الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الاتحاد الاشتراكي
الأحداث المغربية
الأستاذ
الاقتصادية
الأول
الأيام 24
البوصلة
التجديد
التصوف
الجديدة 24
الجسور
الحدود المغربية
الحرة
الدار
الرأي المغربية
الرهان
السند
الشرق المغربية
الشمال 24
الصحراء المغربية
الصحيفة
الصويرة نيوز
الفوانيس السينمائية
القصر الكبير 24
القناة
العرائش أنفو
العلم
العمق المغربي
المساء
المسائية العربية
المغرب 24
المنتخب
النخبة
النهار المغربية
الوجدية
اليوم 24
أخبارنا
أخبار الجنوب
أخبار الناظور
أخبار اليوم
أخبار بلادي
أريفينو
أكادير 24
أكورا بريس
أنا الخبر
أنا المغرب
أون مغاربية
أيت ملول
آسفي اليوم
أسيف
اشتوكة بريس
برلمان
بزنسمان
بوابة القصر الكبير
بوابة إقليم الفقيه بن صالح
أزيلال أون لاين
بريس تطوان
بني ملال أون لاين
خنيفرة أون لاين
بوابة إقليم ميدلت
بوابة قصر السوق
بيان اليوم
تازا سيتي
تازة اليوم وغدا
تطاوين
تطوان بلوس
تطوان نيوز
تليكسبريس
تيزبريس
خريبكة أون لاين
دنيابريس
دوزيم
ديموك بريس
رسالة الأمة
رياضة.ما
ريف بوست
زابريس
زنقة 20
سلا كلوب
سوس رياضة
شباب المغرب
شبكة أندلس الإخبارية
شبكة دليل الريف
شبكة أنباء الشمال
شبكة طنجة الإخبارية
شعب بريس
شمال بوست
شمالي
شورى بريس
صحراء بريس
صوت الحرية
صوت بلادي
طنجة 24
طنجة الأدبية
طنجة نيوز
عالم برس
فبراير
قناة المهاجر
كاب 24 تيفي
كشـ24
كود
كوورة بريس
لكم
لكم الرياضة
لوفوت
محمدية بريس
مراكش بريس
مرايا برس
مغارب كم
مغرب سكوب
ميثاق الرابطة
ناظور برس
ناظور سيتي
ناظور24
نبراس الشباب
نون بريس
نيوز24
هبة سوس
هسبريس
هسبريس الرياضية
هوية بريس
وجدة نيوز
وكالة المغرب العربي
موضوع
كاتب
منطقة
Maghress
كوت ديفوار تجدد تأكيد "دعمها الكامل" للمبادرة المغربية للحكم الذاتي
العيون.. رئيس "سيماك": التجربة التنموية في الأقاليم الجنوبية للمغرب نموذج يحتذى على الصعيد القاري
انطلاق فعاليات النسخة الأولى من ملتقى التشغيل وريادة الأعمال بطنجة
ميسي يقود ميامي إلى هزم بورتو
مهرجان "كناوة وموسيقى العالم" يعيد إلى الصويرة نغمة المحبة والبركة
"عائدتها قدرت بالملايير".. توقيف شبكة إجرامية تنشط في الهجرة السرية وتهريب المخدرات
رئيس النيابة العامة يجري مباحثات مع وزيرة العدل بجمهورية الرأس الأخضر
حكومة أخنوش تصادق على إحداث "الوكالة الوطنية لحماية الطفولة" في إطار نفس إصلاحي هيكلي ومؤسساتي
ماركا: ياسين بونو "سيد" التصديات لركلات الجزاء بلا منازع
تغييرات في حكامة "اتصالات المغرب"
البيت الأبيض: موقف دونالد ترامب من إيران "لا يجب أن يفاجئ أحداً"
بعيوي يكذب تصريحات "إسكوبار الصحراء"
الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يستقبل وزيرة العدل بجمهورية الرأس الأخضر
إصدار أول سلسلة استثنائية من عشرة طوابع بريدية مخصصة لحرف تقليدية مغربية مهددة بالاندثار
الحرب الامبريالية على إيران
أمن طنجة يتفاعل بسرعة مع فيديو السياقة الاستعراضية بشاطئ المريسات ويوقف المتورطين
الأحمر يلازم تداولات بورصة البيضاء
الحكومة تصادق على تقنين استخدام "التروتينت" ووسائل التنقل الفردي بقوانين صارمة
المغرب والولايات المتحدة يعززان شراكتهما الأمنية عبر اتفاق جديد لتأمين الحاويات بموانئ طنجة المتوسط والدار البيضاء
الإعلام الإنجليزي يشيد بأداء الوداد وحماس جماهيره في كأس العالم للأندية
نشرة إنذارية تحذر المواطنين من موجة حر شديدة ليومين متتاليين
