المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية يدين هجوما مسلحا قرب ثكنة للمينورسو ويحمّل البوليساريو المسؤولية    اعتصام لقوات تابعة لمرتزقة البوليساريو احتجاجًا على التهميش والإهمال الصحي العلم الإلكترونية – متابعة    مجموعة العمران تطلق جولة "Al Omrane Expo – مغاربة العالم 2025" من بروكسيل    ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ممكن خلال أسبوع    قناة عبرية: مصدر سوري يكشف عن توقيع إسرائيل وسوريا اتفاقية سلام قبل نهاية العام    إسرائيل تقتل 550 طالبا للمساعدات.. الأمم المتحدة تندّد بنظام "عسكري" لتوزيع المساعدات في غزة    الجيش الأمريكي يقول إن السبب وراء عدم قصف منشأة أصفهان النووية هو موقعها العميق تحت الأرض    مونديال الأندية: مواجهة مرتقبة بين سان جرمان وميسي.. وبايرن يصطدم بفلامنغو    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    توقيف شخصين لإهانة الشرطة وتخريب مرفق عمومي بابن جرير    أزيلال.. انهيار سور ثانوية بتيموليلت يودي بحياة خمسيني وقطيع غنمه    مبادرة في المغرب تستعين بتلاميذ لإقناع متسربين بالعودة الى مقاعد الدراسة    نظام إيران يشيع عسكريين وعلماء    وزارة العدل الأمريكية تضغط لإقالة رئيس جامعة    مصادر طبية تنعى 66 من أطفال غزة    برلماني جزائري يؤكد التلفيق للمغرب    ألونسو: دياز يتمتع بروح تنافسية عالية    انطلاق بيع تذاكر كأس إفريقيا للسيدات بالمغرب    2419 ملعب قرب مبرمج لتعزيز البنية الرياضية بالمغرب    جمال سلامي    أخنوش يدعو النقابات إلى اجتماع لجنة إصلاح التقاعد في يوليوز المقبل    نقاش في جنيف يدين انتهاكات تندوف    تقنين جديد لإنتاج وتسويق الخل بالمغرب    أين اختفى الاتحاد الإفريقي..اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية يوقع في واشنطن    عملية توقف "داعشية" بمدينة الرباط    جريمة قتل أم تستنفر الشرطة بمكناس    منتخبون يرثون حال المحمدية ويُحملون آيت منا مسؤولية ذبول "مدينة الزهور"    مراكش تحتضن المنتدى الدولي للشباب بمشاركة واسعة من دول العالم الإسلامي    المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي: لا الاتحاد ولا أي من دوله الأعضاء يعترف ب"الجمهورية الصحراوية" المزعومة    مونديال الأندية: جماهير غفيرة وأهداف غزيرة في دور المجموعات    المغرب وتركيا يوقعان بإسطنبول على مذكرتي تفاهم حول السلامة الطرقية والممرات البحرية    زلزال بقوة 6,1 درجة يضرب قبالة سواحل جنوب الفلبين    البوليساريو تلقت ردا حاسما بعد استهدافها السمارة    رحيل الإعلامية والممثلة المغربية كوثر بودراجة بعد صراع مرير مع المرض    كرة الطائرة / اتفاقية تعاون بين CAVB و AIPS إفريقيا …    المغرب يرفع وتيرة الاستثمار في قطاعات استراتيجية ذات جاذبية عالمية    بالفيديو.. كاظم الساهر يسحر جمهور موازين في ليلة طربية خالدة    ارتفاع مبيعات الإسمنت بنسبة 9,5%    الذهب يتراجع مع صعود الدولار    المغرب يتصدر موردي الحمضيات للاتحاد الأوروبي بصادرات قياسية        بحضور الأميرة لمياء الصلح.. فوضى تنظيمية خلال حفل كاظم الساهر ومسرح محمد الخامس يتحول إلى "حمام بلدي"    "أولاد يزة 2" يفوز بالجائزة الثانية في مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    المغرب يحقق "معجزة صناعية" مع الصين بالجرف الأصفر: مصنع مغربي-صيني يضع المملكة في قلب ثورة البطاريات العالمية    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    ضجة الاستدلال على الاستبدال        طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المبدأ الرائس لجوهر مفهوم الكونية

