بعد البلوكاج اللي دام حتى ل 6 د الصباح: مؤتمرون حزب الاستقلال كيتافقو على رئاسة ثلاثية لقيادة اشغال المؤتمر    الخارجية البريطانية: ملتازمين بتعزيز وحماية حقوق الإنسان فالصحرا وكنشجعو الأطراف باش يواصلوا جهودهم فهاد الصدد    المغرب يواجه واحدا من أكثر المواسم الفلاحية كارثية في تاريخه    مجلس المنافسة يدعو لمراجعة تعريفة الكهرباء ويقترح دعم الدولة لفواتير الفقراء    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و388 شهيدا منذ بدء الحرب    حجز كميات ديال القرقوبي فالشمال.. والديستي مورا العملية (صورة)    مدير الثانوية اللي حصل ففي يو كيتحرش بتلميذة قاصر "هرب".. والنيابة العامة دارت عليه مذكرة بحث وسدات عليه الحدود    الرباط: اختتام فعاليات "ليالي الفيلم السعودي"    الدكيك يكشف ل"الأيام24″ الحالة الصحية ليوسف جواد وإمكانية مشاركته بكأس العالم    خنيفرة .. إعطاء انطلاقة المرحلة الثالثة من "لحاق المغرب التاريخي للسيارات الكلاسيكية "    مؤتمر الاستقلال يمرر تعديلات النظام الأساسي ويتجنب "تصدع" انتخاب القيادة    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    بنتايك ضمن التشكيلة المثالية للجولة ال34 من دوري الدرجة الثانية الفرنسي    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    قناة عبرية: استقالة رئيس الأركان الإسرائيلي قريبا وجميع الضباط المسؤولين عن كارثة 7 أكتوبر سيعودون إلى ديارهم    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب هذه الدولة    بركة: مناورات خصوم الوحدة الترابية للمغرب بلغت مداها.. والتسوية تمر عبر حوار سياسي تنخرط فيه الجزائر    منتدى متوسطي بطنجة يناقش موضوع الجريمة المنظمة العابرة للقارات    تواصل حراك التضامن مع الشعب الفلسطيني في المغرب.. مظاهرات في 56 مدينة دعما لغزة    فرنسا مستعدة ل"تمويل البنية التحتية" لنقل الطاقة النظيفة من الصحراء إلى الدار البيضاء    خمسة فرق تشعل الصراع على بطاقة الصعود الثانية وأولمبيك خريبكة يهدد حلم "الكوديم"    "التكوين الأساس للمدرس ورهان المهننة" محور ندوة دولية بالداخلة    مراكش: فتح بحث قضائي في واقعة تسمم غدائي تسبب في وفاة سيدة    مجلس أمناء الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    إسبانيا تعزز وجودها العسكري بالقرب من المغرب    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة    سيناريوهات الكاف الثلاث لتنظيم كأس إفريقيا 2025 بالمغرب!    زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية        زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    هجوم روسي استهدف السكك بأوكرانيا لتعطيل الإمدادات د مريكان    سامسونغ تزيح آبل عن عرش صناعة الهواتف و شاومي تتقدم إلى المركز الثالث    حريق كبير قرب مستودع لقارورات غاز البوتان يستنفر سلطات طنجة    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    زلزال بقوة 6 درجات يضرب دولة جديدة    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    ممثل تركي مشهور شرا مدرسة وريبها.. نتاقم من المعلمين لي كانو كيضربوه ملي كان صغير    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    الصحراء تغري الشركات الفرنسية.. العلوي: قصة مشتركة تجمع الرباط وباريس    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    "طوطو" يشرب الخمر أمام الجمهور في سهرة غنائية    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    تتويج 9 صحفيين في النسخة الثامنة للجائزة الكبرى للصحافة الفلاحية والقروية    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    ‬غراسياس ‬بيدرو‮!‬    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    الأمثال العامية بتطوان... (582)    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث الجمعة : مع الدكتور حسان علي حلاق في كتابه: موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية ...1
فشل القمم لا يؤثر في انتصار إرادة الشعوب في الحرية...؟