"مجموعة العمل" تحشد لمسيرة الرباط تنديدا بتوسيع العدوان الإسرائيلي وتجويع الفلسطينيين
أخبار الساحة
الوداد الرياضي يتلقى هدفين نظيفين أمام مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية
بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون
هل يعي عبد الإله بنكيران خطورة ما يتلفظ به؟
مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية
بيت الشعر في المغرب يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر
تعدد الأصوات في رواية «ليلة مع رباب» (سيرة سيف الرواي) لفاتحة مرشيد
سؤال الهوية الشعرية في ديواني .. « سأعبر جسر القصيدة» و «حصتي من الإرث شجرة» للشاعرة سعاد بازي المرابط
الحكومة تصادق على إحداث المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي
نشرة إنذارية..طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح بعدد من مناطق المملكة
معرض بكين للكتاب: اتفاقية لترجمة مؤلفات حول التراث المغربي اللامادي إلى اللغة الصينية
الدوزي يُطلق العدّ التنازلي ل"ديما لباس"
كتل هوائية صحراوية ترفع الحرارة إلى مستويات غير معتادة في المغرب
طنجاوة يتظاهرون تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة وإيران
الشعب المغربي يحتفل غدا الجمعة بالذكرى ال55 لميلاد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد
إصابة حكم ومشجعين في فوضى بالدوري الليبي
ميداليات تحفز "بارا ألعاب القوى"
فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات
بنهاشم بعد مواجهة مانشستر سيتي: لعبنا بشجاعة وخرجنا بدروس ثمينة رغم الخسارة
بنك المغرب والمؤسسة المالية الدولية يوقعان شراكة لتعزيز الشمول المالي الفلاحي بالمغرب
الصين تدفع نحو مزيد من الانفتاح السياحي على المغرب: سفارتها بالرباط تتحرك لتعزيز توافد السياح الصينيين
إيران تستهدف مستشفى بجنوب إسرائيل ونتانياهو يتوعدها بدفع "ثمن باهظ"
برلمان أمريكا الوسطى يُجدد دعمه الكامل للوحدة الترابية للمغرب ويرد على مناورات خصوم المملكة
خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب
السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة
التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم
ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة
وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف
خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي
وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج
وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
بينَ سُلطةِ الغوايةِ والانبعاثِ الشّعريّ
قراءة في قصيدة (سماويّةُ غوايتي/ للشاعرة آمال عواد رضوان)
حسين الهاشمي
نشر في
طنجة الأدبية
يوم 14 - 07 - 2009
في الحُلمِ نستهلكُ الكثيرَ مِنَ المادّةِ الفنّيّةِ – كما يقول نيتشه - لدرجةٍ أنّنا حينَ نستيقظُ نكتشفُ ذلك.. الإقامةُ في الحُلمِ هي إحدى ملاجئ الخلاص مِن شُحِّ المرئيِّ المكشوفِ، بلا أدلّةٍ على إقامتِنا.. إذن؛ هل يمكنُ اعتبارُ الصّورة الشّعريّة اختزالاً حُلمِيًّا للمكانِ والزّمان؛ يستطيعُ الشّاعرُ مِن خلالها، أن يقترحَ مسرحَ إقامتِهِ وِفقَ سلطةِ الغوايةِ، الّتي لا تعني بالضّرورةِ استهلاكًا حسِّيًّا آنيًّا، واجترارًا نرجسيًّا لا يفقهُ لغةَ الممكنِ الرّوحيِّ، وانبعاثِهِ الاحتماليِّ على صعيدِ الجسدِ كشكلٍ، أو على صعيدِ المعنى كمحتوًى لإقامتِهِ الحسّيّةِ والرّوحيّةِ معًا..