1. .ماذا أعني عندما أقول: أشعر بألم أو بفرح في أعماق كياني؟ ماذا أعني عندما أعبِّر عن نفسي أو شعوري قائلاً: إني أتأمل أعماق الكون، والأجواء اللانهائية، والوجود والحياة؟ ماذا أعني عندما أقول: إني أتأمل عمق كياني، وأقف متعجِّباً أمام معجزة وجودي وسرَّانيته؟ هل أعتبر هذه الأعماق الكونية الماثلة في الوجود والأعماق الإنسانية الماثلة في كياني حقيقة واحدة؟ وهل إن العمق الكامن في الإنسان هو العمق الذي نتحدث عنه ونحن نطرح قضية الكون والوجود والحياة؟
2. كيف يستطيع عالم الرياضيات، وهو يسعى إلى البحث عن حقيقة الكون الأكبر، أن يحسب الأبعاد الكونية، على نحو عام، وأبعاد النظام الشمسي، على نحو خاص، وهو جالس في غرفته يتأمل الاتِّساع الكوني وامتداده اللامحدودين؟ كيف استطاع هذا العالِم الحكيم قياسَ تلك الأبعاد بدقة دون أن تتوافر لديه أدوات القياس المعتمدة والمألوفة لتقدير المسافات؟ هل إن قدرته على قياس تلك الأبعاد دليلٌ على وجود تلك الأبعاد ذاتها في كيانه على نحو مصغَّر وعلى نحو مبادئ عقلية أوَّلية يستمد منها المعرفة المجردة والإدراك الحسِّي؟ وهل إن أبعاده النفسية واستطالاتها، وأمداءه الفكرية والروحية، تتوافق مع الأبعاد والأمداء الكونية، التي يحسبها على نحوِ قياسٍ دقيق قابلٍ للامتداد والاتساع اللانهائيين، وهو يتأمل تلك الأعماق دون أن يجتاز المسافات القائمة بينها كأمكنة، ودون أن يرتحل بجسمه إليها؟
3. إن كنت أتحدث عن الزمان والمكان في نطاقيهما وفي علاقتهما المتداخلتين، وأطرح قضية الأزمنة والأمكنة في نطاقاتها الكونية والأرضية، وفي علاقاتها المتداخلة في النظام الشمسي بعد تكوين العالم المادي، أو في الوجود الكلِّي، فإنما لأطرح على نفسي التساؤلات التالية: ما هي حقيقة الزمان والمكان في كياني ووجودي؟ كيف أحسبهما أو أقيسهما في زماني ومكاني الداخليين، المتداخلين والمتفاعلين في كيان واحد غير منقسم؟ وهل يوجد زمان نفسي ومكان نفسي في الفراغ الممتلئ؟ وهل إن زماني ومكاني يتوافقان ويتلازمان مع زمان ومكان الكون، أو مع زمان ومكان النظام الشمسي؟
علمت – وأنا الآن أعلم – أن الإنسان هو الكون الصغير الذي ينطوي فيه الكون الكبير؛ هو اللانهاية الصغرى التي تنطوي فيها اللانهاية الكبرى؛ هو الجزء الذي ينطوي فيه الكل. وإذ أدركت – وأنا الآن أدرك هذه الحقيقة – رأيت نفسي أتَّجه إلى إقامة الدليل على الألفة أو الاتِّصالية أو التواشج القائم بين الإنسان والكون. ويتمثل اتجاهي في فهم آراء ونظريات العلماء العرفانيين والباحثين الحكماء الذين أكدوا، أو مالوا إلى التأكيد، في دراساتهم الاختبارية، على وجود الاتَّصالية بين الكون الأصغر والكون الأكبر ضمن وحدة كونية متماسكة، عبر مستويات يشتمل أعلاها على أدناها، ليصبح المستوى الأدنى متضمَّناً في مستوى أعلى يشتمل عليه، حتى تتحقق وحدة المستويات في كيان كوني واحد وكلِّي.
لقد أشار العلماء العرفانيون والإنسانيون إلى أن التعمق في دراسة الكون الأصغر تؤدي إلى ولوج نطاق الكون الأكبر ومعرفة أسراره، وأن التعمق في دراسة اللانهاية الصغرى تؤدي إلى دراسة اللانهاية الكبرى، وأن دراسة الجزء تعني دراسة الكل، وأن دراسة المادة تعني دراسة الحياة والروح. وعلى نحو مماثل، أشار العلماء الحكماء إلى أن دراسة الكون الأكبر واللانهاية الكبرى تؤدي إلى دراسة الكون الأصغر واللانهاية الصغرى.
