسل تحت الشمس الدافئة والنسمات العليلة، ووسط برنامج خاص بالزيارات للمتحف الآية صوفيا مرورا بمسجد السلطان أحمد والمسجد الأزرق.. رحلة الأحلام إلى جزر الأميرات.. إضافة إلى متعة عبور بحر «البوسفور» في رحلة مشوقة بحثا عن القصر الأبيض الذي احتضن نمو حب «نور ومهند»، كما لو أنهما يريدان أن يثبتا للعالم ولكل من رافقهم في رحلتهم المنظمة من المغرب أن الحب المغربي لا يمكن إلا أن ينافس العشق التركي.
ولأن فاطمة لم تكن راضية عن الفندق الذي نزلا فيه أول الأمر طلبت من الزوج الانتقال إلى واحد آخر أكثر هدوء ورومانسية يقدم خدمة جيدة. دلال فاطمة لم يقف هنا فحسب فقد قام الاثنان بتمديد الإقامة لثلاثة أيام إضافية مما ضيع على رضوان ثمن تذكرتي العودة.
العروس المغربية الأنيقة بيضاء البشرة دقيقة الملامح كانت تتفنن في اختيار الهدايا التي ستعود بها للأهل والأصدقاء الذين شاركوهم فرحة العرس. بينما كان رضوان يدفع بسخاء راضيا.
وخلال السنوات الأخيرة، تحولت العديد من المدن التركية إلى المكان المفضل للأزواج المغاربة الذين يقضون فيها عطلات شعر العسل. وبموقعها المميز، تكتسب اسطنبول أهمية بالغة في إضفاء الشعور بالهدوء، والاسترخاء، وسط ساحة كبيرة من الأماكن السياحية التي تملأ برامج السياح بالمغامرة والتشويق.
ليالي العرب .. ليالي المغربيات
من «ليالي العرب» إلى «قهوة العرب» بمنطقة تقسيم المشهورة باسطنبول التركية.. تنتقل «عفاف» بحثا عن زبنائها من السياح العرب الذين هجروا عددا من الدول العربية، ليبحروا على نسمات بحر البوسفور بحثا عن المتعة.
«عفاف» المغربية ذات 24 سنة واحدة من بين العشرات من المغربيات التي يعج بهن الملهى الليلي ليالي العرب وبعض الملاهي التركية واللواتي يقدمن خدمات جنسية للسياح العرب على وجه الخصوص. حيث يتفوقن على الروسيات والبلغاريات والرومانيات في اصطيادهن للزبناء العرب الأكثر دفعا للمال.
تقطع «عفاف» وغيرها من المغربيات اللواتي يحترفن الجنس «الدعارة» بأكبر المدن التركية.. حكايتهن تختلف في تفاصيلها لكنها تتوحد في مسارها..
«تنجي لتركيا من فترة إلى فترة.. أو ماتنفوتش فيها ثلاث أشهر ..» تقول عفاف، بفخر كبير، تؤكده طريقة كلامها المثيرة. حيث اختارت أن تحترف الجنس بالمغرب، وأن تعير نفسها ستة أشهر في السنة للسوق التركية. إذ لاتستطيع أن تتجاوز الثلاثة أشهر، بسبب صعوبة الحصول على أوراق الإقامة ببلاد الأناضول.
عفاف التي تردد دائما «اخترت هذه المهنة من أجل حماية حياتي»، تساءلت: «أي عمل في مصنع كان سيوفر لي مثل هذه الضمانات؟». اختارت الطريق إلى تركيا، بدلا من سوريا أو حتى البقاء في المغرب. بعد أن تعرفت على مغربية تنظم لها ولغيرها برنامجا خاصا.
يبدأ مسار كل مغربية تحترف الجنس غالبا من مطار محمد الخامس، الذي تغادره على أساسا أنها عاشقة لجمال تركيا وأنها سائحة، وينتهي بها الأمر إلى فندق من الدرجة الثالثة أو الرابعة أو حتى إلى شقق مفروشة، تستقبل به زبناءها من العرب أساسا، تلبي رغباتهم دون قيد أو شرط، وذلك مقابل 80 إلى 100 أورو عن كل ليلة معفاة من مصاريف الأكل والمبيت.
رغم أنها تتقاضى أقل مما تجنيه بالمغرب، فهي تعتبر الثلاثة أشهر التي تقضيها ببلاد الأناضول، رحلة سياحية جميلة، ينتفي فيها الشعور بالخوف الذي يسيطر عليها بالمغرب. تهاجر شبكات احتراف الجنس المغربيات إلى تركيا تحت غطاء السياحة أو بعقود عمل، وبعد دخولهن إلى التراب التركي يستغللن في الدعارة في دور مخصصة لذلك بمناطق «لاليلي، سلطان أحمد، تقسيم ، أكسري ..» بإسطنبول أو يهجرن إلى اليونان وقبرص بطرق غير شرعية ليتم استغلالهن في «العمالة الجنسية» وكذلك في تسجيل أشرطة إباحية تبث على قنوات إباحية محلية.