تلكَ هي بعضُ الإشكاليّاتِ الّتي تُثيرُها قراءةُ نصٍّ، لا يبدو في سطوحِهِ الدّاخليّةِ، وكأنّهُ بلا أقنعةٍ تسترُهُ مِن دوافعِهِ ومُبرّراتِهِ الشّديدةِ على تّلمُّسِ القضايا الكبيرةِ، الّتي تصِلُ بالفردِ المتوحّدِ والهائمِ بها، إلى اللّجوء ِإلى أدَقِّ أنواعِ المُخاتلةِ والمواربةِ، ولكن، وِفقَ لغةٍ بريئةٍ وشفيفةٍ من الخارج، عميقةٍ وموحيةٍ وصادمةٍ مِن الدّاخلِ، ذلكَ ما يَخلقُ صورةَ التّلاحمِ والتّضادِ في ذاتِ التّركيبِ اللّغويّ وإيقاعِهِ الصّوتيّ، اللّذيْنِ يُشكّلانِ طابعَ الخصوصيّةِ في الأداءِ والتّعبيرِ، حدَّ الانثيالِ الجَماليِّ والبلاغيِّ، ولكن ضِمنَ التّمركزِ في جوهرِ القضيّةِ المنشودةِ، وإن كانتْ ضربًا مِن التّمركزِ في الحُلم.
هكذا نستهلُّ قصيدةَ (سماويّةُ غوايتي) للشّاعرةِ المبدعةِ آمال عوّاد رضوان، بدءًا مِن العنونةِ – ثريّا النّصّ - ومِن ثمّ العتبات الأولى لها:
في ضَبابِ الأُفُقِ الهارِبِ مِنْكِ
تَتَناغَمُ فُصولُ الحُزْنِ الفَرِحِ؛
بَيْنَ لِقاءِ الغِيابِ.. وَ.. بَيْنَ غِيابِ اللِّقاءِ
يَلُوحُ مَعْبَدُ روحِكِ تُحْفَةً
تَحُفُّهُ هالَةٌ مِنْ سُكونٍ
يَفوحُ في انْسِكابِ نَدًى..
شَوْقٍ .. عَطِرٍ
وَفي مِحْرابِ اللَّحْظَةِ
تَجْثو أَحْلامُ كافِرٍ
تَتَزاحَمُ في غَفْلَةٍ مِنْ غُروبِ إيمان
*
إنّ الشّاعرةَ وهي تتلمّسُ أفقَ وملامحَ الصّورةِ، إلى ما تصبو إليه مِن معتقَدٍ خاصٍّ، تمضي بلغتِها حدَّ استدعاءِ اللّحظةِ بمستويَيْها، التّضاديّ بينَ الحضورِ والغيابِ كثنائيّةٍ لابدَّ منها، لتكريسِ ثنائيّةِ الشّكِّ واليقينِ، وكأنّ لحظةَ اللّقاءِ بغيابِهِ أو لحظةَ الغيابِ في لقائِهِ؛ غفلةً في أحلامِ كافرٍ، تتزاحمُ مِن غروبِ الإيمان!
صورةٌ مذهلةٌ ومتفرّدةٌ، أحالتْ سُلطةَ الغوايةِ مِن مَكمنِ فاعليّتِها الحسّيّةِ، إلى مكمنِ انبعاثِها التّأمّليّ، بكلِّ طراوةٍ وانسيابٍ وتلقائيّة..
تلكَ سمةُ النّصوصِ غير المتكلّفةِ في تأسيسِ علاقةٍ بينَ المُرسلِ والمتلقّي، لأنّ الأقنعةَ الّتي تسترُ النّصَّ، هي ليستْ للتّضليلِ والإيهامِ والإيغالِ في جوفِ المجاهيلِ وغياهبِ الحُجبِ، لكن سُلطة الغوايةِ في النّصِّ مرنة، سلسة، مكتنزة ومموسقة، وِفقَ هرمونيّةِ الامتدادِ الشّعريِّ وتشكيلاتِهِ الطّريّةِ، الّتي تُزاوجُ بينَ المرئيِّ واللاّمرئيِّ بطلاقة...
