هجرة .. المشاركون في الندوة الوزارية الإقليمية لشمال إفريقيا يشيدون بالالتزام القوي لجلالة الملك في تنفيذ الأجندة الإفريقية    أوكرانيا تستبق "تصويت الكونغرس على المساعدات" بالتحذير من حرب عالمية ثالثة        إعادة انتخاب بووانو رئيسا للمجموعة النيابية للعدالة والتنمية للنصف الثاني من الولاية الحالية    في لقائه بأخنوش.. مدير "الفاو": المغرب نموذج يحتذى به في الاستراتيجيات الفلاحية    طريق المغرب للتحول إلى "بلد البترول والغاز"!    النواب يحسم موعد انتخاب اللجن الدائمة ويعقد الأربعاء جلسة تقديم الحصيلة المرحلية للحكومة    بوركينافاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين اتهمتهم بالقيام ب"أنشطة تخريبية"    توثق الوضع المفجع في غزة.. مصور فلسطيني يتوج بأفضل صورة صحفية عالمية في 2024    "أشبال الأطلس" يستهلون مشوارهم في بطولة شمال إفريقيا بتعادل مع الجزائر    نهضة بركان يفتقد خدمات 4 لاعبين أمام إتحاد العاصمة الجزائري    بوريطة: المواقف الثابثة لليبيريا بخصوص قضية الصحراء المغربية عززت توطيد العلاقات الثنائية    مدير "الفاو" يحذر من تفاقم الجوع بإفريقيا ويشيد بالنموذج المغربي في الزراعة    غوغل تطرد 28 من موظفيها لمشاركتهم في احتجاج ضد عقد مع إسرائيل    الدكيك: نستعد لمواجهة ليبيا بجدية كبيرة    إيران تتوعد إسرائيل: "ستندم" على أي هجوم    تلميذ يرسل أستاذا إلى المستعجلات بتزنيت    ما هو تلقيح السحب وهل تسبب في فيضانات دبي؟        الحكومة ستستورد ازيد من 600 الف رأس من الأغنام لعيد الاضحى    لماذا يصرّ الكابرانات على إهانة الكفاح الفلسطيني؟    طنجة: توقيف شخص وحجز 1800 قرص مخدر من نوع "زيبام"    مطار حمد الدولي يحصد لقب "أفضل مطار في العالم"    مجلس الحكومة يصادق على مشاريع وتعيينات    نجوم مغاربة في المربع الذهبي لأبطال أوروبا    واش تنادم معهم الحال حيث شافوه محيح مع العين؟ نايضة فالأهلي المصري بسبب سفيان رحيمي    المغرب متراجع بزاف فمؤشر "جودة الحياة"    ما الذي قاله هشام الدكيك قبل المواجهة الحاسمة أمام ليبيا؟    السفينة الشراعية التدريبية للبحرية الألمانية "غورتش فوك" ترسو بميناء طنجة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    المغرب وليبيريا يجددان التأكيد على مواصلة تعزيز تعاونهما الثنائي    هل تغير أميركا موقفها بشأن عضوية فلسطين بالأمم المتحدة؟    تاجر مخدرات يوجه طعنة غادرة لشرطي خلال مزاولته لمهامه والأمن يتدخل    أصيلة.. توقيف ثلاثة أشخاص للاشتباه في ارتباطهم بالاتجار في المخدرات    فدوى طالب تكشف موعد عرض "مروكية حارة" بالقاعات السينمائية    منير بنرقي : عالم صغير يمثل الكون اللامتناهي    هل يتراجع "الكاف" عن تنظيم نسخة جديدة من "السوبرليغ" في 2024؟    