يتكلف عرب ومغاربة بهذه الشبكات بجلب المغربيات، حيث يقمن بسحب جوازات السفر منهن بمجرد وصولهن إلى تركيا. جوازات سفرهن، التي تستغل في تهجير عراقيات وإيرانيات ويمنيات إلى دول أوربية بعد تزويرها وإرفاقها بتأشيرات مزيفة. وتهجر الفتيات المرشحات للاشتغال في بيوت العمالة الجنسية إلى اليونان وقبرص بجوازات سفر قبرصية أوبلغارية، وتفرض عليهن بمجرد وصولهن إلى هذه البيوت حراسة مشددة ويمنعن من مغادرتها.
يؤكد عدد من المغاربة المقيمين في تركيا، أن مجموعة من الفتيات المغربيات يتم استغلالهن من طرف مسيري مراقص ليلية في اسطنبول يجبرن على الرقص الإباحي رغم أنهن أقل براعة من الراقصات الروسيات والبلغاريات والرومانيات وحتى التركيات.
في غياب أي مراقبة على تلك الأماكن التي تقع في مناطق تسيطر عليها مافيات دولية مختصة في الاتجار في البشر والمخدرات. فالإقبال الكبير على المغربيات من طرف السياح العرب الذين اجتاحوا تركيا مع دخول المسلسلات التركية المدبلجة للعربية إلى البيوت العربية.
تواجد عدد كبير من المغربيات بسوق «العمالة الجنسية» بتركيا لا يقلق كثيرا السلطات الأمنية التركية، خاصة إذا توفرن على إقامات شرعية، شريطة ألا تقلق راحة «محترفات الجنس التركيات»، فهذه المهنة ينظمها القانون، خاصة بعدما وافق مجلس الدولة التركي على تطوير مهنة «احتراف الجنس» بهدف حماية التركيات من منافسة غير شرعية للروسيات والمغربيات واللبنانيات في «سوق العمل».
«إلا شفتي الرقص ديالهم ما فيه ما يعجب. اللبس ديالهم .. مقرف ..» يعلق مغربي من رواد ملهى «ليالي العرب».
هذا المغربي، الذي يقدم نفسه على أنه «بزناس» وأنه اعتاد على اللعب بالخطر في كل دولة يستقر بها. ينكر مغربيته في أول سؤال يلبس لباس الفلسطيني لكن عندما يطمئن لك.. يكون مستعدا ليقدم كل الخدمات التي تبحث عنها، كمغربي شريطة ألا يتحول إلى وسيط في دعارة المغربيات.
تركيا بديل قوارب الموت
قصير القامة .. نحيل الجسم .. تقاسيم وجهه لا تعلن سنه الحقيقي.. اختار الاستقرار بتركيا بعدما كان مهاجرا سريا بإيطاليا قبل أن يسقط في يد الشرطة الإيطالية لتعيده إلى المغرب. قرر بعد مرور سنة تقريبا من عودته ولوج عالم «البزنس» غير الشرعي بتركيا ويتحول إلى وسيط في التهجير السري، حجز تذاكر السفر، سرقة البطائق البنكية، الجوازات المزورة .. لكن عمله الرسمي باسطنبول يعتمد أساسا على «الحريك».
«منقدرش نخدم في صح .. ولفت تبزنيس في كلشي .. وراني دائما عايش خارج القانون..» يقول الوسيط المغربي الذي يعمل بشراكة مع وسطاء آخرين بكل من تركيا واليونان، ويؤكد باستمرار للحالمين بالهجرة أن وصولهم إلى أروبا عبر مثلث المغرب، تركيا، اليونان ثم الدخول إلى إيطاليا أمر محقق وخطورته تقل بكثير عن طرق اعتاد المغاربة في المجازفة داخلها لأجل الوصول إلى عدد من الدول الأوربية.
«عندي الناس ديالي تيخدمو معايا من المغرب .. تيرسلوا ليا الدراري أو أنا تنوصلهم إلى اليونان .. »، يقول الوسيط المغربي المختص في تهجير المغاربة إلى اليونان، بتكلفة تتعدى 10 آلاف درهم. «أو إلا باغا نقطعوا الحدود اليونانية إلى الطاليان فالثمن تيوصل إلى 40 ألف درهم .. أنا عندي الطريق سالكة ماشي بحال المصري ..» يضيف الوسيط.. الذي لا يتردد في التأكيد على أن يقدم خدمات جيدة للمغاربة وأنه لا يقبل أن يتلاعب بأحلامهم، عكس أحد الوسطاء المصريين الذي يسلب المغاربة أموالهم.
هؤلاء شباب يلجون التراب التركي كمغاربة ويغادرونه إلى اليونان كفلسطينيين أو عراقيين واليوم كسوريين ويمنيين.. تغيير الجنسية شرط لابد منه لنجاح مغامرة الهجرة السرية إلى الفضاء الأوربي .. وتأشيرة تمكنهم من الحصول على ترخيص للبقاء على الأراضي اليونانية في انتظار فرصة جديدة للتوجه إلى إيطاليا أو غيرها من الدول الأروبية التي تعج بالمهاجرين.
