أداء إيجابي في تداولات بورصة البيضاء        اعمارة: آلية تعديل الكربون على حدود الاتحاد الأوروبي قد تترتب عنها تداعيات مباشرة على تنافسية صادراتنا    أكثر من 1.8 مليار شخص في العالم معرضون لخطر الفيضانات    الفلسطينيون يعلقون آمالًا على الاعتراف الدولي لوقف الحرب في غزة    سباق الفضاء الثاني .. الولايات المتحدة تتقدم نحو القمر            ملاعب المغرب تغلق مجددا للصيانة استعدادا لنهائيات كأس الأمم الإفريقية    استئنافية طنجة تدين "البيدوفيل الألماني" وشريكه المغربي ب12 سنة سجنا نافذة    الأمم المتحدة.. أخنوش: الذكاء الاصطناعي رافعة للتقدم المشترك وليس مرادفا للإقصاء أو التفرقة                نزيف الطرق متواصل.. 33 قتيلا و3058 جريحا في أسبوع واحد    فيديوهات على "فيسبوك" تطيح بشباب الاستعراض الخطر في شوارع مراكش        دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    سفيرة المغرب في فرنسا سميرة سيطايل بالكوفية الفلسطينية وفي بيت سفيرة فلسطين في باريس.. بعد اعتراف الرئيس الفرنسي بدولة فلسطين    مطار برلين يشهد اضطرابات مستمرة    في الذكرى ال95 لليوم الوطني.. السفير السعودي بالرباط يؤكد عمق الشراكة مع المغرب ويعلن عن منتدى استثماري مشترك    منظمتان تنتقدان تأخر تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية    متقاعدون مغاربة يعلنون وقفة احتجاجية أمام البرلمان للمطالبة بتحسين أوضاعهم    جولة حوار جديدة تجمع النقابات التعليمية مع مسؤولي وزارة التربية اليوم الأربعاء    الملك محمد السادس يعطي اليوم الأربعاء انطلاقة مشروع القطار الجهوي السريع بالدار البيضاء        الدفاع الجديدي يعلن رسميا استقبال الرجاء بملعب الزمامرة        أخنوش: "المغرب الرقمي 2030" استراتيجية تراهن على استثمار الفرص الاقتصادية الواعدة    أخنوش: إفريقيا في صلب المبادرات الدولية الكبرى لجلالة الملك    بعد الاجتماع مع لفتيت.. فيدرالية اليسار: لا انتخابات نزيهة دون إصلاح سياسي وانتخابي شامل        أخنوش بنيويورك: المملكة قطعت أشواطا مهمة في مجال الانتقال الطاقي بالمراهنة على الطاقات المتجددة    خامنئي: إيران "لن تستسلم للضغوط" للتخلي عن تخصيب اليورانيوم    دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية        شركة Fifa Vert تفوز بصفقة إعادة تهيئة بارك محمد الخامس بالجديدة بقيمة تتجاوز 1.6 مليار سنتيم    جماعة أولاد حمدان : المصادقة على تحويل الاعتمادات المالية التي كانت مخصصة كمساهمة في مشروع بناء ثانوية تأهيلية.    ترامب يسخر من الأمم المتحدة: كل ما تقوم به هو صياغة رسائل شديدة اللهجة لكنها مجرد كلمات فارغة        صدور كتاب هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي            رئيس البارصا: والد يامال متحمس جدا        منتدى أصيلة الثقافي يتوج الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي    وفاة المصور الصحفي مصطفى حبيس بالرباط    نجل فضل شاكر يكشف عن أغنية جديدة مع سعد لمجرد    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    سهرة فنية كبرى بمراكش تجمع سعيد الصنهاجي ويوسف كسو    للمرة الثانية على التوالي.. تتويج أيوب الكعبي بجائزة أفضل لاعب أجنبي في الدوري اليوناني    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية                حمزة عقاري ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً بكلية الحقوق بالجديدة    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرميد يكتب عن الاجراءات الإحترازية ضد كورونا وسندها في الشرع

نشر مصطفى الرميد على صفحته في الفيسبوك مقالا بحال من خلاله الاجراءات المتخذة في المغرب ضد فيروس كورونا وسندها في الشرع:
إن الخطوات الاحترازية والتدابير الضرورية والحازمة والاستباقية التي اتخذتها السلطات العمومية لمكافحة والوقاية من فيروس "كورونا المستجد كوفيد 19"، وضمان سلامة المواطنين وصحتهم وأمنهم، بما فيها الحجر الصحي، والحد من حرية التنقل، ومنع التجمعات العمومية، وإيقاف القيام ببعض الأنشطة التجارية والصناعية، وإغلاق المساجد مؤقتا وغيرها، تجد لها سندا مرجعيا في الشرع والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية ذات الصلة.
