مهدي بنسعيد: المناظرة الوطنية حول الإشهار محطة حاسمة في مسار بناء منظومة وطنية مهيكلة وشفافة    الجزائر ترصد أكبر موازنة في تاريخها لعام 2026... نحو 131 مليار دولار منها 27 مليار دولار للدفاع    وزارة الصحة تؤكد وفاة امرأة حامل في مستشفى أكادير وتعلن فتح تحقيق ل"تحديد المسؤوليات"    إسبانيا توقف تصدير الأبقار الحية إلى المغرب    12 قتيلا و2983 جريحا في حوادث السير    دار الشعر بتطوان تستضيف الدورة العاشرة من ملتقى الشعر العربي    الأنثروبولوجيا الإعلامية ودورها في فهم الصحافة في العصر الحديث    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    تأكيد تعيين سفير أمريكا في المغرب    انطلاق موسم التكوين للصناعة التقليدية    الدنماركي سوروب مدربا للأهلي المصري    "جيل زد" تعلق الاحتجاجات يوم الجمعة    مونديال الشباب: المنتخب المغربي ينهي تحضيراته تأهبا لمواجهة كوريا الجنوبية في ثمن النهائي    رونالدو أول ملياردير في عالم كرة القدم    القطاع البنكي يقود نمو أرباح الشركات داخل البورصة خلال النصف الأول من 2025    المكتب الوطني للمطارات يسرع وتيرة التحول الرقمي لمطارات المملكة    إسرائيل تختطف سفن «أسطول الحرية» المتجهة إلى غزة اليوم وتعتقل 150 ناشطا    محامي: غالي وبن ضراوي يخوضان إضرابا عن الطعام وإجراءات ترحيلهما جارية    بنكيران يتبرأ من أفتاتي بعد التوقيع على رسالة موجهة للملك ويدعو لعدم الانخراط في أي مبادرة مماثلة    القاهرة تستضيف مباراة السوبر الإفريقي بين نهضة بركان وبيراميدز    الركراكي يوجه الدعوة لأنس باش لمباراتي البحرين والكونغو    ثلاثة باحثين بينهم الأردني، من أصل فلسطيني، عمر ياغي يفوزون بنوبل الكيمياء    ابتداء من يومه الخميس وإلى غاية يوم الأحد الجديدة تحتضن الدورة 14 من مهرجان «الأيام السينمائية لدكالة»    إسني ن ورغ 16 بأكادير: تاج ذهبي جديد يتوج إبداع السينما الأمازيغية والعالمية    فاجعة مروعة بالحسيمة : مختل عقلي يصب البنزين على الفنان «سوليت» ويضرم فيه النار        أتلتيكو مدريد يعيّن ماتيو أليماني مديرا لكرة القدم    رسميا.. أهلي بنغازي يعلن التعاقد مع يحيى جبران    تشخيص وضعية قطاع الصحة كشف أوجه قصور استدعت إصلاحا هيكليا (التهراوي)    "حكومة شعبية" وحسابات سياسية    مؤسسة وسيط المملكة تطلق مبادرة خاصة بالتنظيمات الشبابية الحزبية ضمن برنامج "منتديات الحكامة المرفقية"    انطلاق الدورة الخامسة للمعرض المغاربي للكتاب "آداب مغاربية"    ولد الرشيد يستقبل مديري وأصحاب المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية ورؤساء جمعيات الآباء في حوار جاد ومفتوح        الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء        انتحال صفة شرطيين يوقف شخصين بطنجة        أول ظهور لباسم يوسف على الشاشات المصرية بعد 11 عاما    الحجمري: الترجمة ضمن الاستشراق أداة لمساءلة الحاضر واستشراف المستقبل    أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    الجامعة الوطنية للتعليم بالحسيمة تحمّل المديرية الإقليمية مسؤولية ارتباك الدخول المدرسي    "سبيس إكس" تطلق 28 قمرا صناعيا جديدا إلى الفضاء    وزير الصحة: مديرية الأدوية تعرف اختلالات تدبيرية وأخلاقية والتلاعب بالصفقات إشكالية كبيرة    براهمة: غالي وبن ضراوي لا يزالان في حالة اختطاف ومصيرهما مجهول حتى الآن    استمرار احتجاز إسرائيل لنشطاء مغاربة يصل إلى البرلمان.. ومطالب لبوريطة بتدخل عاجل    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    "فيفا": أكثر من مليون شخص يتقدمون لبرنامج المتطوعين الخاص ب"مونديال" 2026    مارين لوبان تنتقد خطة ماكرون لتشكيل حكومة جديدة: "مسرحية بلا نهاية"    لماذا لا تكفي إقالة الوزير لإصلاح التعليم في المغرب؟    انتشال جثة من حوض مائي بإقليم سيدي بنور.. نازلة غرق أم بفعل فاعل؟    الياسميني يترجم للفيلسوف "براندوم"    دراسة: التدريبات الرياضية تقلل الإحساس بالجوع    الخلايا التي تمنع أجسامنا من مهاجمة نفسها.. نوبل الطب 2025 تكرّم اكتشاف "فرامل المناعة"    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"حكومة شعبية" وحسابات سياسية
نشر في الأول يوم 08 - 10 - 2025


*
يكمن السؤال الصعب في المجال الديمقراطي، في قدرة الفاعلين السياسيين على حفظ التوازن بين مؤسسات التمثيل والطموحات الشعبية.