نشر في العلم يوم 23 - 01 - 2009

الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على غزة تشكل حلقة من حلقات الحرب الظالمة التي تشنها إسرائيل على فلسطين منذ أمد بعيد وإذ توقفت وخلفت ورائها المآسي الكبرى التي استنكر بشاعتها وهمجيتها كل ذوي الضمير الإنساني من مختلف لأجناس والدول والديانات والمذاهب والملل الا الطغمة العسكرية الصهيونية ومن يساندها من الظلمة والمعتدين، وهم كذلك منبثون و موجودون ويملكون من النفوذ والقوة ما لا يملكه غيرهم، وإذا ملكه أو ملك جزء منه فإنه لا يستخدمه ولن يستخدمه لنصرة المظلوم، لأن المروءة والإنصاف والأخذ بيد الضعيف مجرد أقوال تقال وحروف تكتب، ولا أثر لها في الواقع فحتى المنظمة التي أسست من اجل حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها لم تستطع ان تتخذ قرارا لإدانة العدوان مجرد إدانة، مع أن الذي حصل تجاوز خرق حقوق الإنسان إلى مستوى جريمة الإبادة التي يرى الناس معالمها وأركانها قائمة، ومع ذلك فان العالم لا يفتأ يتحدث عن الحضارة وعن حقوق الإنسان وحمايتها، وعن الشرعية الدولية وما إلى ذلك من الألفاظ والمصطلحات التي لا معنى لها ولا وجود لها في الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة وفي غيرها من المدن الفلسطينية، ولا غرابة في
هذا الذي نراه وفي هذا الواقع الإنساني الرديء، إذا كانت المنظمة والهيأة التي نصبها الناس كذلك وأعني هيأة الأمم المتحدة لتكون ملجأ لحماية حقوق الضعفاء ودعم السلم والعدل بين الناس لا تقوى على الدفاع عن مؤسساتها والأبنية التابعة لها من مدارس ومخازن المواد والأدوية وغيرها. وكم يحس الإنسان قرف الحياة التي يحياها الضعفاء وبؤس النظام العالمي وهو يرى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة يقف وسط ركام أبنية تابعة لإدارته والنيران لا تزال مشتعلة والدخان يتصاعد وهو مع ذلك يسرع في الخروج هربا حتى لا يتهم أو يمسك متلبسا بالانحياز إلى الضعفاء والمظلومين.
فهولا يملك كغيره من الجمعيات الأهلية إلا أن يطالب بإجراء تحقيق فهو لا يقدر على اتخاذ قرار أو تبني موقف أو الدعوة إلى شيء من هذا القبيل وكم شخصت تلك السيدة الفلسطينية القروية مأساة النظام العالمي وهي تنعي على رأس هذا النظام عجزه على تفقد المظلومين والمعذبين والذين مورست في حقهم جريمة الإبادة والقتل الجماعي وهدم المنازل على رءوس ساكنيها والمساجد على العباد والمدارس على الأطفال واللاجئين ممن لا مأوى لهم، انها مأساة الإنسانية في نظامها الذي علقت عليه الآمال ليحميها من الحروب وليقيم العدل والسلام في ربوع العالم.
مؤتمرات القمة من فشل الى فشل:
وفي الجانب الآخر من هذه المأساة التي كشفت عليها هذه الحرب الظالمة أولئك القادة والرؤساء العرب الذين تنادوا إلى قمة تجمعهم وكان الواقع قبل هذه القمة يفصح عن عجز هؤلاء وفشلهم حتى في تقديم ابسط أنواع الدعم والمساندة، ولكن الغريق يتمسك بالأمل في بالتعلق بأي شيء لعله ينقذه من الغرق، والقادة هذه المرة أيضا لم يخيبوا الظن لدى العارفين فهم كانوا عند توقعات شعوبهم، وعند توقعات المتتبعين وعند من يعانون القتل والإبادة في فلسطين فقبل هذه القمة كانت هناك اجتماعات وقمم سابقة فهناك اجتماع في الدوحة وهناك اجتماع في شرم الشيخ وكان كل يسدد رميته ليكون مؤتمر الكويت قمة الفشل على مستوى القضية الأساس بالنسبة للشعوب العربية والقضية الأساس التي كان الجميع يريد إيجاد حل لها هي إنهاء التشرذم في النظام العربي وتحقيق وحدة الصف العربي في أفق دعم القضية الفلسطينية والأخذ بيد المنكوبين من جراء العدوان الصهيوني الغاشم ورفع الحصار ولكن القمة خرجت بأسوأ مما دخلت به من الآمال فقبل انعقادها كان الناس يظنون أو يمنون النفس بأنهم سيتوحدون تحت تأثير المأساة لرفع الحصار وفتح المعابر وهو أمر عبر عنه واتفق حوله المجتمعون في
الدوحة والمجتمعون في شرم الشيخ ولكن يظهر أن دبلوماسية الهاتف تحركت أثناء المؤتمر وسقطت الدعوة ولا أقول القرار لرفع الحصار وفتح المعابر بحبر دبلوماسية الهاتف.
