الصين تدعم التعاون الأمني مع المغرب    الجزائر ‬تجرب ‬جميع ‬أوراقها ‬في ‬مواجهة ‬الانتكاسات ‬الدبلوماسية ‬    منيب تتقدم بمقترح قانون للعفو العام    خط جوي جديد بين البيضاء والسمارة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    إطلاق نظام جديد لدعم المقاولات الصغرى جداً والصغيرة والمتوسطة بنسبة تمويل تصل إلى 30%    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    تفجير انتحاري يوقع 12 قتيلا بإسلام أباد    رونالدو: مونديال 2026 "سيكون الأخير"    رصاص الأمن يشل حركة مروج مخدرات    انقلاب "بيكوب" يرسل 17 عاملا فلاحيا لمستعجلات تارودانت    التامك يغيب لأول مرة عن مناقشة ميزانية السجون في مجلس النواب.. ما علاقة ذلك ب"إهانته" قبل عام؟    محامي: قاصر يعاني من إعاقة ذهنية وجسدية معتقل على خلفية احتجاجات "جيل زد" بوجدة    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يكشف عن قائمة المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    احجيرة: نتائج برنامج التجارة الخارجية لا تُعجب.. 40% من طلبات الدعم من الدار البيضاء.. أين المجتهدون؟    المنتخب المغربي يخوض أول حصة تدريبية بالمعمورة تأهبا لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    تحيين الحكم الذاتي إنتقال من التفاوض إلى مشروع سيادي مغربي نمودجي مكتمل الأركان    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    أجواء غائمة مع ارتفاع طفيف لدرجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    فضيحة في وزارة الصحة: تراخيص لمراكز الأشعة تُمنح في ظل شكاوى نصب واحتيال    الفاعل المدني خالد مصلوحي ينال شهادة الدكتوراه في موضوع "السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة في ضوء دستور 2011"    تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    "الكاف" يكشف عن الكرة الرسمية لبطولة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور \"أخطر المجرمين\" في صناعة المجرمين
نشر في أخبارنا يوم 30 - 04 - 2012


[email protected]
عاش المغرب خلال الأشهر الأخيرة على إيقاع جرائم عديدة ومتنوعة وبشكل أكثر "إبداعا ونضجا" أدخل المجرمين أولائك إلى "نادي أخطر المجرمين"، حتى وإن لم تتح لهم الفرصة الكريمة في المرور عبر برنامج "أخطر المجرمين"، الذي تبثه القناة الثانية أو حتى على "مسرح الجريمة" الذي تبثه قناة مدي 1 سات،مشكورة. إذ لم يعد اليوم مجرم صغير أو متوسط ، بل كل أولائك صاروا يطمحون إلى وضع وسام "أخطر المجرمين من الدرجة الرفيعة" على كتفه، عساه يحظى بمتابعة وتغطية بطولية لهذا البرنامج أو ذاك، مادام إعلامنا المبدع يتيح لهم الفرصة في إطار الانفتاح على المواهب الشبابية المتنوعة وجعل الإعلام أكثر قربا من الواقع...
معلوم تماما أنه لكل برنامج مرئي أو مسموع أهدافا ومقاصد تربوية و تنموية، يتوخى من خلالها الوصول إلى المجتمع الذي يشتغل ضمنه، بغية الإسهام في رفع وعيه ومداركه وأفهامه، وتحقيقا لانخراط الإعلام في التنمية المجتمعية بمختلف أبعادها وتجلياتها،حتى يحمل بحق عنوان الإعلام المواطن الذي لا زال المغاربة يحلمون أن يجدوا في يوم ما ذواتهم ضمن إطاره. شخصيا لست من الذين يحرصون على متابعة برنامج أخطر المجرمين أو مسرح الجريمة ولا مهتما بهما، فلا أكاد أتابعه بين الفينة والأخرى إلا صدفة، وكلما وجدت نفسي أمامه إلا وانتابتني أسئلة متعددة مع جملة من الملاحظات أشرككم إياها، أهمها:
ترى ما هو الشعور الذي يتركه البرنامج في نفسية هواة الإجرام ومبتدئيه ؟ لماذا يتم عرض المجرم بتلك الصورة البطولية ؟ ما الغرض من اختيار الجرائم الأكثر خطورة والأقل عقابا ؟ لماذا غالبا ما تكون تصريحات ضباط الأمن المستجوبين يطبعها كثير من الخوف مع انبهار شديد بذكاء المجرم ؟ ثم ما الغرض من الكشف عن خطة المجرم في تنفيذ جريمته بالموازاة مع خطة رجال الأمن في الإيقاع به ؟ بشكل عام هل من ضرورة مجتمعية لبرنامج أخطر المجرمين أو مسرح الجريمة .. ما الغاية منه ؟ و ما هو التصور العام الذي وضعه معدوه ومخرجوه..
إن هاته المداخل والتساؤلات الواردة آنفا تجعلنا نسجل الاستنتاجات التالية :
- البرنامج يسوق صورة مجانية فظيعة عن المغاربة فيما بينهم، يجعلهم يتعاملون مع بعضهم بكثير من الشك والريبة.
- يتم تسويق صورة نمطية عن الضحية( الذي هو المغربي طبعا) كونه بليدا ومغفلا سهل الاختراق، فيما يتم تصوير المجرم على أنه ماكر وذكي أوتي كثيرا من "الحكمة والعقل".
- عرض المجرم بتلك الصورة البطولية يسهم في تغذية الإجرام واتساع نطاقه، ويولد إعجابا كبيرا من طرف هواة الإجرام ومبتدئيه، إذ سرعان ما يتم وضعه كنموذج أعلى، خاصة عندما يقترن ذلك بغياب الوعي وتدني المستوى التعليمي لكثير من هؤلاء مع ارتباطه بالعوز والفقر.