فقواعد ومقاصد الشرع تؤكد أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولذلك دعت في باب سلامة الأشخاص وأمنهم إلى حفظ الأبدان، من خلال تنظيم مكافحة الأمراض والأوبئة المعدية والوقاية منها، بما فيها الحجز الصحي والنهي عن المخالطة، وطاعة ما يتخذه أولياء الأمر من تدابير وما يصدر عنهم من أوامر تدخل ضمن واجباتهم وسلطاتهم الشرعية، بما يمكن من تحقيق المصلحة الدينية والدنيوية.
فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عوف رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (إذا سمعتم به (يعني الطاعون) بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه). كما روى عن النبي (ص) عدة أحاديث أخرى منها "لا يوردن ممرض على مصح" و "فر من المجذوم فرارك من الأسد".
وروي كذلك أنه تولى أبو عبيدة حكم الشام فمات بالطاعون، تم تولى معاذ فمات بالطاعون، فلما تولاها عمرو بن العاص خطب في الناس قائلا: أيها الناس أن الطاعون كالنار المشتعلة وأنتم وقودها فتفرقوا وتجبلوا حتى لا تجد النار ما يشعلها فتنطفئ وحدها، فلما سمعوا واستجابوا نجوا جميعا ورفع البلاء.
ويتلاءم هذا المقصد الشرعي مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي أباحت تقييد الحقوق والحريات الأساسية. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، بعد إقراره بتلك الحقوق والحريات الأساسية، نص في المادة 29 منه على أنه "يخضع الفرد في ممارسة حقوق وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي".
كما أن المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 نصت على أنه " في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسميا، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد...".
وفي هذ الإطار، أصدرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تعليقها العام رقم 5 والذي عوضته بالتعليق العام رقم 29 لسنة 2001 المتعلق بحالات الطوارئ، حيث اعتبرت أن التدابير المخالفة لمقتضيات العهد طبقا للمادة 4 منه ينبغي أن تكون ذات طابع استثنائي ومؤقتة، حيث ينبغي أن تكون الوضعية تمثل خطرا عاما استثنائيا يهدد وجود الأمة أو الدولة الطرف التي ينبغي أن تعلن عن حالة الطوارئ بشكل رسمي، وفق ما ينص عليه الدستور والقوانين الوطنية المنظمة لممارسة السلطات الاستثنائية، والتي لا يمكن مواجهتها بالوسائل القانونية العادية، وذلك لوجود خطر عام شديد وطارئ.
وفي نفس السياق، فإن المادة 12 من العهد المذكور المتعلقة بحرية التنقل أباحت تقييد هذا الحق بنص القانون لأسباب ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم...، وهو ما زكته المادة 18 المتعلقة بالحق في حرية الفكر والوجدان والدين، والمادة 19 المتعلقة بالحق في حرية الرأي والتعبير، والمادة 21 المتعلقة بالحق في التجمع السلمي، والمادة 22 المتعلقة بحرية تكوين الجمعيات، وهي مواد جميعها أباحت للدول ممارسة قيود على حقوق الإنسان لأسباب ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم.
وهكذا، فالمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي كرست الحقوق والحريات بكل أصنافها، استحضرت حالة الضرورة والقوة القاهرة والخطر العام لوضع استثناء على ممارسة هذه الحقوق والحريات والسماح بتقييدها، والتي كان من بينها الأسباب المتعلقة بحماية الصحة العامة، من أجل ضمان حماية المجتمعات والأفراد والجماعات على حد سواء من الخطر العام والتهديد الحقيقي لسلامتهم وأمنهم.