تقرير دولي يكشف عن عدد مليونيرات طنجة.. وشخص واحد بالمدينة تفوق ثروته المليار دولار    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    عزيز حطاب يكشف ل"القناة" حقيقة عودة "بين القصور" بجزء ثانٍ في رمضان المقبل!    رونالدو يكسب يوفنتوس في ملف تحكيم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أكادير تحتضن الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ    تنظيم الدورة الثانية لمعرض كتاب التاريخ للجديدة بحضور كتاب ومثقفين مغاربة وأجانب    بينهم سوري.. عقود عمل وهمية والإتجار بالبشر يطيحان ب5 أشخاص في فاس    "نتفليكس" تعرض مسلسلا مقتبسا من رواية "مئة عام من العزلة" لغارسيا ماركيز    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب هذه الدولة        قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    أرقام رسمية.. 3000 مغربي مصاب بمرض "الهيموفيليا" الوراثي وها شنو موجدة وزارة الصحة لهاد النزيف الدموي    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منتدى مجلّةُ مواقف يكرّمُ الشّاعر حنّا أبو حنّا
نشر في طنجة الأدبية يوم 31 - 03 - 2009

أقام منتدى (مجلّة مواقف) ندوةَ تكريمٍ للأديب حنّا أبو حنّا، في فندق العين بمدينة البشارة النّاصرة، وذلكَ يوم الخميس الموافق 26-3-2009، احتفاءً بصدورِ أعمالِهِ الشّعريّةِ المنجَزةِ، وقد افتتح عريفُ النّدوةِ الفنّان عفيف شليوط (مدير مؤسّسة أفق) اللقاءَ، مُرحِّبًا بالأدباءِ والشّعراءِ والإعلاميّين والحضورِ، وساردًا نبذةً قصيرةً عن تكريمِ الشّاعرِ حنّا أبو حنّا في نهاية عام 2005، حين أصدرتْ (مكتبةُ كلُّ شيء) وبدعمٍ مِن مَجمَعِ اللّغةِ العربيّةِ في حيفا كتابَ "زيتونة الجليل"، يتضمّنُ أبحاثًا ودراساتٍ أدبيّةً وتاريخيّةً واجتماعيّةً لهُ، وكانَ بمثابةِ إهداءٍ وتكريمٍ للشّاعرِ حنّا أبو حنّا، ببلوغِهِ السّابعةَ والسّبعينَ مِن عُمرِهِ، جاءَ في مقدّمةِ الكتابِ:
"رأينا مِنَ المناسبِ أن نُعطيَ هذا الكتابَ عنوانَ زيتونةِ الجليلِ، لأنّ الزّيتونَ هو سمةُ الجليلِ البارزةِ، فهو قديمُ العهدِ، عميقُ الجذورِ، وافرُ الظِّلِّ، دائمُ العطاءِ، فهذا هو الأستاذُ حنّا أبو حنّا ابنُ الجليلِ، جذورُهُ عميقةٌ فيهِ، وعطاؤُهُ الأدبيُّ والثّقافيُّ والتّربويُّ على مدى أكثرَ مِن نصفِ قرنٍ لا يُبارى. ولا يَزالُ الكثيرونَ مِن طلاّبِهِ في الكلّيّةِ الأرثوذكسيّةِ حيثُ عملَ مُعلِّمًا ومُديرًا، يَذكرونَ كيفَ غرسَ فيهم حبَّ العربيّةِ وأدبِها وتُراثِها، فتخرّجوا رجالاً متميّزينّ متمسِّكينَ بهويّتِهم، وفخورينَ بانتمائِهم إلى شعبِهم، فعِرفانًا بالجميلِ وباسْمِ تلاميذِهِ وزملائِهِ وأصدقائِهِ، نقدِّمُ لهُ هذا الكتابَ راجينَ لهُ طولَ العُمرِ ودوامَ العطاءِ."