- تصريحات ضباط الأمن المستجوبين في البرنامج يطبعها كثير من الخوف مع انبهار شديد بخطة المجرم وقدرته في التفكير والإبداع، مما يسجل تفوقا معنويا للمجرم ينتج عنه ثقة نفسية بالنسبة " للمجرم المشروع" المتابع للبرنامج ذاته.
- الكشف عن خطة المجرم بالموازاة مع خطة رجال الأمن في الإيقاع به، يجعل المجرم المشروع يتبنى تلك الخطة في جرائمه المستقبلية مع وضع بدائل واحتياطات كي لا يقع فيما وقع فيه " أخوه" حتى لا يلدغ من الجحر الواحد مرتين.
- إذا كانت البرامج سواء الثقافية، أو السياسية، أو الرياضية، تخلق نقاشا بعد انتهائها من طرف المهتمين بموضوعها، فإن برنامج "أخطر المجرمين" وزميله "مسرح الجريمة"، يتيحان للمجرم فرصة لتعميق النقاش، وتبادل الخبرات مع أقرانه، مما يجعل المجرم يعيش حالة إجرام متواصل فكرا، وقولا، و سلوكا.( وقد وقفت على هذا النقاش وعاينته مباشرة من قبل نفر من هواة الإجرام)
- يعزز الملاحظة الآنفة الذكر أن العديد من الجرائم الواقعة مؤخرا، تشبه تماما ما تم عرضه في ذات البرنامج خاصة المتعلق منها بالنصب والاغتصاب واستعمال السلاح الأبيض المؤدي إلى القتل.

في اعتقادنا أن برنامجا مثل الذي نتحدث عنه وبهاته الطريقة في الإخراج والإعداد التي يطل بها على المواطن، تستدعي الوقوف عندها والدعوة إلى إعادة النظر فيها جملة وتفصيلا، إذ ليس الهدف الوحيد من البرامج الاجتماعية حشر أكبر عدد من المتابعين لها قصد الربح والعائد فقط، على حساب الأمن والتنمية والتقويم والتربية.. في نظري المتواضع طبعا، سيكون جميلا لو تتبع البرنامج طائفة من المجرمين الذين قضوا عقوبتهم السجنية، وخرجوا إلى المجتمع واستطاعوا الانخراط فيه بإيجابية ومسؤولية، ويقدم لهم العون والمدد ( أجي نتعاونوا ) تحقيقا لهذا الغرض، ولهم أن يُقَدموا آنئذ كنماذج بديلة لمن اختار هذا الطريق أو لمن راوحه اليأس من كل جانب.
صحيح أن الانفلات الأمني الذي عم أركان المغرب خلال الآونة الأخيرة تتداخل فيه العديد من الأسباب، أبرزها الانشغال والاهتمام الكبير بالثورات العربية من قبل الأنظمة والأجهزة الأمنية، بغية ضمان الاستقرار السياسي، حيث نتج عن ذلك غض الطرف عن كثير من الخروقات القانونية خاصة ذات الطابع الاجتماعي، وهو ما ترك الفراغ أمام هاته الفئة حتى تكثف من جهودها الإجرامية وبتعبئة مضاعفة.
كل هاته الظروف و بالموازاة مع تمرير مثل هكذا برامج، يزيد الأمر استفحالا وانتشارا وتسيبا بكثير من المهارة والإبداع والتحديث، في الوقت الذي كان من المفروض على الإعلام المواطن أن يسهم في تخليق وتأمين المجتمع عن طريق برامج أكثر نفعا و نضجا خدمة للصالح العام.
هي رسالة من يدري لعلها تصل . .
ملاحظة لها علاقة بما سبق
ما تكلم عنه وزير الداخلية امحند العنصر "غفر الله له" كون الوضع الأمني بالمغرب باعث على الارتياح وأرقام الجرائم فيه غير مقلقة، أمر مخجل للغاية ولا يعبر عن أي مسؤولية تماما، إذ لو كنت وراء الشخص الذي كان قابعا وراءه، لوضعت يدي على فاه، هذا إذا لم أقم بعضِ أذنه.. حتى لا يقول أكثر مما قال.
مسؤول بهذا القدر وفي جهاز حساس يشكل عصب استمرار الحياة، كان المفروض منه أن يطمئن المواطن على أمنه وممتلكاته، ويتوعد من سلك هذا الطريق بعقوبات أكثر صرامة وحزما، والكشف عن خطط مستقبلية لمحاصرة هاته الظاهرة مع العمل على الرفع من الدعم اللجستيكي والبشري لهذا الجهاز الحيوي المستمر.
أعتقد أن معالى الوزير وهو يطمئن المغاربة على الوضع الأمني، يقصد بذلك المجال الجغرافي الذي يقطنه بمعية حاشيته، إذ الحراسة الأمنية بمختلف أشكالها تحيط به من كل جانب. أما حواضر المدن، وأطرافها، ومداخل القرى والمداشر، والأحياء الشعبية، والطرق السيارة، فإنها أماكن تعيش حالة من التسيب الأمني الفظيع الذي يجعل المواطن يحس وكأنه في عهد المغول، بالنظر إلى هاته الهمجية التي أضحى يتعامل بها المجرم مع ضحيته اغتصابا وسرقة وقتلا..
أكيد معالى الوزير لن يصبح الوضع الأمني بالمغرب مقلقا، إلا إذا تعرض أحد أقربائك أو معارفك إلى سوء من قبل أولائك- لا قدر ذلك لهم - آنئذ ستحس باقترابه منك .. أما أنتم فلا أظن ذلك حاصلا لكم نظرا للارتياح الأمني الحاصل في محيطكم وحدكم معالى السيد الوزير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.