وتنبغي الإشارة إلى أن مرجعيات منظمة الصحة العالمية تستحضر هذا الأمر من خلال توجيهات اللوائح الصحية الدولية لسنة 2005، باعتبارها قانونا ملزما للدول الأعضاء في المنظمة وكذا الدول الأخرى الموافقة على هذه اللوائح التي تتضمن التزامات ترمي إلى الحيلولة دون انتشار المرض على الصعيد الدولي والحماية منه ومكافحته ومواجهته عبر اتخاذ تدابير في مجال الصحة العمومية على نحو يتناسب مع المخاطر المحتملة والمحدقة بالصحة العمومية والطوارئ المتعلقة بها.
وعليه، فإن المرجعيات الدولية تفيد أنه إذا كان من حق الناس أن يتمتعوا بحرية التنقل والتجمع والتعبير وممارسة أنشطتهم التجارية والاقتصادية في الظروف العادية، فإنه في حالات الخطر والاستثناء يمكن للسلطات العمومية الحد هذه الحقوق بتدابير تقييدية ضرورية محدودة إما لضمان حماية دائمة لمصلحة قائمة أو لضمان حماية خاصة مؤقتة وظرفية في حالة استثنائية طارئة.
وفي هذا الاتجاه، نجد أن الدستور المغربي لسنة 2011 الذي كرس الحقوق والحريات الأساسية (حماية الحياة الخاصة، وحرية التنقل والفكر والرأي والتعبير والصحافة والتجمع والاجتماع والتظاهر السلمي والاضراب والحصول على المعلومات...) قد اشترط ممارسها وفق القانون، كما أنه نص في الفصل 31 على انه من واجب الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية العمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق العلاج والعناية الصحية.
هذا وقد أباح الفصل 74 من الدستور الإعلان عن حالة الحصار لمدة 30 يوما بمقتضى ظهير يوقعه بالعطف رئيس الحكومة، ونص أيضا في الفقرة 3 من الفصل 70 على أنه للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف معين من الزمن محدود ولغاية معينة، بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، كما منح في الفصل 81 للحكومة في الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا مجلسي البرلمان، إمكانية إصدار مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من قبل البرلمان، خلال دورته العادية الموالية.
وهكذا، فالسلطات العمومية عندما اتخذت تدابير الحجر الصحي والحد من حرية التنقل ومن ممارسة بعض الأنشطة التجارية وغيرها من التدابير المرتبطة بإعلان حالة الطوارئ الصحية، والتي كان من الواجب عليها اتخاذها كتدابير احترازية ضرورية لحماية المجتمع من مخاطر هذا الوباء الفتاك، فإنها، بالموازاة، اتخذت تدابير لضمان حقوق أساسية ضرورية للأفراد في ظل وجود حالة الطوارئ، والتي تهدف إلى ضمان أمن المجتمع وعيش الأفراد وصحتهم، من قبيل ضمان الحق في الحصول على العلاج للمرضى والمصابين، وتنظيم حرية التنقل لأسباب مهنية أو للتزود بالحاجيات الأساسية للمعيش اليومي أو من أجل العلاج واقتناء الأدوية وكل غاية ملحة أخرى، إضافة إلى العمل على توفير المواد الغذائية الأساسية والحيوية، والحفاظ على بعض الأنشطة التجارية والخدماتية الضرورية، ودعم الحصول على دخل استثنائي لفائدة بعض الأجراء وتعزيز الحماية الاجتماعية لهم ولأسرهم، وضمان الحق في الحصول على المعلومة الخاصة بالوضعية الوبائية، واتخاذ التدابير التوعوية والتحسيسية للوقاية من الوباء والحد من انتشاره.
إن هذه التدابير والمبادرات الرسمية والمجتمعية المعبرة عن المشاركة الكاملة للجميع في التصدي لمخاطر وتداعيات هذا الوباء، والتي نسجل، بكل اعتزاز، انخراطا واسعا وتعبئة كبيرة فيها من قبل مختلف الفاعلين وكل القوى الوطنية الحية، بكل مسؤولية، وبحماس كبير وحس وطني عالي، تشكل محطة بارزة في تعزيز قيم الوحدة والتضامن والتلاحم الوطني، ولاسيما في هذه الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر منها بلادنا، كما هو الحال بالنسبة للعديد من دول العالم، والتي تتطلب مواصلة التعبئة ومزيدا من اليقظة، واحترام حالة الطوارئ الصحية، من خلال الالتزام بالامتثال التام للتدابير والإجراءات الاحترازية والوقائية الرامية إلى حماية صحة المواطنات والمواطنين وضمان أمنهم وسلامتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.