ونحنُ في هذه الأمسيةِ عِرفانًا بالجميلِ وباسْمِ كلِّ الأدباءِ الحاضرينَ والمُشاركينَ معنا في هذهِ الأمسيةِ الثّقافيّةِ، نقدِّمُ لأستاذِنا وكاتبِنا وشاعرِنا وأديبِنا الفلسطينيِّ حنّا أبو حنّا هذهِ الأمسيةَ الثّقافيّةّ، بمناسبةِ إصدارِ (مؤسّسةِ المواكبِ ومجلّة مواقف) الأعمالَ الشّعريّةَ الكاملةَ للشّاعرِ، وتقعُ الأعمالُ الشّعريّةُ في 608 صفحاتٍ مِن القطعِ الكبير، جاءتْ في تجليدٍ سَميكٍ، ويُهديها صاحبُها إلى رفيقةِ دربِهِ "سامية". وتضُمُّ المجموعةُ أعمالَ الشّاعرِ أبو حنّا بصورةٍ تراجعيّةٍ، بدءًا مِن مجموعتِهِ الشّعريّةِ الأخيرةِ، وتَرتدُّ إلى المجموعاتِ الشّعريّةِ السّابقة، وجاءَ ترتيبُ المجموعاتِ على النّحوِ التّالي: "عرّافُ الكرمل" عام 2005، و"تجرّعتُ سمَّكَ حتّى المناعة" عام 1990"، و"قصائد مِن حديقةِ الصّبرِ" عام 1988، وَ"نداء الجراح" عام 1969، إضافةً إلى مجموعتِهِ الشّعريّةِ للأطفالِ "راعي البراعم".
جاءَ في كلمةِ د. فهد أبو خضرة: أرحّبُ بكم أجملَ ترحيبٍ في هذا اللّقاءِ المتميّزِ الّذي نخصّصُهُ لعلَمٍ مِن أعلامِنا، هو الشّاعرُ النّاثرُ الباحثُ المُربّي حنّا أبو حنّا، واسمحوا لي أن أُعبّرَ باسْمي وباسْمِكُم جميعًا عن محبّتِنا واحترامِنا وتقديرِنا لأبي الأمين، وأن أقولَ لهُ بكلِّ صِدقٍ، نحنُ نعتزُّ بكَ ونعتبرُكَ أستاذَ الأجيالِ. إنَّ الإنتاجَ الرّائعَ الّذي قدّمَهُ وما زالَ يُقدِّمُهُ حنّا أبوحنّا، يحتاجُ إلى دراساتٍ موسَّعةٍ جادّةٍ، تكشفُ ما فيهِ مِن فِكْرٍ عميقٍ وأسلوبٍ أدبيٍّ أصيلٍ بارعٍ، ونحنُ اليومَ نقفُ عندَ أعمالِهِ الشّعريّةِ فقط، تاركينَ ما عداها للقاءاتٍ قادمةٍ، وأعمالُهُ الشّعريّةُ علامةٌ بارزةٌ في شِعرِنا المَحلّيِّ، ولا شكَّ أنّها تستحقُّ أن تحتلَّ مكانًا بارزًا في الشِّعرِ العربيِّ الحديثِ كلِّهِ، ولقد تُرجِمتْ بعضُ أعمالِهِ النّثريّةِ والشّعريّةِ إلى لغاتٍ مختلفةٍ، ولكنّنا ما زلنا نطمحُ إلى المزيدِ مِن هذهِ التّرجماتِ، لكي يُنشرَ ويُعرَفَ إنتاجُهُ على أوسعِ صعيدٍ ممكنٍ، وبالمناسبةِ، فإنّني أدعو إلى إقامةِ مؤسّسةٍ متخصّصةٍ رسميّةٍ أو غيرِ رسميّةٍ، لترجمةِ ما يستحقُّ مِن إبداعِنا المَحلّيِّ إلى لغاتٍ عالميّةٍ، لكي يَصلَ صوتُنا إلى عددٍ كبيرٍ مِن القرّاءِ في العالمِ، ويَنتقلَ لهم بصورةٍ فنّيّةٍ راقيةٍ، وآملُ أن تَصدرَ في ختامِ هذا اللّقاءِ توصيةٌ بذلكَ، وأن