بوتين يقترح إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول انطلاقا من 15 ماي    تحريك السراب بأيادي بعض العرب    غ.زة تعيش الأمل والفلسطينيون يحبسون أنفاسهم    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    زلزال بقوة 4,7 درجات يضرب جنوب البيرو    طقس الأحد: زخات رعدية بعدد من المناطق    في بهاء الوطن… الأمن يزهر    موريتانيا ترغب في الاستفادة من تجربة المغرب في التكوين المهني (وزير)    بعد فراره لساعات.. سائق سيارة نقل العمال المتسبب في مقتل سيدة مسنة يسلم نفسه لأمن طنجة    الأقاليم الجنوبية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    بايرن ميونخ يحتفل بلقبه ال34 بفوزه على ضيفه بوروسيا مونشنغلادباخ (2-0)    الوكالة الفرنسية للتنمية تعلن تمويل استثمارات بقيمة 150 مليار بالصحراء المغربية    الاتحاد الاشتراكي بطنجة يعقد لقاءً تنظيمياً ويُفرز مكاتب فرعي المدينة وبني مكادة    دروس من الصراع الهندي - الباكستاني..    جناح الصناعة التقليدية المغربية يفوز بجائزة أفضل رواق في معرض باريس    الأشبال: الهدف التأهل إلى المونديال    ريال مدريد يعلن قائمته للكلاسيكو بحضور دياز ولخديم    تقديم 8 متهمين في قضية طنين من مخدر الشيرا بالعرائش    المغرب – السعودية .. افتتاح النسخة الثانية من معرض "جسور" بمراكش    نادي السد يتوج بلقب كأس قطر لكرة القدم عقب فوزه على الدحيل (4-3)    التعاون الفلاحي يتصدر إعلان نواكشوط    أرسنال يجهز الممر الشرفي لليفربول    بدء منافسات بطولة المغرب للشطرنج    الأسهم تحفز تداولات بورصة البيضاء    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    زلزال تفوق قوته 5 درجات يضرب هذه الدولة    زيارة استثنائية وإنسانية للزفزافي تنعش آمال الحل في ملف حراك الريف    الناظور غائبة.. المدن المغربية الكبرى تشارك في منتدى "حوار المدن العربية الأوروبية" بالرياض    البطولة.. الكوكب المراكشي على بعد نقطة من العودة إلى القسم الأول بتعادله مع رجاء بني ملال    إسبانيا تُطلق دراسة جديدة لمشروع النفق مع طنجة بميزانية 1.6 مليون أورو    بعد واقعة انهيار عمارة بفاس..التامني تسائل الداخلية عن نجاعة مشاريع تأهيل المباني الآيلة للسقوط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    سحابة كلور سامة في إسبانيا ترغم 160 ألف شخص على ملازمة منازلهم    مهرجان مغربي في تاراغونا يبرز عمق العلاقات بين المغرب وإسبانيا    وساطة أمريكية تنهي التصعيد بين باكستان والهند    من الرباط إلى طنجة.. جولة كلاسيكية تحتفي بعبقرية موزارت    مهرجان "كان" يبرز مأساة غزة ويبعث برسائل احتجاجية    ديستانكت ومراد يرويان خيبة الحب بثلاث لغات    وكالة الحوض المائي اللكوس تطلق حملة تحسيسية للتوعية بمخاطر السباحة في حقينات السدود    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    تنظيم استثنائي لعيد الأضحى بالمجازر.. هل يتجه الناظور لتطبيق النموذج المعتمد وطنياً؟    