حذرت الجبهة الشعبية اليسارية من انحراف نظام الحكم في تونس نحو هيمنة الرئيس الباجي قائد السبسي على السلطة التنفيذية، فيما رُفعت درجة التأهب لتأمين الحدود الغربية مع الجزائر. وانتقدت «الجبهة الشعبية» في بيان «انفراد رئيس الجمهورية في نهاية المطاف بتعيين مرشحه لرئاسة الحكومة»، معتبرةً أن ذلك «دليل قاطع على الطابع الصوري للمشاورات مع الأحزاب والمنظمات، التي اقتصر دورها على إقالة رئيس الحكومة السابق». وكان السبسي كلّف الأربعاء الماضي وزير الشؤون المحلية، القيادي في حزب «نداء تونس» يوسف الشاهد بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وذلك بعد مشاورات أعقبت رفض البرلمان تجديد الثقة في حكومة الحبيب الصيد. وقالت الجبهة الشعبية (أكبر كتلة معارضة في البرلمان) أن «اختيار يوسف الشاهد لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية من شأنه أن يعزز سلطة الرئيس وهيمنته على المؤسسات الدستورية»، محذرةً من أن هذا الاختيار من شأنه أن يعمق أزمة الحكم في البلاد. وأوضحت الجبهة أن تكليف الشاهد «يكرس الولاء أولاً لرئيس الجمهورية وطموحه إلى الالتفاف على الدستور بهدف فرض نظام رئاسوي، في مرحلة أولى، من خلال توظيف رئيس حكومة مقرب وطيّع، يمكن التحكم في قراراته، وفي مرحلة ثانية بتعديل الدستور حالما تتوافر الظروف المناسبة». وجاء بيان «الجبهة الشعبية» في خضم مشاورات يجريها رئيس الوزراء التونسي المكلّف عبر لقاءات ماراتونية جمعته بالأحزاب السياسية الموالية والمعارضة والمنظمات الكبرى لتشكيل حكومته الجديدة، علماً أن غالبية قوى المعارضة رفضت المشاركة في الحكومة بسبب عدم رضاها على اختيار الشاهد رئيساً لها. وتداولت أوساط تونسية أسماء شخصيات عدة التي من المتوقع أن تتولى حقائب وزارية، رغم انه لم تمض سوى 3 ايام على انطلاق المشاورات التي حدد الدستور مدتها بشهر.
ونفت مصادر مقربة من الرئيس المكلَّف أن يكون هذا الأخير تداول مع الأحزاب والمنظمات أسماء مرشحين لعضوية حكومته. من جهة أخرى، أكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) حسين العباسي أن منظمته «ستتصدى لحكومة يوسف الصاعد إذا تجاوز عملها ما نصّ عليه اتفاق قرطاج» الذي تضمن برنامج وأولويات حكومة الوحدة الوطنية والذي وقعت عليه الأحزاب والمنظمات المشاركة في المشاورات. وقال العباسي: «نحن لم نقدم صكاً على بياض لأحد، بل أسسنا لوثيقة عقب سلسلة مشاورات للخروج بالبلاد من المأزق الذي تعيشه اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً». وكان الشاهد قال، في خطاب أعقب تكليفه بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الأربعاء الماضي، أن أهداف حكومته هي «كسب الحرب على الإرهاب وإعلان الحرب على الفساد ورفع نسق النمو الاقتصادي والتحكم بالتوازنات المالية، إضافة إلى تكريس النظافة وحماية البيئة». في غضون ذلك، دعا وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال الهادي مجدوب إلى رفع درجة التأهب لدى القوات الأمنية والعسكرية لتأمين الحدود الغربية مع الجزائر، وذلك بعد زيارة أداها الجمعة مع وزير الدفاع فرحات إلى القوات الأمنية والعسكرية المكلفة بتأمين الحدود في محافظة جندوبة شمال غربي البلاد. وجاءت هذه الزيارة بعد أيام من اشتباكات مع عناصر مسلحة في جبل «بورباح» المحاذي للحدود التونسيةالجزائرية قرب «جندوبة»، إثر عمليات تمشيط انتهت بمقتل مسلحَين. وتتحصن عناصر مسلحة موالية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في المرتفعات الجبلية الغربية الحدودية مع الجزائر، حيث انطلقت منها لتنفيذ هجمات أودت بعشرات العسكريين.