وإذ تبيَّنتْ لي حقيقةُ هذا التآلف التكاملي، واتضحتْ معالمُها التوحيدية، سعيتُ إلى إعلانها في ما كتبت في فلسفة العلوم. ويسعدني أن أقول بأن مضامين كتاباتي في هذا المجال مقتبسة من علماء أفذاذ، أمثال كابرا، بريغوجين، شلدريك، جينز، إدنغتون، شرودنغر، أينشتاين، باولي، تيار دو شاردان، كوزيرف، هويلر، غودل، دافيس، وغيرهم، ومن علماء نفس الأعماق وعلماء النفس العبرشخصيين، أمثال يونغ وويلبر، ومن فلاسفة مرموقين وحكماء وأخلاقيين عظماء.
في هذا التأليف القائم بين كونين ولانهايتين اكتشفتُ كونية الإنسان، بوصفه بؤرة أو عقدة لقاء اللانهايتين، وأدركت أن السرَّانية العظمى تكمن في فهمي – أو في فهمنا – للكونية في طيفها الأوسع. ومن جانبي، لا أستطيع أن أتحدث عن كونية كبرى ولانهائية تخرج عن نطاق كونية الوجود الإنساني الصغرى والمضمونة في لانهائية الكونية الكبرى. وبالمثل، لا أستطيع أن أتحدث عن كونية الوجود الإنساني الصغرى بمعزل عن كونية الوجود الكبرى – وهذا لأنني أحترم الوجود الإنساني وأجِلُّه وأحبه، ولأن محبتي للكون الأكبر لا تعني شيئاً إن كنت أكره الإنسان أو أقلِّل من شأنه ومن شأن الوجود الأرضي. لذا لا أستطيع أن أدَّعي بأنني إنسان كوني، أو باحث في مفهوم الكونية، أو عالم بحقيقة الكونية، أو مدافع عن العالم في كونيَّته، ما لم أكن كونياً في عمق كياني وجوهري وحقيقتي وفي سرَّانية وجودي.
ففي هذا المنظور عاينتُ الكونية في الكون كلِّه، وفي العالم الأرضي المتصل بهذه الكونية، وفي كل عمل إبداعي أو إنجاز إنساني، أكان إنجازاً في نطاق الطب، أو البيولوجيا، أو الكيمياء، أو الفيزياء، أو الأدب، أو الفلسفة، أو علم النفس، أو علم الاجتماع، أو الاقتصاد، أو الرسم، أو الموسيقى، أو الفكر المستنير، أو في أنواع السلوك التي نعتبرها بسيطة، كالخدمة والتضحية إلخ. لقد علمت أن ما هو إنسانيٌّ في حقيقته هو طبيعيٌّ وكونيٌّ في جوهره. فالقوانين الطبيعية هي قوانين كونية سعى الإنسان جاهداً إلى معرفة رموزها وتبنِّي قواعدها لتكون عوناً له على معرفة نفسه وسرِّ وجوده. والقوانين الإنسانية هي قوانين طبيعية وكونية تدعو الإنسان إلى تطبيقها لكي يتَّحد مع الوجود الكلِّي. وهكذا لم أستطع أن أفصل الإنسان عن الكون، أو أن أفصل العقل الإنساني عن العقل الكلِّي الشامل؛ إذ علمت أن هذا الفصل معضلة تشير إلى أنني كوني زائف وباطل. وهكذا أدركت القيمة والمعنى المضمونين في وجودي. والحق إن أيَّ انتقاص من كونيَّتي هو انتقاص من كونية الوجود.
في كتاب وضعه عالم فلكي كبير قرأت العبارة التالية: ماذا تفيد معرفتي أو علمي بجرم من الأجرام، أو بكوكب من الكواكب، أو بمجرة من المجرَّات، إن كنت أسمع – متألماً – الأنينَ المنبعثَ من صدور البؤساء والمعذَّبين والجائعين والمظلومين؟ ألا يعني هذا أن الكون كلَّه يضطرب، في عمقه، لآلام البشر الذين فقدوا كونيَّتهم، فكانوا ظالمين ومستبدين وجاهلين بحقيقة مغزى وجودهم، أو جُرِّدوا منها، فكانوا تعساء ومنبوذين ومحرومين من نعمة الحياة؟
على نحوٍ موازٍ، ردَّدت في أعماقي الحكمة التالية التي أعتبرها حجر الزاوية في هيكل سرَّانيتي: لن ترتاح نفسي، ولن يطمئن قلبي، وأنا أعلم أن إنساناً واحداً يعاني من الألم السلبي ومن اغترابه عن كونيَّته ويشعر بضآلة قيمته وتفاهة وجوده وكيانه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.