الرحّالة الرقميون: جيل جديد يُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي بهدوء    المغرب يستعرض حصيلة 3 سنوات من إطلاق التأشيرة الإلكترونية (E-Visa)    فرحات مهني يكتب: الجزائر تعيش فترة من القمع تفوق ما عاشته في عهد بومدين أو الشاذلي أو بوتفليقة    الملك يشيد بشراكة المغرب وفرنسا    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    "البتكوين" تتجاوز ال 120 ألف دولار    تنظيم حملة توعوية بمخاطر السباحة في حقينات السدود    ويحمان يكشف خبابا نشر رسالة الفقيه البصري حول تورط الاتحاديين في المحاولةالانقلابية- فيديو        ماليزيا تشدد قيود تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي الأمريكية    رحيل تييري أرديسون .. أحد أبرز وجوه الإعلام الفرنسي عن 76 عاماً    نيجيريا تعلن حدادا وطنيا لسبعة أيام    معهد الجيوفيزياء يكشف ترددات زلزال جنوب إسبانيا في شمال المغرب    منخفض صحراوي يلهب أجواء المغرب.. و"الأرصاد" تحذر من موجة حر شديدة    "مهرجان الشواطئ" ينطلق بالمغرب    الرباط تحتضن "ليلة العيطة" بمشاركة حجيب والزرهوني    ترامب يعلن أن واشنطن ستسلم أوكرانيا منظومات "باتريوت" للدفاع جوي    غارسيا هدافا لكأس العالم للأندية 2025    تشيلسي يحصد 125 مليون دولار بعد التتويج في كأس العالم للأندية    لويس انريكي بعد خسارة نهائي كأس العالم … !    تأهيل ‬المناطق ‬المتضررة ‬من ‬زلزال ‬الحوز ‬    الاقتصاد ‬الوطني ‬يحافظ ‬على ‬زخمه.. ‬بنمو ‬بلغ ‬نسبة ‬4,‬8 %    ثقة مجموعة البنك الدولي في الاقتصاد الوطني متواصلة    عزلة ‬النظام ‬الجزائري ‬تكتمل ‬و ‬الخناق ‬يشتد ‬عليه    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    كيوسك الإثنين | "كان 2025″ و"مونديال 2030".. المغرب يمر إلى السرعة القصوى    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    خطة أمنية جديدة لمواجهة تصاعد الاعتداءات في الشوارع المغربية            لو يي شياو تبهر الجمهور بإطلالة تحاكي نساء هويآن في حقبة الجمهورية الصينية: سحر الماضي يلتقي بجمال الحاضر        مونديال الأندية.. الإنجليزي كول بالمر يتوج بجائزة أفضل لاعب    أيت بوكَماز.. حين تصرخ الهضبة السعيدة في وجه التهميش    من أكادير.. انطلاق دينامية شبابية جديدة لترسيخ ثقافة القرب والتواصل السياسي    فيفا يعلن إجراءات جديدة لحماية صحة اللاعبين وتنظيم فترات الراحة    صاروخ يقتل أطفالا يجلبون الماء في غزة وإسرائيل تعزو السبب لعطل    طنجة.. مكبرات صوت وDJ في الهواء الطلق تثيران استياء المصلين وسكان كورنيش مالاباطا    "السيبة" في أصيلة.. فوضى في الشوارع وغياب للسلطات    تشلسي يصعق باريس سان جيرمان ويتوج بلقب مونديال الأندية الموسع بثلاثية تاريخية    "كان" السيدات .. تأهل نيجيريا والجزائر    رفاق حكيمي يسقطون بثلاثية أمام تشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية        منظمة الصحة العالمية تحذر: تلوث الهواء يهدد أدمغة الأطفال ويعيق نموهم    نشرة إنذارية: موجة حر من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    عودة العيطة إلى مسرح محمد الخامس.. حجيب نجم النسخة الثالثة    « البسطيلة بالدجاج» تحصد المركز الثالث في مسابقة «تحدي طهاة السفارات» بواشنطن    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندم سعودي متأخر جدا
نشر في أخبارنا يوم 22 - 01 - 2012

أنظار العالم بأسره تتركز حاليا على منطقة الخليج بشاطئيه العربي والفارسي، لأسباب نفطية بالدرجة الاولى، والزحف الايراني المتسارع لتصنيع رؤوس نووية بالدرجة الثانية، وانعكاسات كل ذلك على الاقتصاديات الغربية المأزومة بدرجة ثالثة.