تُشَكَّلَ في وقتٍ قريبٍ لجنةٌ فعّالةٌ لهذا الغرضِ، وأودُّ أن أُقدِّمَ الشّكرَ الجزيلَ للمحاضرينَ الأفاضلَ على حضورِهِم، وعلى استعدادِهِم الدّائمِ للمشاركةِ في فعاليّاتِنا ونشاطاتِنا الثّقافيّةِ، ونرجو منهم أن يُقدِّموا لنا محاضراتِهم لنشْرِها في مجلّةِ مواقف، كما نرجو مِن المحاضرينَ والنّقّادِ الّذينَ لم يُشاركوا، أن يُزوِّدونا بما لديهِم مِن أبحاثٍ حولَ إنتاجِ أبي الأمين، لنشْرِها في العددِ القادمِ مِن مجلّةِ مواقف، الّتي ستظلُّ دائمًا مجلّتَكُم، كما أُقدِّمُ الشّكرَ لعريفِنا القديرِ الأديب الفنان عفيف شليوط، وأخيرًا، أُقدِّمُ تحيّةً خاصّةً بأمِّ الأمين الّتي تحتلُّ مكانًا هامًّا، ليسَ فقط في حياةِ شاعرِنا حنّا أبو حنّا، وإنّما في إنتاجِهِ أيضًا، وأقولُ: إلى جانبِ كلِّ رجلٍ عظيمٍ امرأةٌ عظيمةٌ تُرافقُ خطاهُ وترعاها.
عفيف شليوط: تحدّثَ عن مجموعِ أعمال حنّا أبو حنا:
الشّعريّة: نداءُ الجراح/ مكتبة عمان/ 1969م، وَ قصائد من حديقة الصبر/ عكا/ 1988م، وَ تجرَّعتُ سُمَّكَ حتّى المناعة/ حيفا/ 1990م.
الدّراسات: عالمُ القصّةِ القصيرة/ مطبعة الكرمل/ حيفا/ 1979م.
روحي على راحتي: ديوان عبد الرّحيم محمود، تحقيق وتقديم (مركز إحياء التّراث العربيّ/ الطيبة، 1985م)، والأدب الملحميّ، وديوان الشّعرِ الفلسطينيِّ.
دار المعلّمينَ الرّوسيّة/ في النّاصرة 1994م، رحلةُ البحثِ عن التّراثِ/ حيفا 1994م.
التّرجمات: ألوانٌ مِن الشّعرِ الرّومانيِّ/ ترجمة دار الاتّحاد/ حيفا 1955م.
ليالي حزيران/ روايةٌ مترْجَمةٌ عن الأدبِ الرّومانيِّ/ دار الاتحاد/ حيفا 1951م.
أدب السّيرة: ظِلُّ الغيمةِ/ دار الثّقافة/ النّاصرة 1997، وخميرة الرّماد/ مكتبة كلّ شيء/ حيفا 2004، ومَهْرُ البومة/مكتبة كلّ شيء/ حيفا 2004.

د. بطرس دلّة: قدَّمَ مُداخلةً حولَ ديوانِ الأطفالِ "راعي البراعم" قائلاً: "قليلونَ الّذين كرَّسوا ديوانَ شِعرٍ للأطفالِ، ونرى أنَّ حنّا أبو حنّا واحدٌ منهم، حيثُ كتبَ ديوانًا للأطفالِ ولكن باللّغةِ الفصحى وببحورٍ شِعريّةٍ تتلوّنُ. وعلى الرّغمِ مِن أنَّ الشّاعرَ لم يتقيَّدْ ببحورِ الشّعرِ، إلاّ أنَّ قصائدَ هذا الدّيوان المخصّصةَ للأطفالِ الصّغارِ سنًّا، تضجُّ بالجرسِ الموسيقيِّ، ولذلك، فهي سهلةُ التّلحينِ لمَن يشاءُ تلحينَها، لأنَّ الشّاعرَ وضعَها كقصائدَ غنائيَّةٍ، يُغنّيها الأطفالُ في سِنِّ الرّوضةِ والبستانِ.
