قدّمت الحكومة، أمس الإثنين، مشروع قانون المالية لسنة 2026 أمام البرلمان، متضمّنًا مجموعة من التدابير الجبائية التي تندرج في إطار مواصلة الإصلاح الضريبي الشامل وتوسيع قاعدة المداخيل، مع الحفاظ على جاذبية مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار. ويهدف المشروع إلى تحقيق توازن بين العدالة الجبائية وتحفيز النمو الاقتصادي، في ظرفية تتسم بارتفاع كلفة البرامج الاجتماعية ومشاريع البنية التحتية الكبرى، خاصة تلك المتعلقة بالتحضير لتنظيم كأس العالم 2030. وجاءت المذكرة التقديمية للمشروع بأربعة محاور رئيسية، أولها تعزيز إدماج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد المنظم، من خلال إجراءات من بينها توسيع نطاق الحجز في المنبع بالنسبة للضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة لتشمل مكافآت الخدمات المقدمة من قبل بعض الأشخاص الاعتباريين، إضافة إلى عائدات كراء العقارات. كما تقترح الحكومة إحداث واجب تسجيل إضافي بنسبة 2 في المائة على العقود المتعلقة بتفويت العقارات أو الأصول التجارية التي تتم دون إمكانية تتبع وسائل الأداء، وإلزام منشآت الصناعة التحويلية بالتصفية الذاتية للضريبة على القيمة المضافة الخاصة بالنفايات والمعادن المستعملة. أما المحور الثاني فيركّز على تحسين مناخ الأعمال وتعزيز تنافسية المقاولات، من خلال إعفاء المواد المخصبة ودعائم النباتات من الضريبة على القيمة المضافة، وملاءمة الآجال الإضافية للإعفاءات الخاصة بأموال الاستثمار، وتشجيع الاستثمار في الشركات الرياضية، إلى جانب تطبيق سعر تفضيلي للضريبة على الشركات الصغيرة ومؤسسات التمويلات الصغرى. وفي المحور الثالث، يتجه المشروع نحو ملاءمة النظام الجبائي مع التحول الرقمي، عبر تبسيط المساطر الإدارية المرتبطة بالعنوان الإلكتروني للمكلفين بالضرائب، وملاءمة الأحكام المتعلقة بصعوبات المقاولة، وتحيين نظام واجبات التمبر بعد رقمنته، إضافة إلى توضيح القواعد الخاصة بواجبات التسجيل على الصفقات العمومية وعقود القروض والرهون البنكية، ومراجعة النظام الجبائي المطبق على هيئات التوظيف الجماعي للرأسمال (OPCC). ويُختتم المشروع بمحور رابع حول تعزيز التماسك الاجتماعي، من خلال تمديد العمل بالمساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول، باعتبارها أداة تمويل إضافية لبرامج الحماية الاجتماعية والدعم المباشر للأسر. وبهذه الإجراءات، تراهن الحكومة على إصلاح جبائي تدريجي يجمع بين تحسين المردودية الضريبية وضمان استقرار مناخ الاستثمار، في أفق تمويل مرحلة جديدة من المشاريع الكبرى التي يُنتظر أن ترافق استعدادات المغرب لتنظيم مونديال 2030.