مَلاذِيَ
- في عِتابِ المَوْتِ وَعِقابِ الحَياةِ -
كَفْكِِفي حورِيَّاتِ المُقَلِِ بِنَدى كَفَّيْكِ،
وَلا تَسْليني؛
حينَ لا يُجْدي سُؤالُ السَّلْوى سَراباً
ساهِريني
عَلى
صَليلِ صَمْتٍ
تُناكِفُهُ غَشاوَةُ غَفْوَةِ اللَّيْلِ
غَافِلي نَوافِذَ هَذَياني التَتَرَاقَصُ بِهَفْهَفَةِ رِقَّتِكِ..
يا مَنْ كُنْتِ جِرارَ أَمْسِيَ الآتي
وَغَدَوْتِ أَنفاسَ غَدِيَ الماضي
أُسْكُبيني
في
كَأْسِكِ الطّافِحِ بِزَبَدِ ضَياعي
وَلا تَسْقِنيها
إنَّ طابعَ النّداءِ في القصيدةِ ذو مدلولٍ شعريٍّ، يُقيمُ بين (المحتمل) و(المعنى)، وبحسب - جوليا كريستيفا – ((فاِنّهُ يتمتّعُ بوضعيّةٍ مزدوجةِ القيمةِ، إنّه ملموسٌ وعامّ معًا وليسَ بتتابع)).. وضِمنَ هذا المفهوم، إذا كانَ المحتمَلُ يدلُّ على المعنى كنتيجةٍ، فإنّ المعنى يكونُ محتمَلاً عبْرَ آليّةِ تكوّنِهِ، فالمُحتمَلُ هو معنى خطابٍ بلاغيٍّ معُيّنٍ، أمّا المعنى فهو محتملُ كلِّ خطاب - بتعبيرِ كريستيفا -..
وفي (سماويّةُ غوايتي) يمكنُ اعتبارُ ازدواجِ القيمةِ - بوصفِهِ انبعاثًا شعريًّا يُستمَدُّ من الغواية- سلطةً للتّنظيمِ الحسّيِّ، أو كمحتوًى يدلُّ على المعنى كنتيجةٍ، مثلما يُستمَدُّ مِن الحلم رابطاتهِ الرّمزيّةَ، أو الصّورَ المعادلةَ للغةِ الشّعر، ليصبحَ بمثابةِ محتملِ الخطابِ الشّعريّ ..
أيا سَماوِيَّةَ هُيامي
اغْزِلي وُشاحَ لَهيبي
طَوِّقيهِ عَلى جيدِ بَرْدِكِ المُتَأجَّجِ دوني
لأَنْسَلَّ إِلْهاماً إلى حيثُ روحِكِ
وَشِّحِيني أَنْغاماً بِسَريرَةِ سِحْرِكِ
اعْتَمِري قُدْسِيَّةَ ابْتِهالاتي
عَمامَةَ اخْتِفاءٍ
وَ س و ح ي
مَلَكًا نورانِيًّا
يَقْدَحُ سَحابِيَ قُزَحًا
أوْ .. عَصًا سِحْرِيَّةً تَزْرَعُني نُجومًا
في بَراحِ أكْواني الكالِحَة
كذلك ثمّةَ موجّهات في النّصّ لا بدّ مِن تقييمِها، مقترنة بمجموعةِ العلاقاتِ الكامنةِ ما بين الذّاتِ والموضوع، وما بينَ الموضوع والمنظور..
قصيدةُ الشّاعرة آمال عوّاد رضوان يمكنُ اعتبارُها شحنةً دافقةً مِن الحسّ المكانيّ الممزوجِ بالفقدان، ذاك المكانُ، كموضوعٍ متماهٍ في المعنى الغاوي لسُلطةِ الحضورِ غيابيًّا، وكمنظورٍ في المحتملِ الحُلميِّ لسُلطةِ الغيابِ حضوريًّا، هكذا بفِعلِ سُلطةِ الغوايةِ الّتي تتأجّجُ في كلّ لحظةِ غيابٍ وحضورٍ، ضِمنَ مَزيجٍ متداخِلِ ومتضادّ، وهوَسٍ مزاجيٍّ مُنظّمٍ ومتماسِكٍ حدَّ الرّوعةِ، وضمنَ الاستسلامِ لقضيّةٍ ما تنفكُّ تحتمي بفضاءاتِها المتخيّلة، لتُحيلَ الصّورةَ المفقودةَ إلى صورةٍ محسوسةٍ بصريًّا، سعيًا لاستحصالِ لذّةِ اكتمالِ المشهدِ النّاقصِ.. المفقود، والمضياع.