بالقرعة وطوابير الانتظار.. الجزائريون يتسابقون للحصول على الخراف المستوردة في ظل أزمة اقتصادية خانقة بالبلاد (فيديوهات)    الفيفا يرفع عدد منتخبات كأس العالم للسيدات إلى 48 بدءاً من 2031    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    القضاء الأمريكي يجمد تسريح موظفين    المغرب يدفع بصغار التجار نحو الرقمنة لتقليص الاقتصاد غير المهيكل    تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات    افتتاح فعاليات المعرض الدولي السابع والعشرون للتكنولوجيا المتقدمة في بكين    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد فال القاضي أكاه: مذكرات عائد موريتاني من جحيم معتقلات البوليساريو (ح:1)

هي صورة لحقيقة ما جرى في البداية.. هي تفاصيل رحلة طويلة بدأت بغسل دماغ شباب من موريتانيا وغيرها باسم الثورة ومناصرة الأطفال، الذين يقصفون بالنابالم من قبل المغرب. هي لعبة قذرة بعناوين الرومانسية الثورية، قادت مجموعة من الشباب لمعركة لا تهمهم، قطعوا فيها الفيافي والقفار قبل الوصول إلى مخيمات لحمادة تحت رعاية جزائرية ليبية، وفيها جزء من اللعبة التي مارستها الجزائر في دول إفريقية لاستقطاب هؤلاء الشباب، قبل أن ينكشف الغيم، ويتحول تطوعهم إلى جحيم مورست فيه أبشع الجرائم ضد الإنسانية، ليتحول «الثوار» إلى معتقلين في زنازين، وهي في النهاية صورة حية عما كان وما زال يجري داخل المخيمات، باسم أناس لا علاقة لهم بالصحراء.
تعرف الجزائر هذه الحقيقة التي صنعتها، ولذلك تصاب بالسعار كلما نودي بإحصاء ساكنة المخيمات، لمعرفة «الشعب» الذي بنت عليه دولة وهمية، وحولت أمساءه إلى أصل تجاري لنهب المساعدات بعد حملة دبلوماسية ضخمة دوخت فيها دولا ومنحت أخرى وسيلة ابتزاز.
مذكرات محمد فال القاضي أكاه، رسم سردي لمسارات غنية بالدلالات، وشهادة صادمة عن جزء من الوجه البشع لممارسات البوليساريو، وألاعيب الجزائر في قضية مخدومة منذ البداية، الضحية فيها هو الإنسان الصحراوي وجيرانه، والمحيط الذي زرع فيه فيروس تشتيت وحدة مغاربية باسم التحرر وتقرير المصير.
السير باتجاه الشمال خطوة نحو القبر... معتقلات البوليساريو
‪ ‬
من هنا بدأت الحكاية
هم ثلاثة أصدقاء (محمد فاضل القاضي أكاه، أحمد بزيد ولد بده، و دحان ولد عبد الدايم)‪،‬ كانت تربطهم علاقة صداقة متينة وحميمة نسجت خيوطها خلال مرحلة الدراسة الإعدادية. الثلاثة كانوا يتحدرون من حي واحد وينتمون إداريا إلى المقاطعة الأولى بالعاصمة الموريتانية نواكشوط. قرب سهل تعميق الروابط بينهم.
طقوس الدراسة كانت مشتركة، وخلال التهييء للامتحانات كانوا يلتئمون للمراجعة الليلية بشكل جماعي، وشيئا فشيئا ازدادت الروابط بينهم، لم يعد يبعدهم عن بعضهم البعض الكثير من التفاصيل الصغيرة، والغالب فيها عودتهم إلى بيوتهم والانخراط في ترتيبات أسرية لا تؤثر كثيرا في تغيير مجرى هذه العلاقة الآخذة في التشكل، والمتوجهة نحو مجهول الأيام والسنين. في المجمل كانت علاقة تمتح من نبتتة الطفولة، تسقيها الأيام ومشترك يذيب كل تفاصيل الاختلاف في السلوك والشخصية.
عندما انتقلوا للدراسة في المرحلة الثانوية، دخل إكراه التوجه الدراسي ليملي عليهم الاختيار، تفرقت سبلهم، وانتصب أمامهم تحدي الحفاظ على هذه العلاقة من إكراه البعد عن جو القسم المشترك. كانوا يعدون الحصص الدراسية بينهم، ويبحثون عن حصص الفراغ المشتركة بينهم من أجل أن يبقى التواصل ممتدا.