وعلى أي فان الواقع المأساوي على مستوى العالم العربي والعالم الإسلامي سيجعل الأمور أمام المقهورين والمعذبين في العالمين أكثر صعوبة واشد مأساوية، وما أكثر هؤلاء المعذبين في فلسطين والسودان والصومال والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرها إذ القائمة طويلة.
ومع هذا وذاك فإن إرادة التحرر لدى الشعوب أقوى من واقع التشرذم والانهزام لدى النظام الرسمي في العالمين، وقد كانت هذه الإرادة دائما هي الجواد الرابح في كل المعارك فهي التي حررت هذه الشعوب التي يتربع الحاكمون اليوم على سدة الحكم فيها، وهي كفيلة وقادرة بإيمانها واعتمادها على الله على تحقيق انجاز التحرر الذي تنشده الشعوب وتقدم من أجله أغلى التضحيات وأنفس ما لديها وهو أرواحها.
تركيا والدور التاريخي:
وإذا كان الواقع الحاصل افرز ما أحس به الجميع من المرارة والألم فإن هناك أمرا برز من خلال هذه الأزمة سجله الكثيرون واعتبروه من انجاز صمود المقاومة في غزة وضراوة العدوان الصهيوني ذلك هو الموقف المشرف والمتميز في الأداء وفي المضمون لرئيس الحكومة التركية وللشعب التركي وهو يدل كذلك على مدى التأثير الذي تمارسه الشعوب القادرة على إسقاط الحكومات أو إقامتها لقد كانت هذه المواقف المتناغمة بين الحكومة التركية والشارع التركي شيئا بارزا ولافتا للنظر ومثيرا للملاحظة، فهو موقف لم يغب عن الملاحظين تسجيله، لقد كانت العلاقات التقليدية بين تركيا العلمانية وإسرائيل علاقات قوية ومنسجمة وزادها قوة ومثانة ما كان يتحدث به القوميون العرب عن تركيا وحكمها واستعارها للبلاد العربية، ولكن مع هذا العدوان برز موقف جديد للحكومة التركية أعاد لهذا البلد جزء من دوره الذي كان يلعبه في السياسة المهتمة بهذه المنطقة من العالم العربي والإسلامي.
فتركيا هذه المرة لم تغب عن القضية الفلسطينية التي كانت في بؤرة الصراع بين الدولة العثمانية ودول أوروبا والحركة الصهيونية.
لقد كانت تركيا وهي مقر الخلافة الإسلامية تحمل عبء الدفاع عن فلسطين والوقوف في وجه المؤتمرات التي كان الغرب الصليبي يدبرها مع الصهيونية العالمية حتى قبل ان تأخذ هذه الصهيونية طابعا منظما ومهيكلا بعد مؤتمر 1897م.
فلسطين بين أدوار مصر وفرنسا وتركيا:
ولقد كان حضور الرئيس الفرنسي بجانب الرئيس المصري والتركي ذا مغزى تاريخي اذ كانت البلدان الثلاثة منذ أوائل القرن التاسع عشر تتفاوض وتتصارع حول فلسطين وكان دور تركيا تجاه دور فرنسا و(مصر محمد علي) متميزا في التمسك بحق الفلسطينيين في الحفاظ على أراضيهم ومنع هجرة الصهاينة إليها وكان موقف فرنسا و(مصر محمد علي) آنذاك ولو في البداية يسعيان لفتح الباب لهذه الهجرة وحول دور الدولة العثمانية في حماية فلسطين والذي أداه السلطان عبد الحميد انجز الأستاذ حسان علي حلاق بحثا جامعيا تحت عنوان : ( موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية) وهو بحث غني بمصادره ومراجعه والوثائق كما هو غني بالمعلومات الدقيقة التي سجلها الباحث في بحثه وقد كنت قرأت هذا الكتاب عند صدوره في السبعينيات من القرن الماضي وقد دفعني تتبعي لموقف الحكومة التركية للعودة إلى هذا الكتاب ورأيت انه من المناسب إشراك قراء هذا الركن (حديث الجمعة) في بعض ما ورد في الكتاب، والكتاب صدر في طبعته الأولى سنة 1978 عن (جامعة بيروت العربية) في خمسة فصول وأربعمائة صفحة فيها حوالي مائة صفحة من الملاحق وفي مقدمة الكتاب يقول الباحث في تقديم بحثه وكتابه.
