مجاهد: "سيني بلاج" قيمة مضافة للمشهد السينمائي المغربي    أداء إيجابي يفتتح بورصة الدار البيضاء    أوروبا تجيز دواء جديداً ضد "الإيدز"    بطولة أمريكا المفتوحة لكرة المضرب.. الأمريكية كوكو جوف تتأهل إلى الدور الثاني    إدارة الجمارك... محجوزات السجائر المهربة تناهز 254 ألف وحدة في 2024    حزب الاستقلال يدين محاولات خصوم المملكة التشويش على النجاحات التي تحققها بلادنا    اختتام فعاليات المهرجان الثقافي والفني والرياضي الأول بالقنيطرة باستقطاب 750 ألف متفرج خلال أربعة أيام    مدرب مانشستر يونايتد يكشف عن تطورات حالة نصير مزراوي    الدنمارك تستدعي دبلوماسيا أمريكيا    إحصاء رسمي يكشف ارتفاع القطيع الوطني إلى أزيد من 32 مليون رأس    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    ماذا تريد بعض الأصوات المبحوحة في فرنسا؟    خطوبة كريستيانو وجورجينا تثير تعليقات متناقضة في السعودية    ترامب يرأس اجتماعا في البيت الأبيض بشأن الأوضاع في "غزة ما بعد الحرب"    1720 قرصا مخدرا وشواهد طبية مزورة تقود لتوقيف شاب وشقيقته    المحكمة الابتدائية بالحسيمة تصدر حكمًا جديدًا في قضية الاتجار بالمخدرات    كيوسك الأربعاء | المغرب يتصدر دول شمال إفريقيا في حرية التجارة        عائلة وأصدقاء أسيدون أسيدون يعلنون صعوبة وضعه الصحي ويطالبون بتكثيف الجهود للكشف عن حقيقة ما حدث له    مقتل 13 مسلحا في جنوب شرق إيران        تقرير: النساء يتقاضين أجورا أقل من الرجال ب42% في القطاع الخاص    "رابطة حقوق النساء" تعتبر اعتقال لشكر انتهاكا لحرية التعبير وتطالب بضمان سلامتها الجسدية والنفسية    الصين تنظم النسخة ال25 من معرضها الدولي للاستثمار في شتنبر المقبل    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء                صحيفة إسبانية: المغرب ضمن أكبر 15 مصنعاً للسيارات في العالم بطاقة إنتاجية مليون سيارة سنة 2025    عبد السلام حكار يتولى رئاسة جمعية ''اتحاد مقاولات المنابر الملائمة بالجديدة    اختتام الدورة الثانية لمهرجان الموروث الثقافي بجماعة الحوزية بايقاعات روحانية و عروض للتبوريدة    سكتة قلبية تنهي حياة سائق سيارة أجرة أمام مستشفى القرب بالسعادة الثالثة بالجديدة    عامل الجديدة يدشن مجموعة من المشاريع التنموية والاجتماعية باقليم الجديدة        عثر عليه بحاوية أزبال.. مسدس "غير حقيقي" يستنفر أمن طنجة    مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد يصدر تقريره السنوي لسنة 2025 حول الجغرافيا السياسية لإفريقيا    هؤلاء يبيعون لك الوهم ..    جلالة الملك يعزي أسرة الإعلامي الراحل محمد حسن الوالي    بلعامري الأفضل في مواجهة السنغال        مباراة المنتخب.. 2 مليون سنتيم للتذكرة الواحدة وبيع 62 منها    المغرب ‬‮:‬ ‬حملات ‬تقتضي ‬رفع ‬درجات ‬الحذر    غزة.. الحصار يرفع حصيلة المجاعة إلى 303 شهداء    تقرير أممي: ربع سكان العالم يفتقرون إلى مياه شرب آمنة    الصين تحقق سابقة عالمية.. زرع رئة خنزير معدل وراثيا في جسد بشري    ينقل فيروسات حمى الضنك وشيكونغونيا وزيكا.. انتشار بعوض النمر في بلجيكا    بعد غياب طويل .. 320 ألف متفرج يستقبلون سعد لمجرد        بولتون ‬رأس ‬حربة ‬اللوبي ‬الانفصالي ‬بواشنطن ‬في ‬ورطة ‬جنائية ‬جديدة ‬تبدد ‬ما ‬تبقى ‬له ‬من ‬تأثير ‬و ‬مصداقية ‬    الصحافي والإعلامي علي حسن في ذمة الله    دراسة: النظام الغذائي النباتي يقلل خطر الإصابة بالسرطان    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة
يوم أزرق
نشر في طنجة الأدبية يوم 13 - 05 - 2009

.. لم يهتم بالمطر ، الذي بدأ يسقط بغزارة على جسده النحيل .. في هذه المدينة ، التي فتن بها حتى الثمالة .. منذ صغره ، مدينة الحركة و البطالة كما يسميها ..، المدينة التي تكبر كل يوم ، لكن هو.. يصغر كل يوم . إنها مدينة المتناقضات ، حسب تعبيره : الكبير يزداد كبرا ، و الصغير يزداد صغرا ، بل غرقا ..