الغوايةُ هنا سُلطةٌ تتمركزُ في لذّةِ المكانِ المضياع, والمكانُ هو الانبعاثُ الشّعريُّ والقيميّ للّذةِ، الّتي ترتقي سماواتُها بكلِّ انفلاتِ المرئيِّ نحو اللاّمرئيّ وبالعكس..
يَا طَفْرَةَ النُّعاسِ الأَخْرَس:
لآلِئُ عَيْنَيْكِ غُوايَةُ بَراءَةٍ
تَنْداحُ
سَحابًا ساهِيًا
يَهُزُّ مَهْدَ وَجْدي في فَيافي البُعْدِ
يَرْوي مَناهِلَ عُيونٍ
غاصَتْ في تيهِ المَناديل
وتصِلُ حدّةُ الشّعورِ الحسّيِّ المتوحّدِ في القصيدةِ حدّ التّوسّلِ باللّحظةِ المُرتجاة، أن تقوّضَ لحظتَها المتحجّرةَ في زمنٍ ومكانٍ متوقّفيْنِ ومتنافريْنِ، لفرطِ التّجريدِ القسريّ الّذي يخلعُ عنها قوّةَ المثولِ العيانيِّ للتّفاصيلِ المشتهاة، تلك اللّحظات الّتي تمنحُ الجسدَ طقوسَهُ الخاصّةَ، الّتي تستمدُّ مِن شغفِ الملموسِ طراوةَ التّطهيرِ بعدَ إثمِ اليباب، أو تمنحُ اليأسَ بصيصًا مِن أملٍ، يكادُ يَخورُ مِن التّصلّبِ الزمانيِّ والمكانيِّ.
الشّاعرةُ تصلُ حدودَ تقبُّلِ الآخر، وكأنّهُ ضريحٌ للتّطهّرِ في ظِلِّ إثمِ اليأسِ والوجعِ والحسراتِ، والّتي تصِلُ حدودَ مازوكيّةِ التّعبيرِ والوصفِ، حينَ تضعفُ سُلطةُ الغوايةِ أمامَ الخساراتِ المتلاحقةِ للحرّيّة، وللامتلاك، وللبهجة، وأمامَ سيولةِ الشّغفِ بالتّفاصيلِ اليوميّةِ، حدَّ الوهنِ في احتمالِهِ المُخيّبِ للإشباعِ في الإقامةِ بوطنٍ مرتقبٍ للعودة، وكأنّهُ جسدٌ ضائعٌ، تتمادى في إغوائِهِ كي يعود..
ثنائيّةُ الوطن/ الجسد، ثنائيّةٌ مضمَرةٌ في تداخلاتِها وتأمّلاتِها، وهيَ المَبعَثُ الشّعريُّ الخطيرُ والمُهمُّ في هذا النّصِّ وفي غيرِهِ مِن نصوصِ الشّاعرة، ولكن الأسلوبَ المُخاتلَ كما أسلفنا، يوحي ظاهريًّا بفسْخِ الخاصِّ عن العامّ، بينما إشكاليّة النّصّ المخفيّةِ تتحقّقُ، مِن خلالِ التّلازمِ الخفيِّ، ومن خلال التّماهي في جزئيّاتِهِ وكُليّاتِهِ شكلاً ومحتوًى، بُغيةَ التّصعيدِ الجَماليِّ، وتحقيقًا لغاياتِ الموضوعةِ أو القضيّةِ الأصل، والّتي تستلزمُ الكثيرَ مِن الخيالِ والذّاكرةِ والتّبصّرِ أيضًا، وِفقَ تناغمِ الحِسِّ معَ الصّوتِ، والصّورةِ مع الفكرةِ، والدّاخلِ مع الخارج، مِن دونِ أن يكونَ ثمّة إخلالٍ في المبنى العامّ للنّصّ/ القصيدة، وفي المناخِ القصديِّ المُوجّهِ أو المزاجيِّ، حدَّ الإدهاشِ في إرسالِهِ وانبعاثِهِ الشّعريِّ عمومًا:
رَحْمَةً بي..
رَحْمَةً بِتِمْثالٍ أَعْرَجَ يَتَصَخَّرُ
يَتَعَثَّرُ في فُجورِ فَجْر
تَتَنافَرُ نَبَضاتُهُ في وَهَنِ الاحْتِمال..
