أثارت قرارات حديثة وأخرى قيد الإعداد في فرنسا موجة قلق واسعة بشأن أوضاع الطلبة الأجانب، في ظل ما توصف بإجراءات متراكمة ذات آثار تمييزية تمس مبدأي المساواة وعدم التمييز، وذلك على خلفية نقاشات ميزانياتية ومؤسساتية تشهدها البلاد. وفي هذا السياق، يتجه مشروع قانون المالية لسنة 2026 نحو إلغاء استفادة فئة من الطلبة الأجانب من المساعدة الشخصية على السكن، اعتمادًا على معيار الجنسية فقط، في خطوة اعتُبرت إقصائية. بالتوازي مع ذلك، أقدمت بعض الجامعات الفرنسية، من بينها جامعة السوربون، على رفع رسوم التسجيل بشكل ملحوظ بالنسبة لبعض الطلبة الأجانب، خاصة القادمين من دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وعلى رأسها المغرب والجزائر وتونس ومصر. ورغم أن كل إجراء من هذه التدابير يثير انتقادات في حد ذاته، إلا أن تطبيقها بشكل متزامن يؤدي، بحسب متابعين، إلى آثار سلبية متراكمة على الطلبة الأجانب، الذين يواجهون أصلًا صعوبات متعددة، من بينها إلزامية إثبات موارد مالية مرتفعة للحصول على التأشيرة وتجديدها، وارتفاع تكاليف السكن وصعوبة الولوج إليه، إضافة إلى مصاريف التنقل والإقامة وتعقيد المساطر الإدارية. وتستند هذه القرارات، وفق البيان الصادر بالرباط بتاريخ 25 دجنبر 2025، إلى تمييز قائم على الجنسية دون الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي الحقيقي للطلبة، ما يكرس تفاوتًا بنيويًا في المعاملة ويزيد من هشاشة فئة تعاني أصلًا من عراقيل متعددة. ولا تقتصر تداعيات هذه الإجراءات على المستوى الفردي، بل تفتح نقاشًا أوسع حول التصور المعتمد لدور الطلبة الأجانب داخل منظومة التعليم العالي الفرنسي. إذ يُسهم هؤلاء بشكل ملموس في التنوع الأكاديمي والثقافي والعلمي، وفي الإشعاع الدولي للجامعات، فضلاً عن دورهم في تعزيز التبادل الفكري. غير أن مقاربتهم من زاوية الكلفة أو العبء الميزانياتي، بحسب البيان، تتجاهل إسهامهم الجوهري في الحياة الجامعية. كما تثير هذه التوجهات تساؤلات بشأن مدى انسجامها مع التزامات فرنسا الدولية، لاسيما مبدأ عدم التمييز المنصوص عليه في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، والحق في التعليم المكفول بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى جانب أهداف الأممالمتحدة المتعلقة بضمان الولوج المنصف إلى التعليم العالي وتعزيز الحركية الأكاديمية والتعاون الدولي. ويخلص البيان إلى أن مواجهة التمييز تستوجب يقظة خاصة إزاء السياسات العمومية والقرارات المؤسساتية التي قد تؤدي، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى إقصاء أو تقييد أو إضعاف فئات معينة على أساس الجنسية، مؤكدًا أن ضمان تعليم عالٍ شامل ومنصف ومفتوح أمام الجميع ليس خيارًا سياسيًا فحسب، بل التزامًا في مجال حقوق الإنسان واستثمارًا مستدامًا في المعرفة والبحث والحوار بين المجتمعات.