موفّق خوري نائبُ مديرِ عامّ وزارة الثّقافةِ ومديرُ دائرةِ الثّقافةِ والفنونِ في الوسطِ العربيِّ قال: تحيّةً للشّيخِ العملاقِ الشّابّ حنّا أبو حنّا، عرفتُهُ مِن مدرسةِ الأرثوذكسيّةِ في حيفا كنائبِ مديرِها، ثمّ تولاّها مسيرةً، ليتخرّجَ الآلافُ مِن أبنائِنا مِن شتّى البلادِ وأطيافِ الطّلاّبِ مِنَ المثلّثِ والجليلِ والنّقبِ والبلادِ المختلطةِ، فهو جدّيٌّ وصادقٌ بروحِهِ الفلاحيّةِ الّتي ظهرتْ جليّةً في كتبِهِ وإبداعِهِ، وأُحيّي أمَّ الأمين وكلَّ الإخوةِ ممّن تابعوا مسيرتَهُ مِن رفاقِ الدّربِ، والمؤسّساتِ كالباديةِ ومواكب ومواقف، والّتي تُكرِّمُ مثلَ هذهِ الرّجالاتِ وفي أوجِ عطائِها، وهو أمرٌ مستحْدَثٌ خلالَ السّنواتِ الأخيرةِ، ونحنُ على استعدادٍ لإقامةِ مؤسّسةِ التّرجمةِ ودعْمِها، ونحنُ لا نوفيكَ حقَّكَ يا رمزَ الكلمةِ والأدبِ والثّقافةِ والتّواضعِ والتّواصلِ وتقديمِ المشورةِ، فلمِثْلِك كلُّ العرفانِ والشّكرِ، وأطالَ اللهُ في عمرِك.
وقدَّمَ الشّاعرُ النّاقدُ فهيم أبو ركن مداخلة يُسلّطُ فيها الضّوءَ على طريقةِ التّعبيرِ لشاعرِنا حنّا أبي حنّا، حيثُ تظهرُ الرّقّةُ والدّقّةُ والعمقُ في الصّورِ الشّعريّةِ، الّتي تُعبّرُ عن إحساسٍ عارمٍ بما يُحيطُ بالشّاعرِ، وانسجامٍ متكاملٍ معَ الطّبيعةِ كتلاحمٍ طبيعيٍّ غير مصطَنعٍ، يَعتمدُ على تفاصيلَ صغيرةٍ لا يلتقطُها إلاّ فنانٌ بارعٌ، يَرسمُ المشاعرَ بالكلماتِ ويُصوّرُ الأفكارَ بالحروفِ، كما أنّهُ لم يستسلمْ لإغراءِ الإطالةِ والتّدفّقِ حينَ لا حاجةَ لها، فنجدُ العديدَ مِن قصائدِهِ قصيرَةً تنتهي عندما تستوفي الفكرةَ والحالةَ، والّتي تشيرُ إلى مقدرةِ الشّاعرِ وقوّتِهِ! وقد استشهدَ بنماذجَ مِن القصائدِ الّتي حلّلَها تحليلاً وافيًا، وشرحَ الصّورَ الشّعريَّةَ الجميلةَ الّتي تتحلّى بها هذهِ القصائدُ، مؤكِّدًا أنَّ التّطرُّقَ إلى نماذجَ وتحليلَ عيِّناتٍ، يُبعدُهُ عن النّقدِ التّنظيريِّ، ويُمكنُ أن يُصيبَ في أغلبِ المرّاتِ.