كان كل واحد اختار تخصصا مختلفا عن الآخرين. محمد فاضل القاضي أكاه، اختار شعبة العلوم الطبيعية (‪D‬)، بينما توجه أحمد بزيد ولد بده إلى شعبة الآداب (‪A‬)، في الوقت الذي وجد دحان ولد عبد الدائم نفسه في شعبة الرياضيات (‪C‬). وبدا إكراه التوجيه الدراسي قاسيا على كل واحد منهم، ولم يكن أحدهم يتوقع هذا الاختبار في فك جزء من فضاءات التلاقي المستمر من البيت إلى المدرسة.
كان محمد فاضل القاضي اكاه يحمل جينة العمل السياسي في بلد كان الشعر ديوانه الأول، تأثر بالمحيط وبجو النضال السياسي الممتد من الجامعات إلى الثانويات، وسيقوده حماس هذا المد الثوري رفقة أحد هذين الصديقين، إلى رحلة من العذاب يصعب تصورها أو تصديقها، ليتحول حلم مناصرة ثوار في الرمال إلى مرارة الذهاب إلى السجان طوعا. رحلة ستنتهي في سجون مخيمات لحمادة، ليذوقا كل ألوان التعذيب «الثوري»، ويتحول وهم مناصرة «ثوار» الصحراء إلى جحيم في مخيمات لحمادة.
خلال مرحلة الدراسة الثانوية كان وعيهم السياسي آخذا في التشكل، ولأن العمل السياسي في تلك المرحلة لم يكن ترفا، وخصوصا المد الثوري الذي كان في محيطهم مشتعلا، فقد كانوا يتبادلون فيما بينهم سرا بعض الجرائد القليلة التي كانت تتحدث عن جبهة البوليساريو «كثورة رائدة في المنطقة»، ممزوجة بخطاب يجعل منها حركة تهم منطقة الصحراء، مع توابل الأغاني الثورية التي تمجد تلك الثورة.
قانون القرب الجغرافي والعاطفي فعل سحره لدى المجموعة، وفي الليل كانوا يسترقون السمع لإذاعة «صوت الصحراء الحرة» التي كانت تبث من الجزائر. وقد جعلها النظام الجزائري رفقة الراحل امعمر القذافي جعلها منصة متقدمة لاستراتيجية الصراع الإقليمي، وتغذية النزعات التي كان النظامان يعرفان توظيفها برافعة ثورية.
وبفعل التأثير الكبير الذي مارسته هذه الحملات، تبلورت لديهم شيئا فشيئا فكرة عمل أي شيء لمناصرة من ترسخ في ذهنهم أنهم إخوان يعيشون محنة، ولم تكن الظروف ملائمة سوى للعمل السري الذي يقتصر على دعوة من هم محل الثقة لاجتماعات. وعادة ما يكون عدد الحاضرين لها محدودا، ويتم فيها الاطلاع على جديد المنشورات عن «البوليساريو».
وكانت جريدة «الصحراء الحرة» وأعداد قديمة من «مجلة 20 مايو» التي تصل إلى موريتانيا، المصدر الأساسي لتغذية الاستقطاب في صفوف الشباب الموريتاني لجلبه إلى معسكرات تدريب البوليساريو في مخيمات لحمادة، ولعبت تلك الدعاية على بساطتها دورا في ترسيخ وهم أن البوليساريو هي حلم الثوار في الوسط الطلابي في ذلك الوقت، بالإضافة إلى أن ثقافة الثورة والتمرد التي كانت السمة البارزة في الوسط الشبابي في الكثير من دول العالم ذات الأنظمة الأحادية، سهلت عملية الاستقطاب، وجعلت شرائح واسعة من الشباب الموريتاني ترى في «البوليساريو» نموذجا ثوريا يمكن أن يكون بداية لتغيير جذري في المنطقة يحقق للشعوب أهدافها في الوحدة والعدالة والمساواة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.