المسار المفترض لهؤلاء المغاربة من اسطنبول التركية إلى الحدود اليونانية، كان من المفروض أن يتم بواسطة قوارب مطاطية، إلى أحد مراكز الاستقبال التابعة «للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين» التابعة للأمم المتحدة. وهناك يصرح المهاجرون وفقا لتعليمات الوسيط المغربي، بكونهم لا يحملون الأوراق الثبوتية اللازمة ويطلبون الحصول على حق اللجوء في أوروبا، وبعد قضاء بضعة أيام بهذا المركز يتم ترحيلهم إلى بعض المدن اليونانية أو إعادتهم إلى تركيا.. ومن ثم يظل مصيرهم غير معروف وتائه بين تركيا واليونان. من حسن حظ هؤلاء الشباب أن رحلة إلى جزيرة «ساموس» اليونانية كانت مبرمجة في اليوم التالي لوصولهم إلى اسطنبول.. دفع كل واحد منهم حوالي 1000 أورو لقطع الشريط البحري الذي يفصل الشواطئ التركية عن الجزيرة.. وتقطع هذه المسافة الفاصلة بالزودياك لفترة لا تتجاوز 3 ساعات.
ورغم أن عددا كبيرا من المغاربة يلجؤون إلى العبور من تركيا إلى اليونان برا عبر الغابات أو عبر الواد الراكد مقابل 500 أورو «5500 درهم» . إلا أن اختيار الرحلة البحرية ب«الزودياك» أقل خطورة. كما أن الأمن اليوناني يتعامل مع الوافدين عن طريق البحر بسرعة كبيرة ..
اليونان معبر إلى أوروبا
يؤكد الوسيط المغربي أن الشرطة اليونانية، تسلم المهاجرين السريين وثيقة للإقامة في الأراضي اليونانية لمدة شهر «الخرطاية»، حيث جميع «الحراكة» يدلون بتصريحات مغلوطة وعلى أنهم فلسطينيون حتى لا يتم احتجازهم في الملجأ لأكثر من أسبوع، إلا أن المحققين اليونانيين قد يكتشفون حقيقة « الحراكة» رغم عدم حملهم لوثائق الهوية بسبب اللهجة خاصة وأن اللهجة المغربية مميزة عن باقي لهجات دول المشرق العربي وهو نفس الأمر الذي ينطبق على الجزائريين والتونسيين.
أما الملجأ الوحيد للمغاربة بعد الخروج من مركز الإستقبال هو سوق ب«آمونيا» هذه المدينة التي تعتد مافيات المخدرات، السرقة ومزورين من جنسيات إفريقية وآسيوية يحترفون « البزنس» الممنوع.
وتعد «أمونيا» ملتقى كل المغاربة وغيرهم من المهاجرين السريين. وتبقى هذه السوق الوجهة الأساسية والضرورية لجميع المهاجرين السريين قصد اقتناء بطاقات الهوية الشخصية الأوربية المسروقة من مختلف الدول الأوربية مقابل 200 أورو لتزويرها والسفر بها إلى دول أوروبية.
وحسب عدد من العاملين بمطار محمد الخامس، فإن عشرات المغاربة الشباب يسافرون يوميا إلى تركيا عبر مختلف الخطوط الجوية التي تؤمن رحلات إلى اسطنبول وأن عددا من المغاربة المقيمين بتركيا، يتجاوز 1000 مغربي، يقطنون بشكل غير قانوني بعدد من المدن التركية. ينتظرون التسلل إلى البلدان الأخرى، حيث اتخذوا من تركيا سبيلا لبلوغ اليونان ومن ثم الوصول إلى الدول المجاورة لها، وذلك بمساعدة بعض الأتراك الذين يقومون بتهريب المهاجرين برا وبحرا مقابل مبالغ أقل تكلفة وفي وضع يشوبه نوع من المجازفة، لكنه أكثر أمنا من ركوب قوارب الموت.
ويشير الوسيط المغربي في التهجير أن «الحراكة» وبعد نزولهم من مطار اسطنبول يتوجه أغلبهم إلى منطقة تدعى «لاللي أو أكسري»، حيث يقيمون لأيام بفنادق غير مصنفة حيث يتواجد مجموعات من العرب المختصين في تهريب المهاجرين إلى اليونان في رحلة تدوم الساعتين وذلك مقابل مبلغ 500 أورو أي ما يعادل 5500 درهم، قبل أن يتم إطلاعهم على الأمور التي يجب أن تتخذ موضع الاحتياط في حال انتبه حرس الحدود لهم أو الوقوع في قبضتهم.
وتفيد هذه الأخيرة باعتناق هوية مزيفة وكذا التظاهر بعدم امتلاك المال، ليتم حجزهم لمدة يومين وإخضاعهم لفحوصات طبية ومن ثم إعطائهم ورقة تسمى ب«الخرطاية» مدون عليها البيانات المفصح عنها حيث تسمح لهم بالتجول قانونيا في اليونان لمدة شهر مع إمكانية التجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.