يعودُ عفيف شليوط بكلماتٍ مقتبَسةٍ لآمال عوّاد رضوان في قراءتِها لكتاب "تجرّعتُ سُمَّكَ حتّى المناعة":
"حنّا أبو حنّا" وردةٌ ناميةٌ بصمتٍ مجروحٍ في أتونِ تاريخٍ يشتعلُ ولا يترمّدُ، وهو الذّاكرةُ الملغومةُ تُفتِّقُها معاناةٌ مجبولةٌ بالحنينِ والأنينِ، يتركُ أبوابَ الاحتمالاتِ مُشَرّعةً على مصراعَيْ تحليلاتِ القارئِ، يُؤوِّلُها بصِيَغٍ تتعدّدُ، خاصّةً وأنّ المجموعةَ تتحدّثُ عن سلسلةٍ تاريخيّةٍ لولبيّةٍ من الكفاحِ الفلسطينيِّ العاصفِ بأحداثِهِ المتّسعةِ والمتداخلةِ ببعضِها بحُكمِ التّداعياتِ والاستحضارِ، لكن حجرًا صغيرًا رماهُ طفلٌ في وجهِ دبّابةِ العدوِّ، أيقظَ العاصفةَ الهادرةَ ثانيةً مِن مكامنِ عاطفةٍ تتأجّجُ، تحتجُّ على كرامةِ طفولةٍ ممرّغةٍ في وحلِ العجزِ والقهرِ، أطفالٌ ينتفضونَ بألعابهم الطفوليّةِ، ليُتوّجوا هامةَ عاصفةِ الانتفاضةِ الأولى بحجارةِ الزّمرّدِ والياقوت مرّةً أخرى.
آمال عوّاد رضوان تحدَّثت عن شِعر حنّا أبو حنّا، بأنّ غرابةً تتلبّسُكَ للوهلةِ الأولى، ودهشةً غامرةً تكتنفُ هذهِ الاختياراتِ للغلافِ والعناوينَ والمضامين، فهو ليس بشعرٍ عاديٍّ، والعنوانُ يَشي بمعاناةٍ جمّةٍ أكسبَتْهُ المناعةَ، فمَن "أنتَ" ومن "أنا"، وعلى لسانِ مَنْ تدورُ كلُّ تلكَ الأحداثِ؟ الطّبيعةُ لديهِ مسكوبةٌ لغويًّا بعناصرِها الأساسيّةِ الكبيرةِ، وبتشكيلاتِها الفرعيّةِ الصّغيرةِ مِن طيورٍ وأشجارٍ ونباتٍ وظواهرَ طبيعيّةٍ، وتتجلّى بوضوحٍ عارمٍ متجذّرةً في قاموسِ الشّاعر "حنّا أبو حنّا"، ابنِ الأرضِ والوطنِ راسخِ الجذورِ، ف "تجرّعتُ سُمَّكَ حتّى المناعة"، صرخةٌ مدوّيةٌ انبثقتْ منثالةً مِن تحتِ رمادِ الصّمتِ: وما انفكَّ نداءُ الجُرحِ يستصرخُ شفاءً ومَصلاً وجرعاتٍ ضدَّ التّسمُّمِ لجرحٍ طالما نزفَ حُرقتَهُ، ليشتدَّ عودُ حِلمِهِ وحُلمِهِ ويصْلَبَّ، فالمجموعةُ شَكّلَتْ حالةً حالمةً عميقةً، لشعريّةٍ مغموسةٍ بآمالَ تتوجّسُ آتيًا مشحونًا بإيمانِ الخلاصِ، كما يُوثّقُ تفاصيلَ التّفاصيلِ بدقّةٍ متناهيةٍ ومهموزةٍ، ترقى بعليائِها إلى آفاق حرّيّةٍ واعتزازٍ بالهويّةِ.
عفيف شليوط استهوتْهُ بعضُ كلماتٍ قيلتْ عنِ الشّاعرِ حنّا أبو حنّا:
يعيشُ في مدينةٍ موجودةٍ لهدفٍ واحدٍ هو أن تستدرجَ الجَمالَ إليها مِن خارجِها أو مِن داخلِها، فهي وطنُ الجَمالِ ومعْبَدُهُ وجرحُهُ ووحشيّتُهُ، وغرابتُهُ ورِقّتُهُ وسرابُهُ وحقيقتُهُ وغموضُهُ.
