محمد باجي لا عجب في ما لاحظناه ، متوقع كل هذا في أجمل بلد في العالم ، كل هذا متوقع ، إنزال كثيف لوزراة الداخلية والأحزاب العقيمة داخل دهاليز دور الندوات بالعمالات وأمام العمالات وفي كل المدن ، صفير و( دقايقية ) و ( غياطة ) و( بنادير ) ، وبين هذا وذاك ، شاشات تلفاز مهترئة ومستوي صوتها لا يسمع بالمرة أثناء الهدوء فما بالك بوجود كل وجوه البلطجة و( الفقصة ) ، هو إذن ضحك على العيان ، هي السذاجة بعينها ، هم المساقون أولئك المحتفلون دون إرادة ، مرت ليلة الخطاب ورسا الخطب ، فقر مدقع ، جهل راسخ ، استغلال مكشوف . المثل المغربي لم يكذب عندما قال بأن المغاربة شعب سرعان ما ينسى ، وهذا النسيان تجلى بالذات في عودة حليمة إلى عادتها القديمة ، فمن كان يصفر ويزغرد من باب ( التفواج ) وليس من باب استيعاب الخطاب وفهمه كان مساقا ومسلوب الإرادة ، والحال أنه بعد مرور كل تلك الليلة الصاخبة عاد ليمارس كل الأفعال التي تقيه شر الجوع ، المتسولون عادوا إلى ألفتهم ، الناشطات في الدعارة عدن إلى نشاطهن ، المستعبدون عادوا إلى جحيم الإستعباد ، المراهقون المتسكعون عادوا إلى معاقرة ( الدوليو ) والمخدرات وجحيم الإنحراف ، فاللعنة كل اللعنة على من يتاجر بآلام الناس . أستحلفكم بالله ، أهكذا نريد بالشعب المغربي أن يتقدم ؟ أهكذا نعطي المثال في السير قدما في بناء دولة الحق والقانون ؟ أظن أنه وبالمرة ما هكذا سنصل إلى الأهداف التي تقي هذا الوطن شرور المستقبل . يقال أن الإرادة يجب احترامها ، فهل احترمت الداخلية المغربية إرادة المغاربة عندما نزل مقدموها وشيوخها إلى الأحياء الشعبية ليسوقوا ساكنتها كالقطيع إلى إلى وسط المدن للإحتفال دون معرفة حدود هذا الإحتفال ودواعيه ؟ ، هل كلفت الداخلية المغربية نفسها عناء استقرار الأجواء والهدوء ليستمع المغاربة للخطاب في هدوء لاستيعاب مضامينه وتحليل إرهاصاته وسياقاته ومضمونه ؟ أبدا أبدا لم يحصل هذا ، وللأسف الشديد تم التعامل مع الدستور الذي يعد من ضمن أسمى الديباجات بالتهاون والإهمال واللامبالاة وتم تحويله إلى لعبة بكل ذلك الصفير المخزي والإحتفال المفضوح والدعاية المكشوفة ، وحديثنا بهذا الخصوص نابع من الوطنية القحة وليست له أية علاقة بمحاولة إيجاد الثغرات أو العيوب أو حفر قبور النقد الهدام وإنما هو الإحساس بالوطنية والرغبة الملحة في رؤية هذا الوطن مستقبلا يضاهي الأمم المتقدمة .