تمثل الفترة موضوع البحث 1897- 1909 فترة مهمة على صعيد القضية الفلسطينية، باعتبارها الفترة التي شهدت مولد حركتين إحداهما سياسية وهي الحركة الصهيونية والأخرى حركة عسكرية – سياسية وهي حركة الاتحاد والترقي . وكان لظهورهما من الناحية العملية دور مؤثر ومباشر في مستقبل فلسطين السياسي، حيث أن الحركة الاولى خططت للسيطرة عليها بينما ساعدت الحركة الثانية – بطريقة او باخرى – في تحقيق غايات الحركة الصهيونية وقد كان لنشاط الحركتين الاثر البارز في تحويل مجريات السياسة العثمانية والدولية. وتتمثل أهمية فترة البحث بعاملين اثنين يمكن شرحهما على النحو التالي:
العامل الأول – ان عام 1897 هو العام الذي ولدت فيه الحركة الصهيونية كمنظمة سياسية لها طابعها الخاص لا يجاد وطن قومي لليهود.وكانت هذه الحركة تفضل فلسطين على سواها من مناطق مثل أوغندا والأرجنتين باعتبارها ارض الميعاد، بالرغم من ان قسما كبيرا من اليهود قد عارضوا فكرة إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين او في غيرها، الا ان الحركة الصهيونية بقيادة زعيمها تيودور هرتزل استطاعت الاتفاق مع دول الغرب الاستعماري على ان إنشاء الوطن اليهودي في فلسطين انما يكرس تحقيق التطلعات الاستعمارية على اعتبار ان اليهود سيكونون رسلا للحضارة الأوربية في الشرق. ومن اجل ذلك كان هرتزل بين الأعوام 1896-1904 يجوب أوربا والدولة العثمانية للاتصال بأباطرتها وقياصرتها وسلاطينها لإقناعهم بأهمية مشروعه من الناحية الحضارية والسياسية والاقتصادية وقد اتسمت مواقفهم بين القبول والرفض. ويمكن القول ان التطورات الدولية قد أسهمت إسهاما هاما في تطور الحركة الصهيونية فكان عام 1905 هو عام التشبث الصهيوني بفلسطين، وتكرس ذلك عمليا في مقررات مؤتمر«كامبل بانرمان» عام 1907 بضرورة جعل فلسطين قاعدة استعمارية للغرب بزرع الشعب اليهودي فيها.
نابليون يطلب مساعدة اليهود لاحتلال فلسطين.
إن هذا النداء الذي وجهه نابليون عند قراءته والتمعن فيه له دلالات كثيرة، فهو وما كان يقول الرئيس المنتهية ولايته في الولايات المتحدة من العناية الإلهية أناطت به مهمة في العالم وفي الشرق بالذات يبين مدى ترابط التوجه الامبريالي الاستعماري الصليبي الصهيوني لنقرأ ما أورده الكاتب فيما يلي:
كان حافز اليهود على تلك الدعوات، النداء الذي وجهه نابليون اليهم حين طلب مساعدتهم لاحتلال فلسطين عن طريق القوة العسكرية ويذكر ان هذا النداء لإعادة تأسيس القدس القديمة للورثة الشرعيين لفلسطين هو الأول من ونوعه في عصر ما بعد النهضة الأوروبية. لاسيما وان فرنسا كانت بحاجة ماسة الى التمويل اليهودي فقد كان ال روتشيلد في مقدمة الممولين لجيش نابليون. وقد تضمن نداء نابليون في 4 نيسان ابريل عام 1899 ما يلي«ان العناية الإلهية التي أرسلتني على رأس هذا الجيش الى هنا...جعلت من القدس مقري العام،وهي التي ستجعله بعد قليل في دمشق التي يضيرها جوارها بلد داوود»وتابع نابليون نداءه الى«ورثة فلسطين الشرعيين»وطلب منهم «لا العمل على إعادة احتلال وطنكم فحسب...بل لأجل ضمان ومؤازرة هذه الأمة لتحفظونها مصونة من جميع الطامعين بكم لكي تصبحوا أسياد بلادكم الحقيقيين». ثم طلب منهم النهوض للدلالة على«ان القوة الساحقة التي كانت لأولئك الذين اضطهدوكم لم تفعل شيئا في سبيل تثبيط همة ابناء هؤلاء الأبطال التي كانت محالفة إخوانهم تشرف اسبرطة ورومة».وتذكر بعض المصادر الصهيونية بان نابليون كان يهدف الى كسب تأييد حاييم فارحي
اليهودي صاحب النفوذ المالي والتمويني لمدينة عكا.ص 43 وما بعدها.