تصطادُ بجَمالِها العشّاقَ والوحيدينَ والشّهوانيّينَ والفنّانينَ، هي مدينةٌ يختارُها اللهُ دائمًا لقضاءِ عطلتِهِ الأسبوعيّةِ، مفَضِّلاً إيّاها على كلِّ مدنِ العالمِ، فهي حافظةُ سِرِّهِ، وهي رسولُ غضبِهِ وتسامحِهِ وندمِهِ، وهي التّجلّي الأعظمُ لجبروتِهِ واتّساعِهِ، وهي مسجدٌ سِرِّيٌّ للشّمسِ والشّتاءِ، وبوصلةٌ للعواصفِ والنّجومِ والجبالِ، إنّها حيفا سيّدةُ بهجةِ الرّسامينَ وتعبِ الشّعراءِ ودُوارِ الصّوفيّينَ، وبيتُ المشرَّدينَ والمتروكينَ، هنا لقاءٌ مع أحدِ عاشقيها الشّاعر الفلسطينيَّ الغنيِّ عن التّعريفِ حنّا أبو حنّا، حيث يقولُ عن حيفا:
جمالُ حيفا هذا مأساويٌّ عميقُ الجرحِ. فأنا الّذي عرفتُ المدينةَ قبلَ النّكبةِ، عندما كانَ يقطنُها سبعونَ ألف فلسطينيِّ، ثمّ كانتِ النّكبةُ فلم تُبْقِ إلاّ ثلاثةَ آلافٍ واحتلَّ بيوتَ مُشرَّديها غرباءُ، وهُدِّمتْ أحياءٌ وغُيِّرتْ أسماء، أمُرُّ بالبيوتِ فأتذكّرُ أصحابَها، أتذكّرُ الأصدقاءَ واللّقاءاتِ والنّدواتِ والمكتباتِ وشطوطِ السّباحةِ، وأرى الكرملَ والبحرَ والأفقَ الفتّانَ الّذي يفتنُ بفيضِ إبداعِهِ، فيَنزفُ الجرحُ، وتُحوّمُ أسرابُ السّنونو فأرى فيها أسرابَ مفاتيح.
وُلدَ في قريةِ الرينة – في العام 1928 وعملَ وأقامَ في حيفا، وقد قالَ محمود درويش عنهُ:
"منهُ تعلّمْنا تُرابيّةَ القصيدةِ "
على وقعِ هذهِ الكلماتِ، فاضَ صوتُ حنّا أبو حنّا يترغلُ بقصائدِهِ الشّجيّةِ، (لناسوتِكِ المرمريِّ)، (عرّافُ الكرمل)، (بنتُ المغربِ)، (يتلثّمُ كانون)، و (يا شادي)، ثمّ شكرَ الحضورَ قائلاً: إنَّ هذهِ الأمسيةَ ستبقى في القلبِ، لأنّها تُعبِّرُ عن الحبِّ الّذي يتواصلُ بينَنا، وهي اللّغةُ الّتي نتفهَّمُ بها.
سعاد قرمان حيّتِ الشّاعر حنّا أبو حنّا، وشكرتْ منتدى مواقف لهذهِ الخطوةِ الجميلةِ في تكريمِ الشّعراءِ أحياءَ، وقالت: نأملُ أن تُتاحَ لنا فرصةٌ أخرى لمناقشةِ (ظِلِّ الغيمةِ والسّيرةِ الذّاتيةِ وأعمالِهِ النّثريّةِ الأخرى)، لأنّها تتمِّمُ سيرتَهُ الأدبيّةَ، فالأستاذ حنّا أبو حنّا رائعٌ ومليءٌ بثروةٍ مِنَ المحبّةِ والعطاءِ، فهو شاعرٌ ومؤرّخٌ لهذا البلدِ، وهو ابنُ القريةِ جاءَ مُعبِّرًا عن ترابيّةِ القصيدةِ بلغةٍ بليغةٍ وساميةٍ، أحيّيهِ وأتمنّى لهُ عمرًا مديدًا وأسعدَنا اللهُ بأمثالِهِ.