لا تُطْفِئي مَشاعِلَ الشِّعْرِ الغَضِّ
في أَرْوِقَةِ يَأْسٍ يزْحَفُ خَوَرًا
بَلِ انْهَمِري حَنانًا
يَنْضَحُني بِطُهْرِكِ
فَأبْرَأُ مِنْ يَبابي
رَحْمَةً بِاليَتَسَرْبَلُ أرْجُوانَ الوَجَعِ؛
تَخيطُهُ إبْرَةُ الشَّغَبِ بِخُيوطِ الشَّغَفِ..
إنّ ممارسةَ سُلطةِ الغوايةِ- كما أسلفنا- هي ممارسةُ ضربٍ مِن الضّبطِ الموضوعيِّ والشّكليِّ في الانفلاتِ والتّمرّدِ على الوحدةِ، بُغيةَ الحضورِ في المستوى الهمّيِّ العامّ والخاصّ معًا، فنزعةُ الإقامةِ في الحُلمِ مدفوعةٌ بإحساسِ فقدانِ الإقامةِ في الملموسِ والعيانيّ، فيكونُ لسُلطتِها (الغاوية) نزعتان تتناغمان في تصعيدِ مقترَحِ الإقامة، إحداهُما أرضيّةٌ وترقّبيّةٌ، متضمّخةٌ بسِلالٍ مفتوحةٍ لقطافِ الآنيّ واللّحظيّ، وتحتَ مؤثّراتِ الاستلابِ النّفعيِّ الشّديدِ لشهوةِ الحضور في تجسيدِهِ الأدنى، والنّزعةُ الأخرى نزعةٌ عُلويّةٌ سماويّةٌ تطهّريّة، وتحتَ تأثيرِ الخضوعِ الطّقسيِّ لسُلطةِ الحضورِ في تجريدِهِ الغيبيِّ، والمترفّعِ عن حدودِهِ الدّنيا، كونٌ خاصٌّ يُمارسُ عمليّةَ الشّهيقِ والزّفيرِ مِن خلالِ ذلك كلِّهِ، كطبيعةٍ متوحّدةٍ بينَ تجسيدٍ معنويٍّ، يجترحُ لذّتَهُ الحسّيّةَ والجنونيّةَ على السّطوحِ الخارجيّةِ للمرئيِّ، وبينَ تجريدٍ تأمّليٍّ يتوسّلُ الرّؤيا، كمتصوّفٍ يُمارسُ كشوفاتِهِ في الحُجبِ، أو راهبٍ يأخذُ دوْرَ المُعترِفِ باحتياجاتِهِ المؤجّلةِ في حضنٍ سماويٍّ، فنسيَ نفسَهُ وهو يَهيمُ تحتَ سُلطةِ غوايةِ الطّبيعةِ والجسدِ، في كنفِ صلواتِهِ ونداءاتِهِ الخاشعةِ، ارتجاعًا لخلاصٍ منشودٍ، وأعراسِ بهجةٍ، وزقزقةِ حنينٍ مفتقَدَةٍ!
في جسدِ العالَمِ الذّابلِ والخاوي مِن مباهجِ حضورِهِ ووجودِهِ، حيثُ يُقيمُ في ضبابِ أفقِهِ الهاربِ من أحلامِنا المنشودة:
لا تُزْغِبي أجْنِحَةَ صَلَواتي
بِأَرْياشِ الحَسَراتِ
أُمْسُسي واحاتِيَ الذَّابِلَةَ
بِخُشوعِ هَمْسَةٍ
وَلا تَعْبَثي بي
بَلِ ابْعَثي أَعْراسَ الزَّقْزَقَةِ
زَغاريدَ فَرَحٍ
في مَناقيرِ فِراخِ الحَنينِ!
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
خاص حول اليوم العالمي للشعر : آه! كم أتعبني الشعراء!!
محمد السرغيني.. الضوء المثمل بمستحيل القصيدة
طه عدنان عطر التمرد الخلاق
هل الشعر المغربي في وضع أفضل؟
حين يغادر الشاعر الدنيا بكأس لا مثيل لها
قراءة في مجموعة « أحتملُ الوجود » لمحمد أنوار محمد
أبلغ عن إشهار غير لائق