ظل في مكانه ، بقامته القصيرة ، وشعره الأشعث .عدّل من جلسته ، بفعل قوة المطر ، فعاد شيئا ما إلى الخلف . جلس على كرسيه الخشبي ، كما يفعل دائما ، منذ مغادرته للمدرسة بسبب مشاكل أسرته .
كان في حدود العاشرة من عمره ، رغم ذلك يبدو أكبر بكثير . لكن "الشطارة " ، كما يقول ، لا تقاس بالسن ، بل بالخبرة في الحياة ، ليقنع نفسه في النهاية ، أنه في خارج أسوار المدرسة ، و في أرصفة الشوارع ،على الأقل ، يكون أقرب إلى كسب قوت يومه ، الذي يدعم به وضعية أسرته الفقيرة .. و يقي به نفسه من شر أفواه " حومته " .
يرتدي ثيابا رثة ، و ممزقة من بعض الجوانب . هو لا يهمه الشكل :هذا ما يصرح به لرفيقه هشام كلما تناقشا في الموضوع ، رفيقه العزيز و الوحيد في الحرفة ، منذ غادرا معا فضاء المدرسة مكرهين .
الرصيف حيث هو قابع الآن ، ينتظر خال من المارة إلا من بعض الرجال الذين يسرعون في خطواتهم ، غير مهتمين بصيحاته الخافتة أحيانا و الصارخة في الكثير من الأحيان ، من أجل أن يتوقفوا ولو لحظة لتلميع أحذيتهم .
- آسي ..أرا سبّاطك .. أرا تسيري ..
يبدو أن آذان الأحذية هذا الصباح الممطر مقفلة بالإسمنت ،هكذا خمّن الطفل عيسى ، فعادت إليه وحشته و غربته ، في حين اكتفت الأجساد المارة أمامه بإلقاء نظرة صغيرة على حاله ، و هي نظرة لا تخلو من رأفة حينا ، و لا مبالاة حينا آخر .. و المظلات المختلفة الأشكال و الألوان ، المرفوعة فوق رؤوس أناس على عجلة من أمرهم .. بلا سبب يذكر .. تقاوم دقات المطر التي باتت أقوى من ذي قبل .. لست أفهم - يفكر هشام - لماذا لا يلمعون أحذيتهم في يوم ممطر كهذا ..؟ مع العلم أنه كباقي الأيام ..، إن لم أقل أفضل الأيام جميعا ..
التصق جسد الطفل عيسى أكثر بكرسيه الخشبي . جمع أشياءه و أدواته التي يستعملها في مسح أحذية الراجلين .. و أدخل الكل في كيسه المعهود البلاستيكي اللون . لكنه ظل جالسا على كرسيه و ممسكا به بقبضتي يديه ."أمس القريب ربحت مصروف ثلات أيام . و أدخلت الفرحة و البهجة إلى قلوب أفراد أسرتي .. و اليوم .. لكل يوم رزقه ."
توقفت في هذه اللحظة سيارة ، يبدو من خلال لوحة أرقامها أنها قادمة من الديار الفرنسية "هذه همزة أتى بها الله حتى عند قدمي " .. ، هذا ما قاله عيسى .، وهو يراقب سيارة ميرسيديس الفخمة ، و هي تحاول أن تتموضع ، بالشكل المناسب ، بين باقي السيارات ، لكن بدون جدوى .. في هذه اللحظة بالضبط ، وقف الطفل عيسى ، و كأن نحلة لسعته ، وأخذ يشير لسائق السيارة إشارات ، تبين للسائق كيف ينجح في موضعة سيارته .. و بالفعل لم تمر دقائق حتى وجدت السيارة السوداء مكانها في البارك . خرج منها رجل قوي البنية . شكر الطفل هشام الذي حاول أن يتحدث إليه من النافذة ، ليقاطعه الرجل قائلا :
- من فضلك ..أولدي شِي مسحة لهاذ السيارة .. تكون مزيانة بزّاف (واضعا في كفه ورقة نقدية لم يصدق هشام بصره)...
ابتسم عيسى و طمأن الرجل بكونه سيجد سيارته في أحسن الحال و الأناقة ، ثم ابتعد عنه الرجل شيئا فشيئا حتى اختفى وراء البنايات الشاهقة ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.