أقر البرلمان الفرنسي أمس مشروع قانون حول مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، سيحل في نهاية يوليوز بديلا عن حالة الطوارئ المعمول بها في البلاد منذ اعتداءات نونمبر 2015 . وصوت على المشروع أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب من الغالبية الاشتراكية والوسطيين والمعارضة برفع الأيدي لإقرار مشروع القانون "لمحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب وتمويلهما" والذي يتطرق أيضا إلى "فعالية الإجراءات الجنائية وضماناتها". وينص المشروع على اتخاذ تدابير عدة كزيادة وسائل التحري الممنوحة للنيابة العامة، وإمكان تنفيذ مداهمات ليلا، وضبط تبادل الرسائل الإلكترونية، واستخدام تقنيات تسمح بكشف هوية صاحب الهاتف النقال، والتصنت على الاتصالات الهاتفية، أو إحداث جرائم جديدة تفرض عقوبات في حال الاطلاع المنتظم على مواقع تحرض على تنفيذ أعمال إرهابية... ويسمح القانون الجديد بوضع الأفراد العائدين من "ساحات عمليات المجموعات الإرهابية" كسوريا، في الإقامة الجبرية لمدة شهر، وخصوصا الذين لم تجمع أدلة كافية ضدهم لتبرير اتهامهم. كما ينص على إمكان إخضاع المعتقلين لتفتيش جسدي كامل وفرض نظام أكثر صرامة لينفذ الإرهابيون المعتقلون عقوباتهم. ورحب وزير العدل، جان جاك أورفوا، بالنص "لأنه يرسخ نموذجا فرنسيا لمحاربة الإرهاب"، على حد قوله، ويتيح "تسليح الجمهورية لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة بدون اللجوء إلى حالة الطوارئ". وصوت أنصار البيئة والشيوعيون ضد المشروع لأنه يعتبر برأيهم "خطوة كبيرة إلى الوراء للحقوق الأساسية سينجم عنها بالتأكيد إدانة فرنسا" من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وكان المشروع قيد التحضير قبل اعتداءات نونمبر، ولكن تم تشديده إلى حد كبير في شق مكافحة الإرهاب بعد الاعتداءات الإرهابية. وكان البرلمان الفرنسي أقر تمديد حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ اعتداءات باريس في نونمبر الماضي للمرة الثالثة وحتى نهاية يوليوز، لضمان أمن كأس الأمم الأوروبية 2016 التي تبدأ في العاشر من يونيو في فرنسا، وبطولة فرنسا للدراجات الهوائية التي تنطلق في الثالث من يوليوز القادم. وقد تخلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قبل شهرين عن مشروع إصلاح الدستور المتعلق بإسقاط الجنسية عن المدانين بالإرهاب والتي اقترحها غداة الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت العاصمة الفرنسية باريس في 13 نونبر 2015 مخلفة 130 قتيلا ومئات الجرحى. وحمّل اليمين المعارض مسئولية هذا الإخفاق بقوله أنه لاحظ أن الجمعية الوطنية التي يقودها اليسار ومجلس الشيوخ حيث الغالبية يمينية "لم يتفقا على نص واحد" وأن "قسما من المعارضة معاد لأي مراجعة دستورية"، لذلك "قررت إنهاء الجدل". وأثار المشروع نقاشات محمومة في صفوف الطبقة السياسية وأدى إلى استقالة وزيرة العدل كريستيان توبيرا المعارضة لإجراء اعتبرته "غير فعال" وتمييزي ضد الفرنسيين من أصول أجنبية. وأدت مسألة طرح هذا التعديل للتصويت إلى انقسام حاد ضمن الأغلبية الحاكمة، كما أثار انتقادات أوربية ودولية، فيما خرج آلاف الأشخاص للتظاهر في باريس ومدن أخرى ضد هذا التعديل. وقد توالت ردود الفعل ين مؤيد يرى في إدراج حالة الطوارئ و إسقاط الجنسية من الضالعين في الأعمال الإرهابية إجراءا حازما بعد الهجمات الدامية التي شهدتها باريس، فيما يؤكد فريق معارض على أن مثل هذا التعديل "غير فعال" على اعتبار أن من "يسعى إلى الموت لن يحول الخوف من إسقاط جنسيته الفرنسية دون تنفيذه لمشروعه". ويذهب هذا الفريق إلى أن إسقاط الجنسية عن ميت أو عن محكوم عليه بالسجن مدى الحياة لا معنى له، علما أن التعديل الجديد لا يهدف إلى معاقبة الإرهابيين بقدر ما يوجه إنذارا مفتوحا للآخرين أي للفرنسيين من ذوى الأصول المسلمة، لأنهم يشكلون القطاع الأكبر من مزدوجى الجنسية. وشدد عدد من الاشتراكيين ممن يعارضون هم أيضا التعديل الجديد على أن هذا المشروع يتناقض مع مبدأ المساواة أمام القانون، حيث لم تعد الجريمة هي من تحدد العقوبة ولكن أصول الشخص الذي ارتكب هذه الجريمة، وهو ما يجعل القانون يخلق فئتين من المواطنين.