ويناقش الباحث تراجع الصحيفة التي نشرت البلاغ النداء لينتهي الى القول ان تراجعها جاء للأسباب التالية:
1/ ان نشر معلومات هدفها اعادة القدس الى اليهود لا يعطي المعطيات والمبررات للشعب الفرنسي خاصة والاوروبي عامة،اذ ان تكوين حملة فرنسية لهذه الغاية سيكون مصيرها الفشل،بالاضافة الى ضآلة الحماسة بين صفوف الجيش الفرنسي وقادته.
2/ لم ينف تراجع الجريدة عما أوردته فكرة الزحف على القدس حينما تقول:«ان في رأسه خططا أوسع من هذا،خططا في الزحف منها على القسطنطينية» وبهذا يرضي نابليون اليهود، ويعطي الحملة زخما اقوى حينما يصرح بان الزحف سيكون على القسطنطينية والنمسا.
هذا ويؤكد المؤرخ اليهودي«ايلي ليفي ابو عسل»،بان علماء التاريخ من فرنسيين وإسرائيليين أجمعوا من عهد بعيد على التسليم«بأن فكرة إعادة اليهود الى فلسطين لتجديد انشائها،كانت في طليعة المرامي والمشاريع الاجتماعية السامية التي كانت تجول في مخيلة نابيلون الوقادة، ويطمح الى تحقيقها حيال المسالة الشرقية...
فشل مشروع نابليون وبداية
مشروع الانجليز:
والواقع ان مشروع نابليون تلاشى بعد معارك عكا وابي قير، ولكن يلاحظ من خلال التعاون الفرنسي اليهودي انه قبل ميلاد الحركة الصهيونية العالمية بفترة طويلة وضح الارتباط الوثيق بين أي وجود فعلي لليهود في فلسطين وبين اللجوء الى السلاح.وقد عرف قادة الصهيونية ضرورة اللجوء الى هذه الاساليب، مع استعمال المال والرشوة، وضرورة قوة عالمية لتحقيق اهدافهم،فبعد هزيمة فرنسا في المنطقة على يد الانجليز في اوائل القرن التاسع عشر،تخلت عن تبني الحلم اليهودي،وكان توسع محمد علي في سوريا بداية لقاء بين المصالح البريطانية في الشرق وتوطين اليهود في فلسطين.
ومن الاهمية بمكان القول،ان بريطانيا كانت تهتم بضرورة تامين مواصلاتها الى الهند عن طريق استمرار نفوذها في بلاد الشام، لذا اقتضت مصالحها الاستعمارية،ايجاد شعب بديل في فلسطين،يتوافق وجوده مع مصالحها،وقد ظهرت نداءات يهودية في بريطانيا في اواخر القرن الثامن عشر واوائل القرن التاسع عشر،تطالب بالعودة الى فاسطين،كالنداء الصادر عن(james Bicheno) في كتاب «إرجاع اليهود أزمة جميع الامم» الصادر عام 1800 حيث طالب البريطانيين باستخدام نفوذهم«لدى الباب العالي كي يتخلى الأتراك عن ذلك الجزء من ممالكهم الذي طرد منه اليهود،ويعيدونه الى اصحابه الشرعيين،وبذلك يؤدي عملا لا مثيل له في سماحة النفس...»وبدات الفكرة تخرج الى حيز الوجود،حينما عقد في اوائل القرن التاسع عشر اجتماع يهوديا في بريطانيا بدعوة من عقد في اوائل القرن التاسع عشر اجتماع يهوديا في بريطانيا بدعوة من حاخام لندن وموسى مونتفيوري حيث جمعا فيه ما يقرب من 130
والوالي المصري،وكان من نتيجته«الترخيص لليهود في شراء اية مساحة يستطيعون أن يحدوها في ربوع سوريا،ويرغب السلطان ان يمنحها لهم بمجرد طلبهم».ويضيف«ايلي ليفي ابو عسل»بان محمد علي قال للسير انه«يمكنكم والحالة هذه ان تنتخبوا حكاما يقع اختياركم عليهم للإشراف على مقاطعات فلسطين بأسرها،وانني لا ادخر وسعا في سبيل معاونتكم وشد ازركم في ايجاز هذا المشروع الحميد المفيد». ويضيف«ابوعسل»متأثرا،بان تراجع محمد علي عن سوريا وخاصة بعد معركة نصيبين، أدى اي فشل المشروع اليهودي«وسحقا لهذا الزمن الغاشم فقد أصابت هذه الضربة كبد المشروعات التي كان يكد مونتفيوري في انجازها، فصارعتها وقطعت أوصالها تقطيعا»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.