وفي ظل ازدحام مياه الخليج العربي بحاملات الطائرات، والاساطيل الامريكية، والسفن الحربية الغربية، والمناورات البحرية الايرانية، والتهديدات بإغلاق مضيق هرمز في وجه 17 مليون برميل نفط يوميا تتجه الى المستهلكين في مختلف انحاء المعمورة، من حق حكام المنطقة ان يقلقوا على مصير مواطنيهم، قبل كراسي حكمهم، وان يتنادوا لبحث الاخطار التي تهددهم.
مدينة المنامة، عاصمة البحرين، استضافت قبل بضعة ايام 'مؤتمر الامن الوطني والامن الاقليمي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية'، شاركت فيه شخصيات امنية من مختلف الدول، الى جانب الامين العام للمجلس السيد عبد اللطيف الزياني، والسفير الامريكي في البحرين.
مفاجآت عديدة وقعت داخل الأروقة، ابرزها الانتقادات الشرسة والمحقة للسياسات الامريكية في منطقة الخليج العربي من قبل السيدين ضاحي خلفان القائد العام لشرطة دبي، والامير تركي الفيصل رئيس جهاز المخابرات السعودي والسفير السابق لبلاده في واشنطن، وهي انتقادات دفعت السفير الامريكي للانسحاب غاضبا ومحتجا من الاجتماع.
النقطة التي نجد لزاما علينا التوقف عندها من بين نقاط عديدة مهمة جرى طرحها في هذا الاجتماع هي ما قاله الامير تركي الفيصل، وبالتحديد اعترافه 'ان العراق كان فاعلا رئيسيا في معادلة التوازن الاقليمي الخليجي، لكن اخراجه منها بسبب الغزو الامريكي الخاطئ له (اي للعراق) اخلّ بهذه المعادلة الضرورية لاستقرار الوضع الاقليمي، واتيحت لقيادة ايران فرصة للشعور بتفوق استراتيجي عملت على استغلاله باستخدامها لعامل الطائفية البغيض، لابقاء عراقنا في وضع استقطاب طائفي يهمش دوره، ويجعله أداة من ادوات سياستها الخارجية بل تابعا لها'.
' ' '
نوافق الامير الفيصل بأن الغزو الامريكي للعراق لم يكن خطأ فقط، بل كارثة على المنطقة بأسرها، ولكن أليس من حقنا ان نذكّره وكل المسؤولين الخليجيين الآخرين، بأنهم ارتكبوا 'خطيئة' اكبر عندما ساندوا الحصار الامريكي على العراق، ورقصوا طربا لاحتلال بغداد، وسقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين الذي حارب ايران ثماني سنوات دفاعا عنهم، ولمنع وصول الثورة الاسلامية الخمينية الى شواطئهم؟
فإذا كان الاحتلال الامريكي الكارثي للعراق كلفنا مليون شهيد، والحصار الظالم الذي سبقه، ومهد له، واذل العراق ودمر نسيجه وقيمه الاجتماعية، واهلك مليونا آخر من ابنائه، اخلّ بالتوازن الاقليمي لمصلحة النفوذ الايراني، فإن حكومات دول الخليج تتحمل مسؤولية مباشرة في كل هذه النتائج، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، باعتبارها الشريك الاكبر في دعم الاستراتيجية الامريكية في المنطقة حتى هذه اللحظة.
الاعتراف بالخطأ فضيلة، وخير الخطائين التوابون وما هو اجمل من ذلك محاولة التعلم من اخطاء الماضي، واستخلاص العبر بما يؤدي الى تجنب الوقوع في اخطاء اكبر في المستقبل القريب، بتبني السياسات الامريكية الخاطئة نفسها، ليس في منطقة الخليج فقط، وانما في الوطن العربي بأسره.