ذلك أن الإرادة الشعبية بطبيعتها لها مقومات متعددة، فبقدر اعتمادها على مؤسسات الشرعية الإنتخابية قد تنبثق من قنوات مدنية للتعبير عن المواطنة، التي تبرز بشكل ظرفي أو فئوي أحيانا، وهي امتداد طبيعي جدا للمؤسسات ولفضاءات التمثيل، ما دام الجميع منخرط في دينامية وطنية مشتركة.
في السياق الوطني الحالي، فإن تعبيرات الشباب المغربي الأخيرة ليست نقيضا للشرعية الديمقراطية، بل إن مضامينها تنخرط بقوة داخل منطق المؤسسات، ولا يمكن قراءتها بعيدا عن الأرضية الخصبة التي وفرتها حكومة أخنوش بشعبيتها الواسعة وبرهاناتها السوسيو_اقتصادية، كحاضنة للتعبير الشعبي وكمحفز حاسم لتوسيع دائرة الحقوق الأساسية.
معارضو هذا التحليل من أقصى اليسار إلى الغرف الإسلاموية، الذين يدافعون عن أطروحة الأزمة ويراهنون على إشعال الشارع اليوم … هم أنفسهم الذين دافعوا في الأمس القريب عن "مطلب الملكية البرلمانية" وعن تأهيل الأحزاب وسيادة الدستور والمؤسسات.
لكن هؤلاء جميعا سقطوا في أول اختبار، عندما استسلموا للغنيمة السياسية وأكدوا قراءتهم السطحية لمعنى الإصلاح وجديته، فلا مطالب الشباب تهمهم ولا غيرة لهم على أوضاع المجتمع، وأصبح "تسخين الشارع" لديهم فرصة لتدبير التموقعات وليّ ذراع الدولة والإجهاز على المكتسبات الدستورية للأمة.
لكن ما الذي تغير بين الأمس واليوم؟
كيف يمكن أن يتحول الإيمان بالمؤسسات إلى سراب؟ ومتى يمكن للشارع أن يحل محل المؤسسات لممارسة الديمقراطية؟
هذه ليست مجرد أسئلة عادية، بل تشكل المدخل الضروري لفهم ما يجري حولنا.
من المؤكد أن الحكومات الشعبية لا تغير طرق التدبير فقط، بقدر ما تحدث زعزعة عميقة في حركية الفاعلين وتعري شبكاتهم المصلحية كذلك، وهو ما بدأت تتضح خيوطه في الأيام الأخيرة.
حكومة أخنوش التي صنعت مجدها الانتخابي، وفق توافق شعبي موسع حول الأولويات الأساسية للمواطنين، كان لها الأثر المباشر في تحريك المياه الراكدة داخل المشهد السياسي، عبر خلخلة مجموعة من الأضرحة الحزبية والأفكار الأيديولوجية، وكشفت الغطاء عن ملفات ظلت عالقة لسنوات لم يكن المساس بها خيارا سهلا ومتاحا.
لذلك فإن هذا التصاعد المثير لسياسة الكراهية ضد الحكومة الراهنة، لا يمكن فهمه بمعزل عن قوة الأجوبة السياسية لحكومة أخنوش … التي جعلت من عناوين "الدولة الاجتماعية" و"التأهيل الاقتصادي" أدوات حاسمة لتحرير طاقات المجتمع نحو التغيير، وسمحت بإنتاج أفق جديد مطابق للتحولات الاجتماعية.
هذه الكراهية التي تحولت إلى سلوك عقائدي لدى بعض الأطراف السياسية، تشكل إطارا تفسيريا واضحا لانتشار موجات التحامل والانقضاض الفظيع المناهض لشعبية حكومة أخنوش، في محاولة لبناء شروط احتجاجية غير بريئة، تتغذى في مجموعها من قواميس ضد الدولة وضد الاستقرار وضد الأمن المؤسسي.
غير بعيد عن ذلك، فإن مشروعية مطالب التظاهر السلمي للشباب بعفويتها وتطلعاتها، يجب أن تبقى محصنة وأن تكتسب المناعة المطلوبة حتى لا تصبح عرضة للاختراق من قبل تيارات تفضل الاختباء خلف حلول غير دستورية ومطالب جاهزة وانطباعات سريعة.
فالصعود الاقتصادي للمملكة في الساحة الدولية أصبح معادلة جيو_استراتيجية صعبة، ولعل الدعوة إلى تبخيس مشاريع البنيات التحتية الكبرى وكثافة اهتمام الإعلام الدولي بهذه الاحتجاجات، لدليل حقيقي على أن هناك تربصات إعدادية تشتغل في الكواليس للنيل من سمعة الممكلة وإبعاد أنظار العالم عن قصة نجاح مغربية في عهد الحكومة الحالية.
* باحث في القانون الدستوري وعضو الشبيبة التجمعية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.