محمّد علي سعيد تحدّث عن حنّا أبو حنّا ليسَ كشاعرٍ أو صديقٍ أو وطنيٍّ، بل كإنسانٍ غيورٍ على البلدِ وأجيالِهِ، ومهمّتَهُ الحثيثةَ في تشجيعِهِم بمتابعةِ الدّراسةِ الجامعيّةِ، وتحفيزِهِم على العطاءِ كدَوْرٍ هامٍّ في الانتماءِ.
رشدي الماضي لخّصَ اللّقاءَ قائلاً: حنّا أبو حنّا سنديانةُ الكلمةِ.
هو الأبُ الشّرعيُّ لأعوامِنا النّكبويّةِ، يومَ تمّ سلبُ بقائِنا الجسديِّ والإنسانيِّ والحضاريِّ، بهدفِ اقتلاعِ وجودِنا أيضًا لغةً ووعيًا ورصيدًا ثقافيًّا، ومِن ثمَّ، إدخالِنا في سراديبِ كهوفِ الضّياعِ مُشتّتينَ، نعاني مِنَ الجمودِ في طاقتِنا الذّهنيّةِ والتّعطيلِ في التّفاعلِ الذّوقيِّ، والجفافِ في مَدِّنا التّطويريِّ، لتكونَ النّتيجةُ تَسيّدَ انطوائِنا الفكريِّ، وانغلاقَ كلِّ النّوافذِ الّتي كنّا نُطِلُّ منها على حركاتِ الدّفعِ الجديدةِ، في هذا العامِ المحنةِ أيُّها الحفلُ الكريمُ، اندفعَ كبيرُ مُبدعينا حنّا أبو حنّا معَ القافلةِ المنتِجةِ الصّامدةِ مِنَ الرّوّادِ قلمًا شامخًا، اسْتلّهُ مِن مطرِ الشّتاءِ وخصوبةِ ربيعِ اللّغةِ، ليُرسلَ بحُزَمِ خيوطِهِ الإشعاعيّةِ الّتي حوّشَها مِن حقولِ روافدِهِ الثّقافيّةِ الأصيلةِ، لتُشرقَ على حياتِنا بكُلّيّتِها، وتُضيءَ الحلكةَ وراءَ سياجِ وجودِنا الضّائعِ.. لماذا؟ لأنّ لوحاتِ أبو الأمين الإبداعيّةَ فسيفساءٌ مِنَ الكلماتِ الّتي فيها دمُ الحياةِ ونبضُ الحركةِ، ومُنَكّهةٌ بالإيحاءِ والتّركيزِ، والملائِمةِ بينَ ثوبِ الأسلوبِ وجسمِ الفكرةِ، وكذلك مُطعّمةٌ بالخِبراتِ الجديدةِ والرّفيعةِ بالنّفسِ والحياةِ، ممّا جعلَها وبنجاحٍ مميَّزٍ تشقُّ لها مسالكَ عميقةً في الإبداعِ والأداءِ، ممّا جعلَها تُعيدُ نبضَ الحياةِ إلى مدِّنا التّطوريِّ، في حركةٍ هاضمةٍ ومستوعَبةٍ ومنفَتِحةٍ، ساهمتْ في صُنعِ المرحلةِ التّكوينيّةِ للتّركيبةِ العضويّةِ، كقوّةٍ محرِّكةٍ حيّةٍ لمشهدِ حياتِنا الأدبيّةِ وواقعِ فضائِنا الثّقافيِّ.
صلواتي معك يا شاعري ومُعلّمي لتُواصلَ العطاءَ لسنواتٍ وسنواتٍ، كي تَظلَّ الكبيرَ المتربِّعَ بحقٍّ وجدارةٍ، على القمّةِ الأعلى في سُلّمِ العلا الإبداعيِّ، كعنقاءَ لا تحترفُ إلاّ الارتفاعَ والتّحليقِ.
وقد اختتمَ اللّقاءَ الشّاعرُ الزّجليُّ شحادة خوري، بقصيدةٍ زجليَّةٍ مُغنّاة ومُهداةٍ للشّاعرِ الموسيقيِّ الرّاحلِ منصور الرّحباني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.