نحن الآن، وليس الخليجيين منا فقط، نقف على ابواب حرب امريكية اسرائيلية مشتركة ضد ايران، وبدأت بعض الدول العربية تروج لها، بل وتحرض عليها بشكل مبكر، وتصلي من اجل انفجارها في اي لحظة للتخلص من الافعى الايرانية، تماما مثلما كانت تصلي لقطع رأس الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، فهل اجرت هذه الدول، او قياداتها على وجه التحديد، حساباتها بشكل جيد وهي تقرر الوقوف في الخندق الامريكي، وبمعنى آخر، هل حددت حجم الارباح وقدرت حجم الخسائر؟
زيادة كمية انتاج النفط السعودي لتعويض اي نفط ايراني في حال مضي اوروبا قدما في مخططاتها لفرض حظر على ايران، الا يذكرنا بكيفية اغراق دول مجلس التعاون الخليجي لأسواق النفط العالمية بمليوني برميل اضافية، بحيث هبط سعر البرميل لاقل من عشرة دولارات، لتجويع العراق وتدمير اقتصاده، الامر الذي ادى الى استفزاز حاكم بغداد ودفعه الى كارثة غزو الكويت.. وبقية القصة معروفة؟
امريكا غزت العراق لاسباب اسرائيلية صرفة، وتستعد لحرب ضد ايران للاسباب نفسها، فالسلاح النووي الايراني لا يهدد العرب، بل يهدد اسرائيل، وحتى لو هدد العرب فإنه لن يكون اكثر خطورة من التهديد النووي الاسرائيلي، فلماذا نرضخ للاخير ونتعايش معه، بينما نرفض الاول ونستعد للمشاركة في حرب ضده، قبل ان نتأكد من امتلاك ايران له؟
' ' '
الامير تركي الفيصل يخشى من سباق تسلح نووي في حال امتلاك ايران لهذا السلاح الخطير، ولا نفهم هذه الخشية واسبابها، ونسأل لماذا لم يؤد امتلاك اسرائيل لأكثر من مئتي رأس نووي لهذا السباق؟، وحتى لو حدث الآن فأهلا به، لانه سيحقق للعرب التوازن الاستراتيجي مع ايران واسرائيل معا.
امريكا دفّعتنا ثمنا باهظا عندما حثتنا لوضع العراق الشقيق في خانة الاعداء، وتآمرت علينا مرة اخرى عندما عملت جاهدة على تقسيم السودان وتفتيته، وذهبت الى ما هو ابعد من ذلك عندما وضعت ليبيا تحت انتداب حلف الناتو، والآن تتآمر لسرقة الثورة المصرية وحرفها عن مسارها، وهي قطعا تتمنى ان تغرق سورية في حرب طائفية اهلية دموية، ويقدم لها النظام بعناده خدمة كبيرة في هذا الصدد.
ربما يقدر البعض لقادة الخليج انهم ابعدوا الحرب العراقية الايرانية عن دولهم عندما جندوا الرئيس صدام لحماية سواحلهم من الاجتياح الايراني، واستطاعوا اجتثاث ما اعتقدوا انه خطر عراقي عندما استعانوا بالاساطيل والطائرات الامريكية لدرئه، ومن ثم ازالة الحكم العربي الوطني في العراق، ولكن من الصعب علينا ان نتصور انهم سينجحون هذه المرة في تحقيق الانجاز نفسه في حال انفجار الحرب ضد ايران، 'فليس في كل مرة تسلم الجرة' مثلما يقول المثل الشعبي العربي، وايران لم تخف نواياها بالانتقام في حال تواطؤ جيرانها على الشاطئ الآخر عند اي اعتداء عليها.
نتمنى ان يكون كلام الامير تركي الفيصل وانتقادات اللواء ضاحي خلفان بداية صحوة خليجية تقول لقارعي طبول الحرب الامريكيين 'كفى' لقد طفح كيلنا من جراء سياساتهم الخاطئة، ولينسحب كل السفراء الامريكيين غضبا ومعهم اساطيلهم وحاملات طائراتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.